الأحد، 7 أغسطس 2011

متابعة "سبيلنا إلى الإتباع" وقصة سلمان الفارسي -رضي الله عنه-





َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

أما بعد:
انتهينا في المحاضرة السابقة من (سبيلنا إلى الاتباع ) عند فقرة:

ملحوظة:
كمقدمة لهذا البحث وقبل الدخول في دراسة تفاصيل المنهج, نتعرض لنقطتين:

الأولى: وقفات مع خطبة الحاجة لتبيان بعض معاني كلماتها.

الثانية: حديث سلمان الفارسيّ عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق.
وهذا الحديث ورد بتعليقات:
الشيخ " حسين بن عَودِة العوايشة"
في كتابه "
من مواقف الصحابة"
وذلك حثاً للقاريء على الصبر والمثابرة والاحتساب اثناء طلب العلم والتحري للوصول إلى الحق , عملاً بقول الرسول - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم – في الحديث الثابت في َ .

" صحيح الجامع الصغير وزياداته" تحت حديث رقم( 3228) :
فعن أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال:
( إنما العلم بالتعلم , وإنما الحلم بالتحلم , ومن يتحر الخير يُعطه ومن يتق الشر يُوقه)

ونبدأ مستعينين بالله :


من مواقف الصحابة –رضى الله عنهم-

{ قصة إسلام سلمان الفارسى } 
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:

"لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس-أو قال-من ابناء فارس .حتى يتناوله." 


مقدمة :

فهذه هى الرسالة السادسة "من مواقف الصحابة"
اخترتها فى قصة إسلام سلمان(1) -رضى الله عنه- لما فيها من الدروس والعبر:

- إنها قصة عظيمة,ينتفع منها العلماء وطلاب العلم والدعاة الى الله تعالى وعامة الناس.
- إنها قصة نستفيد منها دروسًا فى تربية النفس وتزكيتها وتهذيبها.
- إنها قصة نستفيد منها دروسًا فى التضحية والبذل والمجاهدة والصبر والإخلاص.
- إنها قصة تشحذ الهمم ,وتلهب المشاعر, وتجعلنا نمضى بجد مثابرةً للعمل بما يرضى الله تعالى.
- إنها قصة توقظ الضمائر ,وتبعث فيها معنى الحياة الحقيقى –بإذن الله- وتجعلنا ندرك سر السعادة والهناء.
- إنها قصة تبدد كل معانى الكسل والعجز والتوكل(2),
- إنها قصة تدعو إلى العلم والعمل والدعوة ؛ على المنهج القديم الذى يقوم على التمحيص والتحقيق والتثبت.

أسال الله تعلى ان ينفعنى وأمة الإسلام بهذه القصة,وأن يتقبل منى عملى, وأن يجعلنى ممن يعملون بما يعلمون إنه على كل شىء قدير.

"حسين بن عودة العوايشة

حديث سلمان الفارسيّ عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق. 
والذي ورد بتعليقات:
الشيخ " حسين بن عَودِة العوايشة" 
في كتابه " من مواقف الصحابة" 




=====    

الحاشية :
(1) هذا وقد لفت انتباهى أخى الفاضل:سمير الزهيرى-حفظه الله ونفع به –إلى ذكرعمر سلمان"رضى الله عنه",فأقول:ذكر بعضهم أنه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة , وبعضهم مائتين وخمسين سنة , وفصل الذهبى القول فيه فى"سير أعلام النبلاء"فى المجلد الأول"قصة سلمان الفارسى -رضى الله عنه-" فقال: 
وقد ذكرت فى "تاريخى الكبير", أنه عاش مائتين وخمسين سنة وأنا الساعة لا أرتضى ذلك ولا أصححه". واستفاد الذهبى-رحمه الله- من قصة مرض سلمان وعيادة سعد له.ثم قال عقبها:
"وهذا يوضح لك أنه من أبناء الثمانين" ولفظها عن أنس قال:
"اشتكى سلمان فعاده سعد, فراه يبكى, فقال له سعد: مايبكيك ؟ يااخى! أليس قد صحبت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؟ أليس,أليس؟ قال سلمان:ماأبكى واحدة من اثنين , ماأبكى ضنًا للدنيا ولاكراهية للاخرة. ولكن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عهد إلى عهدا,فما رانى(3)الا قد تعديت. قال: وما عهد إليك؟قال:عهد إلىأنه يكفى أحدكم مثل زاد الراكب, ولا أرانى إلا قد تعديت.وأما أنت ياسعد! فاتق الله عند حكمك إذاحكمت,وعند قسمك إذاقسمتوعند همك اذا هممت,. وهى من رواية ابن ماجه فى الزهد "صحيح سنن ابن ماجه (3312),وأبى يعلى, وأبى نعيم فى"الحلية" , والطبرانى فى"الكبير" وانظر "الصحيحة"(1716) .
(3) الظاهر أنه تصحيف.... والصواب ماورد فى صحيح ابن ماجه رقم(1404) كتاب الزهد فى الدنيا/1- ولفظه:"أُرانى". 
(2) الظاهر أنه تصحيف..... ونظن أن الصواب هو:"التواكل"


=======    



"نتابع  بإذن الله تعالى :

حديث سلمان الفارسيّ عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق".


والذي ورد بتعليقات:

الشيخ "
حسين بن عَودِة العوايشة" ....في كتابه " من مواقف الصحابة"



بسم الله الرحمن الرحيم 

"حديث سلمان الفارسيّ "

"عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
عن ابن عباس قال: حدثنى سلمان الفارسى حَدِيثَه من فِيِه قال:
" كنت رجلا فارسيًا من أهل أصبهان, من أهل قرية منها يقال لها(جيّ), وكان أبى دهقان قريته(1), وكنت أحب خلق الله 
إليه, فلم يزل به حبه إياى حتى كنت قطن النار( 2) التى يوقدها,
لايتركها تخبو(3) ساعة.
قال: وكانت لأبى ضيعة(4) عظيمة, قال: فشغل فى بنيان له يوما, فقال لى:يابنى إنى قد شغلت فى بنيان هذا اليوم عن ضيعتى, فاذهب فاطلعها , وأمَرَنِى فيها ببعض ما يريد, فخرجت أريد ضيعته,فمررت بكنيسة من كنائس النصارى , فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون, وكنت لا أدرى ما أمر الناس لحبس أبى إياى فى بيته, فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم , دخلت عليهم أنظر ماذا يصنعون . 
قال:فلما رأيتُهم أعجبتنى صلاتهم, ورغبت فى أمرهم, وقلت هذا والله خير من الدين الذى نحن عليه, فوالله ماتركتهم حتى غربت الشمس , وتركت ضيعة أبى , ولم أتها, فقلت لهم أين أصل هذا الدين؟ فقالوا:بالشام, قال: ثم رجعت إلى أبى, وقد بعث فى طلبى, وشغلته عن عمله كله,
قال:فلما جئته قال:أى بنى أين كنت؟....ألم أكن عهدت إليك ماعهدت؟
قال: قلت ياأبت مررت بناس يصلون فى كنيسة لهم؛ فأعجبنى ما رأيت من دينهم , فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس. قال: أى بنى ليس فى ذلك الدين خير, دينك خير ودين أبائك وأجدادك خير منه. 
قال: قلت :كلا و الله , إنه خير من ديننا .
قال: فخافنى,فجعل فى رجلى قيدا, ثم حبسنى فى بيته.
قال:وبعثت إلى النصارى فقلت لهم :إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبرونى بهم,
فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى,
قال : فأخبرونى بهم ,
فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم , وأرادوا الرجعة إلى بلادهم ,فآذنوني بهم .
فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبرونى بهم ,
فالقيت الحديد من رجلى, 
ثم خرجت معهم حتى إذا قدمت الشام, 
فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا : الأسقُف(5) فى الكنيسة. قال: فجئته,
فقلت : إنى قد رغبت فى هذا الدين, وأحببت أن أكون معك أخدمك فى كنيستك , وأتعلم منك وأصلى معك, 
قال: فادخل فدخلت معه, 
قال:فكان رجل سوء, يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها, فاذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه, ولم يعطه المساكين,,حتى جمع سبع قلال(6) من ذهب وورق(7).
قال:وأبغضته بغضا شديدًا لما رأيته يصنع, ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه 
فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة, ويرغبكم فيها, 
فاذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه, ولم يعط المساكين منها شيئا. 
قالوا: وماعلمك بذلك؟
قال: قلت : أنا أدلكم على كنزه. 
قالوا: فدلنا عليه,قال: فأريتهم موضعه.,
قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا,
فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا, فصلبوه ,ثم رجموه بالحجارة.
ثم جاؤوا برجل آخر فجعلوه بمكانه .
قال: يقول سلمان : فما رأيت رجلا لايصلى الخمس أرى أفضل منه , 
أزهد فى الدنيا ولا أرغب فى الآخرة, ولاأداب ليلاً ونهارًا منه.
قال: فأحببته حبًا جمًا لم أحبه من قبله, وأقمت معه زمانا ثم حضرته الوفاة ,
فقلت له : يافلان إنى كنت معك , وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك, وقد حضرتك ماترى من أمر الله, فإلى من توصى بى وما تأمرنى ؟
قال: أى بنى! والله ماأعلم أحدًا اليوم على ماكنت عليه , لقد هلك الناس ,وبدلوا, وتركوا أكثر ماكانوا عليه إلا رجل بالموصل , وهو فلان ,
فهو على ماكنت عليه فالحق به.......



========   



الحاشية:
(1)اى: رئيسها .
(2)قطن النار:القيم على نار المجوس وموقدها,جمها اقطان,"الوسيط"
(3) اى :تسكن ويخمد لهيبها.
(4) الضيعة: القرية التى تزرع وتستغل "فيض القدير". 
(5) عالم رئيس من علماء النصارى ورؤسائهم,"فيض القدير" . 
(6) القلة: هى الجرار, والقلة التى يستخدموها, سميت قلة لانها تقل, ترفع وتحمل. 
(7) اى فضة.


==========

َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله


أما بعد:انتهينا في المحاضرة السابقة :

من
"حديث سلمان الفارسيّ ""
عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
عند فقرة:


قال: أى بنى! والله ماأعلم أحدًا اليوم على ماكنت عليه , لقد هلك الناس ,وبدلوا, وتركوا أكثر ماكانوا عليه إلا رجل بالموصل , وهو فلان ,
فهو على ماكنت عليه فالحق به.......
فنتابع بإذن الله تعالى ونقول:
قال: 
أى بنى! والله ماأعلم أحدًا اليوم على ماكنت عليه , لقد هلك الناس ,وبدلوا, وتركوا أكثر ماكانوا عليه إلا رجل بالموصل , وهو فلان ,
فهو على ماكنت عليه فالحق به.......
.قال : 
فلما مات وغُيِّبَ لحقت بصاحب الموصل , فقلت له : يافلان إن فلانا أوصانى عند موته أن ألحق بك , وأخبرنى انك على أمره. 
قال :
فقال لى: أقم عندى, فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه, فلم يلبث أن مات , 
فلما حضرته الوفاة قلت له : يا فلان ! إن فلانا أوصى بى إليك , وأمرنى باللحوق بك , وقد حضرك من الله عز وجل ماترى ,فالى من توصى بى وماتأمرنى ؟ 
قال :
أى بنى ! والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين, وهو فلان , فالحق به. 
فلما مات وغُيِّبَ , لحقت بصاحب نصيبين فجئتُه, فأخبرته بخبرى , وما أمرنى به صاحبى ,
قال :
فأقم عندى, فاأمت عنده , فوجدته على أمر صاحبه , فأقمت مع خير رجل , فوالله مالبث أن نزل به الموت , 
فلما حُضر , قلت له : يا فلان ! إن فلانا كان أوصى بى إلى فلان ,ثم أوصى بى فلان إليك , فالى من توصى بى وماتأمرنى ؟
قال :
أى بنى ! والله ما نعلم أحدًا بقى على أمرنا آمرك أن تأتيه, إلا رجلاً بعمورية, فإنه بمثل ما نحن عليه , فإن أحببت فأته 
قال :
فإنه على أمرنا .
قال :
فلما مات وغُيِّب , لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبرى ,
فقال : أقم عندى , فأقمت مع رجل على هدى أصحابه وأمرهم . 
قال : 
قال: واكتسبت حتى كانت لى بقرات وغنيمة ,قال : ثم نزل به أمر الله , فلما حُضر , 
قلت له : 
يافلان ! إنى كنت مع فلان ,فأوصى بى فلان إلى فلان , وأوصى بى فلان إلى فلان ,ثم أوصى بى فلان إليك , فإلى من توصى وماتأمرنى ؟
قال : أى بنى ! ماأعلم أصبح على ماكنا عليه أحد من الناس آمرك ان تاتيه , ولكنه قد اظلك زمان نبىّ ,
هو مبعوث بدين ابراهيم , يخرج بارض العرب , مهاجرًا إلى أرض بين حرَّتين(1) ,بينهما نخل ,
به علامات لاتخفى ,يأكل الهدية ,ولا يأكل الصدقة ,بين كتفيه خاتم النبوة , فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ,
قال : 
ثم مات وغُيِّب ,فمكثت بعمورية ماشاء الله أن أمكث , ثم مر بى نفر من كَلب تجارًا ,
فقلت لهم : تحملونى إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتى هذه وغنيمتى هذه ؟ قالوا : نعم , فاعطيتموها (*), وحملونى , 
حتى إذا قدموا بى وادى القرى ظلمونى ,فباعونى من رجل من اليهود عبدًا , 
فكنت عنده , ورأيت النخل , ورجوت أن تكون البلد الذى وصف لى صاحبى, ولم يحق لى فى نفسى ,
فبينما أنا عنده , قدم عليه ابن عم له من المدينة من بنى قريظة , فإبتاعنى منه, واحتملنى إلى المدينة , فوالله ماهو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبى , فأقمت بها . 
وبعث الله رسوله ,فأقام بمكة ماأقام ,لاأسمع بذكر, مع ماأنا فيه من شغل الرق ,
ثم هاجر إلى المدينة , 
فوالله إنى لفى رأس عَذق (2) لسيدى أعمل فيه بعض العمل ,وسيدى جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه 
فقال :فلان !قاتل الله بنى قيلة , والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون إنه نبى ,
قال : 
فلما سمعتها أخذتنى العرواء(3) حتى ظننت إنى سأسقط على سيدى .
قال : 
ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك :ماذا تقول ماذا تقول ؟ 
قال : 
فغضب سيدى فلكمنى لكمة شديدة , ثم قال : مالك ولهذا ؟! أقبل على عملك, 
قال :
قلت :لا شىء إنما أردت أن استثبت عما قال.
وقد كان عندى شىء قد جمعته , فلما أمسيت أخذته , ثم ذهبت به إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو بقباء ,فدخلت عليه فقلت له:
إنى قد بلغنى أنك رجل صالح , ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ,وهذا شىء كان عندى للصدقة , فرأيتكم أحق به من غيركم , فقربته إليه و فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأصحابه :كلوا ,وأمسك يده فلم يأكل 
قال :
فقلت فى نفسى :هذه واحدة , ثم انصرفت عنه , 
فجمعت شيئا , وتحول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إلى المدينه ثم جئت به فقلت : 
إنى رأيتك لاتأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها , 
قال : 
فأكل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- منها و وأمر أصحابه فأكلوا معه ,
قال :
فقلت فى نفسى : هاتان اثنتان . 
ثم جئت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وهو ببقيع الغرقد 
قال: 
وقد تبع جنازة من أصحابه ,عليه شملتان له , وهو جالس فى أصحابه فسلَّمت عليه ,
ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذى وصف لى صاحبى , فلما رأنى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-استدرته ,عرف إنى أستثبت فى شىء وُصِفَ لى ,
قال : 
فألقى رداءه عن ظهره, فنظرت إلى الخاتم , فعرفته , فانكببت عليه أقبله وأبكى ,
فقال لى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : تحول , فتحولت , فقصصت عليه حديثى –كما حدثتك يا ابن عباس - 
قال : 
فأعجب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن يسمع ذلك أصحابه . 
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدر وأُحد ,
قال : 
ثم قال لى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :كاتب يا سلمان !
فكاتبت صاحبى على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير(4) بأربعين أوقية , 
فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- :" أعينو أخاكم " . فأعانونى بالنخل , 
الرجل بثلاثين ودية (5), والرجل بعشرين , والرجل بخمسة عشرة , والرجل بعشر , - يعنى الرجل بقدر ماعنده –
حتى اجتمعت لى ثلاثمائة ودية
فقال لى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"اذهب ياسلمان ففقِر(6)لها ,فاذا فرغت فأتنى أكون أنا أضعها بيدى",
ففقرت لها ,وأعاننى أصحابى ,حتى إذا فرغت منها جئته , فأخبرته , 
فخرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم-معى إليها ,نقرب له الودى , ويضعه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بيده ,
فوالذى نفس سلمان بيده ماماتت منها ودية واحدة ,
فأديت النخل , وبقى علىَّ المال ,
فأتى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بمثل بيضة من ذهب من بعض المغازى ,
فقال :"مافعل الفارسىّ المُكاتب ؟" 
قال : 
فدعيت له
فقال : خذ هذه فأد بها ماعليك ياسلمان !
فقلت :
وأين تقع هذه يارسول الله مما على ؟
قال : خذها فان الله –عزوجل- سيؤدى بها عنك . 
قال :
فاخذتها فوزنت لهم منها – والذى نفس سلمان بيده - أربعين أوقية , 
فأوفيتهم حقهم , 
وعُتقت ,
فشهدت مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الخندق
ثم لم يفتنى معه مشهد 

========  

الحاشية:
(1) الحرة :أرض ذات حجارة سود نخرة , كأنها أحرقت بالنار .
(*) الظاهر أنه تصحيف.....ولعل الصواب أن تكون الكلمة هى"فاعطيتهموها " كما ورد فى الجامع الصحيح ماليس فى الصحيحين ج11 ص83-للشيخ مقبل. 
(2) العدق –بفتح العين-: النخلة بحملها , 
والعد ق –بالكسر-: الكباسة, وهو من التمر كالعنقود من العنب . 
(3) يريد : الرعدة , والعرواء : "برد الحمى أول مسها ". 
(4) الفقير :هى حفرة تحفر للفسيلة اذا حولت لتغرس فيها 
(5) واحدة الودى: وهو صغار الفسيل , والفسيلة: هى النخلة الصغيرة تقطع من الام او تقلع منالارض فتغرس, وهو ايضا جزء من النبات يفصل عنه ويغرس.
(6) فَقِرلها : اى احفر لها موضعا تُغرس فيه , واسم تلك الحفرة : فقرة وفقير ,"النهاية".
(7)اخرجه أحمد فى"المسند" وابن سعد فى" الطبقات" , والهيثمى فى"المجمع"(9/332-336) , ومما قاله :"رواه احمد كله والطبرانى فى" الكبير"بنحوه باسنيد . واسناد الرواية الاولى عند احمد والطبرانى رجالهما رجال" الصحيح" غيرمحمد بن اسحاق وقد صرح بالسماع ...." قال شيخنا حفظه الله :وروى قطعة منه الحاكم (2/16) من هذا الوجه وقال :"صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى بهذا . كذا قالا .


=======   

تعليقات:الشيخ " حسين بن عَودِة العوايشة" في كتابه " من مواقف الصحابة" على قصة سلمان



َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , 



من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.








نتابع :





: حديث سلمان الفارسيّ عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق. 





بتعليقات:





الشيخ " حسين بن عَودِة العوايشة" في كتابه " من مواقف الصحابة" _





فنبدأ مستعينين بالله :





المتن. < وكنت احب خلق الله اليه >





لابد أن يكون هذا ثمرة الطاعة والسلوك الطيب من الولد . 





ألا ليت الدعاة وأبناء المساجد يعتبرون بهذا !





كم سمعنا من شكاوى الأباء من أبنائهم؛ ممن يسعون لتزكية أنفسهم , والتخلق بخلق الإسلام ! 





وكم سمعنا من شكاوى النساء على أزواجهن ؛ ممن يتصدرون الدعوة إلى البر والتقوى ! 





إنه لمن الغريب أن يكون الرجل كتله ملتهبة من النار فى بيته , وأما فى غير ذلك فهو حبيب طيب وديع 





لذلك رأيت الداعى قليل التاثير في أهل بيته وهم أحق بذلك .





فأين نحن أذن من قوله تعالى :





" "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ " (الشعراء214) 





إن أول خطوة نخطوها للإنذار والتبليغ , أن يسعى المنذر ليكون ذا خلق طيب ,- لأن سوء الخلق يعيق الاستجابة -





وبهذا لانبعد عن قوله –صلى الله عليه وسلم- :





"خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لأهلى "(1) 





يا حبذا لو أننا نتعامل مع أهلينا كأنهم غرباء فى ضبط الأعصاب واللسان !





نستحى منهم كما نستحى من الغرباء , ونحترمهم كمانحترم الغرباء 





لقد جعل ابنه ملازمًا النار ! 





ثم ابك على حال أمتنا وهم يهملون أبناءهم الا من رحم الله و قليل ماهم : 



انشغال فى التجارة / 



انشغال فى المال /



انشغال فى الدنيا / 





والأبناء يفعلون ما يشتهون ! 





الأبناء يتربون فى الشوارع والملاهى وفى نوادى شياطين الإنس والجن ! 





وكان من ثمرة متابعة أبيه أنه كان قَيِّم النار التى يوقدها , فلم يسكن أوارها(2) ولم يخمد لهيبها , 





ولكن قدر الله أن ينشغل الأب فى بنيان له يوما , فيأمر ابنه أن يُشرِف على بعض الأمور ,





فيمر بكنيسة من كنائس النصارى , ويسمع أصواتهم فيها وهم يصلون ,





وكان منظرا غريبًا لحبيس بيت لم يسبق له أن رأىمثل هذا






* * * * 






المتن قال سلمان :





< فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم ؛ دخلت عليهم أنظر مايصنعون .> 





قال :< فلمارأيتهم ,أعجبتنى صلاتهم ورغبت فى أمرهم , 





وقلت : هذا والله خير من الدين الذى نحن عليه .> 






تفكر وتدبر وعدم تعصب فكر نَيِّر متجرد , لايتقيد بفكر غيره 





ما أشد حاجتنا نحن المسلمين إ لى عدم التعصب !





لقد أردانا التعصب الحزبى /





لقد أودى بنا التعصب المذهبى 





إنهما تعصبان قد اهلكانا , وأبلغانا كل هوانٍ وضعفٍ وذل :





- تعصب للشيخ /



- تعصب للمربى /



- تعصب للداعى /



- تعصب للجماعة /



- تعصب للحزب /






فاين هؤلاء من حب الله تعالى ؟





أين هؤلاء من حب النبيّ-صلى الله عليه وسلم-





أين هؤلاء من التمسك بما دعا إليه السلف من التجرد والإخلاص لله تعالى ؟ 





* * * 



المتن : 



< فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس >





رقة فؤاد وشفافية قلب 





اندفاع للدين وحماس له جلد وصبر 





ما أمس حاجة الكثير من أبناء المساجد لمثل هذا 





إن صدورهم لتضيق من تسبيحات فى ركوع أو سجود يزيدها الإمام على ماألفوه ! 





إنه ليضيق ذرعهم من محاضرة أو درس أو موعظة ! 





إنه لايهدأ بالهم ولاتقر أعينهم حتى يخرجو من المسجد ! 






* * * * 






المتن: 



< وتركت ضيعة أبى ولم أتها > 






لقد فرَّغ نفسه للحق الذى اعتقده. / 





لقد ودع الدنيا وأشغالها وارتبطاتها / 





كم يبكينا هذا الأمر ونحن نسمع أفاضل الناس ؛يوطنون أنفسهم على فعل الخير والإقبال على الله تعالى ولكن بعد إنهاء أشغال و أعمال هامة ! 





إن كلمة(-سوف-) –مطية الشيطان- قد جىء بها ليخدع بها أمثال هؤلاء 





إنهم يؤجلون ويؤخرون حتى تدركهم المنايا وهم مشغولون . 





إن انشغالهم بالدنيا لم يقطعه إلا الموت . 





* * * * 



المتن: 



فقلت لهم : < أين أصل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام . > 





لقد سال عن الأصل والنبع . إنه فى هذا منهوم لايشبع 





.....أين أصل هذا الدين ؟



إن الأصل فيه كامل الهداية والسداد والرشاد .





ما أشد قناعتنا بالقليل من الجواب؛ دون السؤال عن الدليل والبرهان وأقوال أهل العلم ! 





يسأل السائل عن حلال أو حرام فيكتفى بأن يسمع ممن يُفتيه (يجوز) ,( لايجوز ) ,(حلال ),( لابأس) ,





وبدا لى فى مثل هذا أن أقول :

يجوز ولا يجوز ومستحب 
وهذا عندنا لا بأس به 
كذا قد قالها من غير نص وقال القوم ياله من فقيه !
ويحتج من يتعصبون للمذاهب والأحزاب بقولهم :
إن أصل تلقيهم كله عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ! فكأن الاختلاف والشقاق والنزاع مختومًا بخاتم النبوة !!! 
وأستغفر الله مما يقولونه بلسان حالهم 
* * * * 
المتن: 
قال :< ثم رجعت الى أبى , وقد بعث فى طلبى , وشغلته عن عمله كله ,
قال :فلما جئته قال :
اى بنى ! اين كنت؟ ألم أكن عهد ت اليك ماعهدت ؟ 
قال : قلت : ياأبت ! مررت بناس يصلون فى كنيسة لهم ,
فاعجبنى مارأيت من دينهم , فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس > 
بعث الأب فى طلب ابنه , وأخذ يعاتبه على مافعل ويذكره بما أمره
لقد كان صادقًا مع والده ,
فقد أخبره بما كان من أمره . 
المتن: 
قال : < اى بنى ! ليس فى ذلك الدين خير , دينك ودين آبائك وأجدادك خير منه .
قال : قلت : والله ؛ انه خير من ديننا.
قال : فحافنى؛ فجعل فى رجلى قيدا , ثم حبسنى بيته .> 
...ليس فى هذا الدين خير
تعصُّب للباطل وتمسُّك بالشر
أسلوب من أساليب الصد عن الحق يذكرنا بقول الله تعالى فى حق المشركين :
" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " (فصلت :26) 
وسبب انعدام الخير المزعوم من ذلك الدين ؛ تعارضه مع دينه ودين أبائه وأجداده 
هكذا يُقدم دين الأباء والأجداد على دين الله تعالى !! 
إنها عبرة لنا ألانتأثر بما عهدنا عن أبائنا وأجدادنا من أمور العبادات ؛
حين نسمع أدلة ثابتة تنقضه أو تعارضه
فلاتقولن كما قال المشركون من قبل :
" وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ" ( القصص :36) 
ولا تقولن "....بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا " ( لقمان :21) 
ولا تقولن :" إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ " (الزخرف : 22) 
قد قال مثله الكثير من المسلمين , 
- قالوه حين قيل لهم ليس للمؤذن أن يضمن أذانه الصلاة على النبى-صلى الله عليه وسلم- 
- قالوه حين قيل لهم : " ان هذا الحديث مفترى على النبى –صلى الله عليه وسلم-
- وقالوه حين نهوا عن التعصب لمذهب من المذاهب , 
- قالوه حين نهو ا عن مصافحة من لاتحل لهم مصافحتهن من النساء . 
- قالوه فى مواطن ومواطن , 
لابد من نقض هذه القاعدة ما تعارضت مع الدين
ولا نتبع الأباء والأجداد إلا إذا كانوا على الحق والصواب .
"أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ( البقرة :133) * * * * 
المتن: 
قال : قلت : < كلا والله إنه خير من ديننا > 
كم يحب أباه ولكن لم يجامله 
المتن: 
< كلا والله إنه خير من ديننا !!!> 
إنه لايداهن فى سبيل الحق , ولو مع أحب الناس إليه 
تجرد تفتقر إليه الدعوات والجماعات / تجرد يفتقر إليه العلماء وطلاب العلم / 
إنك ترى أصحاب الدعوات – مع الأسف- يعتقدون قلة الخير أو انعدامه فى غير دعوتهم
كل دعوة تدعى شمول فهمها للإسلام ,ونقص ذلك عند غيرها .
ترى العَالِم ينبذ من ينبذ من العلماء-حسدًا وحقدًا- ويوظف لسانه وقلمه فيهم .
.ترى الكثير من أبناء الدعوة الواحدة قد انشقوا ,فشغلوا ألسنتهم وأقلامهم ضد بعضهم ,
وملأوا أوقاتهم ومجلسهم فى الغيبة والقدح والذم ؛زعما منهم أنهم يتقربون من الله تعالى !!!
فكيف الشأن مع الدعوات الأخرى ؟ /
وكيف الشأن مع أبناء الإسلام ؟ 
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان فى القلب إسلام وإيمان 
* * * * 
المتن:
قال : < فخافنى , فجعل فى رجلى قيدا ثم حبسنى(3) بيته > 
حبس الأب فلذة كبده
فلاتعجب إن تفنن أعداء الله تعالى فى تعذيب الأولياء والمتقين !! 
وهكذا لم تأخذه رأفة فى دينه وباطله ولم تحجزه محبة ابنه عن فعله لِما فعل 
وهكذا يحارب أهل الحق ويُكاد لهم ,
ويضيق عليهم فى كل زمان ومكان .
--------
الحاشية:(1)
(1) رواه الطحاوى فى "مشكل الاثار" من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما- وروى الحاكم منه الشطر الاول, وقال : "صحيح الإسناد" , ووافقه الذهبى . وله شواهد من حديث عائشة-رضى الله عنها –اخرجه ابو نعيم فى" الحلية" , وهو عند الدرامى نحوه , وانظر تفصيل تخريجه فى "اداب الزفاف " (ص269 ) . 
(2) الأوار: حر الشمس والنار 
" الوجيز ص 29 "
(3) الظاهر أن هناك سقطا كما هو واضح من نص الحديث المذكور ص305 

حيث جاء فى متن الحديث :"ثم حبسنى فى بيته " 
* * * *

َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد


عودًا على بدء نتابع معًا رحلة سلمان الفارسي في بحثه عن الحقيقة ليصل إلى نور الإسلام

ونتعرف على مافيها من دروس نستفيد منها في تربية النفس وتزكيتها وتهذيبها

انتهينا في المحاضرة السابقة من:

"حديث سلمان الفارسيّ ""
عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
عند فقرة:
المتن:
قال : < فخافنى , فجعل فى رجلى قيدا ثم حبسنى(3) بيته > 
حبس الأب فلذة كبده
فلاتعجب إن تفنن أعداء الله تعالى فى تعذيب الأولياء والمتقين !! 
وهكذا لم تأخذه رأفة فى دينه وباطله ولم تحجزه محبة ابنه عن فعله لِما فعل 
وهكذا يحارب أهل الحق ويُكاد لهم ,
ويضيق عليهم فى كل زمان ومكان 
فنتابع بإذن الله تعالى ونقول:
المتن:
قال سلمان :< وبعثت إلى النصارى , فقلت لهم : إذا قدم عليكم ركب من الشام ؛ تجار من النصارى فأخبرونى بهم .> 
يقول الشيخ " حسين بن عَودِة العوايشة" في كتابه " من مواقف الصحابة" معلقًا على المتن:
لم يستسلم لأوامر أبيه الظالمة , فقد كان يجاهد فى سبيل الهدى والرشاد .
"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" ( العنكبوت :69) 
كم تٌرك قول الحق لشح هالع (1) وجٌبن خالع .... كان مستعدا للسفر والترحال بٌغية الحق ....
لقد زهد فى المكث فى بلاده؛ طالما أ نها تغرقه فى الضلالة وتعيقه عن الهدى والنور.
لقد ارتضى بالحق ديارا وموطنا مهما نأت وتباعدت
لقد كان يتتبع الأمور ويستقصى ذلك , ليتقدم للأمام 
وليهتدى السبيل ويتعرف الحق 
المتن: قال :
< فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى , قال : فأخبرونى بهم . قال : فقلت لهم : إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم؛ فاذنونى بهم, فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبرونى .> 
تعليق الشيخ العوايشة:
لقد يسر الله تعالى ذلك الركب لسلمان ؛ليكون من شأنه ما يكون والله سبحانه فى عون الصادقين المخلصين ييسر لهم أمر الهداية والرشاد .
المتن: 
< فألقيت الحديد من رجلى , ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام , فلما قدمتها قلت :من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الأسقف فى الكنيسة >
< ثم خرجت حتى قدمت الشام> 
التعليق: 
لقد ودع بلده ووطنه ليبحث عن الحق 
ودع أهله وأحبابه 
ترك الجاه والمنزلة 
آثر الغربة والسفر والعناء
على كل ذلك ؛ بحثا عن الصواب .
ليتنا نتعظ بجهاد سلمان المتواصل !! 
هاهى الكتب بين أيدينا , ولكننا نعجز أن نبحث عن الحق فيها.
كم من الناس يسمعون نصوصا تنسب للنبى-صلى الله عليه وسلم- ,
فلا يكلف المستطيع منهم نفسه أن يبحث عن صحتها وأقوال أهل العلم فيها ؟
الأمر لايحتاج إلى سفر , ولا إلى ترك أوطانٍ أوأهلٍ أو مال !!!! 
الأمر أيسر من ذلك , 
ولكن القلوب مع الأسف ضعيفة الإيمان . 
انظر إلى التزام الناس فى دروس 
العقيدة والفقه والترتيل وعلوم القران والحديث وأصول الفقه والتربية وتزكية النفس 
ما أضعف الإقبال على هذه الدروس !! 
فلنجعل سفر وترحال سلمان عبرة لنا حين نعجز ونضعف . 
ولنذكر قول ابن أبى كثير
" لاينال العلم براحة الجسم ".
المتن: < فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟> 
التعليق:
إنه يبحث عن الأفضل والأصح من بداية الطريق . 
لم يكن يقنع بالقليل من الخير .
لقد كان يسأل : من أفضل أهل هذا الدين ؟
إن الناس يتخيرون من:
الأطعمة الأشهى , 
والأشربة الأطيب , 
والروائح الأذكى ,
والنساء الأجمل والأفضل من كل شىء,
بما يناسب أذواقهم ورغباتهم وأهواءهم ؛
أليس الأ ولى أن يتخيروا الأفضل والأصح لدينهم وأخراهم ؟!!
فلنبحث عن الأفضل والأصح فى الأشياخ والمربين والكتب وأسليب الدعوة إلى الله تعالى .
المتن:
< قالوا : الأسقف فى الكنيسة , قال : فجئته , فقلت : إنى قد رغبت فى هذا الدين , وأحببت أن أكون معك ,أخدمك فى كنيستك , وأتعلم منك وأصلى معك . قال :فادخل فدخلت معه >. 
التعليق: جاء سلمان الأسقف وأبلغه رغبته فى الدين ,
وأبدى استعداده لخدمته ليتعلم منه ويصلى معه .
لقد أدرك سلمان وهو فى بداية الطريق أن الدين ينال بملازمة أهل العلم وطلابه ؛
لذلك أراد أن يدفع هذا الثمن ,
فكان فى غاية التواضع وهو يعرض نفسه خادما للأسقف !! 
فهل تعلمنا من سلمان –رضى الله عنه – هذا الدرس ؟ 
هل تعلمنا ملازمة العلماء ؟ 
هل تعلمنا ملازمة طلاب العلم ؟ 
هل تعلمنا ملازمة من نحسبهم على خير ؟ 
تواضع سلمان وأراد أن يجعل من نفسه خادما للأسقف ؛ حتى يتعلم منه ويصلى معه .
لقد كان يدرك أن الدين لاينال إلا بالتواضع ؛ 
فكيف بمن يريد الفردوس وهو متكبر ؟ 
كيف بمن يكره النار وهو معجب بنفسه ؟ 
عجبا......عجبا !!! 
كم من طلاب العلم من يتكبر أن يقول : " تعلمت هذا من الشيخ الفلانى " ! كم من طلاب العلم يتكبر أن ينسب العلم لاصحابه !!
وكم من الناس رفضوا التعلم من البعض ؛ كيلا يقال فلان هو الذى علم فلانا !!
لقد أنزل سلمان نفسه منزلة الخدم ؛ حتى يصل إلى غايته السامية وهدفه النبيل ؛ 
فلنتحمل المشاق مهما كانت فى طلب العلم ,
ولنتحمل المصاعب مهما عظمت فى سبيل الله تعالى . 
المتن: قال: <أتعلم منك وأصلى> 
التعليق:
إنه فى بداية مسيرته يدرك جيدا أن العلم هو السبيل القويم للحق والصواب .
فليكن لنا حظ يومى من التعلم فيما ينفعنا ويقربنا من الله تعالى .
لابد من معرفة فضل العلم ؛ وما ورد فيه من نصوص ,
لنقبل عليه بجد ومثابرة
ولنحذر من البخل بالمال ؛ لشراء الكتب النافعة الطيبة التى تُعلمنا ديننا 
المتن:< وأصلى معك >
لقد كان سلمان يدرك أيضا أن للصلاة (2) منزلة عظيمة ؛
أدركها قبل أن تتلى عليه نصوص فضل الصلاة من القرآن الكريم والسنة المطهرة ؛
فماذا يكون من شأنه بعد أن تليت ؟
فلندرك إذن أن الله تعالى أنزل المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ؛ 
كما فى حديث أبى واقد الليثى قال : 
" كنا نأتى النبى –صلى الله عليه وسلم – إذا أنزل عليه , فيحدثنا ؛
فقال لنا ذات يوم : إن الله –عزوجل –قال : 
إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ؛ ولو كان لابن آدم واد ,لأحب أن يكون إليه ثان , 
ولو كان واديان لأحب إليهما ثالث , 
ولا يملأ جوف ابن آدم إلاالتراب ؛ ثم يتوب الله على من تاب . " (3)
أجل أن الصلاة مرآة العبادة وثمرتها ؛
فلنحرص على إتقانها ,
ولنصلها كما صلاها رسول الله –صلى الله عليه وسلم –
ولنجعلها خاشعة ,
تقر بها عيوننا وتسعد بها قلوبنا .
ولنقبل على صلاتنا وكأننا مودعون ,
نبكى على ذنوبنا ونتوب منها 
ونخاف فتنة القبر وعذاب النار وسوء العاقبة ؛
فنزداد إيمانا يوما بعد يوم ؛ ونزداد تخلقا بالقرآن , 
ونسعى لما يرضى الله تعالى علما وعملا ودعوة وجهادا . 
المتن:
<قال : فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ؛ فإذا جمعوا إليه منها أشياء ؛ اكتنزه لنفسه, ولم يعطه المساكين , حتى جمع سبع قلال من من ذهب وورق. >
التعليق:
وهذا شأن المفسدين فى الأرض فى كل عصر ومصر ,
يرتدون ثياب الإسلام والإيمان ؛ 
ويخفون فى جنباتهم نفوس النفاق والعصيان .
ومن هذه النوعية الفاسدة المعاصرة إمام مسجد فى بعض الدول العربية ,
قالت اللسان مهرج –مع الأسف – جاء أحدهم يخبره أنه كان ذاخلق ذميم وذا بطش ,
فعدها تهديدا له فقال : 
" واجعلنى للزعران (4)إماما " !! 
هذه على خطورة مدلولها وبشاعة أسلوبها قد ذكرتها ,
أما الألفاظ الأخرى ؛ فلا أستطيع أن أذكرها , 
لأنه ينتقد نطقها فى أقذر الشوارع !!
وأما عن وضع اليد على الصدر فيقول : 
" زى الحامل بطيخة " أو " اللى برضع " !!
وأما المنبر فإنه مجال الهجوم على من خاصمه وخالفه ؛ 
أيصلح هذا أن يكون بائعا فى سوق من أسواق المسلمين !! 
فضلا عن أن يكون إماما من أئمة مساجدهم 
وخطيبا من خطبائهم فى مسجد كبير يحضره يوم الجمعة عدد كبير !!!
ومن النماذج القديمة ؛ ذلك الأسقف الخبيث , 
الذى استغل عواطف الناس الدينية فى اكتناز الأموال وادخارها لنفسه . 
ولكن ما أثر هذا الأمر على سلمان ؟ 
هل ارتد عن الدين ؟ 
هل نظر إليه نظرة سوداء من خلال ذلك الأسقف ؟
لم يكن من ذلك شىء ؛ 
لأنه يدرك أنه لاعلاقة للدين بفسادالرجال .
ولاتنس –يرحمك الله – أن الصدمة كانت مع أول أسقف !! 
إننا لندعو الله تعالى أن يثبت من يعلن إسلامه من الكفار والمشركين ؛
مما يرى من حال المسلمين ؛ 
مما قد يرجف قلبه ,
ويعيده إلى حظيرة الكفر والعصيان – عياذا بالله تعالى – 
كم من الناس حرموا فعل الخيرات لصدمات تلقوها ممن يحسبهم على خير .
وهناك من يحلفون الأيمان على ترك الخير بسبب هذه الصدمات . ويقول ربنا – سبحانه - فى هذا : { ولاتجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم } (5)
المتن: 
<قال : < وأبغضتهم (6) بغضا شديدا لما رأيته يصنع > 
التعليق:
لقد ربط الله تعالى على قلبه ؛ فلم تثنيه تلك السلوكيات الخاطئة عن الاستمرار فى طلب الحق ولكنه أبغضه بغضا شديدا لفعله القبيح . 
المتن:
< ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه , فقلت لهم : إن هذا رجل سوء , يأمركم بالصدقة , ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه , ولم يعط المساكين منها شيئا . قالوا : وماعلمك بذلك ؟ قال : قلت : أنا أدلكم على كنزه قالوا : فدلنا عليه . قال : فأريتهم موضعه , قال : فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ؛ فلما رأوها قالوا : والله لاندفنه أبدا , فصلبوه ثم رجموه بالحجارة .> 
التعليق:
لقد تطوع لخدمة ذلك الأسقف – وما أصعب ذلك على النفس – لياخذ منه ويتعلم منه و , ويقتدى به ولكنه مع الأسف لم ير – وهو فى بداية الطريق – إلا النفاق والمراءاه والكذب والدجل؛ ومع هذا فقد تصرف بحكمة وصبر وأناة وحلم طيلة حياة ذلك الأسقف , حتى إذا وافته المنية ؛ أخبر الناس ما كان منه , وسألوه عن الدليل والبرهان فأتى بذلك ؛ فلما استخرجوا جرار الذهب والفضة أقسموا بالله ألايدفنوه فصلبوه ثم رجموه بالحجارة 
ثم جاءوا برجل آخرفجعلوه بمكانه . 

ونتعرف على مافيها من دروس نستفيد منها في تربية النفس وتزكيتها وتهذيبها

نتابع معًا رحلة سلمان الفارسي في بحثه عن الحقيقة ليصل إلى نور الإسلام
_________________________________ 
الحاشية:
(1) رواه الطحاوى فى "مشكل الاثار" 
من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-
وروى الحاكم منه الشطر الاول, وقال : "صحيح الإسناد" ,
ووافقه الذهبى . وله شواهد من حديث عائشة-رضى الله عنها –
اخرجه ابو نعيم فى" الحلية" , وهو عند الدرامى نحوه , 
وانظر تفصيل تخريجه فى "اداب الزفاف " (ص269 ) . 
(2) انظر رسالتى " الصلاة وأثرها فى تربية النفس وتهذيبها " ؛ 
طبع المكتبة الإسلامية – عمان . 
(3) أخرجه أحمد والطبرانى فى " الكبير " وإسناده حسن , كما فى:
" الصحيحة " برقم (1639) وله شواهد أخرى , 
وهو فى الصحيحين دون قوله : " إنا أنزلنا ....
" البخارى (6436) ,(6637) ,( 6438) , (6439)
ومسلم "كتاب الزكاة " 
(باب لو كان لابن آدم واديين .....) ؛ 
وانظر كلامى حول هذا الحديث ,فى الكتاب المشار إليه آنفا . 
(4) الأزعر : السىء الخلق , والجمع زعر " الوسيط " . 
(5) ( البقرة :225 ) . وللناس فى هذه الآية فهم سقيم فهم يفهمون من ذلك عدم الإكثار من الحلف بالله سبحانه , والتحرج من أصل ذلك , وقد ثبت عن النبى –صلى الله عليه وسلم – أنه قال : " أحلفوابالله وبروا واصدقوا ؛ فإن الله يكره أن يحلف إلا به " # وقد وردت أحاديث كثيرة ؛ صدرها النبى –صلى الله عليه وسلم –بالحلف والقسم بلفظ " والذى نفسى بيده " ؛ ولفظ "والله " وغير ذلك . ومما جاء فى تفسير الآية السابقة – كما فى " تفسير ابن كثير " - : " لاتجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها ...." ؛ وقال على بن طلحة عن ابن عباس فى قوله : "و لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم " قال :" لاتجعلن عرضة ليمينك أن لاتصنع الخير , ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير . " وكذا قال معروف والشعبى وإبراهيم النخعى ومجاهد وطاوس وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومكحول والحسن والزهرى وقتادة ومقاتل بن حبان والربيع بن أنس والضحاك وعطاء والخرسانى والسدى –رحمهم الله . وذكر – رحمه الله – ما يؤيد ذلك من النصوص . 
# " رواه السهمى فى " تاريخ جرجان " وأبو نعيم فى "الحلية " وغيرهما وللحديث طريق آخر عن ابن عمر " بلفظ مقارب وإسناده حسن ؛ كما فى " الصحيحة " برقم (1119) .
(6) الظاهر أنه تصحيف ........كما هو واضح من نفس الحديث المذكور ( ص306 ) 
حيث جاء فى متن الحديث: " وأبغضته "
=========    

َإِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد

انتهينا في المحاضرة السابقة من:

"حديث سلمان الفارسيّ ""
عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
عند فقرة:
ثم جاءوا برجل آخرفجعلوه بمكانه . 
نتابع معًا رحلة سلمان الفارسي في بحثه عن الحقيقة ليصل إلى نور الإسلام
ونتعرف على مافيها من دروس نستفيد منها في تربية النفس وتزكيتها وتهذيبها
فنتابع بإذن الله تعالى ونقول:
المتن:
< قال :يقول سلمان : " فما رأيت رجلا لايصلى الخمس أرى أنه أفضل منه , أزهد فى الدنيا ولا أرغب فى الآخرة , ولا أأدب ليلا ونهارا منه > 
التعليق:
يسر الله تعالى سبل الهدى لسلمان بالرجل الذى جعلوه مكان ذلك ,فقد كان يسمو فى قلب سلمان لحسن صلاته وزهده , ورغبته فى الآخرة , ودأبه على العمل الصالح .
المتن:
< فأحببته حبا لم أحبه من قبله , وأقمت معه زمانا > 
التعليق:
هذا هو ميزان الحب الذى يزن به أولوا الألباب. فليذكر أحدنا هذا الميزان حين يبحث عن زوجة ؛فيتخير المرأة الصلحة الطيبة .وليكن أعظم حافز لنا للتقدم؛ أن نستمع ممن نثق بهم ,عن حسن التزام هذه الفتاة بدينها وزهدها فى دنياها , وشدة حيائها , وحشمتها فى لباسها ؛ ولانغتر بنسب , أوحسب , أو شهادة جامعية , أو مظهرية خاوية . ولنذكر هذا الميزان حين نبحث عن الآصحاب والأصدقاء , ولصطفى الأفاضل والطيبين ؛ من غير أن تجرفنا بحار المادية ولا زخارفها الزائفة . ولنذكر هذا الميزان حين ندلى بدلاء الآراء والأفكار ؛ فنزن بميزان الإسلام لا بميزان الأهواء . 
تعليق معلمتي - رحمة الله عليها- ذكرت حديثين بهذه المناسبة:
= عن أبى هريرة قال :قال رسول الله :
{ قبل الساعة سنوات خداعة يُكَذَب فيها الصادق , ويُصَدَق فيها الكاذب , ويُخَوَن فيها الأمين , ويُؤتمن فيها الخائن , وينطق فيها الرويبِضة قالوا : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : السفيه يتكلم فى أمور عامة } 
الأشراط الصغرى للساعة –مصطفى العدوى- ص27 – وقال فى الحاشية فى بعض الروايات : تفسير " الرويبضة" : بأنه السفيه يتكلم فى أمر العامة . 
= عن حذيفة بن اليمان قال : 
حدثنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم - حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر
:{... ويُصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدى الأمانة , فيقال : إن فى بنى فلان رجلا أمينا ويُقال للرجل : ما أعقله وما أظرفه وما أجلده ومافى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان }. 
الأشراط الصغرى – مصطفى العدوى – ص 29 جزء من حديث طويل 
المتن:
< وأقمت معه زمانا ثم حضرته الوفاة؛ فقلت له : يافلان !إنى كنت معك , وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك, وقد حضرك ماترى من أمر الله , فإلى من توصى بى ؟ وماتأمرنى ؟ > 
التعليق:
" أقام معه زمانا " إنه العمل الدائب المستمر دون كلل , أوملل , كان ذلك حتى حضرت ذلك الأسقف الوفاة ؛وكان سلمان ينظر بمنظار المستقبل ترى ماذا بعد وفاة ذلك الأسقف ؟ 
سبحان الله !! إن الكثير لايسأل عن حاضر إيمانه وينسى جل ماضيه ؛ فكيف يسأل عن المستقبل ؟
أما عن الدنيا فلا تسل . فالنجاح فى ماضى دنيانا عنوان مستقبلنا ؛ 
أما الإخفاق ؛ فيستفاد منه الادّكار والاعتبار . 
وأما المستقبل فإنه يحظى بكل تفكير وتدبر وتأمل وإخلاص ووفاء وتضحية !! 
الكثير منا لايسأل عن حاضر إيمانه فى زحام المال والتجارة والأشغال والنساء وحب الشهرة والظهور .
؛ أما سلمان فإنه ينظر لمستقبل إيمانه .
لقد حفزه هذا أن يقول للأسقف : " فإلى من توصى بى ؟ وما تأمرنى ! "
إنه البحث عن العلماء العاملين .
إنه البحث عن الصادقين . 
إنه البحث عمن يهدونه سبل الرشاد بإذن الله تعالى . 
واأسفاه على القائمين بالقليل من الدين .
واحزناه على قوم لايميزون من يستفتى ممن لايصلح لذلك. 
واألماه على أناس ؛ صححت عباءة الرجل لهم ضعيف الحديث ؛ حتى لكأنه سيق بسند البخارى ,
وصوبت عمامته فاسد الرأى ؛ حتى لكأنه وحى من السماء !!
يالمصيبة قوم لايميزون بين العلم والجاهل !! 
يالخسارة قوم ذموا العالم الفقيه ؛
ومدحوا الجاهل السفيه ! 
وكم من جهال قيل عنهم علماء ؛
وكم من علماء قيل عنهم جهال !!. 
" وماتأمرنى ؟ " استعداد لتلقى الأوامر . 
استعداد للاستجابة 
استعداد للسفر والترحال . 
توطين النفس على تحمل المشاق والصعاب . 
توطين النفس على التجمل بالصبر . 
فهل تحلينا ببعض هذا ؟
إن كان ذلك فالأوامر كثيرة جدا ؛ فهلم بنا نفعل منها مااستطعنا . 
المتن:
< قال : أى بنى ! والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه ؛ لقد هلك الناس وبدلوا ؛ وتركوا أكثر ماكانوا إلا رجلا بالموصل ؛ وهو فلان ؛ وهو على ماكنت عليه فألحق به . > 
التعليق:
إنه لايعرف أحدا على الحق سوىرجل واحد. ؛
لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ماكانوا عليه .
قلة فى الاتباع ! 
هجران للحق والصواب !
ما أشبه اليوم بالبارحة – كما يقولون - !
لم يعد الناس يميزون بين سنة وبدعة ؛
بل إن السنة عندهم بدعة والبدعة هى السنة ؛ 
والحديث الصحيح هو الضعيف ؛ والضعيف هو الصحيح , 
والحسن ما حسنه الهوى , والقبح ماقبحه الهوى .
إذا تمسك الرجل بالثابت من النصوص ؛ واجتنب الضلالة والبدع ؛
نبذ نبذ النواة , ورمى بالجهل والضلالة والهوى .
أصبح ميزان الناس فى الحق والضلالة كثرة وقلة ؛ 
ليتهم يقرؤون كتاب الله تعالى وفيه ذم الكثرة وامتداح القلة (1) فلتدع إذن – وقد سبقنا بذلك -
" اللهم اجعلنى من القليل . " ولاتفرحن دعوة من الدعوات بكثرة أبنائها ؛ ولكن لتنظر أوافقت الحق أم لا ؟ 
المتن:
< فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل ؛ فقلت له : يافلان ! إن فلانا أوصانى عند موته أن ألحق بك ؛ وأخبرنى أنك على أمره , قال : فقال لى : أقم عندى ؛ فأقمت عنده ؛ فوجدته خير رجل على أمر صاحبه . > 
التعليق:
واصل سلمان سفره وترحاله حتى بلغ الموصل , وأخبره ماكان من أمره ؛ فقال له : أقم عندى فأقام عنده فوجده خيررجل على أمر صاحبه ومنهجه . 
وهذا درس طيب للعلماء !! أن يتحملوا تلاميذهم فى التعليم والإقامة والمتابعة – مااستطاعوا إلى ذلك سبيلا - 
ونستفيد أيضا ضرورة التعارف بين أهل الحق ؛ كيف لا والمؤمنون يعضهم أولياء بعض . وهاهو ذلك الأسقف قد أوصى سلمان بالذهاب إلى صاحب الموصل (2) ؛ فلم يلبث أن مات . 
 المتن: 
فلما حضرته الوفاة قال له :
< يافلان ! إن فلانا أوصى بى إليك وأمرنى باللحوق بك ؛ وقد حضرك من الله --عزوجل – ماترى ؛ فإلى من توصى بى وما نأمرنى ؟ قال : أى بنى ! والله ما أعلم رجلا على مثل ماكنا عليه إلا رجلا واحدا بنصيبين ؛ وهو فلان ؛ فألحق به . > 
التعليق:
تكرر معنا ذكر موت أولئك الأساقفة ؛ وهذا يذكر بقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم -
" إن الله لايقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ؛ حتى إذا لم يبقى عالما ؛ اتخذ الناس رؤسا جهالا ؛ فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا . " (3) 
ومن هنا أدرك أعداء الإسلام هذه الحقيقة , فراحوا يكيلون الاتهتمات للمتمسكين من أبناء هذا الدين ؛ ويرموهم بما ليس فيهم ؛ وحاولوا بكل ما أتوا من قوة ومكر وعلم ؛ أن يشوهوا سمعة هؤلاء الصفوة ؛لأنهم يعتقدون أن بتشوههم يشوه الدين ؛ وأن بحياتهم يحيا ؛ وبموتهم يموت ولكن رغم أنف الملاحدة والمشركين والمنافقين { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون } 
ومازال سلمان يعانى من قلة المربين وأصحاب الحق , فليس هناك سوى رجل واحد بنصيبين . 
المتن:
< فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته ؛ فأخبرته بخبرى وما أمرنى به صاحبى ؛ قال : فأقم عندى ؛ فأقمت عنده , فوجدته على أمر صاحبيه ؛ فأقمت مع خير رجل ؛ فوالله مالبث أن نزل به الموت , فلما حضر , قلت له: يا فلان ! أن فلانا كان أوصى بى إلى فلان ؛ ثم أ وصى بى فلان إليك ؛ فإلى من توصى بى وما تأمرنى؟ قال : أى بنى ! والله مانعلم أحد ا بقى على أمرنا آمرك أن تأتيه ؛ إلارجلا بعمورية ؛ فإنه بمثل مانحن عليه؛ فإن أحببت فأته , قال : فإنه على أمرنا , قال : فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبرى ؛ فقال :أقم عندى فأقمت مع رجل على هدى أصحابه وأمرهم . > 
التعليق:
وهكذا كان صاحب نصيبين خير رجل على منهاج أصحابه وعلى دربهم وطريقهم ؛ ولا عجب فى ذلك فالحق واحد لايتعدد وكان من شأنه معه ؛ ماكان من قبل مع أفاضل الأساقفة ؛ وكانت وصيته أن يذهب إلى رجل بعمورية ؛ فذهب إليه وأقام عنده ؛ وكان على هدى أصحابه وأمرهم . 
المتن:
< قال :واكتسبت حتى كان لى بقرات وغنيمة . >
التعليق: 
لابد لابد من الاكتساب الحلال المشروع للمسلم ؛
ليتقوى على طاعة الله تعالى ؛ بما لايشغل عن طاعة الله تعالى .
وما ندرى ما يكون لهذه البقرات والغنيمة من أثر فى هداية سلمان !!
إن هذا ليذكرنا بقول سفيان الثورى – عن الدنانير –
"لولاها لتمندل بنا الملوك . " (4) أجل إن للمال أثره العظيم ؛ 
كم وقعوا فى المعاصى والآثام من أجل لقمة العيش !! 
كم هابوا أن يقولوا كلمة الحق خوفا على الرزق ! 
كم داهنوا وجاملوا لأجل المال !! 
كم تركوا صلوات مخافة فقدان وظائفهم !!
كم حلقوا لحاهم حفاظا على مصالحهم و أشغالهم !! 
المتن: 
< ثم نزل به أمر الله ؛ فلما حضر قلت له : يا فلان ! إنى كنت مع فلان ؛ فأوصى بى فلان إلى فلان؛ وأوصى بى فلان إلى فلان ؛ ثم أوصى بى فلان إليك ؛ فإلى من توصى وما تأمرنى ؟ قال : أى بنى ! ما أعلم أصبح على ماكنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه . > 
التعليق:
مازال يبحث عن أصحاب الحق و أسباب الهدى ؛ 
مازال يبحث عن الوصية والأوامر . 
" فإلى من توصى بى و ما تأمرنى ؟ " ؛ 
كم تلقينا من وصايا فرفضناها ,! 
وكم تلقينا من أوامر فأبيناها . !
لم نسافر لها أو نرحل ! ولكن بلغتنا حيث نكون .! 
بل قد تولد التأويل والتفسير ؛ لرد هذه الوصايا والنصائح والأوامر .
فلنتقِ الله ربنا ؛ ولنتذكر قول سلمان المتكرر ؛ وهو فى غاية اللهفة :
"فإلى من توصي بى ؟ وماتأمرنى؟
المتن:
" قال أى بنى ! ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أ تأتيه . " 
التعليق:
لقد حظى سلمان كل مرة بشخص فاضل ؛شد له رحله؛ ولكنه هذه المرة لم يحظ بأحد .!! 
"ما أعلم أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أ تأتيه "
وحتى القلة لم ينلها !!!!!
لا أحد......لاأحد !! 
ما أوحش الطريق التى قل فيها السالكون . 
بل ماأوحش الطريق التى خلت من السالكين .
يالغربة سلمان . !! 
غربة فى الدين .
غربة فى الوطن .
يالقلة الأتباع !!!!
يالقلة الأصحاب .!! 
فلتضىء(5) لك غربة سلمان هذه نور الإيمان واليقين والثبات ؛ 
حين تناقش المسلمين فى جل البلاد فى مسائل الاعتقاد والمنهج والفقه .
تنظر من حولك فلا ترى إلا المتغامزين . 
لاترى سوى المستهزئين
لاترى سوى تبنى منهاج الخلف والتقليد المحض . 
حذار حينئذ أن تشك بنفسك ؛ 
إن هذه لدلائل الحق وأمارات الهدى .
فاستمسك بالحق الذى أنت عليه , إنك بإذن الله على صراط مستقيم
نتابع بعد ذلك بحول الله وقوته.


الحاشية:
(1) انظر كتابى " المظهرية الجوفاء فى دمار الأمة " 
( ولاتغرنكم الكثرة ياأصحاب المظهرية الخاوية)ص89 (2) وتسلسلت الوصية من شخص لآخر ؛ كما سيأتى معنا . 
( 3 ) رواه البخارى (100 ) ومسلم (2673) وغيرهما 
( 4 ) " سيرأعلام النبلاء " ( 7 / 241 ) 
النادل: من يقوم على خدمة القوم في الأكل والشرب "المعجم الوجيز ص 608"
(5) الظاهر أنه تصحيف .....ولعل الصواب هو إثبات الهمزة المتطرفة على الياء ( فلتضئ ) .




=========   

متابعة وختام "حديث سلمان الفارسي عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
إِنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد

انتهينا في المحاضرة السابقة من:
"حديث سلمان الفارسيّ ""
عن رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
عند فقرة:
فإن صبر وثبت جاءه العون من الله ؛ وصار ذلك الصعب سهلا , وذلك الألم لذة , فإن الرب شكور , فلابد أن يذيقه لذة تحيزه إلى الله وإلى رسوله , ويريه كرامة ذلك , فيشتد به سروره وغبطته , ويبتهج به قلبه , ويظفر بقوته وفرحه وسروره , ويبقى من كان محاربا له على ذلك ؛ يبقى هائبا له , ومسا لما له , ومساعدا وتاركا , ويقوى جنده ويضعف جند العدو " 
ونستكمل معًا
"حديث سلمان الفارسيّ " و " رحلته في طلب العلم والبحث عن الحق"
المتن: 
< فشهدت مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم - الخندق ؛ ثم لم يفتنى معه مشهد . > 
التعليق:
- وهكذا بعد أن تحررالجسد – وقد كان الفكر متحررا من قبل –
- أخذ يتابع الغزوات ويشارك فيها ويعمل الصالحات ويسابق الخيرات . 
- ألا هلا تأسينا بسلمان –رضى الله عنه - ؟ 
- ألا هلااقتدينا بهذا الصحابى الجليل؛
- الذى بلغ من منزلته عند الله –عزوجل- أنه يغضب لغضبه ؟ كما فى حديث عائذ بن عمرو : 
" أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال فى نفر ؛ فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدوالله مأخذها قال : فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم ؟ فأتى النبى-صلى الله عليه وسلم- فقال :" ياأبابكر لعلك أغضبتهم ! لئن كنت أغضبتهم ؛ لقد أغضبت ربك . " فأتاهم أبوبكر فقال : يا إخوتاه ! أغضبتكم ؟ قالوا " لا .(1) يغفر الله لك يا أخى . " (2) 
- وهكذا كانت عاجل بشرى سلمان-رضى الله عنه- أن يقول فيه –صلى الله عليه وسلم-" لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس ؛ أو قال من أبناء فارس ؛حتى يتناوله ." (3) 
وقوله-صلى الله عليه وسلم- :" لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء . " (4) 
وعن أبى هريرة-رضى الله عنه- قال : " إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- تلا هذه الآية : 
{وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا أمثالكم .} (5) " 
- قالوا : يارسول الله ! من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ؛ ثم لايكونوا أمثالنا ؟ 
- قال : فضرب بيده على كتف سلمان الفاريى-رضى الله عنه- 
- ثم قال : هذا وقومه ؛ لو كان الدين عند الثريا ؛ لناله رجال من هؤلاء (6) 
- وله شواهد من حديث ابن عمر-رضى الله عنهما- مرفوعا بلفظ : 
"رأيت غنما كثيرة سوداء ؛ دخلت منها غنم كثيرة بيض ؛ قالوا : فما أولته يارسول الله ؟ 
قال : العجم يشركونكم فى دينكم وأنسابكم . قالوا : العجم يارسول الله ؟ !
قال : لو كان الإيمان معلقا بالثريا ؛لناله رجال من العجم وأسعدهم به الناس (7) " (8) 
- لوكان الدين عند الثريا .......
# إن فى هذا بذل الجهد وإفراغ الوسع ؛ فى نيل الإيمان والتقرب من الله تعالى .
# إن هذا ليحفزنا أن ندرس العوائق التى تعيقنا عن الله ؛ ونبحث عن أسباب إزالتها ؛ بكل ما أوتينا 
من ... قوة .... وعلم ....واستطاعة . 
# إنه ليحضنا أن نسارع إلى الخير ونسابق إلى البر . 
# إنه يعلمنا عدم اليأس من علاج مااستعصى علينا من أمراض القلوب 
# هؤلاء هم أولو العزم الذين ينبغي أن نتأسى بهم 
# هؤلاء هم طلائع الإيمان الذين يجب أن نقتدى بهم . 
# هؤلاء هم الصفوة المختارة التى ينبغى أن نسير على منهاجهم وطريقهم. 
- لقد تحمل سلمان أشد العناء من أجل الهدى ؛
- سافر وارتحل وتنقل من بلد إلى آخر .
- ترك والده وأهله وأحبابه. 
- تحمل المشقة والتعب .
- تدواله (9)بضعة عشر سيد من شخص لآخر 
- جعل نفسه خادما لمن ظن فيهم الخير . 
- ظل يتابع أهل الحق والرشاد . 
- واظب على التعلم والصلاة . 
- ضحى بماله وبما يملك . 
- بيع عبدا رقيقا .
- لكم وضرب .
= فهلا ادكرنا واعتبرنا ؛ فلا نتبع الرخص فنضل عن سبيل لله سبحانه !! 
= ولا نبحث عما يريح ؛ ولو فى غضب الله تعالى . 
= ولانداهن خوفا على رزق الأهل و العيال . 
- إن ذكرمثل هذا الصحابى الفاضل يعطى شجاعة للقلب وقوة له .
- لنمضى قدما نحو الإيمان والعمل الصالح والسير الحثيث ؛فى الطاعات وجهاد النفس . 
- ألا هل كنا من أولئك المقتدين التأسين ؟!!
- ألا هل كنا من العاملين المخاصين ؟!! 
تعليق معلمتي رحمة الله عليها-
الصحابة كانوا يتعاهدون علا قاتهم بعضهم بعضا ألا يشوبها شائبة كدر , وكانوا يحرصون على سد مداخل الشيطان لئلا ينزغ بينهم .... 
من شريط : اليرموك أحداث ووقائع – ممدوح المنشاوى – الوجه الثانى
وقد أسندت إدارة الجيش إلى عدد من الصحابة يتولى كل منهم سرية أو لواء ثم صدرت الأوامر بأن يتولى خالد بن الوليد قيادة الجيش وحده ويتنحى الباقون : 
"..ثم أرسل خالد بن الوليد الضحاك بن قيس الفِهرىّ
بأن ينادى فى الجند بأن الجيش أصبح له قائد واحد هو خالد بن الوليد ,
يصدُر الجميع عن أمره ورأيه , 
ولا أحد يُصدِر الأوامر سواه ...
انطلق الضحاك بن قيس وجعل ينادى بأن خالد هو القائد العام للجيش ,
فسمعه معاذ بن جبل , وكان قائدا لأحد الأفرع الرئيسية لجيش المسلمين , 
فقال معاذ لمن تحت رايته : 
(يا أيها الناس ؛ اسمعوا لخالد وأطيعوا , فوالله لئن سمعتم له لتطيعُنّ مبارك الأمر , , ميمون 
النقيبة , حسن الغنائم , عظيم الحسبة والنية )...
فبلغت هذه المقولة خالدافدمعت عيناه وقال : 
(رحم الله أخى معاذا ؛ إن أحبنى فإنى أحبه فى الله ,
ولقد سبقت له ولإخوانه من السابقين الأولين من الأنصار سوابق ما ندركها وما نلحقها وما ننالها , 
فهنيئا لهم بما خصهم به الله من ذلك ) .... 
فبلغت هذه المقولة معاذا فقال –وقد دمعت عيناه- :
<رحم الله أخى خالدا ,
إنى لأرجو أن يكون الله –عزوجل- 
قد عطاه - على بصيرته فى جهاد المشركين مع شدته عليهم – 
مثل ما لنا من أجر , وأن يكون بذلك من أفضلنا عملا > ". 
يعنى - والله - لو لم نخرج من درس اليوم سوى بهذه المقطوعة فى الحب فى الله الذى كان بين الصحابة لكفى بها ونعمت . ...
- هكذا كان الحب ,
- وهكذا كانوا يحملون طيب المشاعر فى قلوبهم لبعضهم البعض ,
- وبمثل هذا الحب سادوا وقادوا وتحولوا من رعاة لغنم إلى قادة للأمم ...
- بمثل هذا الحب تكون السيادة وتكون الرفعة ويكون السؤدد . 
- كان بعض السلف يقول : < ما استقصى كريم قط > . 
-وهذا سفيان الثورى يقول : < مازال التغافل من شيم الكرام > . 
# نتكلم كثيرا عن الابتلاءات والصبر عليها ,
- ثم نفاجأ بأنفسنا – عند الابتلاء بسبب الآخرين من أقارب ومعارف وأصدقاء –
-عاجزين عن الصبر , جزعين متخاصمين ...
- يعتبر كل منا نفسه مبتلى بأخيه المسلم –أو أخته المسلمة - 
- وفى نفس الوقت –ومن الإنصاف- 
- ليعتبر كل منا نفسه ابتلاء لأخيه المسلم – أو أخته المسلمة ....
- أنا مُبتلاه - بقدر الله وبذنوبى واختبارا وامتحانا وتمحيصا ومحقا – بالآخرين ,
- والآخرون مبتلون –بقدر الله وبذنوبهم واختبارا وامتحانا وتمحيصا ومحقا –بى .... 
# يقول الله –عزوجل- : {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون } . 
- - عندما يختلف اثنان , وربما يضيع الحق بينهم ؛
- تجد أحسنهم خُلقا وأكثرهم تسامحا غاية ما يصل إليه من حسن الخلق والتسامح أن يقول :
" خلاص أنا مسامح ,بأنه صاحب الحق ... وفى المقابل ربما وجدت الطرف الآخر 
–على أحسن الفروض – يتلفظ بنفس الكلمات !!! 
- قد افترض هو الآخر أنه صاحب الحق !!!
- وهكذا يضيع الحق بين المسلمين ...
- فإلى الله نشكو ضعف أنفسنا وعزائمنا ...
- أليس فينا رجل رشيد يقول لصاحبه عند الاختلاف :
< إن كنت أخطأت فى حقك فسامحنى واغفر لى , 
وإن كنت أخطأت فى حقى سامحتك وغفرت لك > " !!! . 
# أحاديث للذكرى , والذكرى تنفع المؤمنين : 
* سنن الترمذى – كتاب صفة القيادة – باب منه –
" عن الزبير بن العوام أن النبى قال :
{دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هى الحالقة لا أقول تحلق الشعر ؛ ولكن تحلق الدين , 
والذى نفسى بيده لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أفلا أُنبئكم بما يثبت 
ذاكم لكم ؛ أفشوا السلام بينكم } . 
( الحسد ) : أى فى الباطن ,
( البغضاء) : أى العداوة فى الظاهر , وسميا 
(داء) لأنهما داء القلب " . 
* سنن أبى داود – كتاب الأدب –باب فى اصلاح ذات البين –:
عن أبى الدرداء أن النبى قال :
{ ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟
قالوا: بلى يارسول الله 
قال:إصلاح ذات البين ,
وفساد ذات البين هى الحا لقة }
الشرح من : " صحيح الأدب المفرد "
– باب إصلاح ذات البين / 162 – حديث رقم : 303 / 391 : 
{ درجة أفضل من الصلاة والصيام والصدقة } : أى نفلا بقرينة قوله : 
{ والصدقة } فإنها مندوبة غالبا .... وهناك من قال بإطلاق الأفضلية . 
قال : { إصلاح ذات البين } :
{ البين } من الأضداد , وهو الوصل والهجر . ... 
قال فى المرقاة :
< يُريد { بذات البين } : الحفلة التى تكون بين القوم من قرابة ومودة ونحوهما 
وقيل : المراد بذات البين : المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين أى فرقة 
وقال الطيبى :
إصلاح ذات البين أى أحوال بينكم , يعنى : ما بينكم من الأحوال ألفة ومحبة واتفاقا >
{وفساد ذات البين هى الحالقة } : قال فى " النهاية" : 
<{ والحالقة } : الخصلة التى من شأنها أن تَحلق أى تُهلك وتستأصل الدين ؛
كما يستأصل الموسى الشعر . وقيل هى : قطيعة الرحم والتظالم . > 
قال القارى : 
< { الحالقة } : أى الماحية والمزيلة للمثوبات والخيريات , 
والمعنى : يمنعه شؤم هذا الفعل عن تحصيل الطاعات والعبادات . 
وقيل المهلكة مِن:
" حلق بعضهم بعضا " : أى : قتل , مأخوذ من حلق الشعر . 
وقال الطيبى :
فيه حث وترغيب فى إصلاح ذات البين واجتناب عن الإفساد فيها ؛
لأن الإصلاح سبب الإعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين , 
وفساد ذات البين ثلمة فى الدين > . 
# صحيح الأدب المفرد 
– 1- باب إصلاح ذات البين / 162 –حديث رقم : 304 / 392 : 
<عن ابن عباس :{ اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم }
قال :(هذا تحريج من الله على المؤمنين أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ).. الأنفال 1 . 
قال ابن كثير :(أى اتقوا الله فى أموركم وأصلحوا فيما بينكم,
ولا تظالموا ولا تخاصموا,ولا تشاجروا ؛ فما آتاكم الله من الهدى والعلم ؛
خير مما تختصمون بسببه ) 
(قال : هذا تحريج من الله ...) 
والتحريج : التضييق والمعنى : لامساغ للمؤمنين سوى التقوى وإصلاح ذات البين >. 
# مسند أحمد -10 - حديث رقم :12633 (166 / 3 )
–إسناده صحيح – حمزة الزين :
عن أنس قال : 
< كنا جلوسا مع رسول الله فقال : 
{ يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة } 
فطلع رجل من الأنصار تنطِف لحيته من وضوئه ...
فقال أنس :
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يحدّث أنه بات معه ليال ثلاث ,
فلم يره يقوم من الليل شيئا , غير أنه:
إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله –عزوجل- 
وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر , 
قال عبد الله : 
غير أنى لم أسمعه يقول إلا خيرا . 
فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله , قلت :
ياعبد الله ....ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرارا : 
{ يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة } فطلعت أنت الثلاث مرار
فأردت أن آوى إليك لأنظر ماعملك فأقتدى به , 
فلم أرك تعمل كثيرعمل فما الذى بلغ بك ما قال رسول الله ؟ قال :
(ما هو إلا ما رأيت ) قال :
فلما ولَيت , دعانى فقال :
(ما هو إلا ما رأيت , 
غير أنى لا أجد فى نفسى لأحد من المسلمين غشا 
ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه ). 
فقال عبد الله : هذه التى بلغت بك , وهى التى لانطيق .> . 
# شرح صحيح الأدب المفرد -1- حديث رقم : 310 / 401 : 
عن أنس أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم - قال : 
{ما تواد اثنان فى الله –جل وعز- أو فى الإسلام – فيفرق بينهما إلا بذنب يُحدثه أحدهما }. 
الشرح : 
قال فى " الفيض " : 
< فيكون التفريق عقوبة لذلك الذنب ,
ولهذا قال المزنى :( إذا وجدت من إخوانك بغاء ؛ فتب إلى الله فإنك أحدثت ذنبا ؛ 
وإذا وجدت منهم زيادة ود ؛ فذلك لطاعة أحدثتها ؛ فاشكر الله تعا لى) . 
وقال بعضهم :
( إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته , فتب إلى الله من كل ذنب يستقم لك وده)
وفى رواية لأحمد : 
< إلا بحدث يحدثه أحدهما , والمحدَث شر , والمحدَث شر > 
وفيه شؤم الذنوب والمعاصى وما لها من تأثير يقود إلى الذلة والهوان والفرقة بين المسلمين ,
عياذا بالله تعالى , 
وفيه بركة الطاعات وما لها من أثر فى التحاب والتآلف بين الأخوة فى الله والجيران والأصدقاء > 
جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
------------------------------- 
الحاشية
(1) لامانع من التلفظ بهذه الصيغة بالفصل دون الوصل ؛إذا فصل بين هاتين الكلمتين بسكتة
(والوصل عند البلاغيين ؛ عطف جملة على أخرى بالواو ؛ والفصل ترك هذا العطف ) 
(2) رواه مسلم ( 2504 ) 
(3) أخرجه مسلم (2546) وغيره . 
(4) رواه البخارى (4897) ؛ "كتاب التفسير " / سورة الجمعة ؛ ومسلم (2546)
"كتاب فضائل الصحابة "/(باب فضل فارس ) . 
(5) محمد :38 
(6) صحيح بالمتابعات كما فى " الصحيحة " تحت رقم (1017) ؛ 
وانظر الاستدراك رقم (14/21)ص(488) 
(7) قال شيخنا: "كذا الأصل؛وهو غير مفهوم ؛ ولعل الصواب ( وأسعد بهم الناس ) ". 
(8) أخرجه الحاكم ؛وقال :
صحيح على شرط البخارى ؛ووافقه الذهبى ؛ وقال شيخنا فى"الصحيحة " (1018) :"
وهو كما قالا لولا أن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار؛ تكلم فيه غير واحد من قبل حفظه 
نعم للحديث شواهد يتقوى بها ؛ وأوردها -حفظه الله – فى الكتاب تحت الرقم المذكور آنفا ." 
(9) الظاهر أنه تصحيف ؛ ولعلالصواب هو : "تداوله " .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.