إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره ؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛من يهده الله فلا مضل له ؛ ومن يضلل فلا هادى له ؛ وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } (1)
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تسآءلون به (2) والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } (3)
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ؛ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } (4)
" أما بعد ؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله ؛ وأحسن الهدى هدى محمد-صلى الله عليه وسلم- ؛ وشر الأمور محدثاتها ؛ وكل محدثة بدعة ؛ وكل بدعة ضلالة ؛[ وكل ضلالة فى النار ] "(5)
يقـول اللـه تبـارك وتعالـى فـي كتابـه المجيـد عـن الدعـاء :
" وَإِذَا سَـأَلَكَ عِبَـادِي عَنّـِي فَإِنِّـي قَرِيـبٌ أُجِيـبُ دَعْـوَةَ الـدَّاعِ إِذَا دَعَـانِ ... " .
( البقرة : 186 ) .
" قُـلِ ادْعُـوا اللهَ أَوِ ادْعُـوا الرَّحْمَـنَ أيًّامَّـا تَدْعُـوا فَلَـهُ الأسْـمَاءُ الحُسْـنَى ... " .
( الإسراء : 110 ) .
" وَقَـالَ رَبُّكُـمُ ادْعُونِـي أَسْـتَجِبْ لَكُـمْ ... " . ( غافر : 60 ) . " وَلِلَّـهِ الأسْـمَاءُ الحُسْـنَى فَادْعُـوهُ بِهَـا ... " . ( الأعراف : 180 ) .
" أمَّـن يُجِيـبُ المُضْطَـرَّ إِذَا دَعَـاهُ وَيَكْشِـفُ السُّـوءَ ... " . ( النمل : 62 ) .
" قُـلْ مَـا يَعْبَـأُ بِكُـمْ رَبِّـي لَـوْلا دُعَاؤُكُـمْ ... " . ( الفرقان : 77 ) .
وقـال صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـي السـنة الثابتـة عنـه :
ـ عـن أبـي هريـرة - مرفوعـًا - :
" مـن لـم يَـدْعُ اللـه يغضـب عليـه " .
( السلسلة الصحيحة / الجزء السادس / القسم الأول / حديث رقم : 2654 ) .
ـ عـن عُبـادة بـن الصامـت - مرفوعـًا - :
" مـا على الأرض مسـلم يدعـو اللـه تعالـى بدعـوة إلا آتـاه الله إياهـا أو صـرف عنـه من السـوء مثلهـا ، مـا لـم يـدع بإثـم أو قطيعـة رحـم " ...
فقـال رجـل مـن القـوم : " إذًا نكثـر " ... قـال : " اللـه أكثـر " .
[صحيح الترمذي / كتاب 45 : الدعوات / باب 116 : في انتظار الفرج
وغير ذلك / حديث رقم : 3573 ]
عـن عائشـة - مرفوعـًا - :
" لا يغنـي حـذر مـن قـدر ، والدعـاء يدفـع ممـا نـزل وممـا لـم ينـزل ، وإن
البـلاء لينـزل ، فيتلقـاه الدعـاء ، فيعتلجـان ( 1 ) إلـى يـوم القيامـة " .
( صحيح الجامع الصغير وزيادته / حديث رقم : 7739 ) .
( 1 ) يعتلجـان : يصطرعـان .
ـ وعـن ثوبـان – مرفوعـًا - :
" لا يـرد القضـاء إلا الدعـاء ، ولا يـزيد فـي العمـر إلا البـر " .
( صحيح الترمذي / الجزء الثاني / كتاب 30 : القدر / باب 6 : ما جاء
لا يرد القدرَ إلا الدعاء / حديث رقم : 2139 ) .
مـن هـذه الآيـات والأحاديـث ، يتبيـن لـك أختـي المسـلمة أن :
= الدعـاء مـن أنفـع الأدويـة ، فهـو عـدو البـلاء يدافعـه ويعالجـه ويمنـع نزولـه ، ويرفعـه أو يخففـه إذا نـزل ، وكل هـذا بـإذن اللـه فضـلاً منـه ورحمـة وإحسـانًا ولطفـًا .
= الدعـاء بمنزلـة سـلاح المؤمـن ، والسـلاح بحـدِّه وضارِبِـه ، لا بحـدِّه فقـط ، فمتـى كـان :
ومتـى تخلـف واحـد مـن هـذه الثلاثـة ، تخلـف التأثيـر .
فتعالـي أختـي المسـلمة ننظـر ،
هـل ترانـا حققنـا هـؤلاء الثلاثـة حتى ينفعنـا اللـه بمـا شـرعه لنـا مـن عبـادة الدعـاء ،
أم أننـا فرطنـا فحرمنـا خيـريْ الدنيـا والآخـرة ؟
يقـول اللـه عـز وجـل : " وللـه الأسـماء الحسـنى فادعـوه بهـا " .
فمـا المقصـود بكلمـة " فادعـوه " ؟
يقـول العلمـاء إن " الدعـاء " ينقسـم إلـى ثلاثـة أقسـام :
وهـو أن تذكـري اللـه وتثنـي عليـه بأسـمائه الحسـنى ، ومثـال ذلـك :
" سـبوح قـدوس رب الملائكـة والـروح " ...
" لا إلـه إلا اللـه وحـده لا شـريك لـه ، لـه الملـك ولـه الحمـد وهو علـى كـل شـيءٍ قديـر " ... وهكـذا .
وهـذا النـوع مـن الدعـاء مسـتحب ، إلا فـي بعـض المواطـن التـي يكـون الذكـر والثنـاء فيهـا علـى سـبيل الوجـوب ، مثـل أذكـار الركـوع والسـجود .
* القسـم الثانـي : دعـاء المسـألة :
فنسـأل اللـه عـز وجـل: لجلـب منفعـة دينيـة أو دنيويـة أو
لدفـع مضـرة دينيـة أو دنيويـة .
وللـه عـز وجـل سـنن ربانيـة لاسـتجابة الدعـاء أو رَدِّه ،
فالـذي شـرع لنـا الدعـاء عبـادةً نتقـرب بهـا إليـه ، ووسـيلة لتحقيـق المنافـع ودفـع المضـار ،
جعـل لتحقيـق ذلـك شـروطًا وبيّنهـا فـي الكتـاب والسـنة ، فـرب العـزة تبـارك وتعالـى الـذي قـال :
" وإذا سـألكَ عبـادي عنـي فإنـي قريـب أجيـب دعـوة الـداع إذا دعـان ... " .
قـال فـي نفـس الآيـة : " فليسـتجيبوا لـي وليؤمنـوا بـي " .
ولننظـر معـًا تفسـير هـذه الآيـة من كتـاب " تيسير الكريم الرحمن " للشيخ السعدي ص : 87 :
" ... فمـن دعـا ربـه بقلـب حاضـر ودعـاء مشـروع ،
ولم يمنـع مانـع من إجابـة الدعـاء ، كأكـل الحـرام ونحـوه
فـإن اللـه قـد وعـده بالإجابة ، وخصوصًا إذا أتى بأسـباب إجابـة الدعـاء ، وهي الاسـتجابة لله تعالى بالانقيـاد لأوامره ونواهيـه القوليـة والفعليـة ، والإيمـان بـه الموجـب للاسـتجابة " . ا . هـ
فـإذا أردنـا أن يسـتجيب اللـه لنـا ، فـلابـد أن نسـتجيب نحـن لـه ...
وإلا عَرّضنـا أنفسـنا لإحـدى عقوبتيـن :
عـدم اسـتجابة الدعـاء ، لقـول النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
ـ عـن أبـي هريـرة أن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" ذكـر الرجـل يطيـل السـفر أشـعث أغبـر يمـد يديـه إلـى السـماء : يـارب يـارب ، ومطعمـه حـرام ومشـربه حرام ، وملبسـه حرام ، وغُـذِّيَ بالحـرام ، فأنى يسـتجاب لذلـك ! ! ! " .
( مسلم ) .
ـ وعـن أبـي هريـرة عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنـه قـال :
" ادعـوا اللـه وأنتـم موقنـون بالإجابـة واعلمـوا أن الله لا يقبـل دعـاءً من قلـب غافـل لاهٍ " .
( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم : 245 ) .
ـ وعـن حذيفـة بـن اليمـان أن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قـال :
" والـذي نفسـي بيـده ، لتأمـرُنّ بالمعـروف ولتنهَـونّ عـن المنكـر
، أو ليوشـكنّ اللـه أن يبعـث عليكـم عقابـًا مـن عنـده ،
ثـم لتدعُنَّـهُ فـلا يسـتجيب لكـم " .
( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم : 7070 ) .
اسـتجابة الدعـاء اسـتدراجـًا مـن اللـه عـز وجـل للعبـد الـذي لـم يسـتجب لأوامـر اللـه ونواهيـه ،
كمـا يتضـح مـن حديـث عقبـة بـن عامـر أن النبـي صلـى الله عليه وعلى آله وسلم قـال :
" إذا رأيـت الله تعالى يعطـي العبـد مـن الدنيـا ما يحـب وهو مقيـم على معاصيه ، فإنمـا ذلـك منـه اسـتدراج " .
( صحيح الجامع الصغير وزيادته / حديث رقم : 561 ) .
* القسـم الثالـث : دعـاء العبـادة :
وهـو أن تعبـدي اللـه بمـا يقتضيـه كـل اسـم مـن أسـمائه مـن صفـة تسـتوجب منـك عبـادة ظاهـرة أو باطنـة ...
فاسـم اللـه " البصيـر "
يقتضـي أنـه سـبحانه يبصـر كـل كبيـرة وصغيـرة ،
يسـتوي عنـده كونهـا فـي النـور أو الظـلام ،
وهـذا يسـتوجب منـكِ أن تحرصي على أن يُبصـرك في الحـال الـذي أُمـرتِ بـه
وألا يُبصـرك فـي الحـال الـذي نهيـتِ عنـه .....
واسـم اللـه " السـميع "
يقتضـي أنـه سـبحانه يسـمـع كـل صـوت دَقّ أو عَظُـم ،
وهـذا يسـتوجب منـكِ أن تحرصـي علـى أن يسـمع منـك كـل مـا أُمِـرْتِ بـه
وألا يسـمع منـك كـل مـا نهيـتِ عنـه .....
واسـم اللـه " الباطـن "
يقتضـي أنه سـبحانه
" يعلـم خائنـة الأعيـن ومـا تخفـي الصـدور " ،
وهـذا يسـتوجب منـكِ أن تراقبـي اللـه فـي كـل مـا خفِـيَ عـن النـاس
ولـم يَخْـفَ علـى " الباطـن "
سـبحانه وتعالـى وعـز وجـل من أعمـال القلـوب بـل
وبعـض أعمـال الجـوارح التـي لا يطلـع عليهـا إلا اللـه تبـارك وتعالـى ....
وهكـذا مـع سـائر أسـمائه ،
ومـا يترتـب علـى مقتضياتهـا مـن صفـات ،
ومـا تسـتوجبه مـن سـائر عبـادات القلـب والجـوارح ،
وهـذا معنـى : أن تعبـدي الله بمقتضـى كـل اسـم مـن أسـمائه ...
وهـذا هـو دعـاء العبـادة .
ولكـن مـا هـي العبـادة ؟ العبـادة كمـا عرفهـا العلمـاء :
هـي اسـم جامـع لكـل مـا يحبـه اللـه ويرضـاه من الأقـوال والأفعـال الظاهـرة والباطنـة .
وبعـد هـذا التعريـف يتضـح لنـا أن " دعـاء العبـادة "
معنـاه :
تطويـع القلـب والجـوارح لمقتضيـات كـل أسـماء اللـه الحسـنى ...
ويتضـح لنـا أيضـًا أن " دعـاء العبـادة "
شـامـل للقسـمين الأوليـن مـن أقسـام الدعـاء ...
ويتضـح لنـا ثالثـًا ،
أن هـذا القسـم قـد أخـل بـه كثيـر مـن عبـاد الله ،
بـل وربمـا خَفِـيَ عليهـم ابتـداءً .
ولنضـرب لذلـك مثـلاً مـن واقـع المسـلمين :
مـن النـوازل التـي عمـت المسـلمين وعـم معهـا البـلاءُ
، وذلـك حين اعتـدى الكفـرة من أمريكـا وغيرهـا على بـلاد المسـلمين في العـراق وغيرها ؛
رفـع المسـلمون أكـف الضراعـة ولهجـوا بألسـنة التوسـل إلـى اللـه ملـك الملـوك :
أن يرفع البـلاء
ويكـف الأذى
وينصـر المسـلمين على عدوهـم :
"يـارب انصـرنا ...
نحـن أمـة محمـد ولا يمكـن أن نُهـزم مـن إخـوة القـردة والخنازيـر و.....
اللهـم اهـزم النصـارى واليهـود المحاربيـن للإسـلام والمسـلمين ...
اللهـم زلزلهـم ...
اللهـم اقـذف الرعـب في قلوبهـم ...
اللهـم أرنـا فيهم عجائـب قدرتـك ...
اللهـم أرسـل عليهـم الريـاح العاتيـة والأعاصيـر الفتاكـة ...
والقـوارع المدمـرة والأمراض المتنوعـة ...
اللهـم أتبعهـم بأصحـاب الفيـل وأرسِـل عليهـم طيـرًا أبابيـل ترميهـم بحجـارة مـن سـجيل ...
اللهـم خذهـم بالصيحـة وأرسـل عليهم حاصبـًا ...
اللهـم صب عليهم العـذاب صبـًا ...
اللهـم اخسـف بهـم الأرض وأنـزل عليهـم كسـفًا من السـماء ...
اللهـم اقلـب البحـر عليهـم نـارًا والجـو شـهبًا وإعصـارًا ...
اللهـم أسـقط طائراتهـم ودمِّـر مدمراتهم ...
اللهـم ... اللهـم ... " .
رفـع المسـلمون أكـف الضراعـة فـي الأمصـار وفـي الديـار .
وفـي كـل الأمصـار
وفـوق كـل الديـار – إلا من رحـم الله –
رَفعـت أطبـاق البـث " الدشـوش " أكـف المشـاقّة والمحـادّة
والفسـق والعصيـان والفجـور ... فأنـى يسـتجاب لنـا ؟ ! !
ارتفعـت أصـوات الأئمـة فـي المسـاجد بالتوسـل والدعـاء وأمّـن خلفهـم المأمومـون ،
واختلطـت أصـوات الدعـاء بأصـوات البكـاء ...
وفـي نفـس الوقـت يتـردد فـي جنبـات المسـاجد ،
ومـن خـلال صفـوف المصليـن
ومـن داخـل جيوبهـم ، أصـوات " الجـوالات "
بشـتى أنـواع الأنغـام بـل وأحدثهـا ... فأنـى يسـتجاب لنـا ؟ ! ! !
لملـك الملـوك سـنن ربانيـة لتحقيـق النصـر ،
ونحـن نـريد أن نقلـب موازيـن هـذه السـنن ،
نريـد نصـرًا بلا ثمـن ،
نريـد نصـرًا دون أي مجهود أو تضحيـة ،
نريـد نصـرًا بلا صبـر علـى الطاعـة
ولا صبـر عـن المعصيـة ،
ولا صبـر علـى أقـدار اللـه ...
فقـط علينـا أن ندعـو ،
ونحـن كمـا نحـن ،
ونتمنـى على اللـه الأمانـي لمجـرد أننـا أمة محمـد
وأعداؤنـا يهـود ونصـارى ...
ونسـأل اللـه أن يؤيدنـا بخـوارق ومعجـزات
وحالنـا ـ كمـا لا يخفـى علـى أحـد ـ
مـن التفريـط والإفـراط ! ! !
لملـك الملـوك سـنن ربانيـة لتحقيـق النصـر ،
" ولـن تجـد لسـنة الله تبديـلاً " .
يقـول اللـه تبـارك وتعالـى : " إن تنصـروا اللـه ينصركـم ويثبـت أقدامكـم " .
" إنـا لننصـر رسـلنا والذيـن آمنـوا فـي الحيـاة الدنيـا " .
" وإنّ جندنـا لهـم الغالبـون " .
" وإن تصبـروا وتتقـوا لا يضركـم كيدهـم شـيئًا " .
" بلـى إن تصبـروا وتتقـوا ويأتوكـم مـن فورهـم هـذا يمددكـم ربكـم بخمسـة آلاف مـن الملائكـة مسـوِّمين " .
ويقـول النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" احفـظ اللـه يحفظـك " .
( صحيح الترمذي / الجزء الثاني / كتاب 35 : صفة القيامة / باب : 59 / حديث رقم : 2516 ) .
لتسـأل كـل مسـلمة نفسـها :
هـل نصـرتُ اللـه ؟ ...
هـل أنـا قـولاً وفعـلاً مـن جنـد اللـه ؟
هـل حفظـتُ اللـه حقـًا وصدقـًا ،
هـل أنـا حقيقـة مـن الصابريـن المتقيـن ؟
كـل هـؤلاء المتعاطفات ،
الباكيـات ،
المنفعـلات بأحـداث الاعتـداء علـى المسـلمين ،
اللاتـي يَسْـهَرْن عاكفـات علـى قنـوات الأخبـار ،
يتتبعـن بحرقـة وحميـة أخبـار الحـرب ،
وتتخيـل إحداهـن نفسـها أن لـو كانـت ـ هـي وكـل أسـرتها رجـالاً ونسـاءً وشـيوخًا وأطفـالاً ـ مـع المجاهديـن فـي العـراق ،
ناسـية أو متناسـية ،
جاهلـة أو متجاهلـة ،
مـا تعرضـت لـه من كبائـر الذنـوب وصغائرهـا
وهي تشـاهد وتتبـع هذه الأخبـار
بـدءًا بسـماع " الموسـيقى "
ومـرورًا بالنظـر المحـرم إلـى الأجانـب
وانتهـاءً بمشـاهدة الصـور عبـر الشـاشة ،
وبيـن البدايـة والنهايـة حـدِّث ولا حـرج ....
كـل هـؤلاء ، لـو قلـت لإحداهـن :
التزمـي بالحجـاب الشـرعي بشـروطه الثمانيـة .......
ارفعـي جلبابـك مـن علـى كتفيـك إلـى مـا فـوق رأسـك حتـى يغطِّـيَ مـن قرنـك إلـى قدميـك ...
غطـي عينيـك ...
البسـي القفـاز ...
هـل تسـتجيب حتـى يسـتجيب اللـه لهـا ؟
هـي ملعونـة بنـص حديـث رسـول اللـه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
ومـع ذلـك فهـي ترفـع يديهـا إلـى السـماء باكيـة ، تقـول :
" يـا رب يـا رب " ... وملبسـها حـرام فأنـى يستجـاب لهـا ! ! !
المغتابـة ،
النمامـة ،
المتنمصـة ،
المتعطـرة ليجد الرجـال ريحهـا ،
... العاكفـة على " التلفـازوالفيديـو والإنترنـت والـدش " ،
التـي تفـرط فـي :
-أحكـام عـورة المـرأة أمـام المحـارم وأمـام المسـلمات ،
-فـي أحكـام الاختـلاط ،
-أحكـام الخلـوة ،
- سـفر المـرأة ....
التـي تنتهـكُ محـارم اللـه بوقوعهـا فـي :
= حرمـة التصويـر ،
= عقـوق الوالديـن ،
=عـدم طاعـة الـزوج في غيـر معصيـة ،
=آفـات القلـوب من حسـدٍ وكبـر وسـوء ظـن وغيـر ذلـك ...
كـم فرطـت المسـلمات وأفرطـت فـي عبوديـات القلـب والجـوارح ،
فـي العبوديات الباطنـة والظاهـرة ...
ومع ذلـك فالواحـدة منهـن ترفـع يديهـا ويلهـج لسـانها :
" يا رب ، زلـزِل الأرض من تحـت أقدامهـم ، أرسـل عليهـم طيـرًا أبابيـل " ... إلـخ .
وإذا قلـت لهـا :
" إذا أردت أن ينصـرك اللـه فأطيعيـه وتوبـي عـن عصيانـه " .
قالـت باندهـاشٍ واسـتنكار :
(( ومـا علاقـة هـذا بـذاك ؟ ! ! نحـن مسـلمون ،
هـل تتصوريـن أن اللـه يُقَـدِّر علينـا هزيمـة علـى يـد اليهـود والنصـارى ؟ ! !
نحـن مؤمنـون ـ مهمـا كانـت ذنوبنـا ـ وهـم كفـرة أعـداء اللـه ...
" ولـن يجعـل اللـه للكافريـن علـى المؤمنيـن سـبيلاً " ... )) .
أرأيـتِ كيـف أن لسـان حـال المسـلمين ينطـق بمـا نطـق بـه اليهـود حيـن قالـوا :
" نحـن أبنـاء اللـه وأحبـاؤه " ؟ !
أرأيـت كيـف أننـا نتصـور أنفسـنا أحسـن عنـد الله مـن الصحابـة ،
وأحق وأجـدر بالنصـر منهـم ، وأبعـد وأنـأى عـن الهزيمـة منهـم ؟ ! !
يقـول اللـه عـز وجـل :
" أَوَ لَمَّـا أصابتكـم مصيبـة قـد أصبتـم مثليهـا قلتـم أنـى هـذا قـل هـو مـن عنـد أنفسـكم " .
" إن الذيـن تولـوا منكم يوم التقـى الجمعـان إنمـا اسـتزلهم الشـيطان ببعـض مـا كسـبوا " .
" قـل هـو مـن عنـد أنفسـكم ـ إنمـا اسـتزلهم الشـيطان ببعـض مـاكسـبوا " .
هـذا يقـال للصحابـة ،
لخيـر النـاس بعـد الأنبيـاء والمرسـلين ...
فمـا بالنـا نتجاهلـه ونتناسـاه ؟ ! !
فمـا بالنـا نزكـي أنفسـنا ونتمنـى علـى اللـه المعجـزات مـن غيـر أن نكـون أهـلاً لذلـك ؟ ! !
بـل ونحـن سـادرين فـي الذنـوب والمعاصـي ؟ ! !
[ سـادر : لـم يهتـم ولـم يبـالِ مـا صنـع ] .
مـا السـبيل إذن ؟ هـل نكـف عـن الدعـاء ؟
" مـا على الأرض مسـلم يدعـو اللـه تعالـى بدعـوة إلا آتـاه الله إياهـا أو صـرف عنـه من السـوء مثلهـا ، مـا لـم يـدع بإثـم أو قطيعـة رحـم " ...
فقـال رجـل مـن القـوم : " إذًا نكثـر " ... قـال : " اللـه أكثـر " .
[صحيح الترمذي / كتاب 45 : الدعوات / باب 116 : في انتظار الفرج
وغير ذلك / حديث رقم : 3573 ]
عـن عائشـة - مرفوعـًا - :
" لا يغنـي حـذر مـن قـدر ، والدعـاء يدفـع ممـا نـزل وممـا لـم ينـزل ، وإن
البـلاء لينـزل ، فيتلقـاه الدعـاء ، فيعتلجـان ( 1 ) إلـى يـوم القيامـة " .
( صحيح الجامع الصغير وزيادته / حديث رقم : 7739 ) .
( 1 ) يعتلجـان : يصطرعـان .
ـ وعـن ثوبـان – مرفوعـًا - :
" لا يـرد القضـاء إلا الدعـاء ، ولا يـزيد فـي العمـر إلا البـر " .
( صحيح الترمذي / الجزء الثاني / كتاب 30 : القدر / باب 6 : ما جاء
لا يرد القدرَ إلا الدعاء / حديث رقم : 2139 ) .
مـن هـذه الآيـات والأحاديـث ، يتبيـن لـك أختـي المسـلمة أن :
= الدعـاء مـن أنفـع الأدويـة ، فهـو عـدو البـلاء يدافعـه ويعالجـه ويمنـع نزولـه ، ويرفعـه أو يخففـه إذا نـزل ، وكل هـذا بـإذن اللـه فضـلاً منـه ورحمـة وإحسـانًا ولطفـًا .
= الدعـاء بمنزلـة سـلاح المؤمـن ، والسـلاح بحـدِّه وضارِبِـه ، لا بحـدِّه فقـط ، فمتـى كـان :
- السـلاح تامـًا لا آفـة بـه ،
- والسـاعد سـاعدًا قويـًا ،
- والمانـع مفقـودًا
ومتـى تخلـف واحـد مـن هـذه الثلاثـة ، تخلـف التأثيـر .
فتعالـي أختـي المسـلمة ننظـر ،
هـل ترانـا حققنـا هـؤلاء الثلاثـة حتى ينفعنـا اللـه بمـا شـرعه لنـا مـن عبـادة الدعـاء ،
أم أننـا فرطنـا فحرمنـا خيـريْ الدنيـا والآخـرة ؟
يقـول اللـه عـز وجـل : " وللـه الأسـماء الحسـنى فادعـوه بهـا " .
فمـا المقصـود بكلمـة " فادعـوه " ؟
يقـول العلمـاء إن " الدعـاء " ينقسـم إلـى ثلاثـة أقسـام :
- ـ دعـاء ذكـر وثنـاء .
- ـ دعـاء مسـألة .
- - دعـاء عبـادة .
وهـو أن تذكـري اللـه وتثنـي عليـه بأسـمائه الحسـنى ، ومثـال ذلـك :
" سـبوح قـدوس رب الملائكـة والـروح " ...
" لا إلـه إلا اللـه وحـده لا شـريك لـه ، لـه الملـك ولـه الحمـد وهو علـى كـل شـيءٍ قديـر " ... وهكـذا .
وهـذا النـوع مـن الدعـاء مسـتحب ، إلا فـي بعـض المواطـن التـي يكـون الذكـر والثنـاء فيهـا علـى سـبيل الوجـوب ، مثـل أذكـار الركـوع والسـجود .
* القسـم الثانـي : دعـاء المسـألة :
فنسـأل اللـه عـز وجـل: لجلـب منفعـة دينيـة أو دنيويـة أو
لدفـع مضـرة دينيـة أو دنيويـة .
وللـه عـز وجـل سـنن ربانيـة لاسـتجابة الدعـاء أو رَدِّه ،
فالـذي شـرع لنـا الدعـاء عبـادةً نتقـرب بهـا إليـه ، ووسـيلة لتحقيـق المنافـع ودفـع المضـار ،
جعـل لتحقيـق ذلـك شـروطًا وبيّنهـا فـي الكتـاب والسـنة ، فـرب العـزة تبـارك وتعالـى الـذي قـال :
" وإذا سـألكَ عبـادي عنـي فإنـي قريـب أجيـب دعـوة الـداع إذا دعـان ... " .
قـال فـي نفـس الآيـة : " فليسـتجيبوا لـي وليؤمنـوا بـي " .
ولننظـر معـًا تفسـير هـذه الآيـة من كتـاب " تيسير الكريم الرحمن " للشيخ السعدي ص : 87 :
" ... فمـن دعـا ربـه بقلـب حاضـر ودعـاء مشـروع ،
ولم يمنـع مانـع من إجابـة الدعـاء ، كأكـل الحـرام ونحـوه
فـإن اللـه قـد وعـده بالإجابة ، وخصوصًا إذا أتى بأسـباب إجابـة الدعـاء ، وهي الاسـتجابة لله تعالى بالانقيـاد لأوامره ونواهيـه القوليـة والفعليـة ، والإيمـان بـه الموجـب للاسـتجابة " . ا . هـ
فـإذا أردنـا أن يسـتجيب اللـه لنـا ، فـلابـد أن نسـتجيب نحـن لـه ...
وإلا عَرّضنـا أنفسـنا لإحـدى عقوبتيـن :
عـدم اسـتجابة الدعـاء ، لقـول النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
ـ عـن أبـي هريـرة أن رسـول اللـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" ذكـر الرجـل يطيـل السـفر أشـعث أغبـر يمـد يديـه إلـى السـماء : يـارب يـارب ، ومطعمـه حـرام ومشـربه حرام ، وملبسـه حرام ، وغُـذِّيَ بالحـرام ، فأنى يسـتجاب لذلـك ! ! ! " .
( مسلم ) .
ـ وعـن أبـي هريـرة عـن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنـه قـال :
" ادعـوا اللـه وأنتـم موقنـون بالإجابـة واعلمـوا أن الله لا يقبـل دعـاءً من قلـب غافـل لاهٍ " .
( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم : 245 ) .
ـ وعـن حذيفـة بـن اليمـان أن النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قـال :
" والـذي نفسـي بيـده ، لتأمـرُنّ بالمعـروف ولتنهَـونّ عـن المنكـر
، أو ليوشـكنّ اللـه أن يبعـث عليكـم عقابـًا مـن عنـده ،
ثـم لتدعُنَّـهُ فـلا يسـتجيب لكـم " .
( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم : 7070 ) .
اسـتجابة الدعـاء اسـتدراجـًا مـن اللـه عـز وجـل للعبـد الـذي لـم يسـتجب لأوامـر اللـه ونواهيـه ،
كمـا يتضـح مـن حديـث عقبـة بـن عامـر أن النبـي صلـى الله عليه وعلى آله وسلم قـال :
" إذا رأيـت الله تعالى يعطـي العبـد مـن الدنيـا ما يحـب وهو مقيـم على معاصيه ، فإنمـا ذلـك منـه اسـتدراج " .
( صحيح الجامع الصغير وزيادته / حديث رقم : 561 ) .
* القسـم الثالـث : دعـاء العبـادة :
وهـو أن تعبـدي اللـه بمـا يقتضيـه كـل اسـم مـن أسـمائه مـن صفـة تسـتوجب منـك عبـادة ظاهـرة أو باطنـة ...
فاسـم اللـه " البصيـر "
يقتضـي أنـه سـبحانه يبصـر كـل كبيـرة وصغيـرة ،
يسـتوي عنـده كونهـا فـي النـور أو الظـلام ،
وهـذا يسـتوجب منـكِ أن تحرصي على أن يُبصـرك في الحـال الـذي أُمـرتِ بـه
وألا يُبصـرك فـي الحـال الـذي نهيـتِ عنـه .....
واسـم اللـه " السـميع "
يقتضـي أنـه سـبحانه يسـمـع كـل صـوت دَقّ أو عَظُـم ،
وهـذا يسـتوجب منـكِ أن تحرصـي علـى أن يسـمع منـك كـل مـا أُمِـرْتِ بـه
وألا يسـمع منـك كـل مـا نهيـتِ عنـه .....
واسـم اللـه " الباطـن "
يقتضـي أنه سـبحانه
" يعلـم خائنـة الأعيـن ومـا تخفـي الصـدور " ،
وهـذا يسـتوجب منـكِ أن تراقبـي اللـه فـي كـل مـا خفِـيَ عـن النـاس
ولـم يَخْـفَ علـى " الباطـن "
سـبحانه وتعالـى وعـز وجـل من أعمـال القلـوب بـل
وبعـض أعمـال الجـوارح التـي لا يطلـع عليهـا إلا اللـه تبـارك وتعالـى ....
وهكـذا مـع سـائر أسـمائه ،
ومـا يترتـب علـى مقتضياتهـا مـن صفـات ،
ومـا تسـتوجبه مـن سـائر عبـادات القلـب والجـوارح ،
وهـذا معنـى : أن تعبـدي الله بمقتضـى كـل اسـم مـن أسـمائه ...
وهـذا هـو دعـاء العبـادة .
ولكـن مـا هـي العبـادة ؟ العبـادة كمـا عرفهـا العلمـاء :
هـي اسـم جامـع لكـل مـا يحبـه اللـه ويرضـاه من الأقـوال والأفعـال الظاهـرة والباطنـة .
وبعـد هـذا التعريـف يتضـح لنـا أن " دعـاء العبـادة "
معنـاه :
تطويـع القلـب والجـوارح لمقتضيـات كـل أسـماء اللـه الحسـنى ...
ويتضـح لنـا أيضـًا أن " دعـاء العبـادة "
شـامـل للقسـمين الأوليـن مـن أقسـام الدعـاء ...
ويتضـح لنـا ثالثـًا ،
أن هـذا القسـم قـد أخـل بـه كثيـر مـن عبـاد الله ،
بـل وربمـا خَفِـيَ عليهـم ابتـداءً .
ولنضـرب لذلـك مثـلاً مـن واقـع المسـلمين :
مـن النـوازل التـي عمـت المسـلمين وعـم معهـا البـلاءُ
، وذلـك حين اعتـدى الكفـرة من أمريكـا وغيرهـا على بـلاد المسـلمين في العـراق وغيرها ؛
رفـع المسـلمون أكـف الضراعـة ولهجـوا بألسـنة التوسـل إلـى اللـه ملـك الملـوك :
أن يرفع البـلاء
ويكـف الأذى
وينصـر المسـلمين على عدوهـم :
"يـارب انصـرنا ...
نحـن أمـة محمـد ولا يمكـن أن نُهـزم مـن إخـوة القـردة والخنازيـر و.....
اللهـم اهـزم النصـارى واليهـود المحاربيـن للإسـلام والمسـلمين ...
اللهـم زلزلهـم ...
اللهـم اقـذف الرعـب في قلوبهـم ...
اللهـم أرنـا فيهم عجائـب قدرتـك ...
اللهـم أرسـل عليهـم الريـاح العاتيـة والأعاصيـر الفتاكـة ...
والقـوارع المدمـرة والأمراض المتنوعـة ...
اللهـم أتبعهـم بأصحـاب الفيـل وأرسِـل عليهـم طيـرًا أبابيـل ترميهـم بحجـارة مـن سـجيل ...
اللهـم خذهـم بالصيحـة وأرسـل عليهم حاصبـًا ...
اللهـم صب عليهم العـذاب صبـًا ...
اللهـم اخسـف بهـم الأرض وأنـزل عليهـم كسـفًا من السـماء ...
اللهـم اقلـب البحـر عليهـم نـارًا والجـو شـهبًا وإعصـارًا ...
اللهـم أسـقط طائراتهـم ودمِّـر مدمراتهم ...
اللهـم ... اللهـم ... " .
رفـع المسـلمون أكـف الضراعـة فـي الأمصـار وفـي الديـار .
وفـي كـل الأمصـار
وفـوق كـل الديـار – إلا من رحـم الله –
رَفعـت أطبـاق البـث " الدشـوش " أكـف المشـاقّة والمحـادّة
والفسـق والعصيـان والفجـور ... فأنـى يسـتجاب لنـا ؟ ! !
ارتفعـت أصـوات الأئمـة فـي المسـاجد بالتوسـل والدعـاء وأمّـن خلفهـم المأمومـون ،
واختلطـت أصـوات الدعـاء بأصـوات البكـاء ...
وفـي نفـس الوقـت يتـردد فـي جنبـات المسـاجد ،
ومـن خـلال صفـوف المصليـن
ومـن داخـل جيوبهـم ، أصـوات " الجـوالات "
بشـتى أنـواع الأنغـام بـل وأحدثهـا ... فأنـى يسـتجاب لنـا ؟ ! ! !
لملـك الملـوك سـنن ربانيـة لتحقيـق النصـر ،
ونحـن نـريد أن نقلـب موازيـن هـذه السـنن ،
نريـد نصـرًا بلا ثمـن ،
نريـد نصـرًا دون أي مجهود أو تضحيـة ،
نريـد نصـرًا بلا صبـر علـى الطاعـة
ولا صبـر عـن المعصيـة ،
ولا صبـر علـى أقـدار اللـه ...
فقـط علينـا أن ندعـو ،
ونحـن كمـا نحـن ،
ونتمنـى على اللـه الأمانـي لمجـرد أننـا أمة محمـد
وأعداؤنـا يهـود ونصـارى ...
ونسـأل اللـه أن يؤيدنـا بخـوارق ومعجـزات
وحالنـا ـ كمـا لا يخفـى علـى أحـد ـ
مـن التفريـط والإفـراط ! ! !
لملـك الملـوك سـنن ربانيـة لتحقيـق النصـر ،
" ولـن تجـد لسـنة الله تبديـلاً " .
يقـول اللـه تبـارك وتعالـى : " إن تنصـروا اللـه ينصركـم ويثبـت أقدامكـم " .
" إنـا لننصـر رسـلنا والذيـن آمنـوا فـي الحيـاة الدنيـا " .
" وإنّ جندنـا لهـم الغالبـون " .
" وإن تصبـروا وتتقـوا لا يضركـم كيدهـم شـيئًا " .
" بلـى إن تصبـروا وتتقـوا ويأتوكـم مـن فورهـم هـذا يمددكـم ربكـم بخمسـة آلاف مـن الملائكـة مسـوِّمين " .
ويقـول النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" احفـظ اللـه يحفظـك " .
( صحيح الترمذي / الجزء الثاني / كتاب 35 : صفة القيامة / باب : 59 / حديث رقم : 2516 ) .
لتسـأل كـل مسـلمة نفسـها :
هـل نصـرتُ اللـه ؟ ...
هـل أنـا قـولاً وفعـلاً مـن جنـد اللـه ؟
هـل حفظـتُ اللـه حقـًا وصدقـًا ،
هـل أنـا حقيقـة مـن الصابريـن المتقيـن ؟
كـل هـؤلاء المتعاطفات ،
الباكيـات ،
المنفعـلات بأحـداث الاعتـداء علـى المسـلمين ،
اللاتـي يَسْـهَرْن عاكفـات علـى قنـوات الأخبـار ،
يتتبعـن بحرقـة وحميـة أخبـار الحـرب ،
وتتخيـل إحداهـن نفسـها أن لـو كانـت ـ هـي وكـل أسـرتها رجـالاً ونسـاءً وشـيوخًا وأطفـالاً ـ مـع المجاهديـن فـي العـراق ،
ناسـية أو متناسـية ،
جاهلـة أو متجاهلـة ،
مـا تعرضـت لـه من كبائـر الذنـوب وصغائرهـا
وهي تشـاهد وتتبـع هذه الأخبـار
بـدءًا بسـماع " الموسـيقى "
ومـرورًا بالنظـر المحـرم إلـى الأجانـب
وانتهـاءً بمشـاهدة الصـور عبـر الشـاشة ،
وبيـن البدايـة والنهايـة حـدِّث ولا حـرج ....
كـل هـؤلاء ، لـو قلـت لإحداهـن :
التزمـي بالحجـاب الشـرعي بشـروطه الثمانيـة .......
ارفعـي جلبابـك مـن علـى كتفيـك إلـى مـا فـوق رأسـك حتـى يغطِّـيَ مـن قرنـك إلـى قدميـك ...
غطـي عينيـك ...
البسـي القفـاز ...
هـل تسـتجيب حتـى يسـتجيب اللـه لهـا ؟
هـي ملعونـة بنـص حديـث رسـول اللـه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
ومـع ذلـك فهـي ترفـع يديهـا إلـى السـماء باكيـة ، تقـول :
" يـا رب يـا رب " ... وملبسـها حـرام فأنـى يستجـاب لهـا ! ! !
المغتابـة ،
النمامـة ،
المتنمصـة ،
المتعطـرة ليجد الرجـال ريحهـا ،
... العاكفـة على " التلفـازوالفيديـو والإنترنـت والـدش " ،
التـي تفـرط فـي :
-أحكـام عـورة المـرأة أمـام المحـارم وأمـام المسـلمات ،
-فـي أحكـام الاختـلاط ،
-أحكـام الخلـوة ،
- سـفر المـرأة ....
التـي تنتهـكُ محـارم اللـه بوقوعهـا فـي :
= حرمـة التصويـر ،
= عقـوق الوالديـن ،
=عـدم طاعـة الـزوج في غيـر معصيـة ،
=آفـات القلـوب من حسـدٍ وكبـر وسـوء ظـن وغيـر ذلـك ...
كـم فرطـت المسـلمات وأفرطـت فـي عبوديـات القلـب والجـوارح ،
فـي العبوديات الباطنـة والظاهـرة ...
ومع ذلـك فالواحـدة منهـن ترفـع يديهـا ويلهـج لسـانها :
" يا رب ، زلـزِل الأرض من تحـت أقدامهـم ، أرسـل عليهـم طيـرًا أبابيـل " ... إلـخ .
وإذا قلـت لهـا :
" إذا أردت أن ينصـرك اللـه فأطيعيـه وتوبـي عـن عصيانـه " .
قالـت باندهـاشٍ واسـتنكار :
(( ومـا علاقـة هـذا بـذاك ؟ ! ! نحـن مسـلمون ،
هـل تتصوريـن أن اللـه يُقَـدِّر علينـا هزيمـة علـى يـد اليهـود والنصـارى ؟ ! !
نحـن مؤمنـون ـ مهمـا كانـت ذنوبنـا ـ وهـم كفـرة أعـداء اللـه ...
" ولـن يجعـل اللـه للكافريـن علـى المؤمنيـن سـبيلاً " ... )) .
أرأيـتِ كيـف أن لسـان حـال المسـلمين ينطـق بمـا نطـق بـه اليهـود حيـن قالـوا :
" نحـن أبنـاء اللـه وأحبـاؤه " ؟ !
أرأيـت كيـف أننـا نتصـور أنفسـنا أحسـن عنـد الله مـن الصحابـة ،
وأحق وأجـدر بالنصـر منهـم ، وأبعـد وأنـأى عـن الهزيمـة منهـم ؟ ! !
يقـول اللـه عـز وجـل :
" أَوَ لَمَّـا أصابتكـم مصيبـة قـد أصبتـم مثليهـا قلتـم أنـى هـذا قـل هـو مـن عنـد أنفسـكم " .
" إن الذيـن تولـوا منكم يوم التقـى الجمعـان إنمـا اسـتزلهم الشـيطان ببعـض مـا كسـبوا " .
" قـل هـو مـن عنـد أنفسـكم ـ إنمـا اسـتزلهم الشـيطان ببعـض مـاكسـبوا " .
هـذا يقـال للصحابـة ،
لخيـر النـاس بعـد الأنبيـاء والمرسـلين ...
فمـا بالنـا نتجاهلـه ونتناسـاه ؟ ! !
فمـا بالنـا نزكـي أنفسـنا ونتمنـى علـى اللـه المعجـزات مـن غيـر أن نكـون أهـلاً لذلـك ؟ ! !
بـل ونحـن سـادرين فـي الذنـوب والمعاصـي ؟ ! !
[ سـادر : لـم يهتـم ولـم يبـالِ مـا صنـع ] .
مـا السـبيل إذن ؟ هـل نكـف عـن الدعـاء ؟
لا يـا أختـي المسـلمة ، كلامـي هـذا ليـس تثبيطـًا عـن الدعـاء ،
وليـس تخذيـلاً عـن جـدواه وأهميتـه
فالدعـاء هـو العبـادة ، كمـا صـح عـن النبـي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
واللـه سبحانـه وتعالـى يقـول فـي آخـر سـورة الفرقـان :
" قـل مـا يعبـأ بكـم ربـي لـولا دعاؤكـم " ...
وإنمـا هـي دعـوة لتصحيـح المفاهيـم وتقويـم المسـار ،
حتـى نكـون أهـلاً لتتحقـق فينـا سـنن اللـه فـي اسـتجابة الدعـاء وفـي النصـر ..
تذكـري قـول اللـه تعالـى :
" وكَـأَيِّن مِّـن نَّبِـيٍّ قَاتَـلَ مَعَـهُ رِبِّيُّـونَ كَثِيـرٌ فَمَـا وَهَنُـوا لِمَـا أَصَابَهُـمْ فِـي سَـبيلِ اللـهِ ومَـا ضَعُفُـوا ومَـا اسْـتَكَانُوا واللهُ يُحـبُّ الصَّابريـنَ * ومَـا كـانَ قَوْلَهُـمْ إلا أن قالُـوا ربَّنـا اغْفِـرْ لنا ذُنُوبَنَـا وإسْـرَافَنَا فـي أمْرِنَـا وثبِّـتْ أقْدامَنَـا وانصُرْنَـا علـى القـومِ الكافريـنَ " .
تأملـي :
اسـتغفار
واعتـراف بالتفريـط ،
ثـم سـؤال التثبيـت ،
ثـم ... ، وبعـد هـذه المقدمـة العظيمـة
يجـيء طلـب النصـر .
تذكـري الوعـد الحـق مـن الملـك الحـق :
" ولـن يجعـل اللـه للكافريـن علـى المؤمنيـن سـبيلاً " ...
مـن هـم المؤمنـون ؟
... هـم الذيـن قـال اللـه فيهـم :
" ومَـا كـانَ لمؤمِـنٍ ولا مُؤْمِنَـةٍ إذا قضَـى اللـهُ ورسـولُهُ أمْـرًا أن يكـونَ لهُـمُ الخِيَـرَةُ مِـنْ أمرهـم ... " ،
" إِنَّمَـا كـانَ قَـوْلَ المُؤْمِنِيـنَ إذا دُعُـوا إلـى اللـهِ ورسُـولِهِ لِيَحْكُـمَ بَيْنَهُـمْ أن يَقُولُـوا سَـمِعْنا وأطَعْنَـا ... " ،
" فــلا ورَبِّـكَ لا يُؤْمِنُـونَ حتـى يُحَكِّمُـوكَ فيمَـا شَـجَرَ بيْنَهُـمْ ثُـمَّ لا يَجِـدُوا فـي أنفُسِـهِمْ حَرَجـًا مِّمَّـا قَضَيْـتَ
ويُسَـلِّمُوا تَسْـليمًا " ...
فهـل أنـتِ مـن هـؤلاء ؟
تفكـري فـي أدعيـة الكـرب :
ـ " لا إلـه إلا اللـه العظيـم الحليـم ، لا إلـه إلا اللـه رب العـرش العظيـم ، لا إلـه إلا اللـه
رب السـموات ورب الأرض ورب العـرش الكريـم ".
ـ " اللـه اللـه ربـي لا أشـرك بـه شـيئًا " .
ـ " لا إلـه إلا أنـت سـبحانك إنـي كنـت مـن الظالميـن " .
ـ " اللهـم رحمتـك أرجـو فـلا تكلنـي إلـى نفسـي طرفـة عيـن وأصلـح لـي شـأني كلـه لا إلـه إلا أنـت .
أرأيـت كيـف أنهـا كلهـا تجريـد التوحيـد لله عـز وجـل ،
وكمـال التفويـض لملـك الملـوك العليـم الحكيـم ،
وتمـام البـراءة من كـل حـول وطـول ،
وغاية الاعتـراف بالتقصيـر والظلـم للنفـس ...
ولا عجـب ولا غرابـة ،
فـإن كـل ما يصيبنـا من بلايـا فـي الديـن وفي الدنيـا ،
إنمـا هـو لتلبسـنا بمـا يقـدح فـي هـذه العبوديـات مـن القلـب ومـن الجـوارح ،
ولـن يرفـع اللـه هـذه البلايـا فـي الديـن والدنيـا :
إلا إذا برئنـا مـن ذنوبنـا وتبنـا إلـى اللـه وأنبنـا ...
وإلا ، فمـا علاقـة هـذه الصيـغ المتقدمـة ـ والتـي سـميت بأدعيـة الكـرب ،
بينمـا لـم تتضمـن واحـدة منهـا طلـب رفـع الكـرب ـ
مـا علاقتهـا برفـع الكـرب ؟
جـردي التوحيـد للـه ،
توحيـد الربوبيـة
وتوحيـد الأسـماء والصفـات
وتوحيـد الإلهيـة ،
ادعـي اللـه بأسـمائه الحسـنى
" دعـاء العبـادة "
يدفـع عنـك الضـر
ويجلـب لـك النفـع ...
وبعـد ... فـإن الدعـاء ،
مـن أقـوى الأسـباب فـي دفـع المكـروه ،
وحصـول المطلـوب ،
ولكـن قـد يتخلـف عن أثـره:
أنقـل إليـك مقتطفـات من كتيـب " توجيهـات إسلاميـة لإصـلاح الفـرد والمجتمـع "
الشـيخ / محمـد جميـل زينـو :
* تحـت عنـوان : أسـباب النصـر : ( ص : 77 )
(( أرسـل أميـر المؤمنيـن عمـر بـن الخطـاب ، جيشـًا بقيـادة سـعد بـن أبـي وقـاص ،
لفتـح بـلاد فـارس وكتـب إليـه عهـدًا هـذا نصـه :
1 ـ تقـوى اللـه :
" أمـا بعـد :
فإنـي آمـرك ومـن معـك مـن الأجنـاد بتقـوى اللـه علـى كل حـال ،
فـإن تقـوى اللـه أفضـل العُـدَّة علـى العـدو ، وأقـوى المكيـدة فـي الحـرب " .
2 ـ تـرك المعاصـي :
" وآمـرك ومـن معـك أن تكونـوا أشـد احتراسـًا من المعاصـي ، منكـم مـن عدوكـم ،
فـإن ذنـوب الجيـش أخـوفُ عليهـم مِـن عدوهـم ،
وإنمـا يُنصـر المسـلمون بمعصيـة عدوهـم للـه ،
ولـولا ذلـك لـم تكـن بهـم قـوة ؛
لأن عددنـا ليـس كعددهـم ،
وعُدتنـا ليسـت كعدتهـم ،
فـإن اسـتوينا فـي المعصيـة كـان لهـم علينـا الفضـل في القـوة ،
وإن لـم نُنصـر عليهـم بفضلنـا ، لـم نغلبهـم بقوتنـا ...
واعلمـوا أن عليكـم فـي سـيركـم حفظـة مـن اللـه يعلمـون مـا تفعلـون ،
فاسـتحيوا منهـم ولا تعملـوا بمعاصـي اللـه وأنتـم فـي سـبيل اللـه ،
ولا تقولـوا إن عدونـا شـر منـا فلـن يُسـلَّط علينـا وإن أسـأنا
فـرُب قـوم سُـلِّط عليهـم مـن هـو شـر منهـم كمـا سُـلِّط علـى بنـي إسـرائيـل كفـار المجـوس لَمّـا عملـوا بالمعاصـي " .
[ أضـاف الشيخ محمد جميل زينو / قلت : وكمـا سُـلِّطت اليهـود على العـرب المسـلمين الآن ] .
3 ـ الاسـتعانة باللـه :
" وسـلوا اللـه النصـر علـى أنفسـكم كمـا تسـألونه النصـر علـى عدوكـم ، وأسـأل اللـه ذلـك لنـا ولكـم " ...
( ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ) .
* وتحـت عنـوان : أنـواع المنكـرات : ( ص : 71 )
1 ـ مـن منكـرات المسـاجد :
زخرفتهـا وتلوينهـا ،
وتعـداد مآذنهـا ،
ووضـع اللوحـات المكتوبـة أمـام المصليـن إذ فيهـا إشـغال عـن الصـلاة ،
والمـرور أمـام المصلـي ، وتخطـي الرقـاب بيـن الجالسـين .
ورفـع الصـوت بالأوراد أو القـرآن أو الكـلام أو الصـلاة علـى النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
فيشـوشون علـى المصليـن ،
إذ الإسـرار بها هو الـوارد ،
إيـراد بعـض الواعظيـن والخطبـاء الأحاديـث الموضوعـة والضعيفـة وعـدم ذكـر درجتهـا ،
رغـم وجـود الأحاديـث الصحيحـة وكثرتهـا التـي تغنـي عن ذلـك ،
وظهـور رائحـة الدخـان من بعـض المصليـن ،
ورفـع الصـوت ،
والبيـع والشـراء ،
وإنشـاد الضالـة ،
وعـدم إلصـاق الكتـف بالكتـف والقـدم بالقـدم عنـد صـلاة الجماعـة .
2 ـ مـن منكـرات الشـوارع :
خـروج النسـاء سـافرات أو متكشـفات ،
أو يتكلمـن ويضحكـن بصـوت مرتفـع ،
وإمسـاك الرجـل بيـد المـرأة ومحادثتهـا بـلا خجـل ،
وبيـع أوراق اليانصيـب ،
وبيـع الخمـر فـي الحانـات ،
وصـور الرجـال أو النسـاء بأوضـاع مخزيـة تفسـد الأخـلاق ،
وطـرح الأوسـاخ فـي الشـارع ،
ووقـوف الشـبان للتفـرج علـى النسـاء ،
ومزاحمـة النسـاء للرجـال فـي الشـوارع ، والأسـواق والسـيارات .
3 ـ مـن منكـرات الأسـواق :
الحلـف بغيـر اللـه كالشـرف والذمـة وغيرهمـا ،
والغـش والكـذب فـي الربـح علـى المشـتري ،
والشـتم ،
ونقـص المكيـال والميـزان .
4 ـ مـن المنكـرات العامـة :
الاسـتماع إلـى " الموسـيقى " أو الأغانـي الخليعـة ،
واختـلاط الرجـال بالنسـاء ،
وخلـوة النسـاء بغيـر المحـارم ،
وتعليـق الصـور أو التماثيـل ذات الأرواح علـى الجـدران أو جعلهـا علـى المناضـد ،
والإسـراف فـي الطعـام والشـراب واللبـاس والأثـاث
وإلقـاء الزائـد مـن الأطعمـة فـوق الأوسـاخ والقمامـة ،
واللعـب بالنـرد ،
وعقـوق الوالديـن ،
واقتنـاء المجـلات الخليعـة ،
وتعليـق التمائـم علـى الأطفـال أو علـى أبـواب الـدور أو فـي السـيارات لاعتقـاد أنهـا تـرد العيـن وتدفـع البـلاء ،
وانتقـاص أحـد الصحابـة )) . انتهـى
وليـس تخذيـلاً عـن جـدواه وأهميتـه
فالدعـاء هـو العبـادة ، كمـا صـح عـن النبـي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
واللـه سبحانـه وتعالـى يقـول فـي آخـر سـورة الفرقـان :
" قـل مـا يعبـأ بكـم ربـي لـولا دعاؤكـم " ...
وإنمـا هـي دعـوة لتصحيـح المفاهيـم وتقويـم المسـار ،
حتـى نكـون أهـلاً لتتحقـق فينـا سـنن اللـه فـي اسـتجابة الدعـاء وفـي النصـر ..
تذكـري قـول اللـه تعالـى :
" وكَـأَيِّن مِّـن نَّبِـيٍّ قَاتَـلَ مَعَـهُ رِبِّيُّـونَ كَثِيـرٌ فَمَـا وَهَنُـوا لِمَـا أَصَابَهُـمْ فِـي سَـبيلِ اللـهِ ومَـا ضَعُفُـوا ومَـا اسْـتَكَانُوا واللهُ يُحـبُّ الصَّابريـنَ * ومَـا كـانَ قَوْلَهُـمْ إلا أن قالُـوا ربَّنـا اغْفِـرْ لنا ذُنُوبَنَـا وإسْـرَافَنَا فـي أمْرِنَـا وثبِّـتْ أقْدامَنَـا وانصُرْنَـا علـى القـومِ الكافريـنَ " .
تأملـي :
اسـتغفار
واعتـراف بالتفريـط ،
ثـم سـؤال التثبيـت ،
ثـم ... ، وبعـد هـذه المقدمـة العظيمـة
يجـيء طلـب النصـر .
تذكـري الوعـد الحـق مـن الملـك الحـق :
" ولـن يجعـل اللـه للكافريـن علـى المؤمنيـن سـبيلاً " ...
مـن هـم المؤمنـون ؟
... هـم الذيـن قـال اللـه فيهـم :
" ومَـا كـانَ لمؤمِـنٍ ولا مُؤْمِنَـةٍ إذا قضَـى اللـهُ ورسـولُهُ أمْـرًا أن يكـونَ لهُـمُ الخِيَـرَةُ مِـنْ أمرهـم ... " ،
" إِنَّمَـا كـانَ قَـوْلَ المُؤْمِنِيـنَ إذا دُعُـوا إلـى اللـهِ ورسُـولِهِ لِيَحْكُـمَ بَيْنَهُـمْ أن يَقُولُـوا سَـمِعْنا وأطَعْنَـا ... " ،
" فــلا ورَبِّـكَ لا يُؤْمِنُـونَ حتـى يُحَكِّمُـوكَ فيمَـا شَـجَرَ بيْنَهُـمْ ثُـمَّ لا يَجِـدُوا فـي أنفُسِـهِمْ حَرَجـًا مِّمَّـا قَضَيْـتَ
ويُسَـلِّمُوا تَسْـليمًا " ...
فهـل أنـتِ مـن هـؤلاء ؟
تفكـري فـي أدعيـة الكـرب :
ـ " لا إلـه إلا اللـه العظيـم الحليـم ، لا إلـه إلا اللـه رب العـرش العظيـم ، لا إلـه إلا اللـه
رب السـموات ورب الأرض ورب العـرش الكريـم ".
ـ " اللـه اللـه ربـي لا أشـرك بـه شـيئًا " .
ـ " لا إلـه إلا أنـت سـبحانك إنـي كنـت مـن الظالميـن " .
ـ " اللهـم رحمتـك أرجـو فـلا تكلنـي إلـى نفسـي طرفـة عيـن وأصلـح لـي شـأني كلـه لا إلـه إلا أنـت .
أرأيـت كيـف أنهـا كلهـا تجريـد التوحيـد لله عـز وجـل ،
وكمـال التفويـض لملـك الملـوك العليـم الحكيـم ،
وتمـام البـراءة من كـل حـول وطـول ،
وغاية الاعتـراف بالتقصيـر والظلـم للنفـس ...
ولا عجـب ولا غرابـة ،
فـإن كـل ما يصيبنـا من بلايـا فـي الديـن وفي الدنيـا ،
إنمـا هـو لتلبسـنا بمـا يقـدح فـي هـذه العبوديـات مـن القلـب ومـن الجـوارح ،
ولـن يرفـع اللـه هـذه البلايـا فـي الديـن والدنيـا :
إلا إذا برئنـا مـن ذنوبنـا وتبنـا إلـى اللـه وأنبنـا ...
وإلا ، فمـا علاقـة هـذه الصيـغ المتقدمـة ـ والتـي سـميت بأدعيـة الكـرب ،
بينمـا لـم تتضمـن واحـدة منهـا طلـب رفـع الكـرب ـ
مـا علاقتهـا برفـع الكـرب ؟
جـردي التوحيـد للـه ،
توحيـد الربوبيـة
وتوحيـد الأسـماء والصفـات
وتوحيـد الإلهيـة ،
ادعـي اللـه بأسـمائه الحسـنى
" دعـاء العبـادة "
يدفـع عنـك الضـر
ويجلـب لـك النفـع ...
وبعـد ... فـإن الدعـاء ،
مـن أقـوى الأسـباب فـي دفـع المكـروه ،
وحصـول المطلـوب ،
ولكـن قـد يتخلـف عن أثـره:
- إمـا لآفـة فـي الدعـاء نفسـه ، بـأن يكـون دعـاءً لا يحبـه الله لمـا فيـه مـن العـدوان مثـل الدعـاء بالإثـم أو قطيعـة الرحـم أو غيرهمـا ...
- وإمـا لضعـف القلـب وعـدم إقبالـه علـى اللـه حـال الدعـاء مثـل الدعـاء والقلـب مشـغول أو لاهٍ ...
- وإمـا لحصـول مانـع مـن الإجابـة مثـل أكـل الحـرام ورَيْـن الذنـوب على القلـوب وتلبـس الداعـي بالغفلـة والإعـراض .
أنقـل إليـك مقتطفـات من كتيـب " توجيهـات إسلاميـة لإصـلاح الفـرد والمجتمـع "
الشـيخ / محمـد جميـل زينـو :
* تحـت عنـوان : أسـباب النصـر : ( ص : 77 )
(( أرسـل أميـر المؤمنيـن عمـر بـن الخطـاب ، جيشـًا بقيـادة سـعد بـن أبـي وقـاص ،
لفتـح بـلاد فـارس وكتـب إليـه عهـدًا هـذا نصـه :
1 ـ تقـوى اللـه :
" أمـا بعـد :
فإنـي آمـرك ومـن معـك مـن الأجنـاد بتقـوى اللـه علـى كل حـال ،
فـإن تقـوى اللـه أفضـل العُـدَّة علـى العـدو ، وأقـوى المكيـدة فـي الحـرب " .
2 ـ تـرك المعاصـي :
" وآمـرك ومـن معـك أن تكونـوا أشـد احتراسـًا من المعاصـي ، منكـم مـن عدوكـم ،
فـإن ذنـوب الجيـش أخـوفُ عليهـم مِـن عدوهـم ،
وإنمـا يُنصـر المسـلمون بمعصيـة عدوهـم للـه ،
ولـولا ذلـك لـم تكـن بهـم قـوة ؛
لأن عددنـا ليـس كعددهـم ،
وعُدتنـا ليسـت كعدتهـم ،
فـإن اسـتوينا فـي المعصيـة كـان لهـم علينـا الفضـل في القـوة ،
وإن لـم نُنصـر عليهـم بفضلنـا ، لـم نغلبهـم بقوتنـا ...
واعلمـوا أن عليكـم فـي سـيركـم حفظـة مـن اللـه يعلمـون مـا تفعلـون ،
فاسـتحيوا منهـم ولا تعملـوا بمعاصـي اللـه وأنتـم فـي سـبيل اللـه ،
ولا تقولـوا إن عدونـا شـر منـا فلـن يُسـلَّط علينـا وإن أسـأنا
فـرُب قـوم سُـلِّط عليهـم مـن هـو شـر منهـم كمـا سُـلِّط علـى بنـي إسـرائيـل كفـار المجـوس لَمّـا عملـوا بالمعاصـي " .
[ أضـاف الشيخ محمد جميل زينو / قلت : وكمـا سُـلِّطت اليهـود على العـرب المسـلمين الآن ] .
3 ـ الاسـتعانة باللـه :
" وسـلوا اللـه النصـر علـى أنفسـكم كمـا تسـألونه النصـر علـى عدوكـم ، وأسـأل اللـه ذلـك لنـا ولكـم " ...
( ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ) .
* وتحـت عنـوان : أنـواع المنكـرات : ( ص : 71 )
1 ـ مـن منكـرات المسـاجد :
زخرفتهـا وتلوينهـا ،
وتعـداد مآذنهـا ،
ووضـع اللوحـات المكتوبـة أمـام المصليـن إذ فيهـا إشـغال عـن الصـلاة ،
والمـرور أمـام المصلـي ، وتخطـي الرقـاب بيـن الجالسـين .
ورفـع الصـوت بالأوراد أو القـرآن أو الكـلام أو الصـلاة علـى النبـي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -
فيشـوشون علـى المصليـن ،
إذ الإسـرار بها هو الـوارد ،
إيـراد بعـض الواعظيـن والخطبـاء الأحاديـث الموضوعـة والضعيفـة وعـدم ذكـر درجتهـا ،
رغـم وجـود الأحاديـث الصحيحـة وكثرتهـا التـي تغنـي عن ذلـك ،
وظهـور رائحـة الدخـان من بعـض المصليـن ،
ورفـع الصـوت ،
والبيـع والشـراء ،
وإنشـاد الضالـة ،
وعـدم إلصـاق الكتـف بالكتـف والقـدم بالقـدم عنـد صـلاة الجماعـة .
2 ـ مـن منكـرات الشـوارع :
خـروج النسـاء سـافرات أو متكشـفات ،
أو يتكلمـن ويضحكـن بصـوت مرتفـع ،
وإمسـاك الرجـل بيـد المـرأة ومحادثتهـا بـلا خجـل ،
وبيـع أوراق اليانصيـب ،
وبيـع الخمـر فـي الحانـات ،
وصـور الرجـال أو النسـاء بأوضـاع مخزيـة تفسـد الأخـلاق ،
وطـرح الأوسـاخ فـي الشـارع ،
ووقـوف الشـبان للتفـرج علـى النسـاء ،
ومزاحمـة النسـاء للرجـال فـي الشـوارع ، والأسـواق والسـيارات .
3 ـ مـن منكـرات الأسـواق :
الحلـف بغيـر اللـه كالشـرف والذمـة وغيرهمـا ،
والغـش والكـذب فـي الربـح علـى المشـتري ،
والشـتم ،
ونقـص المكيـال والميـزان .
4 ـ مـن المنكـرات العامـة :
الاسـتماع إلـى " الموسـيقى " أو الأغانـي الخليعـة ،
واختـلاط الرجـال بالنسـاء ،
وخلـوة النسـاء بغيـر المحـارم ،
وتعليـق الصـور أو التماثيـل ذات الأرواح علـى الجـدران أو جعلهـا علـى المناضـد ،
والإسـراف فـي الطعـام والشـراب واللبـاس والأثـاث
وإلقـاء الزائـد مـن الأطعمـة فـوق الأوسـاخ والقمامـة ،
واللعـب بالنـرد ،
وعقـوق الوالديـن ،
واقتنـاء المجـلات الخليعـة ،
وتعليـق التمائـم علـى الأطفـال أو علـى أبـواب الـدور أو فـي السـيارات لاعتقـاد أنهـا تـرد العيـن وتدفـع البـلاء ،
وانتقـاص أحـد الصحابـة )) . انتهـى
_الحاشية:_________________________
(1) آل عمران:102 (2) فيه جواز السؤال بالله تعالى ؛ وأما الحديث : " لايسأل بوجه الله إلا الجنة ." فضعيف ؛ وعلى فرض صحته ؛ فهو محمول على سؤال الأمور الحقيرة ؛ كما بينت ذلك فى مجلة " المسلمون "
(3) النساء :1 (4) الأحزاب : 70 –71
وهذه الخطبة هى خطبة الحاجة التى كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يعلم أصحابه أن يقولوها بين يدى كلامهم فى أمور دينهم ؛ سواء كان خطبة نكاح , أو جمعة , أومحاضرة , أو غير ذلك , ولى فيها رسالة مطبوعة , نشرتها مجلة " التمدن الإسلامى " الغراء وهى مهجورة -مع الأسف-من العلماء قاطبة فيما علمت ؛ فلعلهم يعودون إليها ويحبونها .
(5) هو من حديث لجابر –رضى الله عنه- قال فيه : أن النبى-صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقول ذلك إذا خطب . / كما رواه مسلم , والنسائى , وغيرهما ؛ والزيادة للنسائى .
وذلك يشمل الخطب كلها ؛ وبصورة خاصة خطبة الجمعة ؛فقد جاء التنصيص عليها عند مسلم فى رواية له ؛فعلى الخطباء أن يحيوا هذه السنة أيضا .
سـبحانك اللهـم وبحمـدك
أشـهد أن لا إلـه إلا أنـت
أسـتغفرك وأتـوب إليـك ...
وصلى اللـه علـى محمـد وعلـى آلـه وصحبـه وسـلم .
سـبحانك اللهـم وبحمـدك
أشـهد أن لا إلـه إلا أنـت
أسـتغفرك وأتـوب إليـك ...
وصلى اللـه علـى محمـد وعلـى آلـه وصحبـه وسـلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.