قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:"قَالَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ،
وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ
( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَةِ أَعْيُنٍ) ."رواه البخاري
إذا نظرنا لمنظر كهذا قلنا مباشرة (سبحان الله) ... وانبهرت قلوبنا بجماله .. فكيف بأنهار الجنة؟؟!!
شرح الحديث
قَالَ الإمَامُ المناوي في فيض القدير:
( قَالَ الله تعالى أعدَدتُ لعبادي الصالحين )
أي القائمين بما وَجَبَ عليهم من حقِ الحق والخَلق.
( مَا لا عينٌ رأت ) أي مَا لا رأت العيون كلها، لا عين واحدة، فإِنَّ العين في
سياق النفي تُفيد الإستغراق،
ومثله قوله ( ولا أذنٌ سمعت ) بتنوين عين وأذن.
( ولا خطر على قلب بشر ) معناه أنه تعالى ادَّخر في الجَنَّة من النعيم والخيرات
واللذَات مَا لم يَطَلِع عليه أحدٌ من الخَلْقِ بطريق من الطرق، فذكر الرؤية والسمع
لأن أكثر المحسوسات تُدرَك بهما، والإدراك ببقية الحواس أقل، ولا يكون غالباً إلا
بعد تقدم رؤية أو سماع، ثم زاد أنه لم يجعل لأحد طريقاً إلى توهمها بذكر
( وخطر على قلب ) فقد جَلَت عن أن يدركها فِكرٌ وخاطِر.
إذا رأينا منظرا في الدنيا كهذا انبهرنا ... فكيف بربوة الجنة ؟؟!!
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لأهْلِ الجنَّةِ: يَا أَهْلَ الجنَّة،
فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ ؟
فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لا نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ،
فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ،
قَالُوا: يا رَب وَأَيُ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ،
فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَداً."رواه أحمد والبيهقي والترمذي
وإن رأينا غابة كهذه ارتاحت أنفسنا .. فكيف بأشجار الجنة الألفافا..؟؟!!
شرح الحديث
قَالَ الإمَامُ المناوي في فيض القدير:
( إن الله تعالى يقول لأهل الجَنَّة ) وهم فيها ( يا أهل الجَنَّة فيقولون لبيك ) أي إجابة بعد إجابة لك يا
( ربنا ) من ألبَّ بالمكان، أي أقام، أي نُقيم لامتثال أمرك إقامةً كثيرة ( وسعديك ) بمعنى الإسعاد
وهو الإعانة، أي نطلب منك إسعاداً بعد إسعاد ( فيقول ) سبحانه وتعالى لهم ( هل رضيتم )
بما صرتم إليه من النعيم المقيم ( فيقولون وما لنا ) أي أيُّ شيء لنا ( لا نرضى ) وهو حال
من الضمير في الظرف ، والاستفهام لتقدير رضاه ( وقد أعطيتنا ) وفي رواية وهل شيء أفضل
مما أعطيتنا ؟ أعطيتنا ( مَا لم تعط أحداً من خلقك ) الذين لم تدخلهم الجَنَّة ( فيقول ) تعالى ( ألا )
بالتخفيف ( أعطيكم ) بضم الهمزة وفي رواية أنا أعطيكم ( أفضل من ذلك ) الذي أنتم فيه من النعيم
( فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ) قَالَ يا رب في الموضعين ولم يقل ربنا، مع كون الجمع
مذكوراً قبله، إشعاراً بأن ذلك قول كل واحد منهم، لا أن طائفةً تكلَموا وطائفةً سكتوا؛ إذ الكلام من
كل واحدٍ على حصول الرضا ( فيقول أُحِلُّ ) بضم أوَّله وكسر المهملة أي أُنزِل ( عليكم رِضواني )
بكسر أوَّله وضمه أي رضاي، ورضاه سبب كل سعادة، وفيه أن النعيم الحاصل لأهل الجَنَّة لا يزيد
على رضا الله ( فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) مفهومه أن الله تعالى لا يسخط على أهل الجَنَّة لأنه
متفضل عليهم بالإنعام كلها دنيوية وأُخرَوية.
هذا النعيم الزائل فكيف بالمقيم...؟؟!!
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"إنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَرْعِ،
فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ ؟! قَالَ: بَلَى وَلَكِنِي أُحِبُ أَنْ أَزْرَعَ،
قَالَ: فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَهُ لا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ،
فَقَالَ الأعْرَابِيُ: وَاللَّه لا تَجِدُهُ إِلا قُرَشِيَاً أَوْ أَنْصَارِيَاً، فَإِنَهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَبِيُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَمَ."رواه البخاري وأحمد
هذا زرع الدنيا المملوء بالآفات .. فكيف بزرع دار النعيم..؟؟!!. شرح الحديث
قَالَ الإمَامُ ابن حجر في فتح الباري:
قوله: (استأذن ربه في الزرع) أي في أن يباشر الزراعة.
وقوله: (فبذر) أي ألقى البذر فنَبُتَ في الحال، وفي السياق حذف تقديره: فأذِنَ له فبَذَرَ.
وقوله: (الطرف) بفتح الطاء وسكون الراء امتداد لحظ الإنسان إلى أقصى مَا يراه، ويطلق أيضا على حركة جفن العين وكأنه المراد هنا.
قوله: (واستحصاده) زاد في التوحيد " وتكويره " أي جمعه، وأصل الكور الجماعة الكثيرة من الإبل، والمراد أنه لما بذر لم يكُن بين ذلك وبين استواء الزرع ونجاز أمره كله من القلع والحصد والتذرية والجمع والتكويم إلا قدر لمحة البصر.
وقوله: (دونك) بالنصب على الإغراء أي خُذه.
وقوله: (فقَالَ الأعرابي) بفتح الهمزة أي ذلك الرجل الذي من أهل البادية
هذه أشجار الدنيا التي مآلها أن تذروها الرياح ... فكيف بالجنة ..؟؟!!
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ،
وَلا خَطَرَ على قَلْبِ بَشْرٍ، ذُخْراً، بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ."رواه مسلم.
شرح الحديثقَالَ الإمَامُ النووي في شرح صحيح مسلم:
( بَلْهَ ) معناها دع عنك مَا أطلعكم عليه فالذي لم يطلعكم عليه أعظم، وكأنه أضرب عنه استقلالاً
له في جنب مَا لم يَطَّلِع عليه، وقيل معناها غير، وقيل معناها كيف.
كل جمال نراه في الدنيا أو نتخيله فليس كنعيم الجنة , فنعيمها فوق أن
تتصوره العقول !!
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّة الجَنَّة يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيئاً
فَأَزِيْدُكُم ؟ فيقولونَ: رَبَنَا، وَمَا فَوْقَ مَا أَعْطَيْتَنَا ؟ فَيَقُولُ:
رِضْوَانِي أكْبَرُ."رواه الحاكم وقَالَ الألباني: صحيح شرح الحديث
قَالَ الإمَامُ المناوي في فيض القدير:
( رضواني ) بكسر أوَّله وضمه أي رضاي، ورضاه سبب كل سعادة،
وفيه أن النعيم الحاصل لأهل الجَنَّة لا يزيد على رضا الله.
يا له من جمال خلاب يدلنا على جمال الخالق وعظيم صنعه ...
لكنه ليس بشيء جانب نعيم الجنة..!!
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"سَأَلَ مُوسَىَ رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّة مَنْزلَةً ؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ
بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الجَنَّة الجنَةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُل الجَنَّة،
فَيَقُولُ: أَيْ رب كَيْفَ ؟ وَقَدْ نَزَلَ النَاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمِ ؟
فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَىَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُنْيَا ؟
فَيَقُولُ: رَضِيتُ، رَب،
فَيُقُولَ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ،
فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ:رَضِيتُ رَب،
فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ،
فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَب، قَالَ: رَب فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً ؟
قَالَ: أولئك الَذِينَ أَرَدْتُ، غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا،
فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ،
قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ:
"فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَةِ أَعْيُنٍ."رواه مسلم وأحمد والترمذي.
أعظم من رؤية مخلوقات الدنيا والآخرة >>> رؤية خالقها سبحانه وتعالى ..
لن يفوق ذلك النعيم نعيم ..
شرح الحديث
قَالَ الإمَامُ النووي في شرح صحيح مسلم:
قول موسى صَلَّى الله عليه وَسَلَّم: ( مَا أدنى أهل الجَنَّة ) كذا هو في الأصول مَا أدنى وهو صحيح،
ومعناه مَا صفة أو مَا علامة أدنى أهل الجنة.
وعن قوله: (كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم) هو بفتح الهمزة والخاء،
قَالَ القاضي: هو مَا أخَذُوه من كرامة مَولاهم وحصَلوه، أو يكون معناه قَصَدُوا منازلهم.
وعن قوله صَلَّى الله عليه وَسَلَّم: (فأعلاهم مَنزِلَة قَالَ أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي
وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر، قال: ومصداقه في كتاب الله تعالى)
أما أردت فبضم التاء ومعناه: اخترت واصطفيت، وأما غرست كرامتهم بيدي إلى آخره
فمعناه: اصطفيتهم وتولَّيتهم فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير، وفي آخر الكلام حذف اختصر للعلم به
تقديره، ولم يخطر على قلب بشر مَا أكرمتهم به وأعددته لهم.
وقوله: ( مصداقه ) هو بكسر الميم ومعناه دليله وما يصدقه والله أعلم.
كل ما خطر على بالنا من نعيم ... ليس من نعيم الجنة ...
فالجنة تفوق الوصف الحسن والخيال..!! قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ،
وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ على قَلْبِ بَشْرٍ،
ذُخْراً، بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ."رواه مسلم.
شرح الحديث
وقَالَ الإمَامُ النووي في شرح صحيح مسلم:
( بَلْهَ ) معناها دع عنك مَا أطلعكم عليه فالذي لم يطلعكم عليه أعظم، وكأنه أضرب عنه استقلالاً له
في جنب مَا لم يَطَّلِع عليه، وقيل معناها غير، وقيل معناها كيف.
كل مارأته العين و شعر به القلب وسمعت به الأذ ن فالجنة تفوووقه ,,!! في هذه الدنيا بعد مراحل من العناء والإرهاق الجسدي والنفسي في يوم شديد الحر كبير العطش
لو كنتِ أمام باب قصر ملك أو أمام باب قاعة احتفالات كبيرة بماذا ستشعرين ؟
إنها نسائم التكييف البارد والبخور وأنواع العود والطيب .. تسبقك من مسافة عن باب قصر الملك ..
وما عند (الله) في الجنة خير وأبقى ..
فماذا عنها ؟!! وماذا سيصلك قبل دخولها ؟!!
تصوري أنك تنتظرين دخولها وهي تتلألأ من بعيد ، وريحها يوجد من مسيرة مائة عام ،
لو ابتعدت عنها مائة سنة شممت رائحتها .
ففي مسند الإمام أحمد عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( إن ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام ..) .
ما أطيب ريحها وماااا أروعه !!
فتستنشقين نسيم طيب الكافور والمسك والزعفران وتسمعين حسن تغريد الأطيار وخرير تلك الأنهار
ليست أنهار مملوءة بالشوائب لااااا ... إنها أنهار مصفاة خالية من كل تكدير
وما لا تصفه ألسنة الواصفين ولا يخطر ببال المتفكرين .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أنا أكثر الناس تبعا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة)مسلم
تسعد النفس وترتاح لرؤية الطبيعة التي أبدعها الخالق رغم
مافيها من كوادر..!! فكيف بالخالية من كل كدر..؟؟!!
(حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )
الزمر:73
لنتأملوا مدى سعة تلك الأبواب التي تُفتح ..
سبحان الله .. هذه الأبواب في غاية الوسع والكبر ..
الحبيب عليه الصلاة والسلام يصف وسع باب من أبواب الجنة كما في مسند الإمام أحمد فيقول :
( ما بينمصراعين في الجنة كمسيرة أربعين سنة)
إنها الجنة.. إنها ديارنا الحقيقية,,
إنها التي تشتآااااااق لها القلوب حبا وحنينا..
اللهم ردنا لديارنا سالمين غانمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.