الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

مفاسد إخراج الأضحية خارج البلد




 

Message body




بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أحب خلق الله إليَّ محمد رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ .


 

Date: Tue, 1 Nov 2011 22:36:49 +0300
Subject: مفاسد إخراج الأضحية خارج البلد .. كلام قيم للعلامة ابن عثيمين رحمه الله
From: alshaimaa464@gmail.com
To: rabe3-algloob@googlegroups.com

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا مقطع من خطبة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى
حول مفاسد أخراج الأضحية خارج البلد



أيها الإخوة، لا تحملنّكم العاطفة عن الخروج عمّا كان مشروعًا في الأضحية؛ إننا نعطف على إخواننا الفقراء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ولكنّنا لا نفرّط أبدًا بِما هو من شعائر ديننا أن نقوم به في بلادنا كما فعله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإنه كان يضحّي بالمدينة ولا يبعث بأضحيته إلى مكان آخر وإنما كان يضحي بها ويُعلنها؛ حيث كان يخرج بأضحيته - عليه الصلاة والسلام - إلى مصلّى العيد ويذبحها هنالك إظهارًا لهذه الشعيرة، وإننا إذا أعطينا دراهم ليضحّى عنّا في بلاد أخرى فإنه يفوت به شيء كثير من المصالح ويحصل به شيء من المفاسد .
فمّما يفوت به: إظهار شعيرة من شعائر الله في بلادنا فتتعطّل البيوت أو بعضها أو كثير منها عن هذه الشعيرة لاسيما إذا تتايع الناس فيها فتتابعوا فيها .
ومِمّا يفوت به من المصالح: مباشرة ذبح المضحي لأضحيته تأسِّيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يذبح أضحيته بنفسه صلوات الله وسلامه عليه، فالسنّة أن يذبح الإنسان أضحيته بنفسه تقرّبًا إلى الله - عزَّ وجل - ويسمّي الله عليها ويُكبّره تأسِّيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثالاً لقول الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾ [الحج: 36]، قال أهل العلم: وإذا كان المضحّي لا يُحسن الذبح وكَّل مسلمًا وحضرها .
ومِمّا يفوت به من المصالح: شعور الإنسان بالتعبّد إلى الله تعالى بالذبح نفسه؛ فإن الذبح لله من أَجَلِّ العبادات وأفضلها؛ ولهذا قرَنَه الله تعالى بالصلاة في قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2]، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162]، واسأل - يا أخي المسلم - مَنْ بعثَ بقيمة أضحيته لخارج البلاد هل يشعر بهذه العبادة العظيمة وذِكْر اسم الله عليها والتّقرّب إلى الله بها أيام الذبح ؟
إنه لا يشعر إلا أنه أطعم فقراء لحمًا، هذا هو الذي يشعر به إلا أن يشاء الله .
ومِمّا يفوت ببعث الأضحية إلى الخارج من المصالح: ذِكْر اسم الله تعالى عليها وتكبيره، وقد أمر الله تعالى بذكر اسمه عليها فقال جلَّ وعلا: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافّ﴾ [الحج: 36]، وقال: ﴿كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج: 37]، وفي هذا دليل على أن ذبح الأضحية وذِكْر اسم الله عليها عبادة مقصودة لذاتها، ومِن المعلوم أن نقلها إلى خارج البلد يفوت به هذا المقصود العظيم بل الأعظم؛ فإن هذا أعظم من مجرّد الانتفاع بلحمها والصدقة به، اقرأ قول الله تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37] .
ومِمّا يفوت به من المصالح: أن الإنسان لا يأكل من أضحيته وهو مأمور بالأكل منها إما وجوبًا أو استحبابًا على خلاف في ذلك بين العلماء، قال بعض أهل العلم: يجب على الإنسان أن يأكل من أضحيته فإن لم يفعل فهو آثِمٌ، ولقد قدّم الله الأمر بالأكل منها على إطعام الفقير فقال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، فأكلُ المضحّي من أضحيته عبادة يتقرّب بها إلى الله ويُثاب عليها لامتثاله أمر الله، ومن المعلوم أن بعثها إلى خارج البلاد يمنع الأكل منها؛ لأنه غير ممكن فيكون بذلك مفرّطًا في أمر الله وآثِمًا على قول بعض العلماء .
ومِمّا يفوت به من المصالح: أن الإنسان يبقى معلّقًا هل يقص شاربه ويقلم أظفاره؛ لأنه لا يدري أَذُبِحَتْ أضحيته أم لا ؟ وهل ذُبِحَتْ يوم العيد أو في الأيام التي تليه ؟ فيبقى معلّقًا .
فهذه ست مصالح تفوت بنقل الأضاحي إلى بلاد أخرى .
أما المفاسد فمنها: أن الناس ينظرون إلى أن هذه العبادة إذا بعثوا بها إلى خارج البلاد ينظرون إليها نظرةً اقتصادية مالية محضة وهي مصلحة الفقير دون أن يشعروا بأنها عبادة يُتقرّب بها إلى الله، وربما يشعر أن فيها الإحسان إلى الفقراء ولا شكّ أن هذا خير وعبادة لكنّه دون شعور العبد بالتقرّب إلى الله بالذبح؛ فإن في الذبح لله نفسه من تعظيم الله ما تربو مصلحته على مجرّد الإحسان إلى الفقراء، ثم إن الفقراء في الخارج يُمكن أن تنفعهم بإرسال الدراهم والأطعمة والفرش والملابس أو بلحم الأضاحي إذا ذبحتها في بلدك وأكلت منها فلا حرج أن تبعث بلحمها إلى الخارج إذا لم يكن في البلد فقراء يستحقّون ذلك، أما أن تقتطع لهم جزءاً من عبادتك المهمّة وهي الذبح لله - عزَّ وجل - وتبعث إليهم فهذا لا ينبغي أبدًا.
ومن المفاسد: تعطيل شعائر الله أو تقليلها في البلاد التي نُقلت منها؛ لأن الناس يركنون إلى الكسل دائمًا وإعطاء الفلوس مع الراحة أَهوَن عليهم من مباشرة الذبح والتفريق، فإذا تتابع الناس على ذلك تعطّلت هذه الشعيرة في البلاد إما من جميع الناس أو أكثرهم أو بعضهم .
ومن المفاسد: تفويت مقاصد الموصين الأموات إذا كانت الأضاحي وصايا؛ لأن الظاهر من حال الموصين أنهم يريدون مع التقرّب إلى الله منفعة ذويهم وتمتّعهم بهذه الأضاحي ولم يكن يخطر ببالهم أن تُنقل إلى بلاد أخرى قريبة أو بعيدة فيكون في نقلها مخالفة لِمَا يظهر من مقصود الموصين، ثم إننا لا ندري - أيها الإخوة - وانتبهوا لهذه النقطة المهمّة - 
1-لا ندري مَن يتولى ذبحها في البلاد الأخرى،
2-هل هو على علْم بأوصاف الأضحية المطلوبة أم سيذبح ما حصل بيده على أي حال كانت ؟
3-ولا ندري هل سيتمكّن من ذبح هذه الأضاحي الكثيرة في وقتها أم لا ؟
4-فقد تكون الأضاحي التي دُفعت قيمتها إلى هناك تكون كثيرة جدًّا فيُعْوِزُ الحصول عليها في أيام الذبح فتؤخَّر إلى ما بعد أيام الذبح كما جرى قبل ثلاث سنوات في مِنى؛ وذلك لأن أيام الذبح محصورة أربعة أيام فقط، 
5-ثم لا ندري هل ستُذبح كل أضحية باسم صاحبها أو ستُجمع الكمية ؟ فيُقال مثلاً: هذه مائة رأس عن مائة شخص دون أن يُعيّن الشخص وفي إجزاء ذلك نظر؛ لأنه لم يُعيّن مَن هي له هذه الأضحية، كل هذا يحصل ببعث الدراهم إلى بلاد أخرى ليضحّى هناك .
أيها الإخوة، قد يُلبّس عليكم ملبّس فيقول: إن التوكيل في ذبح الأضحية جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - «وكَّل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن يذبح ما بقي من هديه»(1) ؟
وجوابنا على هذا من وجهين:
الوجه الأول: هل وكَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أضحيته ؟ أبدًا، لم يُوَكِّل أحدًا يذبح أضحيته بل ذبحها هو بنفسه .
ثانيًا: أن الهدي الذي وكَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في ذبح ما بقي منه كان عليه الصلاة والسلام قد أشرَكَ عليًّا في هديه كما في صحيح مسلم؛ وعلى هذا فيكون علي - رضي الله عنه - شريكًا في هذا الهدي، والهدي الذي تطوّع به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة ناقة، نحرَ منها في ضحى يوم العيد ثلاثًا وستين بيده ثم أعطى عليَّ بن أبي طالب فنحر الباقي ليتفرّغ صلى الله عليه وسلم لإفتاء الناس وتعليمهم، ثم إنه صلى الله عليه وسلم تحقيقًا لأمر الله بالأكل منها أمرَ أن يؤخذ من كل بعير قطعة فجُعلت في قدر فطُبخت فأكل من لحمها فشرب من مَرَقِها، فإذا تنزّلنا أبلغ تنزّل قلنا: هاتوا لنا من الأضاحي التي تُذبح في أفريقيا أو في شرق آسيا، هاتوا لنا قطعًا منها نأكلها في يوم العيد وهذا شيء مستحيل .
المهمُّ أيها الإخوةألا تدفعكم العاطفة إلى الخروج عن المشروع في الأضحية، ضحّوا هنا في بلادكم، وإذا أردتم الإحسان إلى إخوانكم فهذا أمر مطلوب ولكنَّ الباب واسع في غير الأضحية .
أسأل الله - تبارك وتعالى - أن يجعلنا وإياكم مِمَّن يعبد الله على بصيرة ويدعو إليه على بصيرة، وأن يرزقنا التأسِّي بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا؛ إنه على كل شيءٍ قدير .
والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
------------------------ 
(1)     أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رقم [13918]، والبخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [المغازي]، رقم [4005]، ومسلم  -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] رقم [3137] وغيرهم، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه .

للاستماع للخطبة كاملة  من الرابط التالي


۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩ فوائــــد: ۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
<<قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنه للعبد لا يطلع عليها الناس".>>
(إن من هو في البحر على لوح ليس بأحوج إلى الله وإلى لطفه ممن هو في بيته بين أهله وماله،
فاعتمد على الله اعتماد الغريق الذي لا يعلم سببا لنجاته غير الله.)
 قال الحسن البصري رحمه الله:( إنّ جورَ الملوك نقمة من نقم الله تعالى،
 و نقم الله لا تلاقى بالسيوف، و إنما تُتقى و تستدفع بالدعاء و التوبة و الإنابة و الإقلاع عن الذنوب،
 إنّ نقمَ الله متى لقيت بالسيوف كانت هي أقطع )
" القلب القاسي لا يقبل الحق وإن كثرت دلائله "فيض القدير (1/94)
لا تكن ممن يتبع الحق إذا وافق هواه ، ويخالفه إذا خالف هواه 
فإذا أنت لا تثاب على ما وافقته من الحق وتعاقب على ما تركته منه 
" قالها : عمر بن عبدالعزيز نقلها صاحب الطحاوية ص/522

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.