الأحد، 13 مارس 2011

ضرورة تصفية سنة رسول الله لنعرف صحيحها




ضرورة تصفية سنة رسول الله
لنعرف صحيحها فنحدث ونعمل به ؛
ونعرف ضعيفها فنحذر منه ونتجنبه


وتتبين أهمية ذلك من دراسة مقدمة كتاب :


" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء على الأمة "
للشيخ الألبانى ؛
الجزء الأول ؛
من{ ص 39 إلى ص 51 } .




ونبدأ مستعنين بالله في دراسة كتاب العلامة الشيخ الألباني الذي بدأه بالمقدمة الآتية:



بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الأولى

إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره ؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ؛ ومن يضلل فلا هادى له ؛ وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } (1 )

{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تسآءلون به (2)والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } (3)

{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ؛ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } ) " أما بعد ؛

فإن أصدق الحديث كتاب الله ؛ وأحسن الهدى هدى محمد-صلى الله عليه وسلم- ؛ وشر الأمور محدثاتها ؛

وكل محدثة بدعة ؛ وكل بدعة ضلالة ؛[ وكل ضلالة فى النار ] "(5)

ثم إننى كنت بدأت منذ بضع سنين بنشر سلسلة مقالات متتابعة تحت عنوان :

" الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء فى الأمة "فى

مجلة " التمدن الإسلامى "الغراء؛

ولازلت مستمرا فى نشرها ؛ لأن هذه الأحاديث من الكثرة –مع الأسف الشديد- بحيث تعد المئات ؛ بل

الألوف !! كيف وضع رجل واحد من الزنادقة نحو أربعة آلاف حديث !!

ووضع ثلاثة من المعروفين بالوضع أكثر من عشرة آلاف حديث !!

فماذا يقول القارىء الكريم فى الأحاديث الأخرى التى وضعها أناس آخرون لغايات مختلفة ؛

وأغراض متباينة @, منها:
  • السياسية ,
  • ومنها العصبية الجنسية ,
  • والمذهبية ,
  • ومنها التقرب إلى الله تعالى بزعمهم! !
  • ومنها أحاديث وضعت خطأ دون قصد :من بعض المغفلين من الصوفية , وضعفاء الحفظ من

    الفقهاء وغيرهم ممن لا عناية لهم بالحديث وضبطه !!
وهى منتنشرة بكثرة فى كتب الفقه , والتفسير , والوعظ , والترغيب , والترهيب , وغيرها .

ولكن الله –تبارك وتعالى- سخر لهذه الأحاديث طائفة من الأئمة :
oبينوا ضعفها ,
o وكشفوا عوارها ,
o وأوضحوا وضعها ,

ولذك لما قيل للإمام عبد الله بن المبارك : "
هذه الأحاديث المصنوعة " ؟

أجاب بقوله : " يعيش لها الجهابذة "

وقال ابن الجوزى ":

لما لم يمكن أحدا أن يُدخل فى القرآن ماليس منه ؛ أخذ أقوام يزيدون فى حديث رسول الله ؛ ويضعون عليه مالم يقل ؛ فأنشأ الله علماء:
  • يذبون عن النقل ؛
  • ويوضحون الصحيح ؛
  • ويفضحون القبيح ,
  • وما يخلى الله منهم عصرا من الأعصار ؛
غير أن هذا الضرب قد قل فى هذا الزمان فصار أعز من عنقاء مغرب *.

وقد كانو إذا عدوا قليلا فقد صاروا أعز من القليل . "

قلت (الشيخ الألباني) :

فإذا كان الأمر كذلك فى عهد ابن الجوزى ؛

فكم يكون عدد العلماء الذابين عن الحديث فى هذا العصر ؟!

لاشك أنهم أقل من القليل .

وهذا مما يؤكد علينا وجوب الاستمرار فى نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة ؛
  • تحذيرا للناس منها ؛
  • وقياما بواجب بيان العلم ,
  • ونجاة من إثم كتمانه .
ولست أشك أن أهل العلم –ممن لم يعم بصائرهم الهوى- يقدرون ذلك حق قدره ؛ لما فيه من التعاون على

تنقية حديثه –صلى الله عليه وسلم- مما ليس منه ؛

كيف لا والإمام عبد الرحمن بن مهدى يقول :
"لأن أعرف علة حديث,هو عندى أحب إلى من أن أكتب حديثا ليس عندى ." (6)

هذا ؛ ومما ينبغى أن يذكر بهذه المناسبة أننى لا أقلد أحدا فيما أصدره من الأحكام على تلك الأحاديث ؛

وإنما أتبع القواعد العلمية التى وضعها أهل الحديث ؛ وجروا عليها فى

إصدار أحكامهم على الأحاديث من صحة أو ضعف
؛ وذلك فى عهد ازدهار الحياة

الإسلامية والعلم الإسلامى .

وإنى أرجو الله –سبحانه وتعالى- أن أكون قد وفقت لاتباعها ؛وتعريف المسلمين عمليا بها ؛ أو ببعضها ؛

راجيا أن يقوم فى ناشئة المسلمين من يجدد العمل بتلك القواعد التى هى من أدق ما عرف الفكر العلمى المنهجى فى مختلف العصور الإنسانية ؛ بشهادة جماعة من المستشرقين , وغيرهم من المخالفين .

وقديما قيل : " والفضل ما شهدت به الأعداء"

وقد تبين لكثير من العلماء والفضلاء فى مختلف البلاد والأصقاع أهمية تلك المقالات ؛ وفائدتها الكبرى للناس؛ حيث نبهتهم على ضعف ووضع كثير من الأحاديث التى كانوا يرونها أحاديث صحيحة ؛لانتشارها فى بطون الكتب ؛ وتداولها على ألسنة الناس

على اختلاف طبقاتهم واختصاصا تهم , وساعد على سعة انتشارها فى هذا العصر ما يسر الله –تبارك وتعالى- فيه: من الوسائل الحديثة ؛ كالإذاعات , والجرائد , والمجلات , وغيرها مما تصدرها المطابع .

الأمر الذى يوجب على العلماء الغيورين على السنة المحمدية أن يبذلوا جهدهم فى التحقق من الأحاديث لدى كتابتهم , وإذاعتهم , وحديثهم .

لهذا ؛ رأيت أولئك الفضلاء يشجعوننى على الاستمرار فى النشر , ولاأدل على ذلك من إقبال الكثيرين

منهم , ومن غيرهم من الطلاب , على الاشتراك فى " مجلة التمدن الإسلامى " للاطلاع على الأحاديث الضيفة فيهاوقد كتب بذلك بعضهم إلى- ليكونوا على بينة من أمرها ؛ فلا يقعوا مرة أخرى فى الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أو على الأقل فى عزو مالم يصح نسبته إليه – صلى الله عليه وسلم –
من الحديث .

ولذلك ؛ فقد حثَّنى كثير من أولئك الفضلاء , على نشر تلك الأحاديث فى كتاب مفرد عن المجلة ؛ ليقف عليها من لااطلاع له على المجلة ؛ فيعم النفع بها , وليسهل الرجوع عند الحاجة إليها .

ولطالما كنت عازما على الاستجابة لرغباتهم لولا بعض الموانع ؛ فلما زالت , وتبين لى ذلك , بادرت إلى تحقيقها , شاكرا لهم حسن ظنهم بأخيهم .

ولما كان قد صدر من تلك الأحاديث أكثر من أربع مائة حديث ؛ فقد رأيت أن أطبعها فى أجزاء متسلسلة ,يحوى كل جزء منها مئة حديث , أو أكثر إن اقتضى الأمر , وكلما تم نشر مئة أخرى منها فى المجلة ؛طبعتها فى جزء آخر , وجعلت كل خمسة أجزاء منها فى مجلد واحد .

وكذلك أضفت إلى كلامنا على بعض الأحاديث المنشورة فى المجلة حتى الآن أمورا أخرى ؛ مثل تعديل أسلوب الكلام عليها ؛ وزيادة تحقيق فيها , ونحو ذلك من الفوائد .

وقد أغير حكمى السابق على الحديث بحكم آخر بدا لى فيما بعد أنه أعدل وأرجح ؛ كأن أقول :

" ضعيف جدا " بدل : " ضعيف " ؛ أو العكس , و : " ضعيف " بدل : "موضوع " , أو العكس, ونحو ذلك
.


وهذا إن كان نادرا ؛ فقد رأيت أن أنبه إليه لأمرين :

  1. كى لايظن أن ذلك التغيير خطأ مطبعى .
  2. أن يعلم من شاء الله أن يعلم أن العلم لايقبل الجمود ؛ فهو فى تقدم مستمر من خطأ إلى صواب ,
ومن صحيح إلى أصح , وهكذا ...وليعلموا أننا لانصر على الخطأ إذا تبين لنا .

هذا ؛ ومع انتشار مقالات الأحاديث الضعيفة فى مختلف البلاد الإسلامية ؛ فإنه لم يرد إلينا أى انتقاد عليها ؛

ولا أدرى إذا كان ذلك لما وفقنا إليه من الصواب بإذن الله تعالى – وهذا ما أرجوه – أو لقلة من له معرفة بهذا العلم الشريف,ونقد الأسانيد التى تمكنه من الجولان فى هذه البحوث , أو لغير ذلك من الأمور(7) .

ولابد لى أخيرا من أن أشكر من كان سببا لطبع هذه المقالات مرة أخرى فى هذا الكتاب ؛ وأن أشكر بصورة خاصة القائمين على "مجلة التمدن الإسلامى " –وفى مقدمتهم الأستاذ أحمد مظهر العظمة –

فقد كان لهم الفضل الأول فى نشرها فى مجلتهم ؛ حتى عرف الناس قدرها , فرغبوا غى نشرها فى كتاب مفرد.

وقد لقى أصحاب المجلة فى سبيل ذلك كثيرا من المعارضات والانتقادات من بعض الشيوخ الجامدين ؛ وغيرهم من الطرقين الذين تأبى نفوسهم أن يقف الناس على الحقائق التى تكشف عن جهلهم بالشريعة والسنة المحمدية .

ولكنهم –أعنى أصحاب المجلة – لم يبالوا بذلك , وصبروا على نشر ما يرونه حقا ؛ واستمروا عليه , أثابهم الله تعالى ؛ وجزاهم عن الإسلام خيرا (8)

أسأ له سبحانه أن يجعل عملى كله صا لحا , ولوجهه خالصا , ولايجعل لأحد فيه شيئا ؛ إنه سميع مجيب .


دمشق 25 / 3 / 1379 محمد نااصر الدين الألباني


نستكمل في الحلقة القادمة :

رسالة "دواعي الوضع وأصناف الوضَّاعيين"؛

وهي مُستفادة من {شرح البيقونية لأبي حاتم والباعث الحثيث وتيسير مصطلح الحديث}

الحاشية
* الأعنق: الطويل العنق, رجل أعنق وامرأة عنقاء "النهاية في

غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ص646

@ (هذا يجعلنا نتطرق إلى رسالة "دواعي الوضع وأصناف الوضَّاعيين"؛وهي مُستفادة من :

{شرح البيقونية لأبي حاتم والباعث الحثيث وتيسير مصطلح الحديث}

(1) آل عمران : 102

(2) فيه جواز السؤال بالله تعالى ؛ وأما الحديث : " لايسأل بوجه الله إلا الجنة ." فضعيف ؛ وعلى فرض صحته ؛ فهو محمول على سؤال الأمور الحقيرة ؛ كما بينت ذلك فى مجلة " المسلمون "

(3) النساء :1

(4) الأحزاب : 70 –71

وهذه الخطبة هى خطبة الحاجة التى كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يعلم أصحابه أن يقولوها بين يدى كلامهم فى أمور دينهم ؛ سواء كان خطبة نكاح , أو جمعة , أومحاضرة , أو غير ذلك , ولى فيها رسالة مطبوعة , نشرتها مجلة " التمدن الإسلامى " الغراء ؛ وهى مهجورة – مع الأسف – من العلماء قاطبة فيما علمت ؛ فلعلهم يعودون إليها ويحبونها .

(5) هو من حديث لجابر –رضى الله عنه- قال فيه : أن النبى-صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقول ذلك إذا خطب . / كما رواه مسلم , والنسائى , وغيرهما ؛ والزيادة للنسائى .

وذلك يشمل الخطب كلها ؛ وبصورة خاصة خطبة الجمعة ؛فقد جاء التنصيص عليها عند مسلم فى رواية له فعلى الخطباء أن يحيوا هذه السنة أيضا .

(6) رواه ابن أبي حاتم في " العلل" ( 1/10)

(7)
اللهم إلا انتقاد الشيخ عبد الله الحبشى الهروى نزيل دمشق , الذى نشره

فى رسالة أسماها :

o"
التعقيب الحثيث على من طعن فيما صح من الحديث "
أو –كما قال - : "
تحقيق البيان فى إثبات سبحة أهل الإيمان "

o وكنت أود أن يشاركنا الشيخ فى نقده إيانا فى تطبيق تلك القواعد العلمية التى سبقت الإشارة إليها؛ وفى تجديد العمل بها . ولكنه وإن حاول ذلك ؛ فإنه لم يستطع الاستمرار عليه ؛ بل عدل إلى تقليد بعض العلماء ممن وافق قولهم رأيه ؛ وإلى اتهامنا بمخالفتهم ؛ وبسوء الفهم لكلامهم !! وبالتهور والتحكم النفسانى !

وسود صفحات كثيرة بأمور لاعلاقة لها بمحل النزاع ؛ ولا هى موضع خلاف .

o أورد فيها – على صغر حجمها – كثيرا من الأحاديث الضعيفة والآثار الواهية ؛ وحسبك مثالا على ذلك حديث أورده فى الصفحة الأولى بلفظ : " إن محرم الحلال ؛ كمستحل الحرام . " ولايصح رفعه ؛ إنما هو موقوف !! وقد بينت ذلك , وخرجته تخريجا علميا فيما سيأتى برقم (6215) من المجلد الثالث عشر .

o انتقد الشيخ على حكمى على حديث : " نعم المذكر السبحة " بالوضع ( انظر رقم 83) ؛ وحكمى على الحديثن المذكورين فيه من حديث صفية وسعد بالضعف ؛ فذهب إلى أن الأول ضعيف لاموضوع ؛ وإلى أن الآخرين صحيحان لا ضعيفان .!! فرددت عليه فى مجلة "
التمدن

" بينت فيها خطأه فى ذلك بأسلوب علمى نزيه ؛ خلافا لما جرى هو عليه في رسالته ؛ ثم نشرنا فى ذلك رسالة مفردة بعنوان " الرد على التعقيب الحثيث "

, فمن شاء الاطلاع على الحقيقة فليرجع إليها .

وفى أثناء نشرنا الرد فى المجلة , ولما يكد ينته , طلع علينا فضيلة الشيخ الحبشى برد آخر سماه "
نصرة التعقيب الحثيث " شحنه بالمغالطات

والسب , والافتراء , والخروج عن الرد بالتى هى أحسن , حتى لقد أنذرنى بسوء الخاتمة إن أنا استمررت على نهجى العلمى المخالف لفهمه وعلمه !! فلما رأيت ذلك ؛ صرفت النظر عن الرد عليه مرة أخرى ؛ حرصا منى على الوقت ؛ كما بينته فى خاتمة ردى المشار إليه ؛ ولعلنا نذكر بعض شبهاته عند

الكلام على الحديث المشار إليه آنفا .

(8) وقد أضافوا إلى ماذكرناه منقبة أخرى ؛ فإنهم بدؤوا منذ العدد الأول من سنة (1379 ه) بنشر مقالاتنا فى " الأحاديث الصحيحة " فألفت نظر القراء إليها.


رسالة "دواعي الوضع وأصناف الوضَّاعيين

وهي مُستفادة من

{شرح البيقونية لأبي حاتم والباعث الحثيث وتيسير مصطلح الحديث}

فنبدأ مستعينين بالله بهذه المقدمة أولاً:


تمهيد فى الأحاديث الضعيفة والموضوعة

وهي للشيخ العلاَّمة ناصر الدين الألبانيّ -رحمة الله تعالى عليه - إذ يقول:

من المصائب العظمى التى نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم؛ لااستثنى أحدا منهم , ولو كانوا علماء هم ؛ إلا من شاء من أئمة الحديث ونقاده ؛ كالبخارى ,
وأحمد , وابن معين , وأبى حاتم الرازى , وغيرهم .

وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة :

= منها ماهو من الأمور الاعتقادية الغيبية ,
= ومنها ماهو من الأمور التشريعية ؛

وسيرى القارىء الكريم الأمثلة الكثيرة لما ندعيه فى كثير من الأحاديث الآتية إن شاء الله تعالى .

وقد اقتضت حكمة العليم الخبير –سبحانه وتعالى- أن لايدع هذه الأحاديث التى اختلقها المغرضون لغايات شتى؛ تسرى بين المسلمين دون أن يقيض لها من يكشف القناع عن حقيقتها ؛ ويبين للناس أمرها ؛

@ أولئك هم أئمة الحديث الشريف , وحاملوا ألوية السنة النبوية الذين دعى لهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله :

"نضر الله امرءا سمع مقالتى ؛ فوعاها , وحفظها , وبلغها , فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (1)


@ فقد قام هؤلاء الأئمة –جزاهم الله عن المسلمين خيرا- :

= ببيان حال أكثر الأحاديث من صحة , أو ضعف, أو وضع ,
= وأصَّلوا أصولا متينة ,
= وقعدوا قواعد رصينة ؛

@ من أتقنها وتضلَّع بمعرفتها أمكنه أن يعلم درجة أى حديث , ولو لم ينصوا عليه ؛

@ وذلك هو علم أصول الحديث ؛ أو مصطلح الحديث .

@ وألف المتأخرون منهم كتبا خاصة للكشف عن الأحاديث , وبيان حالها:

= أشهرها وأوسعها كتاب:

"المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الأحاديث المنتشرة على الألسنة "

للحافظ السخاوى ؛

= ونحوها كتب التخريجات ؛ فإنها تبين حال الأحاديث الواردة فى كتب من ليس من أهل الحديث ؛ ومالا أصل له من تلك الأحاديث , مثل:

o كتاب " نصب الراية لأحاديث الهداية " للحافظ الزيلعى,

o و" المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار فى تخريج مافى الأحياء من الأخبار " للحافظ العراقى ,

o و " التلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير " للحافظ ابن حجر العسقلانى ,

oو" تخريج أحاديث الكشاف " له ,

oو" تخريج أحاديث الشفاء"
للشيخ السيوطى , وكلها مطبوعة.

ومع أن هؤلاء –جزاهم الله خيرا- قد سهلوا السبيل لمن بعدهم من العلماء والطلاب ؛ حتى يعرفوا درجة كل حديث بهذه الكتب المذكورة ؛

فإننا نراهم – مع الأسف الشديد- قد انصرفوا عن قراءة الكتب المذكورة :
= فجهلوا بسبب ذلك حال الأحاديث التى حفظوها من مشايخهم ,
= أو يقرؤونها فى بعض الكتب التى لاتتحرى الصحيح الثابت ,

ولذلك لانكاد نسمع:

- وعظا لبعض المرشدين , أو
- محاضرة لأحد الأساتذة , أو
- خطبة من خطيب ,

إلا وتجد فيها شيئا من تلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة ؛

وهذا أمر خطير

,يخشى عليهم جميعا أن يدخلوا بسببه تحت وعيد قوله –صلى الله عليه وسلم-:

" من كذب على متعمدا (2) فليتبوأ مقعده من النار " { حديث صحيح متواتر }

فإنهم ؛ وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة , فقد ارتكبوه تبعًا , لنقلهم الأحاديث التى يقفون عليها جميعها ,وهم يعلمون أن فيها ماهو ضعيف وما هو مكذوب قطعا ؛

وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبى-صلى الله عليه وسلم-

" كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ". (رواه مسلم ) فى "مقدمة صحيحه "
(1/8 ), وغيره من حديث أبى هريرة .

ثم روى عن الإمام مالك أنه قال :

" اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ؛ ولايكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ماسمع " .

وقال الإمام ابن حبان فى "صحيحه " ؛
(ص27) :

" فصل :
ذكر إيجاب دخول النار لمن نسب الشىء إلى المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وهو غير علم بصحته"

ثم ساق بسنده عن أبى هريرة مرفوعا :
" من قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " .
وسنده حسن ؛ وأصله فى الصحيحين بنحوه .
ثم قال :

"ذكر الخبر الدال على صحة ما أومأنا إليه فى الباب المتقدم . "

ثم ساق بسنده عن سمرة بن جندب قال :

قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- :

" من حدَّث عنى حديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .

وهو حديث صحيح ؛ أخرجه مسلم فى " مقدمة صحيحه " (1/7)

من حديث سمرة والمغيرة بن شعبة معا وقال : "إنه حديث مشهور " .

ثم قال ابن حبان : "ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذهبنا إليه " .
ثم ساق حديث أبى هريرة الأول .

فتبين مما أوردنا أنه لايجوز نشر الأحاديث وروايتها دون التثبت من صحتها ؛

وإن من فعل ذلك فهو حسبه من الكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-

وقد قال-صلى الله عليه وسلم -:

" إن كذبا على ليس ككذب على أحد ؛ فمن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".

(رواه مسلم وغيره).

ولخطورة هذا الأمر رأيت أن أساهم فى تقريب سبيل الاطلاع على الأحاديث التى نسمعها فى هذا العصر , أو نقرأها فى كتاب متداول ؛ مما ليس له أصل يثبت عند المحدثين ؛ أو له أصل موضوع , لعل فى ذلك تحذيرا وتذكيرا لمن يتذكر أو يخشى .
ولم أتقيد فى سوقها بترتيب خاص ؛ بل حسبما اتفق .

ولذلك فإنى أبتدئها بذكر حديثين قرأتهما فى مقال نشر فى العدد (2404 ) من " جريدة العلم " الغراء لأحد المرشدين الفضلاء فى صدد بحث له مفيد فى إسراء النبى -صلى الله عليه وسلم- وعراجه إلى السماء ؛ والله ولى التوفيق .


دمشق , رمضان سنة 1374 ه

محمد ناصر الدين الألبانى
________________________________

الحاشية:

(1) أخرجه أبو داود ؛ والترمذى وصححه – والسياق له- وابن حبان فى " صحيحه " عن ابن مسعود .
وقد ثبت عن جماعة من الصحابة بنحوه ؛ فانظر "التعليق الرغيب " (1/ 63 ) ,

و" الصحيحة " (404).

(2) لفظة " متعمدًا " صحيحة ثابتة فى الحديث .

وإن حاول التشكيك بها مؤلف كتاب "الأضواء",
بل إنه جزم ببطلانها , وأنها من وضع بعض المحدثين ؛ ليروج بها قوله :

إنه يجوز رواية الحديث بالمعنى !!

وإنكار المؤلف المذكور لها لايدل فقط على جهله بالحديث وطرقه ؛ بل إنه يدل على جهله أيضا بأصول الشريعة وقواعدها ؛

فإن هذه اللفظة لو لم ترد فى الحديث مطلقا ؛ فإن تقديرها فى الحديث لامناص منه كما لايخفى ؛

وإلا كان المؤلف المذكور أول من يشمله الحديث ؛لأنه -على الأقل- ليس معصوما من الخطا فى رواية حديث ما .!!

Thumbs up رسالة "دواعي الوضع وأصناف الوضَّاعيين"؛

استكمالاً لمقدمة كتاب :

" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السىء على الأمة " للشيخ الألبانى:

نعرض رسالة
"دواعي الوضع وأصناف الوضَّاعيين"


وهي مُستفادة من :

{شرح البيقونية لأبي حاتم والباعث الحثيث وتيسير مصطلح الحديث}

فنبدأ مستعينين بالله :

# أسباب الوضع وأصناف الوضاعين :

(1) التقرب إلى الله تعالى :
بوضع أحاديث تُرغب الناس فى الخيرات , وأحاديث تخوفهم من فعل المنكرات ,
و هؤلاء الوضاعون قوم ينتسبون إلى الزهد والصلاح ؛
وهم شر الوضاعين لأن الناس قَبِلَت موضوعاتهم ثقة بهم .
ومن هؤلاء ميسرة بن عبد ربه , فقد روى ابن حبان فى الضعفاء عن ابن مهدى قال :
" قُلتُ لميسرة بن عبد ربه :من أين جئت بهذه الأحاديث ؛ من قرأكذا فله كذا ؟
قال :وضعتها أُرغبُ الناس " .

(2) الانتصار للمذهب :
لاسيما مذاهب الفرق السياسية بعد ظهور الفتنة وظهور الفرق السياسية كالخوارج والشيعة فقد وضعت كل فرقة من الأحاديث ما يؤيد مذهبها ؛ كحديث "علىّ خير البشر من شك فيه كفر " .

(3) الطعن فى الإسلام :
وهؤلاء قوم من الزنادقة لم يستطيعوا أن يكيدوا للإسلام جهارا ؛ فعمدوا إلى هذا الطريق الخبيث فوضعوا جملة من الأحاديث بقصد تشويه الإسلام والطعن فيه . ومن هؤلاء محمد بن سعيد الشامى المصلوب فى الزندقة ( صُلب بسبب الزندقة)؛ فقد روى عن حُميد عن أنس مرفوعا : " أنا خاتم النبيين لا نبى بعدى إلا أن يشاء الله " ولقد بين جهابذة الحديث أمر هذا الحديث ولله الحمد والمنة .

(4) التزَلُف إلى الحكام :
أى تقرب بعض ضعفاء الإيمان إلى بعض الحكام بوضع أحاديث تناسب ما عليه الحكام من الانحراف ؛ مثل قصة : غيان بن إبراهيم النخعى الكوفى مع أمير المؤمنين المهدى , حين دخل عليه وهو يلعب بالحمام , فساق بسنده على التو إلى النبى –صلى الله عليه وسلم- أنه قال : " لاسبق إلا فى نصل أو خُف أو حافر أو جناح " فزاد كلمة "أو جناح " لأجل المهدى فعرف المهدى ذلك فأمر بذبح الحمام , وقال : أنا حملته على ذلك .

(5) التكسب وطلب الرزق :
كبعض القصاص الذين يتكسبون بالتحدث إلى الناس ؛ فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة حتى يستمع إليهم الناس ويُعطونهم ؛ كأبى سعيد المدائى .

(6) قصد الشهرة :
وذلك بإيراد الأحاديث الغريبة التى لاتوجد عند أحد من شيوخ الحديث ؛ فيقلبون سند الحديث ليُستغرب ؛ فيرغب فى سماعه منهم كابن أبى دِحية وحماد النّصيبى . (ا.ه ) من كتاب " تيسير مصطلح الحديث " بقلم الدكتور محمود الطحان – ( من ص 90 إلى ص 92 ) .


# وجاء فى " الباعث الحثيث " للشيخ أحمد شاكر :

ويُعرف وضع الأحاديث بأمور كثيرة يعرفها الجهابذة من أئمة هذا العلم :

(1) منها :
إقرار واضعه بذلك :
كما روى البخارى فى التاريخ الأوسط عن عمر بن صبح بن عمران التميمى أنه قال :
أنا وضعت خطبة النبى –صلى الله عليه وسلم –
وكما أقر ميسرة بن عبد ربه الفارسى أنه وضع أحاديث فى فضائل القرآن ,
وأنه وضع فى فضل علىّ سبعين حديثا ,
وكما أقر أبو عصمة نوح بن أبى مريم الملقب " بنوح الجامع " أنه وضع على ابن عباس أحاديث فى فضائل القرآن سورة سورة .

(2) ومنها :
ماينزل منزلة إقراره ؛
كأن يُحدث عن شيخ بحديث لايُعرف إلا عنده ثم يسأل عن مولده فيذكر تاريخا معينا ثم يتبين من مقارنة تاريخ ولادة الراوى بتاريخ وفاة الشيخ المروى عنه أن الراوى وٌلد بعد وفاة شيخه أو أن الشيخ توفى والراوى طفل لا يُدرك الرواية أو غير ذلك .
كما ادعى مأمون بن أحمد الهروى أنه سمع من هشام بن عمار
فسأله الحافظ ابن حبان : متى دخلت الشام ؟
قال سنة خمسين ومائتين ,
فقال له : فإن هشاما الذى تروى عنه مات سنة (245 )
فقال : هذا هشام بن عمار آخر !!! .

(3) وقد يُعرف الوضع أيضا بقرائن فى الراوى أو المروى أو فيهما معا .

* فمن أمثلة ذلك :
ما أسنده الحاكم عن سيف بن عمر التميمى قال :
" كنتُ عند سعد بن طريف , فجاء ابنه من الكُتاب يبكى فقال : مالك ؟ قال : ضربنى المعلم . قال لأخذينهم اليوم , حدثنى عكرمة عن ابن عباس مرفوعا : " معلموا صبيانكم شراركم أقلهم رحمة لليتيم , وأغلظهم على المسكين !! " .

* وكما فعل محمد بن عُكاشة الكرمانى الكذاب ؛ قال الحاكم :
" بلغنى أنه كان ممن يضع الحديث حسبة ؛
فقيل له :إن أقواما يرفعون أيديهم فى الركوع وعند الرفع منه فقال :
حدثنا المسيب بن واضح حدثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن زيد عن الزهرى عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال :
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : من رفع يديه فى الركوع فلا صلاة له !! .
فهذا مع كونه كذبا من أنجس الكذب ؛
فإن الرواية عن الزهرى بهذا السند بالغة مبلغ القطع بإثبات الرفع عند الركوع وعند الاعتدال .

*ومن المخالف للعقل ما رواه ابن الجوزى من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده مرفوعا :

أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين !!
فهذا من سخافات عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقد ثبت عنه من روايات أخرى نقلها فى " التهذيب " ( ج 6 ص 173 )
عن الماجى عن الربيع عن الشافعى قال : " قيل لعبد الرحمن بن زيد :
حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال :
إن سفينة نوح طافت بالبيت وصلت خلف المقام ركعتين ؟ ! قال : نعم !! " .

وقد عُرف عبد الرحمن بمثل الغرائب حتى قال الشافعى فيما نقل فى " التهذيب " :
"ذكر رجل لمالك حديثا منقطعا , فقال اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يُحدثك عن أبيه عن نوح !! " .

* وروى ابن الجوزى أيضا من طريق محمد بن شجاع الثلجى – بالثاء المثلثة والجيم- عن حَبان
–بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة- بن هلال عن حماد بن سلمة عن أبى المهزم عن أبي هريرة مرفوعا :

" أن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت فخلق نفسه منها !!!"

فقال السيوطى فى" التدريب " :

" هذا لايضعه مسلم والمتهم به محمد بن شجاع كان زائغا فى دينه , وفى أبى المهزم ,

قال شعبة : رأيته لو أُعطى درهما وضع خمسين حديثا " !! .



والأسباب التى دعت الكذابين الوضاعين إلى الافتراء ووضع الحديث كثيرة :

-
فمنهم الزنادفة
:

الذين أرادوا أن يفسدوا على الناس دينهم لما وقر فى نفوسهم من الحقد على الإسلام وأهله ؛ يظهرون بين الناس بمظهر الإسلام وهم المنافقون حقا .

قال حماد بن زيد : " وضعت الزنادقة على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أربعة عشر ألف حديث " .
كعبد الكريم بن أبى العوجاء ,
قتله محمد بن سليمان العبا سى الأمير بالبصرة على الزندقة بعد سنة 160 فى خلافة المهدى ,
ولما أُخذ ليُضرب عنقه قال :
" وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أُحرم فيها الحلال وأُحلل الحرام " .

وحكى عنه الحاكم أبو عبد الله : أنه روى عن حميد عن أنس مرفوعا :

"أنا خاتم النبيين لا نبى بعدى إلا أن يشاء الله " .
وقال : " وضع هذا الاستثناء لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة والدعوة إلى التنبى " .
-
ومنهم أصحاب الأهواء والأراء
:

التى لا دليل لها من الكتاب والسنة ,
وضعوا أحاديث نصرة لأهوائهم وآرائهم ؛ كالخطابية والرافضة وغيرهم .

قال عبد الله بن يزيد المقرىء :
" إن رجلا من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول :انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه !!
فإنا كنا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثا !!" .
وقال حماد بن سلمة :
" أخبرنى شيخ من الرافضة أنهم كانوا يجتمعون على وضع الأحاديث " .

وقال أبو عباس القرطبى صاحب كتاب " المفهم شرح صحيح مسلم " :

" استجاز بعض فقهاء أهل الرأى نسبة الحكم الذى دل عليه القياس الجلى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نسبة قولية فيقولون فى ذلك :
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم - كذا !! ؛
ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة ؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء و لأنهم لا يقيمون لها سندا " .

-
ومنهم القُصاص
:

يضعون الأحاديث فى قصصهم قصدا للتكسب والارتزاق وتقربا للعامة بغرائب الروايات .
ولهم فى هذا غرائب وعجائب وصفاقة وجة لا توصف .

كما حكى
أبو حاتم البستى
:

أنه دخل مسجدا فقام بعد الصلاة شاب فقال :
" حدثنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد عن شعبة عن قتادة عن أنس " وذكر حديثا ,

قال أبو حاتم : " فلما فرغ دعوته , قلت : رأيت أبا خليفة ؟
قال : لا قلتُ : كيف تروى عنه ولم تره ؟
فقال : إن المنا قشة معنا من قلة المروءة !!
أنا أحفظ هذا الإسناد فكلما سمعت حديثا ضممته إلى هذا الإسناد " !!.
وأغرب منه ماروى ابن الجوزى بإسناده إلى أبى جعفر بن محمد الطيالسى


قال : " صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين فى مسجد الرصا فة ؛ فقام بين أيديهم قاص
فقال : < حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا : حدثنا عبد الرزاق بن معمر عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : < مَن قال لا إله إلا الله خلق الله من كل كلمة طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان !! >...
وأخذ فى قصته نحوا من عشرين ورقة !!
فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين ,
وجعل يحيى بن معين ينظر إلى أحمد فقال له: حدثته بهذا ؟!

فيقول : والله ما سمعت هذا إلا الساعة ,
فلما فرغ من قصصه وأخذ العطيات ثم قعد ينتظر بقيتها قال له يحيى بن معين بيده :
تعالى ,فجاء متوهما لنوال , فقال له يحيى : مَن حدثك بهذا الحديث ؟ !
فقال : أحمد بن حنبل ويحيى بن معين !
فقال : أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل ما سمعنا بهذا قط فى حديث رسول الله
–صلى الله عليه وسلم- فقال :
لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق , ما تحققتُ هذا إلا الساعة !!
كأن ليس فيها إلا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما !!
وقد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين !!
فوضع أحمد كمه على وجهه وقال : دعه يقوم فقام كالمستهزىء بهما " !!.

وأكثر هؤلاء القصاص جهال
:

تشبهوا بأهل العلم واندسوا بينهم فأفسدوا كثيرا من عقول العامة .

ويُشبههم بعض علماء السوء الذين اشتروا الدنيا بالآخرة
وتقربوا إلى الملوك والأمراء والخلفاء
بالفتاوى الكاذبة ,
والأقوال المخترعة التى نسبوها إلى الشريعة البريئة ,
واجترؤا على الكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إرضاءً للأهواء الشخصية ,
ونصرا للأغراض السياسية فاستحبوا العمى على الهدى .

كما فعل
غيات بن إبراهيم النخعى الكوفى الكذاب الخبيث
,
كما وصفه
إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين:


فأنه دخل على أمير المؤمنين المهدى وكان المهدى يحب الحمام ويلعب به , فإذا قُدَّمه حمام
فقيل له : حدث أمير المؤمنين
فقال :حدثنا فلان عن فلان أن النبى –صلى الله عليه وسلم -
قال :" لاسبق إلا فى نصل أو خفٍ أو حافرٍ أو جناح "
فأمر له المهدى ببدرة فلما قام قال المهدى :
أشهد على قفاك أنه قفا كذاب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
ثم قال المهدى :
أنا حملته على ذلك ثم أمر بذبح الحمام ورفض ماكان فيه

وفعل نحوا من ذلك مع
أمير المؤمنين الرشيد

فوضع له حديثا :
أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يُطير الحمام فلما عرضه على الرشيد قال :
اخرج عنى فطرده عن بابه .

وكما فعل
مُقاتل بن سليمان البلخى

–من كبار العلماء بالتفسير-
فإنه كان يتقرب إلى الخلفاء بنحو هذا .

حكى
أبو عبد الله وزير المهدى
قال :
" ألا ترى إلى ما يقول لى هذا ؟ - يعنى مقاتلا-
قال : إذا شئت وضعت لك أحاديث فى العباس؟!!
قلتُ : لاحاجة لى فيها " .
وشر أصناف الوضَّاعين وأعظمهم ضررا ؛ قوم ينسبون أنفسهم إلى الزهد والتصوف


لم يتحرجوا من وضع الأحاديث فى الترغيب والترهيب احتسابا للأجر عند الله
ورغبة فى حض الناس على عمل الخير واجتناب المعاصى فيما زعموا ,
وهم بهذا العمل يفسدون ولا يصلحون .
وقد اغتر بهم كثير من العامة وأشباههم ؛ فصدقوهم ووثقوا بهم لما نسبوا إليه من الزهد والصلاح ,
وليسوا موضعا للصدق ولا أهلا للثقة .

وبعضهم دخلت عليه الأكاذيب جهلا بالسنة لحسن ظنهم وسلامة صدورهم
فيحملون ما سمعوه على الصدق ,
ولا يهتدون لتمييز الخطأ من الصواب وهؤلاء أخف حالا وأقل إثما من أولئك ... .

ولكن الوضَّاعون منهم أشد خطرا لخفاء حالهم على كثير من الناس

ولولا رجال صدقوا فى الإخلاص لله ونصَّبوا أنفسهم للدفاع عن دينهم وتفرغوا للذب عن سنة رسول الله
–صلى الله عليه وسلم- وأفنوا أعمارهم فى التمييز بين الحديث الثابت وبين الحديث المكذوب
وهم أئمة السنة وأعلام الهدى؛
لولا هؤلاء لاختلط الأمر على العلماء والدَّهمَاء ولسقطت الثقة بالأحاديث .

  • رسموا قواعد للنقد ووضعوا علم الجرح والتعديل ؛
  • فكان من عملهم علم مصطلح الحديث ؛
  • وهو أدق الطرق التى ظهرت فى العلم للتحقيق التاريخى ,
  • ومعرفة النقل الصحيح من الباطل .
  • فجزاهم الله عن الأمة والدين أحسن الجزاء ,
  • ورفع درجاتهم فى الدنيا والآخرة ,
  • وجعل لهم لسان صدق فى الآخرين .
وقد قيل لعبد الله بن المبارك الإمام الكبير :

هذه الأحاديث الموضوعة ؟
فقال : تعيش لها الجهابذة " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " .
من الأحاديث الموضوعة المعروفة ؛
الحديث المروى عن أُبى بن كعب مرفوعا فى فضائل القرآن سورة سورة .
وقد ذكره بعض المفسرين فى تفاسيرهم كالثعلبى والواحدى والزمخشرى والبيضاوى ,
وقد أخطأوا فى ذلك شديدا .
قال
الحافظ العراقى :

" لكن من أبرز إسناده منهم كالأولين –يعنى الثعلبى والواحدى – فهو أبسط لعذره ؛
إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده , وإن كان لايجوز له السكوت عليه .
وأما من لم يبرز سنده وأورده بصيغة الجزم فخطؤه أفحش " .
وأكثر الأحاديث الموضوعة كلام اختلقه الواضع من عند نفسه
وبعضهم جاء لكلام بعض الحكماء أو لبعض الأمثال العربية ؛
فركب لها إسنادا مكذوبا ونسبها إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنها من قوله. ( ا.ه )


# وجاء فى
" شرح المنظومة البيقونية " لأبى حاتم :

أسباب وضع الحديث كثيرة فمنها :
(1)
الأهواء والبدع :
أصحاب الأهواء والبدع يضعون الأحاديث التى توافق بدعهم وأهواءهم .
فمثلا الشيعة .... اسمع ما شئت .
" أهل بيتى كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى "..
هذا حديث موضوع وضعته الشيعة ...
" أنا مدينة العلم وعلىٌّ بابها " .
هذا كذب على الرسول –صلى الله عليه وسلم- . وقس على هذا أحاديث وضعتها الشيعة .
(2)
التعصب المذهبى :
من أسباب وضع الحديث ؛
فا لحنفية لما اشتهر مذهب الشافعى –رحمه الله- اغتاظ الحنفية فوضعوا حديثا ؛
قال النبى –صلى الله عليه وسلم- :
"يخرج من أمتى رجل يُقال له محمد بن إدريس هو أشد من إبليس " انظر كيف ؟!
محمد بن إدريس هو الإمام الشافعى – رحمه الله –
فوصل بهم التعصب المذهبى إلى وصف الإمام الشافعى بأنه أشد من إبليس .

قال بعضهم : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم - :
" يخرج من أمتى رجل يُقال له النعمان بن ثابت هو سراج أمتى ويخرج فيهم رجل اسمه محمد بن إدريس هو أشد على أمتى من إبليس " .
انظر كيف الكذب. هذا بسبب التعصب المذهبى ...
التعصب المذهبى من أسباب وضع الحديث ؛
فالمتعصبون لكل مذهب يضعون الأحاديث التى توافق مذهبهم أو تنصر إمامهم .
(3)
الأسباب السياسية :

كل فئة تُريد الوصول إلى الملك والرياسة قد تضع الأحاديث التى توافق أهواءها
أو توافق مصلحتها السياسية ؛
وهذا منه الدولة الباطنية المعروفة " بالفاطمية " ..
كم اختلقت من الأخبار حتى تصل إلى مآربها من السيطرة على الكراسى وتولى السلطات .
فالأسباب السياسية أيضا من أسباب وضع الأحاديث .
(4)
المصالح الدنيوية :
المال ... مثل القصاصين .

(5) الزنادقة أعداء الإسلام :

وهي من أسباب وضع الحد يث المهمة جدا ..
يضعون الأحاديث ليفسدوا بها المسلمين
مثل هؤلاء الزنادقة الذين يتظاهرون بالدخول فى الإسلام
ثم يضعون الأحاديث عمدا لكى يُفسدوا على المسلمين دينهم ؛
كما حصل من بعض الزنادقة لما قُدِّم لتقطع عنقه لأنه ثبت زندقته وكفره قال :
كيف تصنعون بكذا وكذا ألف حديث وضعتها فيكم على نبيكم ؟
فقال له الخليفة الذى كان فى ذلك الوقت قال :
لها ابن مهدى وفلان وفلان من الحفاظ . يعنى يغربلونها غربلة وينخلونها نخلا ..
يعنى: وإن كنت كذبت
فعندنا من الحفاظ مَن يقومون بغربلة هذه الأحاديث ويُخرجون منها ما ثبت مما لم يثبت .
يسأل سائل : حديث < مَن كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار > يدخل فيه هؤلاء ؟

طبعا بالدرجة الأولى ,
لكن طبعا الحديث أساسا فى التعمد ..وليس المتعمد كغير المتعمد ,

ولكن كما قلنا :
الدواعى فى الأحاديث الموضوعة كثيرة ومختلفة وأشدها مَن يضع ليفسد على الأمة .

فالزنادقة قد يضعون أحاديث مثل :
مثلا " لو اعتقد أحدكم فى حجر لنفعه " ..هذا دعوة إلى الوثنية ..
فكيف يمكن أن يضع هذا مسلم ؟!! .
( 6)
يضعون الأحاديث حِسبة بزعمهم : ( محتسبين الأجر عند الله )

وهذه من أشد وضع الأحاديث عجابة وغرابة !!!!!!!!!
يعنى : يضعون الأحاديث متعمدين ولكن بنية صالحة .. كيف هذا ؟
كهؤلاء المتصوفة وهؤلاء غلبت عليهم العبادة والزهد بزعمهم
ورأوا الناس انصرفوا عن وجوه الخير ؛
فيضعون الأحاديث التى تُرغب الناس فى الخير .

فلما يقال لهذا الصنف من الناس :
ماهذا إنكم كذبتم على الرسول –صلى الله عليه وسلم- ومَن كذب عليه فليتبوأ مقعده من النار ؟
تجد إجابة عجيبة جداجدا جدا ...
يقولون نحن ما كذبنا عليه , نحن كذبنا له ..
انظر كيف " نحن كذبنا له "
أى : لمصلحته ..نحن ماكذبنا عليه نحن كذبنا له ...

ومثل هؤلاء الذين يدَّعون الدعوة إلى الله وهم يقولون الأحاديث المو ضوعة يقول :
" ما أنا عارف إنه حديث موضوع ولكن وجدته يرقق قلوب الناس " .

عجب هذا يا أخى .....
يعنى أنت ترقق قلوب الناس بالكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- !!!

تعَّم إذن .. فى الصحيح غُنية عن الضعيف والموضوع .

والحديث الموضوع بإجماع أهل العلم لايجوز ذكره إلا على سبيل التحذير منه . ا.هـ .

جزاكم الله خيرًا.....
وبارك الله فيكم.......
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.