السبيل لدراسة فقه إسلامي صحيح 8 ق
شـــرح منظومـــة
القواعـــد الفقهيـــة
=============
1ـ الحمـــدُ للهِ العلـيّ الأَرفــقِ وجامــعِ الأشــياءِ والمفــرِّقِ
( الحمـــدُ ) : هـو الثنـاء .
وقـد بـدأ النظـم بالحمدلـة :
اتباعًـا للقـرآن ، فقـد بـدأ الله تعالـى كتابـه بسـورة الحمـد ـ ( الفاتحـة ) ـ .
وعمـلاً بالسـنة ، فقـد كـان صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم يفتتـح مواعظـه وخطبـه بالحمدلـة كمـا يؤخـذ مـن مجمـوع الروايـات ـ ( خطبـة الحاجـة ) ـ .
ويقـوم مقـام الحمدلـة كـل مـا فيـه ثنـاء لله تعالـى ، كالبسـملة (1) ونحوهـا .
[ فقـد كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يبـدأ رسـائله وكتبـه بالبسـملة بـدون حمـد ، فيقــول : بسـم الله الرحمـن الرحيـم مـن محمـد رسـول الله إلـى ... ؛ إلـى قيصـر عظيـم الـروم ونحـوه .
[ فقـد كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يبـدأ رسـائله وكتبـه بالبسـملة بـدون حمـد ، فيقــول : بسـم الله الرحمـن الرحيـم مـن محمـد رسـول الله إلـى ... ؛ إلـى قيصـر عظيـم الـروم ونحـوه .
فـإذا كـان هنـاك مؤلـف وكتـاب ، فـإن كثيـرًا مـن أهـل العلـم رأوا أنـه يبـدأ بـه ـ أي بالكتـاب ـ بالأمريـن معًـا : البسـملة وحمـد الله تعالـى ، وأخـذوا هـذا مـن أنـه يجمـع الأمريـن معًـا ، كونـه رسـالة مكتوبـة ، وكونـه خطبـة ، لأنـه سـيقرأ بعـد ذلـك 0 قالـوا : وفيـه اقتـداء بكتـاب الله ـ عـز وجـل ـ فإنـه بـدأ بالبسـملة ، ثـم حمـده سـبحانه ] .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف .
ويُــراد بالحمــد :
----------------------
( 1 ) بسم الله الرحمن الرحيم : " بسم الله " ؛ أي أبتدئ بكل اسم لله تعالى ، لأن لفظ " اسم " مفرد مضاف ، فيعم جميع الأسماء الحسنى .
" الله " : هو المألوه المعبود ، المستحق لإفراده بالعبادة ، لما اتصف به من صفات الألوهية ، وهي صفات الكمال . " الرحمن الرحيم " : اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء ...
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / للسعدي / ص : 21 0 تفسير الفاتحة .
فالبسملة إذا أُطلقت فهي تحوي الحمد .
* وصـف المحمـود بالوصـف الجميـل مـع محبتـه وتعظيمـه .
[ فهـو الثنـاء علـى الله بصفـات الكمـال ، وبأفعالـه الدائـرة بيـن الفضـل والعـدل ، فلـه الحمـد الكامـل بجميـع الوجـوه ] . تفسير السعدي .
* وهـو سـبحانه يحمـد حمـدًا مطلقًـا ، أي حمـد اسـتحقاق ، لأنـه يسـتحق الحمـد لذاتـه .
( ال ) فـي " الحمـد " : للاسـتغراق ، أي اسـتغراق جميـع أنـواع المحامـد .
( الله ) : هـو المألـوه ، المعبـود المسـتحق لإفـراده بالعبـادة ، لمـا اتصـف بـه مـن صفـات الألوهيـة ، وهـي صفـات الكمـال .
ولفـظ الجلالـة أعـرف مـن أن يُعـرَّف ، وهـو أصـل لجميـع الأسـماء الحسـنى والـلام فـي " الله " : للجنـس المفيـدة للاسـتغراق ، فالمسـتحق للحمـد المطلـق هـو الله عـز وجـل ، والمختـص بـه هـو الله تعالـى .
ولهـذا كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا أصابتـه السـراء قـال ( الحمـد لله الـذي بنعمتـه تتـم الصالحـات ) ، وإن أصابتـه ضـراء قـال : ( الحمـد لله علـى كـل حـال ) .
القواعد الفقهية ... / شرح : خالد الصقعبي / بتصرف .
* فعـن عائشـة قالـت : كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا رأى مـا يحـبُّ قـال : " الحمـد لله الـذي بنعمتـه تتـمُ الصالحـاتُ " ، وإذا رأى مـا يكـره قـال : " الحمـد لله علـى كـل حـال " .
سنن ابن ماجه / ( المجلد الواحد ) / تحقيق الشيخ الألباني / ( 33 ) ـ كتاب : الأدب / ( 55 ) ـ باب :
فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حديث حسن .
ـ الفـرق بيـن الحمـد والشـكر :
الحمـد متعلـق بالنعمـة والمصيبـة ، أمـا الشـكر فعلـى النعمـة فقـط .
لـذا كـان صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم يحمـد الله علـى كـل حـال .
* فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : كـان رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا رأى مـا يُحـب قـال : " الحمـد لله الـذي بنعمتـه تتـمُّ الصالحـات " ، وإذا رأى مـا يكـره قـال : " الحمـد لله علـى كـل حـال " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : الدعاء /
( 55 ) ـ باب : فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حسن .
ـ الفــرق بيـن الحمـد والمـدح :
الحمـد والمـدح كلاهمـا فيـه ذِكـر للمحمـود فـي صفـة الكمـال ، أما الفـرق فهـو أن الإخبـار عـن محاسـن الغيـر إمـا أن يكـون إخبـارًا مجـردًا مـن حـب وإرادة فهـذا مـدح ، وإن كـان مقرونًـا بهمـا فهـو حمـد .
( العلـيّ ) الـذي لـه العلـوّ التـام المطلـق مـن جميـع الوجـوه ، فيشـمل علـوّ الـذات : بمعنـى أنـه مسـتوٍ علـى عرشـه عـالٍ علـى خلقـه ، ويشـمل علـوّ القهـر : بمعنـى أن كـل شـيء تحـت سـلطانه وقدرتـه ، فهـو الـذي قهـر الأشـياء بجلالـه وعظمتـه .
وقـد جمـع بينهمـا فـي قولـه تعالـى : { وَهُـوَ الْقَاهِـرُ فَـوْقَ عِبَـادِهِ ... } .
سورة الأنعام / آية : 18 .
ويشـمل : علـو القـدر والمكانـة والشـأن : قـال تعالـى : { وَمَـا قَـدَرُواْ اللهَ حَـقَّ قَـدْرِهِ ... } .
سورة الأنعام / آية : 91 .
والعلـي مـن أسـماء الله الحسـنى ، كمـا قـال تعالـى :
{ ... وَهُـوَ الْعَلِـيُّ الْعَظِيـمُ } . سورة البقرة / آية : 255 .
( الأَرفــقِ ) : علـى وزن أفعـل ، وهـو أفعـل تفضيـل ، ولكـن ليـس علـى بابـه هنـا ؛ لأن أفعـل التفضيـل دليـل علـى أن شـيئين أو أشـياء اشـتركت فـي صفـة وزاد أحدهمـا علـى الآخـر ، وإذا قلنـا شـيئين أحدهمـا وليـس أفعـل هـا هنـا وفـي هـذا البـاب قاطبـة ـ مثـل الله الأكـرم ، الله الأعلـم ـ ليـس مـرادًا بـه تفاضـل أحـد الشـريكين علـى الآخـر فـي هـذه الصفـة ؛ لأن الله لا يشـبهه شـيء فضـلاً علـى أن يزيـد عليـه شـيء ، فهنـا ( أرفـق ) بمعنـى الرفيـق كقولـه تعالـى :
{ ... هُـوَ أَعْلَـمُ بِكُـمْ ... } . سورة النجم / آية : 32 . أي عليـم بكـم ، وكقولـه :
{ ... وَهُـوَ أَهْـوَنُ عَلَيْـهِ ... } . سورة الروم / آية : 27 .
أي هَيِّـن ، لأن الله ليـس عنـده شـيء أهــون مـن شـيء ، كـل الأشـياء عنـده واحـدة سـبحانه وتعالـى ، فيسـتوي فـي جانـب عظيـم قدرتـه الخردلـة والسـماء .
معنـى الرفـق : الليـن مع حسـن السـياسـة ، ولا نصـف الله بالليـن والسـياسـة لكـن هـذا مـن الناحيـة اللغويـة .
القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
( الأَرفــقِ ) أي الرفيـق فـي أفعالـه ، فأفعالـه كلهـا رفـق ، علـى غايـة المصالـح والحكمـة ، والرفـق
صفـة ثابتـة لله عـز وجـل .
القواعد الفقهية ... / شرح : د 0 مصطفى كرامة مخدوم .
* فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" يـا عائشـة إن الله رفيـق يحـب الرفـق ، ويعطـي علـى الرفـق مـا لا يعطـي علـى العنـف ، ومـا لا يعطـي علـى مـا سـواه " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب / ( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /
حديث رقم : 77 ـ ( 2593 ) / ص : 661 0
وقـد أظهـر سـبحانه لعبـاده مـن آثـار رفقـه مـا يسـتدلون بـه علـى كمالـه وكمـال حكمتـه ورفقـه ،
كمـا فـي خلقـه السـموات والأرض ومـا بينهمـا فـي سـتة أيّـامٍ ، مـع أنـه قـادر علـى أن يخلقهـا فـي لحظـة ، وكذلـك خلقـه الإنسـان والحيوانـات والنبـات ، علـى اختـلاف أنواعـه ، يخلقهـا شـيئًا فشـيئًا ، حتـى تنتهـي وتكمـل ، مـع قدرتـه علـى تكميلهـا فـي لحظـة ، ولكنـه رفيـق حكيـم ، فمـن رفقـه وحكمتـه تطويرهـا فـي هـذه الأطــوار ، فـلا تَنافـي بيـن قدرتـه وحكمتـه ، كمـا أنـه يقـدرعلـى هدايـة الضاليـن ، ولكـن حكمتـه اقتضـت إبقاءَهـم علـى ضلالهـم عـدلاً منـه تعالـى ، ليـس ظلمـًا ، لأن إعطـاء الإيمـان والهـدى محـض فضلـه ، فـإذا منعـه أحـدًا لـم يُعَـد ظلمـًا ، لا سـيّما إذا كـان المحـلّ غيـر قابـلٍ للنعـم ، فكـل صفـة مـن صفاتـه تعالـى لهـا أثـر فـي الخلـق والأمـر ، ولا ينافـي بعضهـا بعضـًا ، ومَـن فَهِـم هـذا الأصـل العظيــم انحلـت عنـه إشـكالات كثيـرة فـي معرفـة أسـماءِ الله وصفاتـه ، ونَـزَّل كـل اسـم مـن أسـماءِ الله فـي محلـه اللائـق بـه .
" جامـع الأشـياء والمفــرق " : يعنـي أنـه سـبحانه يجمـع بيـن الأشـياء فـي بعـض المعانـي والصفـات ، ويفـرق بينهـا فـي البعـض الآخـر ، فجمـع الأشـياء فـي شـيء ، وفرّقهـا فـي شـيء آخــر ، كمـا جَمَـعَ بيـن خلقـه فـي كونـه خلقهـم ، وَرَزَقهـم ، وفـرّق بينهـم فـي الأشـكال والصـور ، والطـول والقِصَـر ، والسـواد والبيـاض ، وغيـر ذلـك مـن الصفـات .
والنـاس يشـتركون فـي أصـل الـرزق ، فكـل مخلـوق مـرزوق ، قـال تعالـى :
{ وَمَـا مِـن دَابَّـةٍ فِـي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَـى اللهِ رِزْقُهَـا ... } . سورة هود / آية : 6 .
ولكنهـم يتفاوتـون فـي مقـدار الـرزق ونوعـه علـى حسـب الحكمـة الإلهيـة ، كمـا قـال سـبحانه :
{ وَلَـوْ بَسَـطَ اللهُ الـرِّزْقَ لِعِبَـادِهِ لَبَغَــوْا فِـي الأَرْضِ وَلَكِـن يُنَـزِّلُ بِقَـدَرٍ مَّـا يَشَـاءُ إِنَّـهُ
بِعِبَـادِهِ خَبِيـرٌ بَصِيـرٌ } . سورة الشورى / آية : 27 .0
وكـل هـذا صـادر عـن كمــال قدرتـه وحكمتـه ، ووضعـه الأشـياءَ مواضعهـا اللائقـة بهـا .
رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف .
وإطـلاق هـذا اللفـظ أعنـي : ( وجامـع الأشـياء والمفـرق ) ـ علـى الله تعالـى مـن بـاب الإخبـار ، وليـس مـن بـاب التسـمية ، فيصـح الإخبـار عـن الله تعالـى بكـل مـا صـح مـن حيـث المعنـى ، ولكـن لا يُسـمى إلا بمـا سـمى بـه نفسـه .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
o لطيفـــة نحويــة :
ـــــــــــــ
( ... وجامــعِ ) هكـذا بالجـر عطفًـا علـى ( الأرفـقِ ) 0 ويجـوز الرفـع ( ... وجامـعُ ) علـى الرفـع خبـر لمبتـدأ محـذوف ، تقديـره هـو ، ( وهـو جامـع الأشـياء والمفـرق ) .
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري .
س : مـا علاقـة هـذه المقدمـة بموضـوع المنظومـة ؟
ج : كأنـه رحمـه الله يقـول : إذا كـان ربُّـك عليـًّا ورفيقـًا ، فمعنـاه أنـك لـن تنـال الفهـم فـي دينـه ، إلا بـأن تسـتعين بـه سـبحانه لأنـه هـو العلـي ، وأن تكـون رفيقـًا ، كمـا يحبـه لنفسـه ، وكمـا يحبـه لعبـاده . فهـذا الديـن متيـن ، ويحتـاج إلـى أن يوغِـلَ الإنسـانُ فيـه برفـق ، مـع التنبيـه علـي ضعـف الحديـث الـوارد : ( إن هـذا الديـن متيـن فأوغلـوا فيـه برفـق ) .
فالحديـث ضعيـف ، ولكـن المعنـى صحيـح (1) وموافـق لقواعـد الشـريعة فممـا صـح بهـذا المعنـى :
* عـن أبـي هريـرة ، قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إن هـذا الديـنَ يُسـرٌ ، ولـن يُشـاد الديـنَ أحـدٌ إلا غلبـه، فسـددوا وقاربـوا ، وأبشـروا ويسـروا ،
واسـتعينوا بالغـدوةِ والرَّوْحَـةِ ؛ وشـيءٍ مـن الدَّلْجَـةِ " .
سنن النسائي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 47 ) ـ كتاب : الإيمان وشرائعه /
( 28 ) ـ باب : الدين يسر / حديث رقم : 5034 / ص : 764 / صحيح .
------------------------
( 1 ) ليس معنى صحة المعنى أنه يصلح للاستشهاد به ، بل لابد من توافر صحة المعنى وصحة النسبة للرسول صلى الله عليه وسلم .
* عـن عائشـة ، زوج النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " إن الرفـقَ لا يكـونُ فـي شـيء إلاَّ زانـه ، ولا ينـزع مـن شـيء إلا شـانه " .
صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب البر والصلة والآداب / ( 23 ) ـ باب : فضل الرفق /
حديث رقم : 78 ـ ( 2594 ) / ص : 661 .
وتعبيـر الناظـم بقولـه : ( وجامـع الأشـياء والمفـرق ) ، فيه براعـة اسـتهلال كما يسـميه البلاغيـون ، والمـراد بهـا : دلالـة مطلـع الكـلام علـى مضمونـه ، فهـذا التعبيـر يـدل علـى أن هـذا النظـم فـي القواعـد التـي مـن شـأنها الجمـع لكثيـر مـن الفـروع ، والتفريـق بيـن بعضهـا .
رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 5 / بتصرف .
وشرحها للدكتور / مصطفى كرامة مخدوم .
==================
2 ـ ذي النِّعَـمِ الواسـعةِ الغزيـرةْ والحِكَـمِ الباهـرةِ الكثيـرةْ
( النِّعَـمِ ) : جمـع نِعمـة ـ بكسـر النـون ـ وهـي : المنفعـةُ المفعولـةُ علـى جهـة الإحسـان إلى
الغيـر 0
وأمـا النَّعمـة ـ بفتـح النـون ـ فهـي التنعُّـمُ .
( الواسـعة ) : مـن السَّعـة ، وهـي ضـد الضيـق .
( الغزيـرة ) : مـن الغزارة ، وهـي الكثـرة ضـد القِلـة .
ونعـم الله تعالـى موصوفـةٌ بهاتيـن الصفتيـن : { وَإِن تَعُـدُّواْ نِعْمَـةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَـا ... } .
سورة النحل / آية : 18 .
ـ لاَ تُحْصُوهَـا ـ : لسـعتها وكثرتهـا .
فهـذا بيـان لسـعة وكثــرة فضلـه وعطايـاه الشـاملة لجميـع خلقـه ، فـلا يخلـو مخلـوق مـن نعمِـهِ طرفـة عيـن ، ولا سـيّما الآدمـي ، فـإنَّ الله فضَّلـه وشـرّفه ، وسـخر لـه مـا فـي السـموات ومـا فـي الأرض ، وأسـبغ عليـه نعمَـه الظاهـرة والباطنـة ، ولا يمكـن تعـداد نعمـه لسـعتها وكثرتهـا .
قـال تعالـى : { وَإِن تَعُـدُّواْ نِعْمَـةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَـا إِنَّ اللهَ لَغَفُـورٌ رَّحِيـمٌ } . [ سورة النحل / آية : 18 ] .
ولكنـه تعالـى رضِـيَ مَـنْ شَـكَر نعمـه ، بالاعتـراف بهـا ، والتحـدث بهـا ، وصرفهـا فـي طاعـة الله ، وأن لا يسـتعان بشـيءٍ مـن نعمـه علـى معاصيـه .
( والحِكَـمِ ) : جمـع حِكْمـة ، وهـي : اسـم جامـع لكـل مـا يمنـع مـن الوقـوع فـي الخطـأ ، وذلـك بوضـع كـل شـيء فـي مكانـه المناسـب مـن جميـع الوجـوه ، وهـذا فـي حـق مـن لـه الكمـال المطلـق سـبحانه وتعالـى .
( الباهـرةِ ) : أي المدهشـة للعقـول لعظمتهـا ودقتهـا .
[ والحِكـم الباهـرة الكثيـرة ] يعنـي أن حكمـه تعالـى كثيـرة تبهـر العقـول ، وتتعجـب منهـا غايـة العجـب ، فـإن جميـع مخلوقاتـه ومأموراتـه مشـتملة علـى غايـة الحكمـة .
ومَـنْ نظـر في هـذا الكـون وعجائبـه وسـمائِه وأرضـه ، وشـمسه وقمـره ، وكواكبـه وفصولـه وحَيَوانِـهِ ، وأشـجاره ونباتـه ، وجبالـه وبحـاره ، وجميـع مـا يحتـوي عليـه ، رأى فيـه العجائـب العظيمـة ، ويكفـي الإنسـان نفسـه ، فإنـه إذا نظـر إلـى كـل عضـو مـن أعضائِـه علِـمَ أنـه لا يصلـح فـي غيـر مَحَلِّـهِ .
فـإذا أردت أن تكـون حكيمًـا ، فيجـب أن تفهـم هـذا ، وتضـع الأمـور فـي أماكنهـا ، كمـا يحـب الله ويرضـى ، وهـذا فضـل مـن الله ، قـال تعالـى :
{ يُؤتِـي الْحِكْمَـةَ مَـن يَشَـاءُ وَمَـن يُـؤْتَ الْحِكْمَـةَ فَقَـدْ أُوتِـيَ خَيْـراً كَثِيـراً ... } .
سورة البقرة / آية : 269 .
رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 6 / بتصرف . وشرحها للدكتور / مصطفى كرامة مخدوم .
o تعقيـــب :
ـــــــ
مـن حِكَـم الله مـا لا يدركـه العبـاد ، ولكـن المتقـرر عنـد أهـل الإيمـان قـولاً وعمـلاً واعتقـادًا أن أحكـام الله لهـا حِكـم ومصالـح ، وأن علـى العبـد الانقيـاد والتسـليم ـ للأحكـام الشـرعية ـ سـواء ظهـرت لـه الحكمـة أو لـم تظهـر لـه .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : عُبيد الجابري .
===============
3 ـ ثـم الصـلاةُ مَـعْ سـلامٍ دائـمِ علـى الرسـولِ القُرَشِـيِّ الخَاتِــمِ
4 ـ وآلهِ وصحبـــهِ الأبــــرارِ الحَائِــزِي مراتـــبَ الفَخـــارِ
( ثــم ) : حـرف عطـف ، هـذا عطـف جملـة علـى جملـة ، وليـس عطـف مفـرد علـى مفـرد .
القواعد الفقهية ... / شرح : عُبيد الجابري .
( الصـلاةُ و السـلامٍ ) : الثنـاء والذكـر الجميـل ، وكذلـك الدعـاء .
إذا تأمـل الإنسـان كـلام العـرب ، وراعـاه كلـه ، وجـد أن المـراد بالصـلاة : الثنـاء والذكـر الجميـل ، وأنـه لا يُـراد بلفـظ الصـلاة فـي جميـع المواطـن الدعـاء 0 يـدل علـى هـذا أن بعـض النصـوص الـواردة فـي الصـلاة لا يمكـن أن تُفسـر بالدعـاء ، مثـل : نسـبة الصـلاة لله ـ عـز وجـل ـ " هُـوَ الَّـذِي يُصَلِّـي عَلَيْكُـمْ وَمَلاَئِكَتُـهُ ... " سورة الأحزاب / آية : 43 ، لا يمكـن أن يُقـال هـو الـذي يدعـو .
ثـم أيضًـا إن الدعـاء يتعـدى بالـلام ـ دعـا فـلان لـ فـلان ـ ، بينمـا الصـلاة تتعـدى بلفـظ علـى .
لذلـك فـإن الأظهـر ـ هنـا ـ أن يُـراد بلفـظ الصـلاة الثنـاءوالذكـر الجميـل .
( والسـلام ) : بمعنـى التحيـة ، كمـا يأتـي أيضًـا بمعنـى السـلامة مـن النقـص .
وقـول البعـض : إن المـراد بالصـلاة مـن الله الرحمـة ، هـذا قـول مرجـوح ، فـإن النصـوص الشـرعية جـاءت بالتفريـق بيـن الصـلاة والرحمـة ، والله سـبحانه جمـع بينهمـا فـي قولـه تعالـى :
{ أُولَئِـكَ عَلَيْهِـمْ صَلَـوَاتٌ مِّـن رَّبِّهِـمْ وَرَحْمَـةٌ ... }سورة البقرة / آية : 157 .
والأصـل فـي العطـف إفـادة المغايـرة بيـن المعطـوف والمعطـوف عليـه .
وهـذا الأصـح ، وقـد رواه البخـاري تعليقًـا :
قـال البخـاري فـي صحيحـه معلَّقًـا :
قـال أبـو العاليـة : صـلاة الله ثنـاؤه عليـه عنـد الملائكـة وصـلاة الملائكـة الدعـاء .
صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 10 ) ـ باب : قوله
" إن الله وملائكته يصلون ... " سورة الأحزاب ( آية : 56 ) / ص : 577 .
فالصـلاة مـن الله : هـي ثنـاؤه علـى عبـده فـي المـلإ الأعلـى ففيهـا حصـول الخيـر ، وصلاتنـا وسـلامنا علـى الرسـول : فهـي دعـاء الله بـأن يذكــر رسـولنا بالثنـاء الجميـل والمحامـد فـي المـلإ الأعلـى وأن يسـلمه ويدفـع عنـه الشـر والآفـات والنقائـص .
والأولـى عند ذكـر النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الجمـع بين الصـلاة والسـلام ، لظاهـر قولـه تعالـى :
{ ... يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـوا صَلُّـوا عَلَيْـهِ وَسَـلِّمُوا تَسْـلِيماً } . سورة الأحزاب / آية : 56 .
حيـث أمرنـا بالفعليـن .
( علـى الرسـولِ ) : الرسـول هـو مـن أُوحِـيَ إليـه بشـرع وأُمـر بتبليغـه .
أمـا النبـي : مـن بُعِـثَ لتقريـر شـرع مَـنْ قَبلـه ، وهـو بالطبـع مأمـور بتبليغـه ، إذ مـن المعلـوم أن العلمـاء مأمـورون بذلـك والأنبيـاء بذلـك أولـى كمـا لا يخفـى .
شرح العقيدة الطحاوية ـ تحقيق الألباني / ص : 38 / بتصرف .
( القُرَشِـيِّ ) : أي المنسـوب إلـى قريـش ، وهـم بنـو النضـر بـن كنانـة ، فكـل مـن كـان مـن ولـده فهـو قرشـي ، وهـذا هـو الراجــح مـن أقـوال أهـل النسـب لقولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" نحـن بنـو النضـر بـن كنانـة ، لا نَقْفـوا أُمَّنَـا (1) ، ولا ننتفـي مِـن أبينـا " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 20 ) ـ كتاب : الحدود / ( 37 ) ـ باب :
من نفى رجلاً من قبيلته / حديث رقم : 2612 / ص : 444 / حديث حسن .
( 1 ) لا نَقْفـوا أُمَّنَـا : أي لا نتبـع أُمَّنـا فـي النسـب ، لأن الولـد ينسـب لأبيـه دون أمـه .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
( الخَاتِــمِ ) : الـذي ختـم الله بـه أنبيـاءَه ورسـله ، فـلا نبـي بعـده .
قـال تعالـى : { مَّا كَـانَ مُحَمَّـدٌ أَبَا أَحَـدٍ مِّـن رِّجَالِكُـمْ وَلَكِـن رَّسُـولَ اللهِ وَخَاتَـمَ النَّبِيِـنَ ... } .
سورة الأحزاب / آية : 40 .
* عن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : قال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " أنا خاتـم الأنبيـاء ... " .
رواه البزار ، وقال الشيخ الألباني : صحيح لغيره في : صحيح الترغيب والترهيب / ج : 2 / ( 11 ) ـ كتاب : الحج /
( 14 ) ـ باب : التغيب في الصلاة في المسجد الحرام / حديث رقم : 1175 / ص : 45 .
الخاتـم ، هـذا وصـف للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، والخاتِـم بكسـر التـاء اسـم فاعـل ، فكأنـه قـد جـاء آخـر الرسـل ، والخاتَـم بفتـح التـاء اسـم آله ، كأنـه قـد خُتمـت به الرسـالة 0 فـإن قـال قائـل :
إن عيسـى ـ عليه السلام ـ سـيأتي فـي آخـر الزمـان ، فكيـف يوصـف محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
بأنـه خاتـم الرسـل ؟!
والجـواب علـى ذلـك :
أن عيسـى ـ عليه السلام ـ قـد تقـدم زمانـه ، ثـم إن عيسـى ـعليه السلام ـ لا يأتـي بصفـة كونـه نبيًـا ، وإنمـا يأتـي بصفـة كونـه عبـدًا متبعًـا لرسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـلا يأتـي بشـرع جديـد ، وإنمـا يكـون متبعًـا لهـدي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
( وآلهِ ) : صلـى المؤلـف أيضًـا علـى آل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ويكـون بذلـك متبعًـا لهـدي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ؛ فـإن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان قـد أمـر أصحابـه فـي التشـهد بالصـلاة عليـه وعلـى آله ، ولذلـك نقـول : اللهـم صـل علـى محمـد ، وعلـى آل محمـد .
و " الآل " فـي لغـة العـرب يـراد بهـا عـدد مـن المعانـي ، منهـا القرابـة 0 فـآل فـلان قرابتـه ، ويـراد بـه الأتبـاع ، فيُقـال آل فـلان بمعنـى أتباعـه ، ولذلـك فُسـر قولـه ـ عـز وجـل ـ : { ... أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَـوْنَ أَشَـدَّ الْعَـذَابِ } .سورة غافر / آية : 46 ، فـإن المـراد بـ آل فرعـون هنـا أتباعـه لأن مِـنْ قرابـة فرعـون مـن هـداه الله عـز وجـل ودخـل فـي ديـن الإسـلام .
القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
( آله ) وآل النبـيّ علـى الراجـح هـم : أتباعـه علـى دينـه إلى يـوم القيامـة ، فيدخـل فيهـم الصحابـة ، فيكـون عطفهـم عليهـم مـن بـاب عطـف الخـاص علـى العـام ، لمزيتهـم وشـرفهم بالعلـم النافـع والعمـل الصالـح والتقَـى الـذي أوجـب لهـم مفاخـر الدنيـا والآخـرة رضـي الله عنهـم .
رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 7 / بتصرف .
والغالـب فـي ( الآل ) أنـه لا يضـاف إلا إلـى مـا فيـه شـرفٌ ، فـلا يُقـال : آل الزَّبـال ، ... .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
( وصحبـــهِ ) :
الصحـب اسـم جمـع لصاحـب . كركـب جمـع راكـب ، وهـو فـي اللغـة المُعَاشِـر المـلازِم .
والمـراد : الصحابـي ، والصحابـي هـو مـن لقـي النبـي ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مؤمنًـا بـه ولـو لـم تطـل صحبتـه ، ومـات علـى ذلـك ، ولـو تخللـت ذلـك رِدة بعدهـا إسـلام ، وهـذا مـن خصائصـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم ، ـ أمـا غيــره مـن النـاس فإنـه لا يكــون صاحبًـا إلا مـن لازمـه مـدة يسـتحق بهـا أن يقـال صاحـب ـ ، أمـا لـو مـات علـى ردتـه فهـو كافـر ولا يسـمى صحابيًّـا ، فمـن مـات علـى الكفـر فهـو صاحـب إبليـس وليـس صاحـب محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
وهنـا علـى القـول بـأن آل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلمـ أتباعـه علـى دينـه ، فعطـف الصحابـة مـن عطـف الخـاص علـى العـام ، وفـي الجمـع بيـن الصحـب والآل مخالفـة للمبتدعـة لأنهـم يوالـون الآل دون الصحـب وقـد جـاءت النصـوص في فضـل الصحابـة ـ رضوان الله عليهم ـ وبيـان مكانتهـم ، ومنزلتهـم .
قـال تعالـى : { وَالسَّـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الْمُهَاجِرِيـنَ وَالأَنصَـارِ وَالَّذِيـنَ اتَّبَعُوهُـم بِإِحْسَـانٍ رَّضِـيَ اللهُ عَنْهُـمْ وَرَضُـواْ عَنْـهُ ... } . سورة التوبة / آية : 100 .
وقـال تعالـى : { مُّحَمَّـدٌ رَّسُـولُ اللهِ وَالَّذِيـنَ مَعَـهُ أَشِـدَّاءُ عَلَـى الْكُفَّـارِ رُحَمَـاءُ بَيْنَهُـمْ تَرَاهُـمْ رُكَّعًـا سُـجَّدًا ... } . سورة الفتح / آية : 29 . إلـى غيـر ذلـك مـن النصـوص .
( الأبــــرارِ ) :
الأبـرار جمـع " بـارّ " وهـو كـل مؤمـن جَمـع بيـن الإخـلاص والصـدق فـي الأقـوال والأعمـال ، فهـم اتصفـوا بذلـك ، إيمـان مـع صـدق وإخـلاص ـ رضوان الله عليهم ـ .
منظومة ... / شرح : عبيد الجابري .
( الحَائِــزِي مراتـــبَ الفَخـــارِ ) :
" الحائـزي " : حـاز الشـيء جمعـه . " المراتـب " : جمـع مرتبـة وهـي المنزِلـة . " الفخـار " : جمـع مفخـرة وهـي المأثـرة والمنقبـة وقيـل الشـرف .
وشـرف الصحبـة لا يعدلُـه شـرف ، فأصحـاب محمـد ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ اجتمـع لهـم مـن الشـرف والمآثـر والمناقـب مـا لا يجتمـع لغيرهـم ألْبتـة 0 ومـن تلكـم المناقـب :
1ـ السـبق بالإسـلام . 2 ـ تمـام الاتبـاع .
3 ـ أنهـم هـم صفـوة الأمـة .
4ـ العدالـة ، فالصحابـة كلهـم عـدول ، ولهـذا نـص علمـاء المصطلـح علـى أن جهالـة الصحابـي لا تضـر ، فـإذا قـال الثقـة : حدثنـي مـن صحـب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو رجـل مـن صحـب النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـلا نبحـث . أمـا مَـنْ دون الصحابـة مـن النـاس يبحـث فـي حالـه مـن حيـث الثقـة والضعـف والكـذب . وأمـا الصحابـة فـلا يُبحـث عـن أحوالهـم ، فهـم عـدول ، ورضـي الله عنهـم ليـوم القيامـة ويُقـال فـي مـن دون الصحابـة مـن الأسـانيد : هذا علـى شـرط الشـيخين أو علـى شـرط ... .
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
=================
5 ـ اعلَـم ـ هُدِيـتَ ـ أَنَّ أفضـلَ المِنَـنْ عِلـمٌ يُزيـلُ الشَّــكَ عَنْـكَ والــدَّرنْ
6 ـ وَيكْشِـفُ الحــقَّ لـذي القلـــوبِ وَيُوصِــلُ العَبْـــدَ إلـى المَطْلــوبِ
إن الله عـز وجـل امتـن علـى عبـاده بنعـم كثيـرة ، ومـن أفضـل وأعظـم مـا مَـنَّ الله تعالـى بـه
علـى عبـده هـو العلـم النافـع . لـذا قـال الناظـم :
( اعلَـم هُدِيـتَ ) :
هـذه الجملـة مشـتملة علـى : " التحريـض " وهـو قولـه " اعلـم " ، ومشـتملة أيضًـا علـى : " الدعـاء "وهـو قولـه " هُديـتَ " ، أي اعلـم هـداك الله .
( هديـت ) : دعـاء لـه بالهدايـة ، وهـي التوفيـق .
فـإذا اجتمـع هـذان الأمـران فـي خطـاب ، فهـو مبالغـة فـي الحـث والتحريـض .
والدعـاء لطالـب العلـم بالتوفيـق والخيـر فيـه تأليـفٌ لقلــوب الطُّـلاب علـى مشـقة العلــم والصبـر
علـى تحصيلـه ، وهـو مـن أخـلاق العلمـاء ، ودعـاء العالـم الصالـح مـن مظـان الإجابـة 0 والأصـل فيـه قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم لابـن عبـاس ـرضي الله عنهما ـ :
* ..... عـن سـعيد بـن جبيـر عـن ابـن عبـاس : أنـه سـكب للنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وَضـوءًا عنـد خالتـه ميمونـة فلمـا خـرج قـال : " مـن وضـع لـي وَضوئـي ؟ " .
قالـت : ابـن أختـي يـا رسـول الله ، قـال : " اللهـم فقهـه فـي الديـن وعلمـه التأويـل " .
أخرجه الطبراني ، وصححه الشيخ الألباني في : سلسلة الأحاديث الصحيحة / ج : 6 / حديث رقم : 2589 / ص : 173 .
( أفضـل المنـن ) : أي : أحسـن النعـم التـي وهبهـا الله للعبـد بعـد نعمـة الإيمـان .
و " المنـن " مِنَّـة وهـي النعمـة ، مَـنَّ الله علـيَّ بكـذا ، أي أنعـم علـيَّ بكـذا .
قـال تعالـى : { لَقَـدْ مَـنَّ اللهُ عَلَـى الْمُؤمِنِيـنَ إِذْ بَعَـثَ فِيهِـمْ رَسُـولاً مِّـنْ أَنفُسِـهِمْ ... } .
سورة آل عمران / آية : 164 .
أي : أنعـم 0 وإذا قلـتَ " مـنَّ " عنـي بكـذا معنـاه : قطـع .
( عِلـمٌ يُزيـلُ الشَّــكَ عَنْـكَ والــدَّرنْ ) :
قـام الناظـم هنـا ببيـان منزلـة العلـم ، وأن العلـم نعمـة مـن النعـم التـي ينعـم الله بهـا علـى عبـاده ، وقـد جـاءت النصـوص متواتـرة فـي بيـان فضـل العلـم ، ومكانتـه ، ومنزلتـه ، منهـا قولـه سـبحانه :
{ ... هَـلْ يَسْـتَوِي الَّذِيـنَ يَعْلَمُـونَ وَالَّذِيـنَ لاَ يَعْلَمُـونَ ... } . سورة الزمر / آية : 9 .
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .
وضابـط العلـم النافـع هـو : إنـه يزيـل عـن القلـب شـيئين :
الشـك والـدرن .
العلـم هـو : إدراك الشـيء علـى مـا هـو عليـه فـي الواقـع .
الشـك هـو : التـردد ، وضـده اليقيـن ، والمـراد بـه مـرض الشـبهات .
والـدرن هـو : القّـذَرُ وزنًـا ومعنـى ، والمـراد بـه هنـا مـرض الشـهوات .
والمـرض قسـمان :
ـ حســـي . ـ ومعنـــوي .
أمـا الحسـي : فهـو اعتـلال البـدن بالأمـراض .
والمعنـوي نوعـان :
1ـ مـرض الشـبهات : وهـي الأباطيـل التـي تُشـبه الحـق ، سُـميت بذلك لشـبهها بالحـق ، ومنـه قولـه تعالـى :
{ هُـوَ الّـَذِيَ أَنـزَلَ عَلَيْـكَ الْكِتَـابَ مِنْـهُ آيَـاتٌ مُّحْكَمَـاتٌ هُـنَّ أُمُّ الْكِتَـابِ وَأُخَـرُ مُتَشَـابِهَاتٌ فَأَمَّـا الَّذِيـنَ فـي قُلُوبِهِـمْ زَيْـغٌ فَيَتَّبِعُـونَ مَـا تَشَـابَهَ مِنْـهُ ابْتِغَـاء الْفِتْنَـةِ وَابْتِغَـاء تَأْوِيلِـهِ وَمَـا يَعْلَـمُ تَأْوِيلَـهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِـخُونَ فِـي الْعِلْـمِ يَقُولُـونَ آمَنَّـا بِـهِ كُـلٌّ مِّـنْ عِنـدِ رَبِّنَـا وَمَـا يَذَّكَّـرُ إِلاَّ أُوْلُـواْ الألْبَـابِ } .سورة آل عمران / آية : 7 .
2 ـ مـرض الشـهوات (1) : وهـي الغرائـز المحرمـة كالزنـا .
ومنـه قولـه تعالـى :
{ ... فَيَطْمَـعَ الَّـذِي فِـي قَلْبِـهِ مَـرَضٌ ... } . سورة الأحزاب / آية : 32 .
وقـد يجتمعـان فـي العبـد ، وقـد ينفـرد أحدهمـا .
فضابـط العلـم النافـع هـو ما أزال عـن القلـب : الشـبهة ، والشـهوة 0 لأن الشـبهات تـورث الشـك ،
وأمـا الشـهوات فتـورث درن القلـب وقسـوة القلـب ، وتثبيـط البـدن عـن الطاعـات .
فـإذا أزال العلـم النافـع الشـبهة والشـهوة حـل محـل الأول اليقيـن الـذي هـو ضـد الشـك ، وحـل محـل الثانـي الإيمـان التـام الـذي يوصـل العبـد إلـى المطلـوب مـن رضـا الله ـ عـز وجـل ـ ، وكلمـا ازداد
--------------------------
( 1 ) الشهوة : المقصود بها هنا : حب المعاصي .
الإنسـان علمًـا حصـل لـه كمـال اليقيـن وكمـال الإرادة وكمـال الخشـية ، قـال تعالـى :
{ ... إِنَّمَـا يَخْشَـى اللهَ مِـنْ عِبَـادِهِ الْعُلَمَـاءُ ... } 0سورة فاطر / آية : 28 .
وإذا كـان العلـم بهـذه المنزلـة وبهـذه المثابـة فإنـه ينبغـي للإنسـان أن يحـرص علـى طلبـه وأن يسـتزيد مـن طلـب العلـم ، وكذلـك لـم يسـأل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ المزيـد مـن شـيء إلا مـن العلـم قـال تعالـى :
{ ... وَقُـل رَّبِّ زِدْنِـي عِلْمًـا } 0 سورة طه / آية : 114 .
القواعد الفقهية ... / خالد الصقعبي / بتصرف .
فمـا العــــلاج ؟ !
مـرض الشـبهات : يعالـج باليقيـن (1) .
ومـرض الشـهوات : يعالـج بالصبـر (2) .
وبهمـا تُنـالُ الإمامـةُ فـي الديـن ؛ قـال تعالـى :
{ وَجَعَلْنَـا مِنْهُـمْ أَئِمَّـةً يَهْـدُونَ بِأَمْرِنَـا لَمَّا صَبَـرُوا وَكَانُـوا بِآيَاتِنَـا يُوقِنُـونَ } .
سورة السجدة / آية : 24 .
وجمـع الله بينهمـا فـي قولـه : { إِلاَّ الَّذِيـنَ آمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ وَتَوَاصَـوْا بِالْحَـقِّ وَتَوَاصَـوْابِالصَّبْـرِ } . سورة العصر / آية : 3 .
فالحـق يدفـع الشـبهات ، والصبــر يكــف عـن الشـهوات 0 فضابـط العلــم النافـع : هـو العلـم الـذي يزيـل عـن صاحبـه الشـبهات والشـهوات .
ودرجـات اليقيـن ثلاثـة : كل واحـدة أعلـى من الأخـرى : علـم اليقيـن ، وعيـن اليقيـن ، وحـق اليقيـن .
فعلـم اليقيـن : كعلمنـا الآن الجنـة والنـار .
وعيـن اليقيـن : إذا ورد النـاس القيامـة . قـال تعالـى : { وَأُزْلِفَـتِ الْجَنَّـةُ لِلْمُتَّقِيـنَ
* وَبُـرِّزَتِ الْجَحِيـمُ لِلْغَاوِيـنَ } . سورة الشعراء / آية : 90 ، 91 .
-------------------------------------------------------------------------------
( 1 ) باليقين : أي بالعلم ليتضح الحق الذي يؤدي إلى اليقين .
( 2 ) بالصبر : أي بالصبر عن المعصية ، والصبر على الطاعة .
فرأَوهمـا قبـل الدخـول .
وحـق اليقيـن : إذا دخلوهمـا .
الدرة المرضية شرح منظومة ... / ص : 32 .
وثمـرة العلـم النافـع : أن يكشـف الحـق لـذي القلـوب ويوصـل العبـد إلى المطلـوب ، من رضـا الله .
لـذا قـال الناظـم :
6 ـ وَيكْشِـفُ الحــقَّ لـذي القلـــوبِ وَيُوصِــلُ العَبْـــدَ إلـى المَطْلــوبِ
( يكْشِـفُ ) : أي يظهـر ويُبـرِز .
( الحــقَّ ) : هـو الثابـت والـلازم مـن العلـم النافـع ـ وضـده الباطـل وهـو الزائـل .
( لـذي القلـوبِ ) : الأصـل أن يقـالَ : ( لـذوي القلـوب ) بالجمـع ، لكـن مراعـاة الـوزنِ يوقـعُ فـي هـذه المضايـق .
والمـراد بـذوي القلـوب (1) :
أصحـاب العقـول ، والقلـب يطلـقُ علـى العقـل ، كقولـه تعالـى :
" إِنَّ فِـي ذَلِـكَ لَذِكْـرَى لِمَـن كَـانَ لَـهُ قَلْـبٌ ... " .سورة ق / آية : 37 .
أي : عقـل ؛ لأن القلـب محـل الفهـم والإدراك ، كمـا قـال تعالـى :
{ وَلَقَـدْ ذَرَأْنَـا لِجَهَنَّـمَ كَثِيـراً مِّـنَ الْجِـنِّ وَالإِنـسِ لَهُـمْ قُلُـوبٌ لاَّ يَفْقَهُـونَ بِهَـا وَلَهُـمْ أَعْيُـنٌ لاَّ يُبْصِـرُونَ بِهَـا وَلَهُـمْ آذَانٌ لاَّ يَسْـمَعُونَ بِهَـا ... } .سورة الأعراف / آية : 179 .
فأُضيـف كـل عمـل إلـى آلتـه وأداتـه .
( وَيُوصِـلُ العَبْــدَ ) : أي يُبْلِغُـه .
والعبـد يطلـق علـى ثلاثـة معـانٍ ؛ كمـا ذكـره الراغـب الأصفهانـي :
----------------------------
( 1 ) ( لذي القلوب ) : أي لأصحاب القلوب الواعية ، لأن القلوب قسمان : قلوب واعية وهي المستعدة لقبول الحق ، وقلوب منكوسة وهذه لا يصل إليها من الحق شيئًا ، أعمتها الأهواء والفتن حتى أصبحت لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا إلا ما أُشربت من الهوى .
القواعد الفقهية ... / شرح : عبيد الجابري .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
1 ـ عبـدٌ بحكـم الشـرع : وهـو الإنسـان الـذي يصـحُّ بيعـه ، ويُقابلـه الحُـرُّ ، ومنـه قولُـه تعالـى :
{ ... وَالْعَبْـدُ بِالْعَبْـدِ ... } . سورة البقرة / آية : 178 .
2 ـ عبـدٌ بالإيجـاد : وهـو كـل مـن أوجـد الله تعالـى ، فيشـمل المخلوقـات جميعًـا ، كما قـال تعالـى :
{ إن كُـلُّ مَـن فِـي السَّـمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِـي الرَّحْمَـنِ عَبْـدًا } . سورة مريم / آية : 93 .
3 ـ عبـدٌ بالطاعـة والعبـادة ، وهـو نوعـان :
أ ـ عبـدٌ لله تعالـى : وهـذه عبوديــة شـرف ، ومنـه قولـه تعالـى : { وَعِبَــادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِيـنَ
يَمْشُـونَ عَلَـى الأَرْضِ هَوْنـاً ... } . سورة الفرقان / آية : 63 .
ب ـ عبـدٌ لغيــر الله : وهـذه عبوديــةُ ذِلَّــةٍ ومَهانــةٍ ، ومنـه الحديـث : تَعِـسَ عبـد الدينــار ،
* فعـن أبـي هريــرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قــال : " تعِـس عبــدُ
الدينـار والدرهـم والقطيفـة والخميصـةِ إن أُعطِـيَ رضـيَ 000 ، وإن لـم يُعْـطَ لـم يـرض " .
صحيح البخاري . متون / ( 56 ) ـ كتاب : الجهاد والسير / ( 70 ) ـ باب :
الحراسة في الغزو في سبيل الله / حديث رقم : 2886 / ص : 340 .
والعبـد فـي البيـت المذكـور ؛ مـن الإطـلاق الثانـي ، وهـو العبـدُ بالإيجـاد الشـامل للمعانـي الأخـرى .
وأصـل مـادة ( عبـد ) يـدل علـى التذليـل ، كمـا تقـول العـرب : طريـق مُعبـد أي : مُذلـل .
وتقـول : عَبَّـدْتُ فلانًـا ، أي : ذللتُـه واتخذتُـه عبـدًا ، ومنـه قولـه تعالـى :
{ ... أَنْ عَبَّـدتَّ بَنِـي إِسْـرَائِيلَ } . سورة الشعراء / آية : 22 .
( المَطْلــوبِ ) : أي المقصـود .
ففـي هـذا إشـارة إلـى أن العلـم ليـس مقصـودًا لذاتـه ، وإنمـا يُطلـبُ للوصـول بـه إلـى العمـل ورضـا الله تعالـى ورِضوانـه ، كمـا قيـل :
[ هتـف العلـمُ بالعمـل فـإن أجابـه وإلا ارتحـل ] .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
o مســتخلص ووقفــة :
ــــــــــــــ
المعنـى الإجمالـي للبيتيـن : اعلـم وفقـك الله أن منـن الله علـى العبـاد كثيـرة ، وأفضـل مـا مـنَّ الله علـى عبـده ـ بعـد نعمـة الإيمـان ـ العلـم النافـع ، وهـذا هـو الخيـرالـذي أشـار إليـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم .
* ..... قـال : سـمعتُ معاويـة بـن أبـي سُـفيان ، وهـو يخطـبُ يقـول : إنـي سـمعتُ رسـولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" مـن يـرد الله بـه خيـرًا يفقهْـهُ فـي الديـن ، وإنمـا أنـا قاسـم ويعطـي اللهُ " .
صحيح مسلم . متون / ( 12 ) ـ كتاب الزكاة / ( 33 ) ـ باب : النهي عن المسألة /
حديث رقم : 100 ـ ( 1037 ) / ص : 245 .
وكـل مسـلم يفقـه فـي الديـن ، فمـن مـات علـى التوحيـد لـه نصيـب مـن هـذا الحديـث ، فهـو يفقـه شـيئًا فـي الديـن ، وليـس معنـى ذلـك أنـه يفقـه كـل شـيء ، ويتفـاوت النـاس فـي ذلـك زيـادة ونقصًـا .
فهـذا الحديـث يجعلـك تجتهـد فـي تحصيـل الفهـم في دينـك ، والفهـم مِنَّـة من الله سـبحانه وتعالـى .
لذا كـان صلـى الله عليـه وعلى آله وسـلم يسـأل الله العلـم النافـع ، ويتعـوذ مـن العلـم الـذي لا ينفـع .
الدرة المرضية في شرح منظومة القواعد الفقهية / ص : 31 .
* عـن أم سـلمة ، أن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يقـول إذا صلـى الصبـح حيـن يُسـلِّمُ :
" اللهـم ! إنـي أسـألُك علمًـا نافعًـا ، ورزقًـا طيبًـا ، وعمـلاً مُتَقبَّـلاً " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 5 ) ـ كتاب : إقامة الصلوات والسنة فيها / ( 32 ) ـ
باب : ما يُقال بعد التسليم / حديث رقم : 925 / ص : 170 / صحيح .
* عـن كثيـر بـن قيـس ؛ قـال : كنـت جالسًـا عنـد أبـي الـدرداء في مسـجد دمشـق ، فأتـاه رجــل ، فقـال : يـا أبـا الـدرداءِ ! أتيتُـك مـن المدينـة ـ مدينـة رسـول الله ـصلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . لحديـث بلغنـي أنـك تُحـدث بـه عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : فمـا جـاء بـك تجـارةٌ ؟ . قـال : لا . قـال : ولا جـاء به غيـرُهُ ؟ قـال : لا .
قـال : فإنـي سـمعتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" مـن سـلك طريقًـا يلتمـسُ فيـه علمًـا سَـهَّل الله لـه طريقًـا إلـى الجنـة ، وإن الملائكـةَ لتضـعُ أجنحتهـا رضًـا لطالـب العلـم ، وإن طالـب العلـم يسـتغفر لـه مـن فـي السـماء والأرض ، حتـى الحيتـان فـي المـاء ، وإن فضـل العالـم علـى العابـد كفضـلِ القمـر علـى سـائر الكواكـب ، إن العلمـاء هـم ورثـة الأنبيـاء ، إن الأنبيـاء لـم يورِّثـوا دينـارًا ولا درهمًـا ، وإنمـا ورَّثـوا العلـم ،فمـن أخـذه أخـذ بحـظ وافـر (1) " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 17 ) ـ باب : فضل
العلماء والحث على طلب العلم / حديث رقم : 223 / ص : 56 / صحيح .
( 1 ) الحـظ الوافـر : النصيـب الوافـر . حاشية سنن ابن ماجه / ص : 56 .
مـا هـو العلـم المقصـود ؟
هـو العلـم النافـع الـذي يزكـي النفـس ويوَلِّـد فيهـا خشـية الله تعالـى فتسـري منهـا إلـى سـائر الجـوارح ، ويثمـر العمـل الصالـح الـذي ينـال بـه رحمـة الله تعالـى والجنـة .
حاشية اللآليء والدرر السعدية / ص : 47 .
* عـن زيـد بـن أرقـم ، قـال لا أقـولُ لكـم إلا كما كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : كـان يقـول :
" اللهـم إنـي أعـوذ بـك مـن العجـز والكسـل ، والجبـن والبخـل ، والهَـرَمِ ، وعـذاب القبـر 0 اللهــم
آتِ نفسـي تقواهـا ، وزكِّهَـا أنـت خيـرُ مـن زكاهـا ، أنـت وليُّهَـا ومولاهـا ، اللهـم إنـي أعـوذ بـك مـن علـم لا ينفـع، ومـن قلـب لا يخشـع ، ومـن نفـسٍ لا تشـبع ، ومـن دعـوة لا يُسـتجاب لهـا " .
صحيح مسلم . متون / ( 48 ) ـ كتاب : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار / ( 18 ) ـ باب :
التعوذ من شر ما عمل ، ومن شر ما لم يعمل / حديث رقم : 73 ( 2722 ) / ص : 689 .
تعـوذ صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم مـن علـم لا ينفـع ، لتعـدد أنـواع العلـوم فمنهـا :
أ ـ علـوم ضـارة ضـررًا محضًـا ، أو شـرها أعظـم مـن خيرهـا .
كعلـوم السـحر ، وتعلـم الباطـل بغيـر بصيـرة بالحـق .
ب ـ ومنهـا علـوم مباحـة وهـي التـي تُشـغل العبـد عـن العلـوم النافعـة فـي دينـه .
ج ـ ومنهـا العلـم الشـرعي الـذي لا يعمـل بـه صاحبـه ، يعـرف الخيـر فيتركـه ويعـرف الشـر
فيقتحمـه .
د ـ أمـا العلـوم النافعـة فهـي علـوم الديـن ، ومـا أعـان عليهـا مـن علـوم الآلـة . بشـرط أن
تثمـر هـذه العلـوم خشـية الله ، وتثمـر الخشـية العمـل الصالـح الـذي ينـال بـه رضـا الله .
اللآليء والدرر السعدية / للسعدي / ص : 48 / بتصرف .
س : مـن هـو القلـب الخاشـع ؟
القلـب الخاشـع هـو الـذي يخـاف ويضطـرب عنـد ذكـر الله سـبحانه وتعالـى ، ثـم يليـن ويطمئـن ويركـن إلـى حمـى مـولاه ، فمـن كـان كذلـك ، كـان قلبـه محـلاً لنـور الله الـذي يجعلـه الله فـي قلـب عبـده فرقانًـا بيـن الحـق والباطـل .
[ ونـور القلـب الخاشـع هـو العلـم النافـع ] .
حاشية : اللآليء والدُّرر السعدية / للسعدي / ص : 47 / بتصرف .
فندعـو بمـا علمنـا صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
* فعـن أبـي هريـرة قـال : كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" اللهـم ! انفعنـي بمـا علمتنـي ، وعلمنـي مـا ينفعنـي ، وزدنـي علمًـا " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 23 ) ـ باب :
الانتفاع بالعلم والعمل به / حديث رقم : 251 / ص : 61 / صحيح .
* وصيـة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بطلبـة العلـم :
عـن أبـي سـعيد الخـدري ، عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " سـيأتيكم أقـوامٌ يطلبـون العلـمَ ، فـإذا رأيتموهـم فقولـوا لهـم : مرحبًـا مرحبًـا بوصيـة رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، واقنوهـم " . قلـتُ للحَكَـم (1) : مـا " اقنوهـم " ؟ . قـال : علموهـم .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 22 ) ـ باب :
الوصاة بطلبة العلم / حديث رقم : 247 / حسن .
( 1 ) الحَكَـم : مـن رجــال هـذا السـند [ ... قـال حدثنـا الحَكَـمُ بـن عبـدَةَ ، عـن أبـي هـارون العبـديّ ، عـن أبـي سـعيد الخـدري ] .
ـ وحاصـل ذلـك أن العلـم : شـجرة تثمـر كـل قـول حسـن وعمـل صالـح ، والجهـل شـجرة تثمـر كـل
قـول وعمـل خبيـث .
وإذا كـان العلـم بهـذه المثابـة فينبغـي للإنسـان أن يحـرص كـل الحـرص ، ويجتهـد كـل الاجتهـاد فـي
تحصيلـه ، وأن يديـم الاسـتعانة بالله فـي تحصيلـه ، ويبـدأ بالأهـم فالأهـم منـه .
ومـن أهمـه معرفـة أصولـه وقواعـده التـي ترجـع مسـائله إليهـا .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 8 / بتصرف .
لـذا قـال الناظـم ـ رحمه الله ـ :
فاحـرص علـى فهمـك للقواعـد ... .
===============
7 ـ فَاحْـرِصْ عَلـى فَهمـِكَ للقواعِــدِ جَامِعــةِ المســـائل الشـــوارِدِ
8 ـ فَتَرْتَقـي فـي العِلْـمِ خَيـرَ مُرْتَقَـى وَتَقْتَفِـي سُـبْلَ الـذي قَــدْ وُفِّقــا
لمـا ذكـر الناظـم عليـه رحمـة الله تعالـى عمـوم أهميـة العلـم الشـرعي وفضلـه وحـض عليـه وحـرض علـى تحصيلـه ، خـص مـن العلـم الشـرعي مـا يريـد شـرحه وهـي القواعـد الفقهيـة ، فحـض علـى تحصيـل هـذا العلـم وفهمـه فقـال : احـرص علـى فهمـك ... .
منظومة القواعد ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي .
( احْـرِصْ ) : هـو شـدة الطلـب والعنايـة .
( والفَهـمِ ) : الإدراك للشـيء .
( القواعِــدِ ) : جمـع قاعـدة ، وهـي فـي اللغـة : الأسـاس 0 ومنـه قولـه تعالـى :
{ ... فَأَتَـى اللهُ بُنْيَانَهُـم مِّـنَ الْقَوَاعِـدِ ... } .سورة النحل / آية : 26 .
وفـي الاصطـلاح : حكـم كلـي تدخـل فيـه جزئيـات كثيـرة .
وتُطلـق القواعـد علـى القواعـد الأصوليـة والقواعـد الفقهيـة ، والمـراد هنـا الثانـي ، بقرينـة قـول الناظـم : ( جامعـة المسـائل الشـوارد ) ، وكـون النظـم فـي علـم القواعـد الفقهيـة ، ولكنـه باعتبـار الغالـب ؛ لأنـه ذكـر بعـض القواعـد الأصوليـة أيضًـا ـ ( مثـل : قواعـد ألفـاظ العمـوم ، ... ) ـ .
والفـرق بينهمـا مـن وجـوه : سـبق ذكرهـا فـي بدايـة المبحـث .
( المســـائل ) : هـي الوقائـع التـي يُسـألُ عنهـا .
( الشـــوارِدِ ) : جمـع شـاردة ، وهـي النافـرة وغيـرُ المجموعـة .
فمـن شـأن القواعـد الفقهيـة أنهـا تجمـعُ المسـائل المتناثـرة تحـت حكـم كُلِّـيّ ، فيسـهُل علـى الإنسـان معرفـة أحكـام الجزئيـات ، ودراسـة الفقـه ، لأن دراسـة الفقـه عـن طريـق القواعـد أسـهل وأشـمل ، كمـا أن دراسـته عـن طريـق الجزئيـات أدق وأحكـم .
والجزئيـات الفقهيــة لا تتناهـى ، ويسـتجد فـي كـل زمـان مـن المسـائل مـا لـم يكـن معروفًـا قبـل
ذلـك 0 قـال الأهـدلُ عـن الفقـه :
وهـو فـنٌ واسـعٌ منتشـرُ فروعــه بالعــدِّ لا تنحصـرُ 0
وإنمـا تضبـطُ بالقواعــد فحفظهـا مـن أعظـم الفوائـدِ 0
ـ والحفـظ وحـده لا يكفـي ولابـد مـن الفهـم كمـا ذكـر الناظـم .
شرح منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
( تَرْتَقـي ) : أي تعلــو وتصعـدُ . والمرتقـى هـو : الشـيء الـذي يحصـل بـه الارتقــاء ، كالـدَّرَجِ
والسُّـلّم .
( الاقتفـاء ) : اتبـاع الأثـر .
( السُّـبْل ) : جمـع سـبيل ، وهـو الطريـق وزنًـا ومعنـًى ، ويُذَكَّـر ويؤنـث .
و " بـاء " السُّـبْل فـي النظـم سـاكنةٌ ، مراعـاةً للـوزنِ .
والمعنـى : أنـك لـو حرصـت علـى فهـم القواعـد الكليـة للعلـوم التـي تجمـع المسـائل المتفرقـة ،
فإنـك تعلـو بذلـك فـي منـازل العلـم ، وتكـون بذلـك متبِعًـا لآثـار العلمـاء الموفقيـن لطريـق الحـق .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف يسير .
وقولـه : وتقتفـي سـبل ... : فيـه إشـارة إلـى أن المـرء يجـب عليـه الاتبـاع ، والسـير علـى منهـج الصالحيـن ممـن قبلـه ، وعلـى ذلـك تـدل النصـوص الشـرعية ؛ منهـا قولـه تعالـى :
{ وَالسَّـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الْمُهَاجِرِيـنَ وَالأَنصَـارِوَالَّذِيـنَ اتَّبَعُوهُـم بِإِحْسَـانٍ رَّضِـيَ اللهُ عَنْهُـمْ وَرَضُـواْ عَنْـهُ وَأَعَـدَّ لَهُـمْ جَنَّـاتٍ تَجْـرِي تَحْتَهَـا الأَنْهَـارُ .... } .
سورة التوبة / آية : 100 .
وقولـه سـبحانه : { ... وَاتَّبِـعْ سَـبِيلَ مَـنْ أَنَـابَ إِلَـيَّ ثُـمَّ إِلَـيَّ ... } . سورة لقمان / آية : 15 .
بـل أن الله توعـد مـن تـرك سـبيل المؤمنيـن فـي قولـه سـبحانه :
{ وَمَـن يُشَـاقِقِ الرَّسُـولَ مِـن بَعْـدِ مَـا تَبَيَّـنَ لَـهُ الْهُـدَى وَيَتَّبِـعْ غَيْـرَ سَـبِيلِ الْمُؤْمِنِيـنَ نُوَلِّـهِ مَـا تَوَلَّـى وَنُصْلِـهِ جَهَنَّـمَ وَسَـاءتْ مَصِيـراً } . سورة النساء / آية : 115 .
القواعد الفقهية ... / شرح : الشيخ سعد بن ناصر الشثري .
9 ـ هَـــذِهِ قَوَاعـِــدٌ نَظَمْتُهــا مِـن كُتْـبِ أهـلِ العِلْـمِ قـدْ حصَّلتُهـا
10ـ جَزاهُـم المَوْلـى عَظِيـمَ الأَجْــرِ والعَفــوَ مَــعْ غُفْرانِــه والبِـــرِّ
( قَوَاعـِـدٌ ) : بالتنويـن مراعـاة للـوزن ، والأصـل بـدون تنويـن ، لأنـه ممنـوع مـن الصـرف لأنـه
صيغـة منتهـى الجمـوع ، على وزن مفاعـل ، ولكـن الاضطـرار مبيـحٌ لذلـك باتفـاق ، قـال ابنُ مالـكٍ :
ولاضطـرارٍ وتناسـب صـرِّف ذو المنـعِ والمصـروفُ قـد لا ينصـرِفْ .
( نظَمْتُهـا ) : أي جعلتهـا فـي نظـم ، والنظـم : عقـد المنثـور ، كمـا أن الحَـلّ هـو نثــرُ المنظـومِ ،
وأصـل النظـم فـي اللغـة : جمـع اللؤلـؤ فـي سـلكٍ ، وإنمـا اختـار النظـمَ ـ مـع ضيقـه ـ لسـهولة
حفظـه وطـولِ بقائـه فـي الذهـنِ .
ففـي هـذا إشـارة إلـى منهـج المؤلِّـف فـي القواعـد الفقهيـة ، بـأن هـذا المؤلَّـف خـاص بالقواعـد ، وفيـه إشـارة إلـى أنهـا منظومـة ، وفيـه إشـارة إلـى أن هـذه القواعـدَ ليسـت مـن بنـات أفكـارهِ ، ونتائـج اختراعاتِـه ، ولكنهـا مُسـتفادةٌ مـن كتـب العلمـاء .
وهـذا مـن أدب الناظـم ، وحُسـن أخلاقـه ، فـإن مـن بركـة العلـم أن يُنْسَـبَ إلـى صاحبـه 0وهـذا منهـج أهـل الإيمـان فمنهجهـم أنهـم لا ينسِـبون إلـى أنفسـهم مـا ليـس لهـم .
* فعـن أسـماء بنـت أبـي بكـر ، أن امـرأة قالـت : يـا رسـول الله ، إن لـي جـارة ـ تَعنـي ضَـرَّة ـ هـل علـيَّ جنـاحٌ إن تَشَـبَّعْتُ لهـا بمـا لـم يعـطِ زوجـي (1) ؟ قـال صلـى الله عليه وعلى آله وسـلم :
" المتشـبِّعُ بمـا لـم يُعـطَ كلابـس ثوبـي زور " .
سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 35 ) ـ كتاب : الأدب / ( 92 ) ـ باب :
فيمن يتشبع بما لم يعط / حديث رقم : 4997 / ص : 903 / صحيح .
( جزاهـم ) : أي : أثابهـم .
( المولـى ) : لفـظ مشـترك ، يُطلـقُ علـى المعتَـقِ ، والمعتِـقِ ، والمالـكِ ، والناصـرِ ، والجـار ، وابـن العـم ، والصاحـب ، والقريـب ، والحليـف .
والمـراد هنـا : المالـك والناصـر ، وهـو الله تعالـى ، لقولـه سـبحانه :
-------------------------
( 1 ) تشبعت لها ... زوجي : أي ادعت أمام ضرتها بأن زوجها أعطاها كذا وكذا ، وهو لم يعطها ، ولكن لتكيد ضرتها أو ... .
{ ذَلِـكَ بِـأَنَّ اللهَ مَوْلَـى الَّذِيـنَ آمَنُـوا وَأَنَّ الْكَافِرِيـنَ لاَ مَوْلَـى لَهُـمْ } . سورة محمد / آية : 11 .
( عظيـم الأجـر ) : مـن بـاب إضافـة الصفـة إلـى الموصـوف ، والمـراد . أجـرًا عظيمًـا .
( والعفـو مـع غفرانـه ) : العفـو والغُفْـران : بمعنـى التجـاوز عـن الذنـب ، والأول ـ العفـو ـ أبلـغ ؛ لأنـه يفيـد محـو الشـيء وإزالتـه ، بخـلاف الغفـران فإنه يـدل علـى التغطيـة ، وهـذا لا يفيـد الإزالـة .
وهـذه دعـوة طيبـة دعـا بهـا الشـيخ السـعدي للعلمـاء الأفاضـل ، فنسـتفيد هـذا الأدب ، فالدعـاء لأهـل العلـم مـن حُسـن الأدب ، وجميـل الأفعـال وهـي صفـة وسِـمة للمؤمنيـن أجمعيـن ، كمـا قـال تعالـى :
{ وَالَّذِيـنَ جَـاءُو مِـن بَعْدِهِـم يَقُولُــونَ رَبَّنَـا اغْفِــرْ لَنَـا وَلإِخْوَانِنَـا الَّذِيـنَ سَـبَقُونَا بِالإِيمَـانِ وَلاَ تَجْعَـلْ فِـي قُلُوبِنَـا غِـلاًّ لِّلَّذِيـنَ آمَنُـوا ... } . سورة الحشر / آية : 10 .
فالدعـاء لأهـل الإيمـان مـن القربـات التـي يتقـرب بهـا العبـاد إلـى ربهـم ـ عـز وجـل ـ وقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مـن لا يشـكر النـاس ، لا يشـكر الله " .
رواه الترمذي عن أبي هريرة . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... /
الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 6601 / ص : 1122 .
وقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " ... ومـن صنـع إليكـم معروفًـا فكافئـوه ، فـإن لـم تجـدوا
مـا تكافئـوا بـه فادعـوا لـه حتـى تـروا أنكـم قـد كافأتمـوه " .
سنن أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 3 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 38 ) ـ باب :
عطية من سأل بالله عز وجل / حديث رقم : 1672 / ص : 290 / صحيح .
ومعـروف العلـم أعظــم مـن معـروف المـال ، ولهـذا تسـتغفر النملـة فـي جُحرِهـا ، والحيتــان فـي
بحرهـا لمعلـم النـاس الخيـر .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د 0 مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
فجـزى الله معلمـي النـاس الخيـر خيــر الجـزاء ، ونسـتغفر لهـم مـع مـن فـي السـموات والأرض
ومـع الحيتـان فـي البحـر .
* فعـن أبـي الـدرداء قـال : سـمعتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " إنـه ليسـتغفرُ للعالـم مَـن فـي السـمواتِ ومـن فـي الأرض ، حتـى الحيتـان فـي البحـر " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 20 ) ـ باب :
ثواب معلِّم الناس الخير / حديث رقم : 239 / ص : 59 / صحيح .
جزاهـم المولـى عظيـم الأجـر والعفـو مـع غفرانـه والبِـرِّ ..... آميـــــن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.