الخميس، 29 سبتمبر 2011

وقفات مع خطبة الحاجة





 وقفات مع خِطبة الحاجة
و (حديث العرباض بن سارية:....وعظنا رسول الله )
======================
1 ـ الحمـد :                
·  ( بدائع التفسير / 1 / ص : 112 ) : ... فعند قوله : (( الحمد لله رب العالمين )) نجد تحت هذه الكلمة إثباتَ كل كمال للرب تعالى ؛ فعلاً ووصفًا واسمًا ، وتنزيهه عن كل سوء وعيب ؛ فعلاً ووصفًا واسمًا ... فهو محمود في أفعاله وأوصافه وأسمائه ، منزه عن العيوب والنقائص في أفعاله وأوصافه وأسمائه ... فأفعاله كلها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل لا تخرج عن ذلك ، وأوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت جلال ، وأسماؤه كلها حسنى ... وحمده قد ملأ الدنيا والآخرة والسموات والأرض وما بينهما وما فيهما ؛ فالكون كله ناطق بحمده ، والخلق والأمر صادر عن حمده وقائم بحمده وَوُجد بحمده ... فحمده هو سبب وجود كل موجود ، وهو غاية كل موجود ، وكل موجود شاهد بحمده ، وإرساله رسوله بحمده ، وإنزاله كتبه بحمده ، والجنة عَمُرت بأهلها بحمده ، والنار عَمُرت بأهلها بحمده ، وما أُطيعَ إلا بحمده ، وما عُصِيَ إلا بحمده ... ولا تسقط ورقة إلا بحمده ، ولا يتحرك في الكون ذرة إلا بحمده ، وهو المحمود لذاته وإن لم يحمده العباد ، كما أنه هو الواحد الأحد ولو لم يوحده العباد ، والإله الحق وإن لم يُؤلِّهوه ... وهو سبحانه الذي حمد نفسه على لسان القائل : (( الحمد لله رب العالمين )) ، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( إن الله تعالى قال على لسان نبيه : " سمع الله لمن حمده " )) . ( رواه مسلم ) . فهو الحامد لنفسه في الحقيقة على لسان عبده ، فإنه هو الذي أجرى الحمد على لسانه وقلبه ، وإجراؤه بحمده ، فله الحمد كله ، وله الملك كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله ... فهذه المعرفة من عبودية الحمد .

2 ـ نستغفره :
·       الاستغفار يكون مقرونًا باستحضار الذنوب جملةً أو تفصيلاً ، والندم والتحسر ، والذل والافتقار ، والخوف من عدم القبول ...

·       ( تيسير الكريم الرحمن / السعدي / ص : 727 ) : (( قُلْ يَاعِبَادِيَ الذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ... الآية )) .            ( الزمر : 53 : 59 ) .
" ... يخبر تعالى عباده المسرفين بسعة كرمه ، ويحثهم على الإنابة قبل ألا يمكنهم ذلك ، فقال تعالى : (( قُلْ )) : يا أيها الرسول ومَن قام مقامه من الدعاة لدين الله ، مخبرًا للعباد عن ربهم : (( يَاعِبَادِيَ الذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ )) : باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب والسعي في مساخط علام الغيوب ...
(( لا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللهِ )) أيْ : لا تيأسوا منها ، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة وتقولوا : " قد كثرت ذنوبنا ، وتراكمت عيوبنا ، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل
يصرفها " ، فتبقون بسبب ذلك مُصرين على العصيان ، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن ، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده ، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا ؛ من الشرك والقتل والزنا والربا والظلم ، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار ... (( إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ )) أيْ : وصفه المغفرة والرحمة ، وصفان ذاتيان ، لاتنفك ذاته عنهما ، ولم تزل آثارهما سارية في الوجود ، مالئة للموجود ... ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما ، أسباب إن لم يأت بها العبد ، فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة ، أعظمها وأجلّها ـ بل لا سبب لها غيره ـ الإنابة إلى الله تعالى بالتوبة النصوح ، والدعاء والتضرع والتأله والتعبد ... فهلمّ إلى هذا السبب الأجلّ ، والطريق الأعظم ... ولهذا أمر تعالى بالإنابة إليه ، والمبادرة إليها ، فقال : (( وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبِّكُمْ )) : بقلوبكم . (( وَأَسْلِمُواْ لَهُ )) : بجوارحكم ...  وفي قوله : (( إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ )) : دليل على الإخلاص ، وأنه من دون الإخلاص لا تفيد الأعمال الظاهرة والباطنة شيئًا ... (( مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ )) : مجيئًا لا يُدفع .  (( ثُمَّ لا تُنصَرُونَ )) ... فكأنه قيل : ماهي الإنابة والإسلام ؟ وما جزئياتها وأعمالها ؟ فجاء الجواب في قوله تعالى : (( وَاتَّبِعوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم )) : مما أمركم من الأعمال الباطنة ؛ كمحبة الله وخشيته وخوفه ورجائه ؛ والنصح لعباده ومحبة الخير لهم ، وترك ما يضاد ذلك .  ومن الأعمال الظاهرة كالصلاة والزكاة والصيام والحج والصدقة ، وأنواع الإحسان ، ونحو ذلك مما أمر الله به ، وهو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا ، فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها ، هو المنيب إليه ...  (( مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ )) : وكل هذا حث على المبادرة وانتهاز الفرصة ...  ثم حذرهم أن يستمروا على غفلتهم حتى يأتيهم يومٌ يندمون فيه ولا تنفع الندامة ، فقال : (( أَن تَقُـولَ نَفـْسٌ يَا حَسْـرَتَا عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنـبِ اللهِ وَإِن كُنتُ لَمنَ الساخِرِينَ )) أيْ : على ما فرطتُ في حق الله ، وإن كنتُ في الدنيا لمن الساخرين في إتيان الجزاء ، حتى رأيته عيانًا ...               انتهى بتصرف .

·  ( تيسير اللطيف المنان / السعدي / ص : 331 ) :  (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى )) .                       ( طه : 82 ) .
استوعب الله بها الأسباب التي تُدْرَكُ بها مغفرة الله :
أحدها : التوبة : وهو الرجوع عما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا ، إلى ما يحبه الله ظاهرًا وباطنًا ، وهي تَجُبّ ما قبلها من الذنوب صغارها وكبارها .
الثاني : الإيمان : وهو الإقرار والتصديق الجازم العام بكل ما أخبر الله به ورسوله ، الموجب لأعمال القلوب ثم تتبعها أعمال الجوارح ... ولا ريب أن ما في القلب من الإيمان ـ بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر ـ الذي لا ريب فيه ، أصل الطاعات وأكبرها وأساسها ، ولا ريب أنه بحسب قوته يدفع السيئات : يدفع مالم يقع فيمنع صاحبه من وقوعه ، ويدفع ما وقع بالإتيان بما ينافيه وعدم إصرار القلب عليه ، فإن المؤمن بما في قلبه من الإيمان ونوره لا يجامع المعاصي .
الثالث : العمل الصالح : وهذا شامل لأعمال القلوب وأعمال الجوارح ، وأقوال اللسان ، فإن الحسنات يذهبن السيئات .
الرابع : الاستمرار : على الإيمان والهداية والازدياد منها .
فمن كمّل هذه الأسباب الأربعة ، فليبشر بمغفرة الله العامة الشاملة ، ولهذا ، أتى فيه بوصف المبالغة ، فقال : (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ .... )) .

3 ـ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا :
·  ( تفسير السعدي / ص : 400 ) . قال تعالى : (( ... إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِاْلسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي ... الآية ))  .  ( يوسف : 53 ) . أيْ : لَكَثيرة الأمر لصاحبها بالسوء من الفواحش وسائر الذنوب ، فإنها مركب الشيطان ، ومنها يدخل على الإنسان ... إلا من رحم الله فنجاه من نفسه الأمارة ، حتى صارت نفسه مطمئنة إلى ربها ، منقادة لداعي الهدى ، متعاصية عن داعي الردى ، فذلك ليس من النفس ، بل من فضل الله ورحمته بعبده .                                                                          
·       دعاء افتتاح الصلاة : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي ..... " إلى آخر الدعاء .
·  دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " اللهم عالم الغيب والشهادة ... أعوذ بك من شر نفسي ، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أَجُرَّه على مسلم " .                ( حصن المسلم / القحطاني / رقم : 85 / 11 / ص : 62 ) .
·  دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين " .         
                               ( حصن المسلم / القحطاني / رقم : 88 / 14 / ص : 64 ) .

4 ـ ومن سيئات أعمالنا : من سيئات الأعمال ، أي : من عقوبات الذنوب التي لم تغفر ولم يكفر عنها ...  ومن هذه السيئات :
* تكوين الران :
·  عن أبي هريرة أن النبي قال : " إن العبد إذا أخطأ خطيئة ، نُكِتَتْ في قلبه نُكتة سوداء ، فإن هو نزع واستغفر وتاب ، صُقِلَ قلبُه ، وإن عاد زيد فيها ، حتى تعلوَ على قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله تعالى : (( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) .
                                                                                         ( صحيح الجامع الصغير وزيادته / حديث رقم : 1670 ) .
·  عن حذيفة بن اليمان أن النبي قال : " تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودًا عودًا ، فأيُّ قلب أشربها ، نُكتت فيه نُكتة سوداء ، وأيُّ قلب أنكرها ، نُكتت فيه نُكتة بيضاء ، حتى يصير القلب أبيضَ مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسودَ مُرْبَدًّا كالكوز مُجَخِّيًا ، لا يعرف معروفًا ولاينكر منكرًا إلا ما أُشرب من هواه " .     ( صحيح الجامع الصغير وزيادته / حديث رقم : 2960 ) .
ـ ورد في شرح مسلم للنووي ، في شرح هذا الحديث : " ... معنى الحديث أن الرجل إذا اتبع هواه وارتكب المعاصي ، دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمة ، وإذا صار كذلك ، افتتن وزال عنه نور الإسلام ، والقلب مثل الكوز ، فإذا انكب انصب ما فيه ، ولم يدخله شيء بعد ذلك " .
    ( شرح مسلم للنووي / ج : 2 / كتاب 1 : الإيمان / باب 64 : رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب / حديث رقم : 231 / 144 ) .

* تسلط الشيطان على المذنب :
·  ( تفسير السعدي / ص : 153 ) ... قال تعالى : (( إِنَّ الذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ ... الآية )) .                                                                                 
 ( آل عمران : 155 ) ... " يخبر تعالى عن حال الذين انهزموا يوم " أحد " ، وما الذي أوجب لهم الفرار ، أنه من تسويل الشيطان ، وأنه تسلط عليهم بسبب ذنوبهم ،  فهم الذين أدخلوه على أنفسهم ، ومكّنوه بما فعلوا من المعاصي ، لأنها مركبه ومدخله ، فلو اعتصموا بطاعة ربهم ، لما كان له عليهم من سلطان ... قال تعالى :
(( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ )) . ( الحجر : 42 ) ... وقال تعالى : (( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ )) .  ( النحل : 99 ، 100 ) .
              
* الذنب يأتي بالذنب :
·  ( تفسير السعدي / ص : 234 ) ... قال تعالى : (( ... فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ... الآية )) . ( المائدة : 49 ) .
" ... فإن تولّوا عن اتباعك واتباع الحق ، فاعلم أن ذلك عقوبة عليهم ، وأن الله يريد أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ، فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة ، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول وذلك لفسقه بالخروج عن طاعة الله واتباع الرسول " .    

* الذنوب سبب للبلاء :
·  ( تفسير السعدي / ص : 306 ) ...  قال تعالى : (( وَاسْأَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ التِي كَانَتْ حَاضِرَةَ البَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )) .  ( الأعراف : 163 ) ... " كان الله قد أمر بني إسرائيل أن يعظموا يوم السبت ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدًا ، فابتلاهم الله وامتحنهم فكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم كثيرة طافية على وجه البحر ، وإذا ذهب يوم السبت تختفي في البحر فلا يرون منها شيئًا ... (( كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )) ففسقهم هو الذي أوجب أن يبتليهم الله وأن تكون لهم هذه المحنة ، وإلا ، فلو لم يفسقوا لعافاهم الله ولما عرّضهم للبلاء والشر " .            

* المعيشة الضنك في الدنيا والآخرة :
·  ( تفسير السعدي / ص : 515 ) ...  قال تعالى : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى )) .  ( طه : 124 ) .
" ... أي من أعرض عن كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية ، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه ... فإن جزاءه أن نجعل معيشته ضيقة شاقة ، ولا يكون ذلك إلا عذابًا ... وعلى قول بعض المفسـرين ، إن المعيشـة الضنك عامة : في دار الدنيا ـ بما يصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم والآلام التي هي عذاب معجل ـ وفي دار البرزخ ، وفي الدار الآخرة ، لإطلاق المعيشة الضنك وعدم تقييدها " .         

* الذنوب سبب للمصائب :
·       ( تفسير السعدي / ص : 156 ) ... قال تعالى : (( أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُـمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ... الآية )) .        ( آل عمران : 165 ) .  " ... أيْ قلتم : من أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا ؟ ... قل هو من ذنوبكم حين تنازعتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ، فعودوا على أنفسكم باللوم ، واحذروا من الأسباب المردية " .
                                         
·  ( وجاء في التسهيل / تفسير سورة آل عمران / مصطفى العدوي / ص : 389 ) : (( أَنَّى هَذَا )) معناه : " من أين حدث لنا هذا ونحن مؤمنون ، ومعنا رسول الله يأتيه الوحي من السماء ، وديننا دين الحق ، وعدونا كافر بالله مكذب بلقائه " ...  (( قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ )) معناه : " أنكم أنتم المتسببون فيه لأنفسكم ، بما ارتكبتموه من معاصي ، وبما فعلتموه من مخالفة أمر نبيكم " .

5 ـ ومن يضلل فلا هادي له :
·  قال تعالى : (( إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ ... الآية )) .           ( النحل : 37 ) .
·  وقال تعالى : (( ... وَلَكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ )) .         ( التوبة : 46 ) .
يقول الشيخ العثيمين تعليقًا على هذه الآية : " اللهم أجِرْنا ... هذه الآية خطيرة جدًا وميزان ... (( كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ )) أيْ : في الجهاد ... (( وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ )) .....  فاحذر يا عبد الله ، فَتِّشْ ، إذا رأيت نفسك متكاسلاً عن الخير ، اِخْشَ أن يكون الله كره انبعاثك في الخير ... ثم أَعِدْ النظر مرة ثانية ، وصَبِّرْ نفسك ، وأرغمْها على الطاعة ، واليوم تفعلها كارهًا ، وغدًا تفعلها طائعًا هينة عليك ... المهم ، في هذا تحذير شديد لمن رأى من نفسه أنه مثبط عن الطاعة ، فلعل الله تعالى كره أن يكون هذا الرجل من عباده المطيعين ، فثبطه عن الطاعة ... أسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته " .
6 ـ التقوى :
·  ( من كتاب " وصية مودع " / العوايشة /  ص : 17 / تحت عنوان " أوصيكم بتقوى الله " ) :
[ أوصيكم بتقوى الله ... اتبعوا أوامر الله تعالى ، واجتنبوا نواهيه ... راقبوه في السر والعلن ... اجتنبوا الهوى سبب الشرور والنار ... زكوا أنفسكم ... اتقوا النار بالأعمال الصالحة النافعة ... إن تكالبت عليكم الدنيا بجمالها وسحرها ، والحرام بفتنته ، والذهب ببريقه ، والأشغال بمغرياتها ، فتذكروا قوله : أوصيكم بتقوى الله ... إن أردتم الخلاص من الضيق والكرب والبلاء ، وأن تُرزقوا الرزق الحلال ، ويُبسط لكم فيه فاتقوا الله : (( ..... وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ... الآية )) .  ( الطلاق : 2 ، 3 ) ... إن أردتم أن يجعل الله لكم من أمركم يسرا ، وتتخلصوا من العسر ، فاتقوا الله :
(( ... وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا )) .  ( الطلاق : 4 ) ...  إن أردتم أن تتعلموا سبيل النجاة والفوز والتقوى ، فاتقوا الله : (( ... واتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ ... )) . ( البقرة : 282 ) ...  إن أردتم أيها المسلمون أن تكونوا السادة والقادة ، وتكون لكم الريادة في كل العلوم والمجالات ، فاتقوا الله : (( وَعَدَ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ ... الآية )) . ( النور : 55 ) ... إن أردتم العيش الآمن والحياة الهنيئة ، فعليكم بتقوى الله ... أليس الملل وضنك العيش من قلة التقوى ؟ أليست الجرائم التي تملأ المجتمع وتهدد الأمن والطمأنينة بسبب قلة التقوى ؟ تقوى الله توجب عليك قبول الحق ولو جاءك ممن هو دونك في الجنس أو العِرْق أو المال أو المنصب أو الجاه أو السن ... أوصيكم بتقوى الله ... كلمة تصلح لكل زمان ومكان ... كلمة تصلح للذكر والأنثى ، والغني والفقير ، والأبيض والأسود ... كلمة تُصلح الراعي والرعية ... كلمة تُسعد الفرد والمجتمع والأمة في الدارين ، إذا عملوا بمقتضاها ] .

7 ـ وخير الهدي هدي محمد :
·       عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : " تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : وما تلك الفرقة ؟
قال : ما أنا عليه اليوم وأصحابي " .  ( السلسلة الضعيفة / ج : 3 / ص : 126 / تحت حديث رقم : 1035 ) ... قال الشيخ الألباني تعليقًا على هذا الحديث ما يفيد أن هذا اللفظ من الألفاظ المحفوظة لهذا الحديث .

·       ( مجموعة صحيح التوثيق / عمر بن الخطاب / ص : 81 ) : [ ... وتدخل ابنته حفصة عليه ، فتراه في شدة العيش ، والزهد في الملبس والمطعم ، فتقول :
" إن الله أكثر من الخير ، وأوسع عليك من الرزق ، فلو أكلت طعامًا أطيب من ذلك ، ولبست ثيابًا ألين من ذلك " ؟ ... قال : " سأخصمك إلى نفسك " ، فذكر أمر رسول الله ، وما كان يَلقى من شدة العيش ، فلم يزل يذكرها ما كان فيه رسول الله ـ وكانت معه ـ حتى أبكاها ... ثم قال : " إنه كان لي صاحبان ، سلكا طريقًا ، فإن سلكت طريقًا غير طريقهما ، سُلِك بي غير طريقهما ، وإني واللهِ سأصبر على عيشهما الشديد ، لعلي أن أدرك معهما عيشهما الرَّخيّ " ] .

·  ( كتاب شعر الرأس / سليمان بن صالح الخراشي / ص : 20 ) : [ قال ابن عبد البر : " ما صنعه رسول الله في خاصة نفسه ، أفضل مما أقر الناس عليه ولم ينههم عنه ، لأنه في كل أحواله في خاصة نفسه ، على أفضل الأمور وأكملها وأرفعها " ... وقال محمد رشيد رضا : " إن من أرسل شعره بنية الاقتداء بالنبي في عاداته الشريفة ، كان ذلك مزيد كمال في دينه ، إذا كان مقتديًا بسنته الدينية ، ومتحريًا التخلق بأخلاقه الكريمة " ] .

·  ( الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / الشيخ مقبل / كتاب الزهد / المجلد الرابع / ص : 328 ) : حدثنا موسى قال سمعتُ أبي يقول : سمعتُ عمرو بن العاص يخطبُ الناس بمصر يقول : " ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا ، وأما أنتم فأرغب الناس فيها ".

8 ـ كأنها موعظة مودع فأوصنا :
·  ( من كتاب " وصية مودع " / العوايشة / من ص : 9 / تحت عنوان : ماذا بعد موت النبي ؟ ) : [ ... مات الرسول ، فدمعت الأعين ، وحزنت القلوب ، وتلوعت الأفئدة ، وأظلمت الدنيا ، وأنكر المؤمنون أنفسهم ... مات الحبيب الغالي ، العزيز ، المربي ، المعلم ، الرءوف الرحيم بالمؤمنين ... شأنُ من يفقد العزيز الغالي ، أن يُرَوِّيَ الفؤاد بالذكريات : هناك كان يجلس ... وهناك كان يقف ... وكان يقول كذا وكذا ... وكان يفعل كذا وكذا ... شأنُ من يفقد الحبيب أن يتأمل كلماتٍ قالها ، وعباراتٍ نطق بها ... شأنُه أن يتدبر الوصية ويقبل عليها بكليته ، يُمضي ما طلب الفقيد بإخلاص وصدق ... يتأمل الكلمات ويجعل حروفها عملاً فيا من جُرِحَت قلوبكم بموت نبيكم ، سارعوا إلى وصيته ... أقبلوا عليها بقلوب منكسرة وأفئدة خاشعة ذليلة ... اقرءوا عن العرباض بن سارية قوله : " وعظنا رسول الله ...  الحديث " ] .

9 ـ تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ :
·       ( من أشرطة شرح العقيدة الحموية / العثيمين / الشريط الأول / الوجه الثاني ) : [ ... " تمسكوا بها " ... ما قال : " امسكوها " : وفي هذا التعبير إشارة إلى
أنها نجاة ، مثل ما أتمسك بالحبل عند الغرق لأنجوَ به ... سنة الرسول والخلفاء الراشدين ، نجاة ... " وعضوا عليها بالنواجذ " : علشان إذا انفلتت أيديكم ، بَقيَتْ أضراسكم ، وهذا من شدة التمسك ... كأن الرسول يقول : " تمسكوا بها بكل وسائل التمسك ؛ باليد وبالنواجذ " ، وهذا يراد به شدة التمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين ... واعلم أنك إذا فعلت هذا انشرح صدرك للإسلام ، واطمأن قلبك بالإيمان ، وصار العمل لديك سهلاً ميسرًا ، لكن ، كلما أعرضت صعب عليك العمل ، صعب عليك العمل بقدر إعراضك ...  وسل الذين مَنّ الله عليهم بالهداية واتخذوا هذا الطريق سبيلاً ( 1 ) ، سلهم عن مشقة العبادات عليهم ، سيقولون : " سهلة " ... لكن ، سَلْ المعرضين ، تقول لهم : " صلوا فريضة في المسجد " ، يرون أنها أثقل عليهم من أثقل الأشياء ] .
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) أيْ : طريق التمسك بسنة النبي وسنة الخلفاء الراشدين ، والعض عليها بالنواجذ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.