الاثنين، 28 فبراير 2011

نتابع معا ....أوقاتنــــا أعمارُنــــا ..

المبحـــث الثانـــي ‏
‏===============‏
انتبـــه الحســـاب فـــردي ‏
‏====================‏
إن الحسـاب عنـد الله فـردي .
قـال تعالـى :‏

‏" يَـوْمَ تَأْتِـي كُـلُّ نَفْـسٍ تُجَـادِلُ عَـن نَّفْسِـهَا .... " . ‏سورة النحل / آية : 111.‏

يأتـي كـل إنسـان يجـادل عـن ذاتـه ، لا يهمـه غيـره مـن النـاس ، ‏وإنمـا سـيأتي يـوم القيامـة ، ويُسـأل عـن حالـه ، عـن عملـه ، عـن ‏نفسـه هـو ، لـن يُسـأل عـن غيـره .

وقـال سـبحانه :
" كُـلُّ نَفْـسٍ بِمَـا كَسَـبَتْ رَهِينَـةٌ " . ‏سورة المدثر / آية : 38 .

وقـال سـبحانه :
" وَكُلُّهُـمْ آتِيـهِ يَـوْمَ الْقِيَامَـةِ فَـرْدًا " . ‏سورة مريم / آية : 95 .‏
فالحسـاب حسـاب فـردي ، ولـن ينفـع أحـدٌ أحـدًا . ‏

قـال تعالـى : ‏

‏" ضَـرَبَ اللهُ مَثَـلاً لِّلَّذِيـنَ كَفَـرُوا امْـرَأَتَ نُـوحٍ وَامْـرَأَتَ لُـوطٍ ‏كَانَتَـا تَحْـتَ عَبْدَيْـنِ مِـنْ عِبَادِنَـا صَالِحَيْـنِ فَخَانَتَاهُمَـا فَلَـمْ يُغْنِيَـا ‏عَنْهُمَـا مِـنَ اللهِ شَـيْئًا وَقِيـلَ ادْخُـلاَ النَّـارَ مَـعَ الدَّاخِلِيـنَ " . ‏سورة التحريم / آية : 10 .‏

وقـال سـبحانه : ‏
‏" فَـإِذَا جَـاءَتِ الصَّاخَّـةُ * يَـوْمَ يَفِـرُّ الْمَـرْءُ مِـنْ أَخِيـهِ * وَأُمِّـهِ ‏وَأَبيـهِ * وَصَاحِبَتِـهِ وَبَنِيـهِ * لِكُـلِّ امْـرِئٍ مِّنْهُـمْ يَوْمَئِـذٍ شَـأْنٌ ‏يُغْنِيـهِ " . سورة عبس / آية : 33 ـ 37 .

وقـال سـبحانه : ‏
‏" وَمَـا أَدْرَاكَ مَـا يَـوْمُ الدِّيـنِ * ثُـمَّ مَـا أَدْرَاكَ مَـا يَـوْمُ الدِّيـنِ * ‏يَـوْمَ لاَ تَمْلِـكُ نَفْـسٌ لِّنَفْـسٍ شَـيْئًا وَالأَمْـرُ يَوْمَئِـذٍ للهِ " . ‏سورة الانفطار / آية : 17 ـ 19.

‏" وَكُـلُّ صَغِيـرٍ وَكَبِيـرٍ مُّسْـتَطَرٌ " . ‏سورة القمر / آية : 53 .


عـن عـدي بـنِ حاتـمٍ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : ‏
‏" مـا منكـم أحـدٌ إلا سـيكلمه ربُّـهُ ليـس بينـه وبينـه تُرجُمَـان ، فينظـرُ ‏أيمـنَ منـه فـلا يـرى إلا مـا قَـدَّمَ مـن عملِـه ، وينظـرُ أشـأمَ منـه فـلا ‏يـرى إلا مـا قـدَّم ، وينظـرُ بيـن يديـه فـلا يـرى إلا النـار ‏تلقـاء وجهـه ، فاتقـوا النـارَ ولـو بشـقِ تمـرةٍ " .

صحيح البخاري .متون / ( 97 ) ـ كتاب : التوحيد / ( 36 ) ـ باب : كلام الرب عز وجل ‏يوم ‏
‏ القيامة مع الأنبياء وغيرهم / حديث رقم : 7512 / ص : 871 .
النجـــاة : ‏
ـــــــ


فهيـا نلتمـس طريـق النجـاة ، ونبحـث عـن معالـم هـذا الطريـق لنكـون ‏مـن أهلـه . وأول الطريـق تعاهـد القلـب وتحسـسـه فـي كـل وقـت ‏وحيـن . ‏
المبحـــث الثالــث
‏ ==============‏
‏ حيـــاة القلـــب وأغذيتــه‏
‏===================‏
اعلـم أن أي طاعـات فرضهـا ونفلهـا إذا خلـت مـن أعمـال القلـوب فهـي ‏أجسـاد بـلا أرواح ، أجسـاد لا خيـر فيهـا ، بـل قـد تكـون وبـالاً علـى ‏صاحبهـا ، فـإن أول مـن تسـعر بهـم النـار ثلاثـة : قـارئ ، وشـهيد ، ‏ومُنفـق ، عملـوا أعظـم الأعمـال ظاهـرًا لكـن لـم يوافقهـا مـا تعظـم ‏بـه باطنـًا ، بـل وافقهـا عكـس ذلـك فكـان صاحبهـا مـن أول مـن ‏تُسَـعَّر بهـم النـار .‏
(مختصر غاية الرفق في تربية النفس 000 / ص : 58 )
‏ ‏


‏* فعـن سُـليمان بـن يسـارٍ ، قـال : تفـرق النـاسُ عـن أبـي هريـرة ‏فقـال لـه ناتِـلُ أهـلِ الشـام : أيهـا الشـيخ ! حدثنـا حديثـًا سـمعته مـن ‏رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، قـال : نعـم ، سـمعتُ رسـول الله ‏ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : ‏

‏" إن أولَ النـاس يُقضـى يـومَ القيامـةِ عليـه ، رجـلٌ اسـتُشـهد فأُتـيَ به ‏فعرَّفَـهُ نِعمَـهُ فعرفهـا.قـال : فمـا عمِلـتَ فيهـا : قـال : قاتلْـتُ فيـك ‏حتـى اسـتُشـهِدتُ. قـال : كذبـتَ ، ولكنـك قاتلـتَ لأن يُقــالَ ‏‏ جـريءٌ ، فقـد قيـل . ثـم أُمِـرَ بـه فسُـحِبَ علـى وجهـهِ حتـى أُلقـيَ ‏فـي النـار . ‏
ورجـلٌ تعلَّـمَ العلْـمَ وعلَّمَـه وقـرأ القـرآن . فأُتـيَ بـه ، فعرَّفـه نِعَمَـهُ ‏فَعَرَفَهـا . قـال : فمـا عملـتَ فيهـا ؟ . قـال : تعلمـتُ العلـمَ وعلمتُـهُ ‏وقـرأتُ فيـك القـرآن . قـال : كَذَبْـتَ ، ولكنـك تعلمـتَ العلـمَ ليُقَـال ‏عالـمٌ ، وقـرأت القـرآن ليُقَـال هـو قـارئ . فقـد قِيـل ، ثـم أُمـر بـه ‏فسُـحِبَ علـى وجهـه حتـى أُلقـيَ فـي النـار . ‏
ورجـلٌ وسَّـعَ اللهُ عليـه وأعطـاه مـن أصنـاف المـال كلـه ، فأتـيَ به ، ‏فعرَّفَـهُ نعمَـهُ فعرَفَهـا . قـال : فمـا عَمِلـتَ فيهـا ؟ . قـال : مـا تركـتُ ‏مـن سـبيلٍ تحـبُّ أن يُنفـقَ فيهـا إلا أنفقـتُ فيهـا لك . قـال : كذَبـتَ ، ‏ولكنَّـكَ فعلـتَ ليقـالَ هـو جَـوَادٌ ، فقـد قيـل . ثـم أُمِـرَ بـه فَسُـحِبَ ‏علـى وجهـه . ثـم أُلقـيَ فـي النـار. ‏

‏ ( صحيح مسلم [ المجلد الواحد ] / ( 33 ) ـ كتاب : الإمارة / ‏‏( 43 ) ـ باب : من قاتل للرياء ‏ والسمعة استحق النار / حديث رقم : 152 ـ ( 1905 ) / ص : 499 ).
ـ لـذا قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :‏

‏" لا تعجبـوا بعمـل عامـل ، حتـى تنظـروا بـمَ يختـمُ لـه " .
رواه الطبراني عن أبي أمامة . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في : صحيح الجامع ‏الصغير وزيادته / ‏
مرتب هجائيًا / ج : 2 / حديث رقم : 7366 / ص : 1229 . ‏
ورد شـرح الحديـث فـي : فيـض القديـر شـرح الجامـع الصغيـر ‏للأحاديـث النبويـة بالترتيـب الأبجـدي ، للعلامـة المنَـاوي / ج : 6 / ص : ‏‏536 / شـرح حديـث رقـم : 9828 : ‏
‏( لا تعجبـوا بعمـل عامـل ) : أي لا تعجبـوا عجبًـا يفضـي إلـى القطـع ‏بنجاتـه ، .....

‏( حتـى تنظـروا بمـا يختـم لـه ) : لأن الخاتمـة بالخيـر والشـر تفيـد ‏قـوة الرجـاء والخـوف لا القطـع بحالـه الـذي لا يعلمـه إلا الله ، فـإن ‏العمـل علـى الخاتمـة وهـي غيـب عنـا . ا. هـ .
لذلـك يجـب تعاهـد القلـب وتحسـسـه فـي كـل وقـت وحيـن ، فـإن ‏أعمـال القلـوب أخطـر وأعظـم مـن أعمـال الجـوارح .
ـ يقـول شـيخ الإسـلام ـ رحمه الله ـ : ‏
‏" واعلـم أن أعمـال القلـوب هـي الأصـل المـراد المقصـود ، وأعمـال ‏الجـوارح تبـع لهـا ومكملـة ومتممـة " . ‏ا . هـ . ‏
ـ يقـول العـز بـن عبـد السـلام ـ رحمه الله ـ : ‏
‏" صـلاح الأجسـاد موقـوف علـى صـلاح القلـوب ، وفسـاد الأجسـاد ‏موقـوف علـى فسـاد القلـوب " . ‏
لذلـك قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : ‏
‏" ........... ، ألا وإن فـي الجسـدِ مُضغـةً ، إذا صَلَحَـت صَلَـحَ الجسـدُ كلُّـه ، ‏وإذا فسـدتْ ، فسـد الجسـدُ كلُّـه ، ألا وهـي القلـبُ ".
صحيح مسلم 0 متون / ( 22 ) ـ كتاب : المساقاة / ( 20 ) ـ باب : أخذ الحلال وترك ‏الشبهات / ‏
‏ حديث رقم : 107 ـ ( 1599 ) / ص : 418 .

فالقلـب ملِـك والأعضـاء جنـوده ، فإذا طـاب الملـك طابـت جنـوده ، وإذا ‏خبـث الملِـك خبثـت جنـوده . ‏
مختصر غاية الرفق في تربية النفس والأسرة والمجتمع بالدين الحق / ص : 59 / بتصرف . ‏
أقســـام القلـــوب
‏ =============‏


القلـوب علـى ثلاثـة أقسـام : ‏

‏1 ـ القلـــب الســـليم : ‏
‏-----------------‏

وهـو القلـب الـذي سَـلِمَ مـن كـل شـهوة تخالـف شـرع الله ، ومـن كـل شـبهة تُعـارض خبـره ، ‏سَـلم مـن عبوديـة غيـر الله وخلصـت عبوديتـه لله : إرادة ومحبـة ، وتوكـلاً وإنابـة وإخباتـًا ، ورجـاء ‏وخشـية ، فـإن أحـب أحـب لله ، وإن أبغـض أبغـض لله ، وإن أعطـى أعطـى لله ، وإن منـع منـع لله ، ‏يقـدم محبـة الله ومحبـة رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى محبـة مـن سـواهما . ‏

‏2 ـ القلـــب الميـــت : ‏
‏----------------‏

وهـو القلـب الـذي لا يعـرف ربـه ، ولا يعبـده بأمـره ، ولا بمـا يحبـه ويرضـاه ، بـل هـو عبـد ‏لهـواه ، يـدور مـع شـهواته ولذاتـه حيـث دارت ، وإن أوردتـه مـوارد سـخط الله وغضبـه . ‏

‏3 ـ القلـــب المريــض : ‏
-----------------
وهـو قلـب لـه حيـاة وبـه علـة ، تمـده هـذه مـرة وهـذه مـرة وهـو لِمـا غلـب عليـه منهمـا ، ‏وهـو بيـن داعييـن : داع يدعـوه إلـى الله ورسـوله والـدار الآخـرة ، وداع يدعـوه إلـى العاجلـة وهـو ‏بحسـب أقربهمـا منـه بابـًا . ‏
)مختصر غاية الرفق ... / ص : 60 .(
علامـــات صحــة القلــب
=================


‏1 ـ إيثـار مـا يحبـه الله ويرضـاه علـى مـا يدعـوه إليـه هـواه . ‏
‏2 ـ العـزوف عـن الدنيـا وشـهواتها وملذاتهـا . ( بـأن تكـون الدنيـا فـي يـده وليسـت فـي قلبـه ) . ‏
‏3 ـ ومـن علاماتهـا : أنـه إذا فاتـه ورده مـن الطاعـة تألـم أشـد الألـم أعظـم مـن تألُّـم الحريـص ‏بفـوات مالـه وفقـده . ‏
‏4 ـ أن يكـون شـحيحًا بوقتـه أن يذهـب سـدى كأشـد النـاس شُـحًا بمالـه . ‏
‏5 ـ أن يكـون اهتمامـه بتصحيـح العمـل أعظـم منـه بالعمـل ؛ فيحـرص علـى الإخـلاص فيـه ، ‏والمتابعـة ، والإحسـان ، وشُـهود مِنَّـة الله عليـه وتقصيـر نفسـه وتفريطـه . ‏
‏6 ـ ألاَّ يفتـر عـن ذكـر ربـه ، ولا يأنـس بغيـره إلا مـن يدلـه عليـه ويذكـره بـه .‏
مختصر غاية الرفق ... / ص : 60 . ‏


============
أســباب حيــاة القلــب وأغذيتــه النافعــة ‏
=============================


أسـباب حيـاة القلـب هـي الطاعـات والمداومـة عليهـا ، والبعــد عـن المعاصـي والمداومـة علـى ‏ذلـك . ‏

‏..... قـال حذيفـة :

سـمعتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : ‏

‏" تُعـرضُ الفتـنُ علـى القلـوب كالحصيـر عـودًا عـودًا ، فأيُّ قلـبٍ أُشـرِبَهَا نُكِـتَ فيـه نُكْتَـةٌ سـوداءُ . ‏

وأيُّ قلـب أنكَرَهـا نُكِـتَ فيـه نُكتـةٌ بيضـاءُ ، حتـى تصيـرَ علـى قلبيـن ، علـى أبيـضَ مثـل الصفـا ، ‏فـلا تضـرُّهُ فتنـةٌ مـا دامـتِ السـماوات والأرضُ

والآخـرُ أسـودُ مُرْبـادًا كالكـوزِ مُجَخِّيـًا لا يعـرِف ‏معروفـًا ولا ينكـرُ منكـرًا ، إلا مـا أُشـرِبَ مـن هـواه " .‏


(صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 65 ) ـ باب : بيان أن الإسلام بدأ غريبًا ... / حديث رقم : 144 / ص : 45 . )

ففعـل الطاعـات والبعـد عـن المعاصـي والشـهوات يصقـل القلـب يومـًا بعـد يـوم ، ويمـده بمـادة ‏حياتـه يومـًا بعـد يـوم حتـى يقـوى ويشـتد فـلا تضـره فتنـة . ‏

مختصر غاية الرفق في تربية النفس والأسرة والمجتمع بالدين الحق / د . محمد إبراهيم منصور / ص:/63
)بتصرف) . ‏

يُتْبَع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.