المبحـــث الرابـــع
==============
محاســـبة النفـــس
==============
==============
محاســـبة النفـــس
==============
محاسـبة النفـس أمـر عظيـمٌ جـدًا ، والمحاسـبة لا تصلـح النفـس إلا بهـا ، والمحاسـبة هـي التـي مـن قـام بهـا اليـوم أَمِـنَ غـدًا ، المحاسـبة أن تنظـر فـي نفسـك وتتأمـل فيهـا وتعـرف عيوبهـا ، المحاسـبة لا نجـاة إلا بهـا .
ومحاسـبة النفـس طريقـة المؤمنيـن وسِـمة الموحديـن وعنـوان الخاشـعين ، فالمؤمـن متـقٍ لربـه محاسـب لنفسـه مسـتغفرٌ لذنبـه ، يعلـم أن النفـس خطرهـا عظيـم ، ومكرهـا كبيـر ، فهـي أمـارة بالسـوء ميالـة إلـى الهـوى ، .......
فمـن تـرك سـلطان النفـس حتـى طغـى فإنـه لـه يـوم القيامـة مـأوى مـن الجحيـم . قـال تعالـى :
{ فَأَمَّـا مَـن طَغَـى * وَآثَـرَ الْحَيَـاةَ الدُّنْيَـا * فَـإِنَّ الْجَحِيـمَ هِيَ الْمَـأْوَى * وَأَمَّـا مَنْ خَافَ مَقَـامَ رَبِّـهِ وَنَهَـى النَّفْـسَ عَـنِ الْهَـوَى * فَـإِنَّ الْجَنَّـةَ هِـيَ الْمَأْوَى } .
سورة النازعات / آية : 37 ـ 41 .
وقـال تعالـى :
{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـوا اتَّقُـوا اللهَ وَلْتَنظُـرْ نَفْـسٌ مَّـا قَدَّمَـتْ لِغَـدٍ ... } .
سورة الحشر / آية : 18 .
قـال الشـيخ عبـد الرحمـن السـعدي فـي تفسـير هـذه الآيـة :
" وهـذه الآيـة الكريمـة أصـل فـي محاسـبة العبـد لنفسـه وأنـه ينبغـي لـه أن يتفقدهـا فـإن رأى زلـلاً تداركـه بالإقـلاع عنـه والتوبـة (1) النصـوح والإعـراض عـن الأسـباب الموصلـة إليـه ، وإن رأى نفسـه مقصـرًا فـي أمـرٍ مـن أوامـر الله بـذل جهـده واسـتعان بربـه فـي تتميمـه وتكميلـه وإتقانـه ، ويقايـس بيـن مِنـن الله عليـه وإحسـانه وبيـن تقصيـره هـو فـي حـق الله ، فـإن ذلـك يوجـب الحيـاء لا محالـة ، والحرمـان كـل الحرمـان أن يغفـل العبـد عـن هـذا الأمـر ..... " .
سلسلة أعمال القلوب / محمد بن صالح المنجد / ص : 263 / بتصرف .
محاسـبة النفـس أمـر عظيـمٌ جـدًا ، والمحاسـبة لا تصلـح النفـس إلا بهـا ، والمحاسـبة هـي التـي مـن قـام بهـا اليـوم أَمِـنَ غـدًا ، المحاسـبة أن تنظـر فـي نفسـك وتتأمـل فيهـا وتعـرف عيوبهـا ، المحاسـبة لا نجـاة إلا بهـا .
ومحاسـبة النفـس طريقـة المؤمنيـن وسِـمة الموحديـن وعنـوان الخاشـعين ، فالمؤمـن متـقٍ لربـه محاسـب لنفسـه مسـتغفرٌ لذنبـه ، يعلـم أن النفـس خطرهـا عظيـم ، ومكرهـا كبيـر ، فهـي أمـارة بالسـوء ميالـة إلـى الهـوى ، .......
فمـن تـرك سـلطان النفـس حتـى طغـى فإنـه لـه يـوم القيامـة مـأوى مـن الجحيـم . قـال تعالـى :
{ فَأَمَّـا مَـن طَغَـى * وَآثَـرَ الْحَيَـاةَ الدُّنْيَـا * فَـإِنَّ الْجَحِيـمَ هِيَ الْمَـأْوَى * وَأَمَّـا مَنْ خَافَ مَقَـامَ رَبِّـهِ وَنَهَـى النَّفْـسَ عَـنِ الْهَـوَى * فَـإِنَّ الْجَنَّـةَ هِـيَ الْمَأْوَى } .
سورة النازعات / آية : 37 ـ 41 .
وقـال تعالـى :
{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـوا اتَّقُـوا اللهَ وَلْتَنظُـرْ نَفْـسٌ مَّـا قَدَّمَـتْ لِغَـدٍ ... } .
سورة الحشر / آية : 18 .
قـال الشـيخ عبـد الرحمـن السـعدي فـي تفسـير هـذه الآيـة :
" وهـذه الآيـة الكريمـة أصـل فـي محاسـبة العبـد لنفسـه وأنـه ينبغـي لـه أن يتفقدهـا فـإن رأى زلـلاً تداركـه بالإقـلاع عنـه والتوبـة (1) النصـوح والإعـراض عـن الأسـباب الموصلـة إليـه ، وإن رأى نفسـه مقصـرًا فـي أمـرٍ مـن أوامـر الله بـذل جهـده واسـتعان بربـه فـي تتميمـه وتكميلـه وإتقانـه ، ويقايـس بيـن مِنـن الله عليـه وإحسـانه وبيـن تقصيـره هـو فـي حـق الله ، فـإن ذلـك يوجـب الحيـاء لا محالـة ، والحرمـان كـل الحرمـان أن يغفـل العبـد عـن هـذا الأمـر ..... " .
سلسلة أعمال القلوب / محمد بن صالح المنجد / ص : 263 / بتصرف .
أقســـام النفـــس
=============
=============
قـد وصـف الله النفـس فـي القـرآن الكريـم بثلاثـة أوصـاف :
المطمئنـــة ، واللوامـــة ، والأمـــارة بالســـوء .
أ ـ النفــس المطمئنــة :
----------------
فالنفـس إذا سـكنت إلـى الله واطمأنـت بذكـره وأنابـت إليـه واشـتاقت إلـى لقائـه وأنسـت بقربـه فهـي نفـس مطمئنـة ، وهـي التـي يقـال لهـا عنـد الوفـاة :
{ يَـا أَيَّتُهَـا النَّفْـسُ الْمُطْمَئِنَّـةُ * ارْجِعِـي إِلَـى رَبِّـكِ رَاضِيَـةً مَّرْضِيَّـةً * فَادْخُلِـي فِـي عِبَـادِي * وَادْخُلِـي جَنَّتِـي } . سورة الفجر / آية : 27 ـ 30 .
وحقيقـة الطمأنينـة : " السـكون والاسـتقرار" ، فسـكنت إلـى ربهـا نتيجـة لطاعتـه وذكــره واتبـاع أمـره ، ولـم تسـكن إلـى سـواه .
ب ـ النفــس الأمــارة بالســوء :
----------------------
وهـي علـى الضـد مـن النفـس المطمئنـة ، فهـي تأمـر صاحبهـا باتبـاع الشـهوات مـن الغـي والباطـل فهـي مـأوى كـل سـوء ، تقـوده إلـى القبيـح والمكـروه .
والنفـس أصـلاً خُلقـت ظالمـة جاهلـة إلا مـن رحمـة الله ، قـال تعالـى :
{ إِنَّا عَرَضْنَـا الأَمَانَـةَ عَلَـى السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَـالِ فَأَبَيْـنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَـا الإِنسَـانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومـاً جَهُـولاً } . سورة الأحزاب / آية : 72 .
ولكـن أوجـد عندهـم الاسـتعداد الفطـري لقبـول الحـق إذا عُـرِض عليهـم بغيـر مؤثـرات خارجيـة مفسـدة { ... فِطْـرَةَ اللهِ الَّتِـي فَطَـرَ النَّـاسَ عَلَيْهَـا ... } . سورة الروم / آية : 30 .
لكـن بـدون تعلـم ؛ النفـس تبقـى جاهلـة فيهـا هـوى ، ولـو تركـت بـدون تربيـة وترويـض تدعـو إلـى الطغيـان وتميـل إلـى الشـر .
فالإنسـان ظلـوم جهـول ، إلا مـن رفـع الجهـل بالعلـم ، ورفـع الظلـم بالعـدل ، وألـزم نفسـه العلـم والعـدل فقـام عليهـا بهمـا فعنـد ذلـك تُلْهـم رشـدها وتتوقـى الظلـم والجهـل ، ولـولا فضـل الله ورحمتـه علـى المؤمنيـن مـا زكـى منهـم نفـس واحـدة .
قـال تعالـى :
{ يَـا أَيُّهَـا الَّذِيـنَ آمَنُـوا لاَ تَتَّبِعُـوا خُطُـوَاتِ الشَّـيْطَانِ وَمَـن يَتَّبِـعْ خُطُـوَاتِ الشَّـيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُـرُ بِالْفَحْشَـاء وَالْمُنكَـرِ وَلَـوْلاَ فَضْـلُ اللهِ عَلَيْكُـمْ وَرَحْمَتُـهُ مَـا زَكَـا مِنكُـم مِّـنْ أَحَـدٍ أَبَـداً وَلَكِـنَّ اللهَ يُزَكِّي مَـن يَشَـاءُ وَاللهُ سَـمِيعٌ عَلِيـمٌ } .
سورة النور / آية : 21 .
فـإذا أراد الله بهـا خيـرًا جعــل لهـا اتجاهـًا إلـى العلــم ومجاهـدة فـي العـدل . وسـبب الظلـم فـي النفـس الأمـارة بالسـوء إما الجهـل وإما الحاجـة ، ولـذا كـان أمرهـا بالسـوء لصاحبهـا لازمـًا لهـا إلا إذا أدركتـه رحمـة الله ، وبذلـك يعلـم العبـد أنه مضطـرٌ إلـى الله دائمـًا محتـاج إلـى ربـه قـال تعالـى :
{ ... إِنَّ النَّفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالسُّـوءِ إِلاَّ مَـا رَحِـمَ رَبِّـيَ ... } .
سورة يوسف / آية : 53 .
فـإذًا الإنسـان محتـاج إلـى الـرب حتـى يُكْفـى شـر نفسـه ، لـذا كـان الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يكـرر فـي خطبـة الحاجـة :
" ونعـوذ بالله مـن شـرور أنفسـنا ومـن سـيئات أعمالنـا ..... " .
سلسلة أعمال القلوب / ... المنجد / ص : 265 / بتصرف .
• النفــس اللوامــة :
--------------
قـال تعالـى :
{ وَلاَ أُقْسِـمُ بِالنَّفْـسِ اللَّوَّامَـةِ } . سورة القيامة / آية : 2 .
قـال بعضهـم : مـن التلُّـوم وهـو التلـون والتـردد ـ بيـن الخيـر والشـر ـ ، وقـال بعضهـم مـن اللـوم ؛ وهـذا أرجـح . تلـوم صاحبهـا علـى الخيـر والشـر ، حتـى يـوم القيامـة يمكـن أن تلومـه نفسـه ، إن كـان محسـنًا لمـاذا لـم يـزدد إحسـانًا ، وإن كـان مسـيئًا ، لمـاذا عمـل السـوء .
..... والنفـس قـد تكـون تـارة أمـارة بالسـوء ، وتـارة لوامـة ، وتـارة مطمئنـة . والحكـم للغالـب عليهـا مـن أحوالهـا .
سلسلة أعمال القلوب / محمد بن صالح المنجد / ص : 266 .
صــور مــن محاســبة الصالحيــن لأنفســهم
==============================
==============================
علـى كـل مسـلم أن يقـف مـع نفسـه وقفـة يحاسـبها فـي الدنيـا علـى كـل فعلـة فعلهـا وعلـى كـل كلمـة قالهـا ، فـإن مـن حاسـب نفسـه فـي الدنيـا خـفَّ عليـه الحسـاب فـي الآخـرة .
ولقـد كـان سـلفنا الصالـح يحاسـبون أنفسـهم حتـى عنـد سـكرات المـوت !!! .....
* عـن ابـن شُمـاسـةَ المَهْـرِيِّ ، قـال :
حَضَرْنَـا عمـرو بـنَ العـاصِ وهـو فـي سـياقةِ المـوتِ ، فبكـى طويـلاً وحـوَّلَ وَجْهَـهُ إلـى الجـدار . فجعـل ابنُـهُ يقـول : يـا أبتـاهُ أمـا بشـركَ رسـولُ اللهِ بكـذا ؟ أمـا بشـرك رسـول الله بكـذا ؟ . قـال : فأقبـل بوجهـه فقـال : إن أفضـلَ مـا نُعِـدُّ شـهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمـدًا رسـولُ اللهِ ، إنـي قـد كنـتُ علـى أطبـاقٍ ثـلاثٍ ، لقـد رأيتُنِـي ومـا أحـدٌ أشـدَّ
بُغضـًا لرسـول الله مِنِّـي ، ولا أحــبَّ إلـيَّ أن أكـونَ قـد اسـتمكَنْـتُ مِنـهُ فقتلتُــهُ ، فلـو مُـتُّ علـى تلـك الحـال لكنـتُ مـن أهـل النـار . فلمـا جعـل اللهُ الإسـلامَ فـي قلبـي أتيـتُ النبـيَّ فقلـتُ : ابْسُـطْ يمينَـكَ فَـلأُ بايِعْـكَ ، فبسـط يمينـه . قـال : فقبضـتُ يـدي .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مـا لَـكَ يـا عمـرو ؟ " .
قـال : قلـت : أردتُ أنْ أشـترطَ .
قـال : " تشـترط بمـاذا ؟ " . قلـتُ : أن يُغْفَـرَ لـي .
قـال : " أمـا علمـت أن الإسـلام يهـدمُ مـا كـان قَبْلَـهُ ؟ وأن الهجـرةَ تهـدمُ مـا كـان قبلهـا ؟ وأن الحـجَّ يهـدمُ مـا كـان قبلـه ؟ " .
ومـا كـان أحـدٌ أحـبَّ إلـيَّ مِـنْ رسـول الله ولا أجَـلَّ فـي عينـي مِنْـهُ ، ومـا كنـتُ أُطِيـقُ أنْ أمـلأ عينـي منـه إجـلالاً لـه ، ولـو سُـئِلْتُ أن أصِفَـهُ مـا أطَقْـتُ ، لأنـي لـم أكـنْ أمـلأُ عَيْنَـىَّ منـه ، ولـو مُـتُّ علـى تلـك الحـال لرجـوتُ أن أكـون مـن أهـلِ الجنـة .
ثـم ولينـا أشـياءَ مـا أدرِي مـا حالـي فيهـا ، فـإذا أنـا مُـتُّ ، فـلا تَصْحَبْنِـي نائحـةٌ ولا نـارٌ ، فـإذا دفنتمونـي فَشُـنُّوا علـيَّ التـرابَ شَـنّاً 0 ثـم أقِيمـوا حـول قبـري قَـدْرَ مـا تُنْحَـرُ جـزور ، ويُقْسَـمُ لحْمُهَـا ، حتـى أسـتأنِسَ بكـم ، وأنظُـرَ مـاذا أُراجِـعُ بـه رُسُـلَ ربِّـي .
صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 54 ) ـ باب : كون الإسلام يهدم ماقبله ..... / حديث رقم : 192 ـ ( 121 ) / ص : 39 .
* عـن أبـي عثمـان النهـدي ، عـن حنظلـةَ الأسـدي قـال : ( كـان مـن أصحـاب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ) قـال : لقينــي أبـو بكـر فقــال : كيـف أنـت ؟ يـا حنظلــة ! قـال :
قلـتُ نافـق حنظلـة . قـال : سـبحان الله ! ما تقـول ؟ قـال : قلـتُ : نكـونُ عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يذكرنـا بالنـار والجنـة حتـى كأنـَّـا رأيَ عيـنٍ . فـإذا خرجنـا مـن عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، عَافسـنا الأزواج والأولاد والضيعـات ، فنسـينا كثيـرًا . قـال أبـو بكـر : فواللهِ إنَّـا لنلقـى مثـل هـذا . فانطلقــتُ أنـا وأبـو بكــر ، حتـى دخلنـا علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . قلـتُ : نافـق حنظلـة ، يـا رســول الله ! فقـال رسـولُ الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" مـا ذاك ؟ " . قلـت : يـا رسـول الله ! نكـون عنـدَك ، تذكرنـا بالنـار والجنـة ، حتـى كأنـا رأيُ عيـنٍ ، فـإذا خرجنـا مـن عنـدِك ، عَافسـنا الأزواجَ والأولاد والضيعـاتِ ، نسـينا كثيـرًا . فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" والـذي نفسـي بيـده ! إنْ لـو تدومـون علـى مـا تكونـون عنـدي ، وفـي الذكـر ، لصافحتكـم الملائكـة علـى فُرُشِـكُم ، وفـي طُرُقِكُـم ، ولكـن ، يـا حنظلـة ! سـاعة وسـاعة " ثـلاث مـرات .
صحيح مسلم . متون / ( 49 ) ـ كتاب : التوبة / ( 3 ) ـ باب : فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة ، والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا / حديث رقم : 12 ـ 2750 / ص : 695 .
علـى كـل مسـلم أن يقـف مـع نفسـه وقفـة يحاسـبها فـي الدنيـا علـى كـل فعلـة فعلهـا وعلـى كـل كلمـة قالهـا ، فـإن مـن حاسـب نفسـه فـي الدنيـا خـفَّ عليـه الحسـاب فـي الآخـرة .
ولقـد كـان سـلفنا الصالـح يحاسـبون أنفسـهم حتـى عنـد سـكرات المـوت !!! .....
* عـن ابـن شُمـاسـةَ المَهْـرِيِّ ، قـال :
حَضَرْنَـا عمـرو بـنَ العـاصِ وهـو فـي سـياقةِ المـوتِ ، فبكـى طويـلاً وحـوَّلَ وَجْهَـهُ إلـى الجـدار . فجعـل ابنُـهُ يقـول : يـا أبتـاهُ أمـا بشـركَ رسـولُ اللهِ بكـذا ؟ أمـا بشـرك رسـول الله بكـذا ؟ . قـال : فأقبـل بوجهـه فقـال : إن أفضـلَ مـا نُعِـدُّ شـهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمـدًا رسـولُ اللهِ ، إنـي قـد كنـتُ علـى أطبـاقٍ ثـلاثٍ ، لقـد رأيتُنِـي ومـا أحـدٌ أشـدَّ
بُغضـًا لرسـول الله مِنِّـي ، ولا أحــبَّ إلـيَّ أن أكـونَ قـد اسـتمكَنْـتُ مِنـهُ فقتلتُــهُ ، فلـو مُـتُّ علـى تلـك الحـال لكنـتُ مـن أهـل النـار . فلمـا جعـل اللهُ الإسـلامَ فـي قلبـي أتيـتُ النبـيَّ فقلـتُ : ابْسُـطْ يمينَـكَ فَـلأُ بايِعْـكَ ، فبسـط يمينـه . قـال : فقبضـتُ يـدي .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مـا لَـكَ يـا عمـرو ؟ " .
قـال : قلـت : أردتُ أنْ أشـترطَ .
قـال : " تشـترط بمـاذا ؟ " . قلـتُ : أن يُغْفَـرَ لـي .
قـال : " أمـا علمـت أن الإسـلام يهـدمُ مـا كـان قَبْلَـهُ ؟ وأن الهجـرةَ تهـدمُ مـا كـان قبلهـا ؟ وأن الحـجَّ يهـدمُ مـا كـان قبلـه ؟ " .
ومـا كـان أحـدٌ أحـبَّ إلـيَّ مِـنْ رسـول الله ولا أجَـلَّ فـي عينـي مِنْـهُ ، ومـا كنـتُ أُطِيـقُ أنْ أمـلأ عينـي منـه إجـلالاً لـه ، ولـو سُـئِلْتُ أن أصِفَـهُ مـا أطَقْـتُ ، لأنـي لـم أكـنْ أمـلأُ عَيْنَـىَّ منـه ، ولـو مُـتُّ علـى تلـك الحـال لرجـوتُ أن أكـون مـن أهـلِ الجنـة .
ثـم ولينـا أشـياءَ مـا أدرِي مـا حالـي فيهـا ، فـإذا أنـا مُـتُّ ، فـلا تَصْحَبْنِـي نائحـةٌ ولا نـارٌ ، فـإذا دفنتمونـي فَشُـنُّوا علـيَّ التـرابَ شَـنّاً 0 ثـم أقِيمـوا حـول قبـري قَـدْرَ مـا تُنْحَـرُ جـزور ، ويُقْسَـمُ لحْمُهَـا ، حتـى أسـتأنِسَ بكـم ، وأنظُـرَ مـاذا أُراجِـعُ بـه رُسُـلَ ربِّـي .
صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 54 ) ـ باب : كون الإسلام يهدم ماقبله ..... / حديث رقم : 192 ـ ( 121 ) / ص : 39 .
* عـن أبـي عثمـان النهـدي ، عـن حنظلـةَ الأسـدي قـال : ( كـان مـن أصحـاب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ) قـال : لقينــي أبـو بكـر فقــال : كيـف أنـت ؟ يـا حنظلــة ! قـال :
قلـتُ نافـق حنظلـة . قـال : سـبحان الله ! ما تقـول ؟ قـال : قلـتُ : نكـونُ عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يذكرنـا بالنـار والجنـة حتـى كأنـَّـا رأيَ عيـنٍ . فـإذا خرجنـا مـن عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، عَافسـنا الأزواج والأولاد والضيعـات ، فنسـينا كثيـرًا . قـال أبـو بكـر : فواللهِ إنَّـا لنلقـى مثـل هـذا . فانطلقــتُ أنـا وأبـو بكــر ، حتـى دخلنـا علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . قلـتُ : نافـق حنظلـة ، يـا رســول الله ! فقـال رسـولُ الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" مـا ذاك ؟ " . قلـت : يـا رسـول الله ! نكـون عنـدَك ، تذكرنـا بالنـار والجنـة ، حتـى كأنـا رأيُ عيـنٍ ، فـإذا خرجنـا مـن عنـدِك ، عَافسـنا الأزواجَ والأولاد والضيعـاتِ ، نسـينا كثيـرًا . فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" والـذي نفسـي بيـده ! إنْ لـو تدومـون علـى مـا تكونـون عنـدي ، وفـي الذكـر ، لصافحتكـم الملائكـة علـى فُرُشِـكُم ، وفـي طُرُقِكُـم ، ولكـن ، يـا حنظلـة ! سـاعة وسـاعة " ثـلاث مـرات .
صحيح مسلم . متون / ( 49 ) ـ كتاب : التوبة / ( 3 ) ـ باب : فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة ، والمراقبة وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا / حديث رقم : 12 ـ 2750 / ص : 695 .
المبحـــث الخامـــس
==============
وقفــات مــع الســـلف الصالــح
======================
==============
وقفــات مــع الســـلف الصالــح
======================
ـ كانـوا رضـوان الله عليهـم يسـارعون بالخيـرات ، ويمتثلـون للحـق دون تـردد ، وينتهـون عـن الباطـل دون تـردد ولا تسـويف ذلـك لأن قلوبهـم أيقنـت وأذعنـت لقـول الله ـ جـل وعـلا ـ :
{ مَّـن كَـانَ يُرِيـدُ الْعَاجِلَـةَ عَجَّلْنَـا لَـهُ فِيهَـا مَـا نَشَـاء لِمَـن نُّرِيـدُ ثُـمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّـمَ يَصْلاهَـا مَذْمُومـاً مَّدْحُـوراً * وَمَـنْ أَرَادَ الآخِـرَةَ وَسَـعَى لَهَـا سَـعْيَهَا وَهُـوَ مُؤْمِـنٌ فَأُولَئِـكَ كَانَ سَـعْيُهُم مَّشْـكُوراً } . { سورة الإسراء / آية : 18 ، 19 }
ـ وأيقنـت وأذعنـت لقـول رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
* عـن أنـس قـال : قـال رسـول الله :
" مـن كانـت الآخـرة همـه جعـل الله غنـاه فـي قلبـه ، وجمـع لـه شـمله وأتتـه الدنيـا وهـي راغمـة ، ومـن كانـت الدنيـا همـه جعـل الله فقـره بيـن عينيـه ، وفـرَّقَ شـمله ، ولـم يأتـه مـن الدنيـا إلا مـا قُـدِّرَ لـه " .
سنن الترمذي [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / حديث رقم : 2465 / ص : 556 / صحيح .
ـ وكانـو يشـعرون مـع كـل هـذا بـأن أعمالهـم ضئيلـة لا تصلـح أن يقفـوا بهـا بيـن يـدي الله ـ جـل وعـلا ـ وذلـك لأنهـم يعلمـون أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" لـو أن رجـلاً يُجـر علـى وجهـه مـن يـوم وُلـد إلـى يـوم يمـوت هَرَمـًا فـي مرضـاة الله تعالـى لحقَـره يـوم القيامـة " .
{ رواه أحمد عن عتبة بن عبد . حسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في : صحيح الجامع ..... /
الهجائي / ج : 2 / حديث رقم : 5249 / ص : 931 }.
ـ وكـل ذلـك جعـل قلوبهـم رقيقـة ودموعهـم غزيـرة مـن خشـية الله تعالـى :
* عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قـال : خطـب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خطبـة مـا سـمعتُ مثلهـا قـط قـال :
" لـو تعلمـون مـا أعلـم لضحكتـم قليـلاً ولبكيتـم كثيـرًا " . فغطـى أصحـاب رسـول الله وجوهَهُـم لهـم خنيـن .
{صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 12 ) ـ باب : قوله " لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبد لكم تسؤكم " سورة المائدة / آية : 101 / حديث رقم : 4621 / ص : 544 }.
* عـن هانـئ مولـى عثمـانَ قـال : كـان عثمـان بـن عفــانَ ـ رضي الله عنه ـ إذا وقــف علـى قبــر يبكـي حتـى يبُـل لحيتـه ، فقيـل لـه : تذكـر الجنـة والنـار ! فـلا تبكـي ، وتبكـي مـن هـذا ؟ ! .
فقـال : إن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" إن القبـر أول منـازِلِ الآخــرةِ ، فـإن نجـا منـه فمـا بعـدَه أيســرَ منـه ، وإن لـم ينـجُ منـه فمـا بعـدَه أشـدُّ منـه " .
قـال : وقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى وآله وسلم ـ :
" مـا رأيـتُ منظـرًا قـطُّ إلا والقبـرُ أفظـعُ منـه " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ( 37 ) ـ كتاب : الزهد /
( 32 ) ـ باب : ذكر القبر والبلى / حديث رقم : 4267 / ص : 707 / حسن .
يـروي سـالم بـن عبـد الله ـ رحمه الله ـ أن عمـر بـن الخطــاب كـان يُدخــل يـده فـي دَبَــر ـ ( أي قرحـة البعيـر ) ---> ( والمفـرد الدبـرة ) ـ البعيـر ويقـول : إنـي لخائـفٌ أن أسـأل عمـا بـك .
خبر صحيح ، أخرجه ابن سعد وابن عساكرعن طريقه .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب / ص : 142 .
§وكـان ـ ( أي عمـر بـن الخطـاب ) ـ يبكـي مـن خشـية الله تعالـى ، وربمـا مـرَّ بالآيـة مـن ورده بالليـل فتخنقـه ، فيبقـى فـي البيـت أيامـًا ، يُعـاد يحسـبونه مريضـًا !! .
خبر حسن لغيره . أخرجه أحمد في الزهد ، وابن عساكر ..... .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب / ص : 142 .
§يقـص علينـا أبـو رافـع ـ رضي الله عنه ـ فيقـول :
كـان أبـو لؤلـؤة عبـدًا للمغيـرة بن شـعبة ـ ( وكـان مجوسـيًّا ) ـ ، وكـان يصنـع الأرحـاء ـ ( جمـع رَحَـا ، وهـي التـي يطحـن بها ) ـ ، وكان المغيـرة يسـتغله كل يـوم أربعـة دراهـم ، قـال : فلقـي أبـو لؤلـؤة عمـر ، فقـال : يا أميـر المؤمنيـن ، إن المغيـرة قد أثقـل عليَّ غلتـي ، فكلمـه أن يخفـف عنـي .
فقـال لـه عمـر : اتـق الله ، وأحسـن إلـى مـولاك ، ومـن نيـة عمـر أن يلقـى المغيـرة فيكلمـه يخفـف عنـه ، فغضـب العبـد . وقـال : وسـع النـاس كلهـم عدلـه غيـري ؟ ! .
فأضمـر علـى قتلـه (1) ، فاصطنـع خنجـرًا لـه رأسـان ، وشـحذه ، وسـمَّه ، ثـم أتـى بـه الْهُرْمُـزان ،
فقـال : كيـف تـرى هـذا ؟ . قـال : أرى أنـك لا تضـرب بـه أحـدًا إلا قتلتــه ، قــال : فتحيَّـن أبـولؤلـؤة عمـر ، فجـاءه فـي صـلاة الغـداة (2) حتـى قـام وراء عمـر ، وكـان عمـر إذا أقيمـت الصـلاة يتكلـم يقـول :
أقيمـوا صفوفكـم ، فقـال كمـا يقـول ، فلمـا كبَّـر ، وجـأه ـ أي ضربـه ـ أبـو لؤلـؤة وجـأةً فـي كتفـه ، ووجـأهُ فـي خاصرتـه ، فسـقط عمـر ، وطعـن بخنجـره ثلاثـة عشـر رجـلاً منهـم ، فهلـك منهـم سـبعة ، وأفـرق ـ أي : بـرأ ـ منهـم سـتة ، وحُمـل " عمـر " فذُهِـبَ بـه إلـى منزلـه ، وهـاج النـاس حتـى كـادت تطلـع الشـمس ، فنـادى عبـد الرحمـن بـن عـوف ، فصلـى بهـم بأقصـر سـورتين فـي القـرآن .
فلمـا قضـى صلاتَـه توجهـوا إلـى " عمـر " ، فدعـا بشـراب لينظـر مـا قـدْر جُرحـه ، فأتـي بنبيـذ فشـربه ، فخـرج مـن جرحـه ، فلـم يـدر أنبيـذ هـو أو دم جرحـه ، فدعـا بلبـن فشـربه ، فخـرج مـن جرحـه ، فقالـوا : لا بـأس عليـك يـا أميـر المؤمنيـن .
فقـال ـ ( أي عمـر ) ـ إن يكـن القتـل بأسًـا فقـد قُتلـت ، فجعلـوا يثنـون عليـه يقولـون :
جـزاك الله خيـرًا يـا أميـر المؤمنيـن ، كنـتَ وكنـتَ ، ثـم ينصرفـون ، ويجـيء قـوم آخـرون فيثنـون عليـه ، فقـال عمـر : أمـا والله علـى مـا يقولـون ، وددتُ أنـي خرجـتُ منهـا كفافًـا ، لا علـيَّ ولا لـي ، وأن صحبـة رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـد سـلمت لـي .
فتكلـم " عبـد الله بـن عبـاس " ، وكـان عنـد رأسـه ، وكـان خليطَـه كأنـه مـن أهلـه ، وكـان ابـن عبـاس يقـرأ القـرآن ، وتكلـم ابـن عبـاس فقـال :
والله لا تخـرج منهـا كفافًـا ، لقـد صحبـت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فصحبتـه بخيـر مـا صحبـه صاحـب ، كنـتَ لـه وكنـتَ لـه ، حتـى قُبـض رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـو عنـك راضٍ ، ثـم صحبـتَ خليفـة رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وكنـت تنفـذ أوامـره ، وكنـتَ لـه ، وكنـتَ لـه ، ثـم وليتهـا يـا أميـر المؤمنيـن أنـت ، فوليتهـا بخيـر مـا وليهـا والٍ ، كنـت تفعـل وكنـت تفعـل ، فكـان عمـر يسـتريح إلـى حديـث ابـن عبـاس .
فقـال " عمـر " : يـا ابـن عبـاس ، كـرر علـيَّ حديثـك ، فكـرر عليـه .
فقـال " عمـر " أمـا والله علـى مـا تقولـون ، لـو أن لـي طِـلاع ـ ( أي : ملؤهـا ) ـ الأرض (3) ذهبًـا لافتديـتُ بـه اليـوم مـن هـول المطلـع .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ... / ص : 369 : 371 .
فقـال : إن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" إن القبـر أول منـازِلِ الآخــرةِ ، فـإن نجـا منـه فمـا بعـدَه أيســرَ منـه ، وإن لـم ينـجُ منـه فمـا بعـدَه أشـدُّ منـه " .
قـال : وقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى وآله وسلم ـ :
" مـا رأيـتُ منظـرًا قـطُّ إلا والقبـرُ أفظـعُ منـه " .
سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ( 37 ) ـ كتاب : الزهد /
( 32 ) ـ باب : ذكر القبر والبلى / حديث رقم : 4267 / ص : 707 / حسن .
يـروي سـالم بـن عبـد الله ـ رحمه الله ـ أن عمـر بـن الخطــاب كـان يُدخــل يـده فـي دَبَــر ـ ( أي قرحـة البعيـر ) ---> ( والمفـرد الدبـرة ) ـ البعيـر ويقـول : إنـي لخائـفٌ أن أسـأل عمـا بـك .
خبر صحيح ، أخرجه ابن سعد وابن عساكرعن طريقه .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب / ص : 142 .
§وكـان ـ ( أي عمـر بـن الخطـاب ) ـ يبكـي مـن خشـية الله تعالـى ، وربمـا مـرَّ بالآيـة مـن ورده بالليـل فتخنقـه ، فيبقـى فـي البيـت أيامـًا ، يُعـاد يحسـبونه مريضـًا !! .
خبر حسن لغيره . أخرجه أحمد في الزهد ، وابن عساكر ..... .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب / ص : 142 .
§يقـص علينـا أبـو رافـع ـ رضي الله عنه ـ فيقـول :
كـان أبـو لؤلـؤة عبـدًا للمغيـرة بن شـعبة ـ ( وكـان مجوسـيًّا ) ـ ، وكـان يصنـع الأرحـاء ـ ( جمـع رَحَـا ، وهـي التـي يطحـن بها ) ـ ، وكان المغيـرة يسـتغله كل يـوم أربعـة دراهـم ، قـال : فلقـي أبـو لؤلـؤة عمـر ، فقـال : يا أميـر المؤمنيـن ، إن المغيـرة قد أثقـل عليَّ غلتـي ، فكلمـه أن يخفـف عنـي .
فقـال لـه عمـر : اتـق الله ، وأحسـن إلـى مـولاك ، ومـن نيـة عمـر أن يلقـى المغيـرة فيكلمـه يخفـف عنـه ، فغضـب العبـد . وقـال : وسـع النـاس كلهـم عدلـه غيـري ؟ ! .
فأضمـر علـى قتلـه (1) ، فاصطنـع خنجـرًا لـه رأسـان ، وشـحذه ، وسـمَّه ، ثـم أتـى بـه الْهُرْمُـزان ،
فقـال : كيـف تـرى هـذا ؟ . قـال : أرى أنـك لا تضـرب بـه أحـدًا إلا قتلتــه ، قــال : فتحيَّـن أبـولؤلـؤة عمـر ، فجـاءه فـي صـلاة الغـداة (2) حتـى قـام وراء عمـر ، وكـان عمـر إذا أقيمـت الصـلاة يتكلـم يقـول :
أقيمـوا صفوفكـم ، فقـال كمـا يقـول ، فلمـا كبَّـر ، وجـأه ـ أي ضربـه ـ أبـو لؤلـؤة وجـأةً فـي كتفـه ، ووجـأهُ فـي خاصرتـه ، فسـقط عمـر ، وطعـن بخنجـره ثلاثـة عشـر رجـلاً منهـم ، فهلـك منهـم سـبعة ، وأفـرق ـ أي : بـرأ ـ منهـم سـتة ، وحُمـل " عمـر " فذُهِـبَ بـه إلـى منزلـه ، وهـاج النـاس حتـى كـادت تطلـع الشـمس ، فنـادى عبـد الرحمـن بـن عـوف ، فصلـى بهـم بأقصـر سـورتين فـي القـرآن .
فلمـا قضـى صلاتَـه توجهـوا إلـى " عمـر " ، فدعـا بشـراب لينظـر مـا قـدْر جُرحـه ، فأتـي بنبيـذ فشـربه ، فخـرج مـن جرحـه ، فلـم يـدر أنبيـذ هـو أو دم جرحـه ، فدعـا بلبـن فشـربه ، فخـرج مـن جرحـه ، فقالـوا : لا بـأس عليـك يـا أميـر المؤمنيـن .
فقـال ـ ( أي عمـر ) ـ إن يكـن القتـل بأسًـا فقـد قُتلـت ، فجعلـوا يثنـون عليـه يقولـون :
جـزاك الله خيـرًا يـا أميـر المؤمنيـن ، كنـتَ وكنـتَ ، ثـم ينصرفـون ، ويجـيء قـوم آخـرون فيثنـون عليـه ، فقـال عمـر : أمـا والله علـى مـا يقولـون ، وددتُ أنـي خرجـتُ منهـا كفافًـا ، لا علـيَّ ولا لـي ، وأن صحبـة رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـد سـلمت لـي .
فتكلـم " عبـد الله بـن عبـاس " ، وكـان عنـد رأسـه ، وكـان خليطَـه كأنـه مـن أهلـه ، وكـان ابـن عبـاس يقـرأ القـرآن ، وتكلـم ابـن عبـاس فقـال :
والله لا تخـرج منهـا كفافًـا ، لقـد صحبـت رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، فصحبتـه بخيـر مـا صحبـه صاحـب ، كنـتَ لـه وكنـتَ لـه ، حتـى قُبـض رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـو عنـك راضٍ ، ثـم صحبـتَ خليفـة رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وكنـت تنفـذ أوامـره ، وكنـتَ لـه ، وكنـتَ لـه ، ثـم وليتهـا يـا أميـر المؤمنيـن أنـت ، فوليتهـا بخيـر مـا وليهـا والٍ ، كنـت تفعـل وكنـت تفعـل ، فكـان عمـر يسـتريح إلـى حديـث ابـن عبـاس .
فقـال " عمـر " : يـا ابـن عبـاس ، كـرر علـيَّ حديثـك ، فكـرر عليـه .
فقـال " عمـر " أمـا والله علـى مـا تقولـون ، لـو أن لـي طِـلاع ـ ( أي : ملؤهـا ) ـ الأرض (3) ذهبًـا لافتديـتُ بـه اليـوم مـن هـول المطلـع .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ... / ص : 369 : 371 .
وكـان الفـاروق ـ رضي الله عنه ـ فـي حالتـه تلـك يثعـب ـ يجـري ـ جرحـه دمًـا ، كمـا روى المسـور ـ رضي الله عنه ـ : أن عمـر لمـا طُعـن جعـل يغمـى عليـه ، فقيـل : إنكـم لـن تفزعـوه بشـيء مثـل الصـلاة إن كانـت بـه حيـاة ، فقـال ابـن عبـاس : الصـلاة يـا أميـر المؤمنيـن ، الصـلاةُ قـد صُليـت ، فانتبـه ، فقـال : نعـم الصـلاة ، ولا حـظ فـي الإسـلام لمـن تـرك الصـلاة ، فصلـى والجــرح يثعـبُ دمًـا .
صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ، عمر بن الخطاب / ص : 377 .
ويقـول عثمـان بـن عفـان ـ رضي الله عنه ـ :
أنـا آخركـم عهـدًا " بعمـر " ، دخلـتُ عليـه ، ورأسـه فـي حجـر ابنـه عبـد الله بـن عمـر فقـال لـه : ضـع خـدي بالأرض . قـال : فهـل فخـذي والأرض إلا سـواءٌ ؟ ! . قـال : ضـع خـدي بالأرض لا أم لـك ، فـي الثانيـة أو فـي الثالثـة ، ثـم شـبك بيـن رجليـه ، فسـمعته يقـول : ويلـي ، وويـلُ أمـي إن لـم يغفـر اللهُ لـي ، حتـى فاضـت روحـه .
وفـي لفـظ آخـر ، قـال عثمـان ـ رضي الله عنه ـ :
آخـر كلمـة قالهـا عمـر حتـى قضـى : ويلـي وويـل أمـي إن لـم يغفـر الله لـي ، ويلـي وويـل أمـي إن لـم يغفـر الله لـي ، ويلـي وويـل أمـي إنْ لـم يغفـر الله لـي .
خبر صحيح . صحيح التوثيق في سيرة ... / ص : 383 .
يقـول جريـر بـن عبـد الله :
كنـتُ عنـد معاويـة بـن أبـي سـفيان ، فقـال : توفـي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وهـو ابـن ثـلاث وسـتين سـنة ، وتوفـي أبـو بكـر ، وهـو ابـن ثـلاث وسـتين سـنة ، وقُتـل عمـر وهـو ابـن ثـلاث وسـتين سـنة .
[ حديث صحيح أخرجه البخاري في التاريخ الصغير ( 1 / 30 ) ] .
صحيح التوثيق ... / ص : 386 .
ـ طُعـن " عمـر بـن الخطـاب " ـ رضي الله عنه ـ ..... يـوم الأربعـاء لأربـع بقيـن مـن ذي الحجـة ، سـنة ثـلاث وعشـرين ، ودُفـن يـوم الأحـد صبـاح هـلال المحـرم سـنة أربـع وعشـرين .
صحيح التوثيق ... / ص : 385 .
هـذا هـو الخـوف الإيجابـي الـذي يعيـن المـرء علـى المزيـد مـن طاعـة الله ، فليـس الخائـف مـن يبكـي وتسـيل دموعـه علـى خديـه ، ثـم يمضـي قُدمـًا فـي معاصـي الله ، وإنمـا الخائـف هـو مَـنْ يتـرك مـا يخـاف منـه ابتغـاء مرضـاة الله . صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق ، عمر بن الخطاب / ص : 377 .
ويقـول عثمـان بـن عفـان ـ رضي الله عنه ـ :
أنـا آخركـم عهـدًا " بعمـر " ، دخلـتُ عليـه ، ورأسـه فـي حجـر ابنـه عبـد الله بـن عمـر فقـال لـه : ضـع خـدي بالأرض . قـال : فهـل فخـذي والأرض إلا سـواءٌ ؟ ! . قـال : ضـع خـدي بالأرض لا أم لـك ، فـي الثانيـة أو فـي الثالثـة ، ثـم شـبك بيـن رجليـه ، فسـمعته يقـول : ويلـي ، وويـلُ أمـي إن لـم يغفـر اللهُ لـي ، حتـى فاضـت روحـه .
وفـي لفـظ آخـر ، قـال عثمـان ـ رضي الله عنه ـ :
آخـر كلمـة قالهـا عمـر حتـى قضـى : ويلـي وويـل أمـي إن لـم يغفـر الله لـي ، ويلـي وويـل أمـي إن لـم يغفـر الله لـي ، ويلـي وويـل أمـي إنْ لـم يغفـر الله لـي .
خبر صحيح . صحيح التوثيق في سيرة ... / ص : 383 .
يقـول جريـر بـن عبـد الله :
كنـتُ عنـد معاويـة بـن أبـي سـفيان ، فقـال : توفـي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وهـو ابـن ثـلاث وسـتين سـنة ، وتوفـي أبـو بكـر ، وهـو ابـن ثـلاث وسـتين سـنة ، وقُتـل عمـر وهـو ابـن ثـلاث وسـتين سـنة .
[ حديث صحيح أخرجه البخاري في التاريخ الصغير ( 1 / 30 ) ] .
صحيح التوثيق ... / ص : 386 .
ـ طُعـن " عمـر بـن الخطـاب " ـ رضي الله عنه ـ ..... يـوم الأربعـاء لأربـع بقيـن مـن ذي الحجـة ، سـنة ثـلاث وعشـرين ، ودُفـن يـوم الأحـد صبـاح هـلال المحـرم سـنة أربـع وعشـرين .
صحيح التوثيق ... / ص : 385 .
يُتْبَع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.