الجمعة، 22 أبريل 2011




سبيل العزة والنجاة

إنّه لا رسوخ لقدم، ولا ثبات لمعتقد، ولا بقاء لفكر، ولا تحقق لوعد، ولا أمن من عقاب، ولا سلامة من تلك العاديات؛ إلاّ بالتمسك الشديد بوحي الله الذي أوحاه إلى رسوله؛ فهو العصمة الواقية، والحجة البالغة، والسراج الذي لا يخبو ضياؤه، ولا يخمد سناؤه، إنّه الوحي إذا نزل على رسول الله ثَقُل وكَرُب لذلك، ونكّس رأسه، وترَّبد وجهه، وتخدَّر جبينه[1] عرقًا، تقول عائشة -رضي الله عنها-: "ولقد رأيته ينْزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصد عرقًا" وإنّه التنْزيل الذي كان رسول الله يعالج منه شدة، ويقول عنه: (أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس،  وهو أشده عليّ، فيفصم عني وقد وعيتُ عنه ما قال)[2].

آية عظمى وقول ثقيل ومنهاجٌ عظيم، أمره ربُّه أن يتمسك به، وحذّره من الزيغ عنه، يقول تبارك  وتعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ  تَتَّبِعْ أَهْوَاء ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[الجاثية: 18]، ويقول جلّ جلاله: {فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِي أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ} [الزخرف: 44،43].
 وأخبر رسول الهدى أمته أنّ الهدى في التمسك بذلك، فقال: (إنّي قد تركتُ  فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي)[3].
 وكان أصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين- يتلقون الوحي بالتعظيم والتسليم، ممتثلين لأمره، منقادين لحكمه، خاضعين لإرشاده، لا يترددون في ذلك ولا يتخيَّرون.
 
 إنّ المأمن الأمين والحصن الحصين من فتن عصركم ومغرياته، إنّما هو التمسك بالكتاب والسنة وما كان عليه  سلف الأمّة، وهو المخرج من كلّ فتنة، والنجاة من كلّ محنة، يقول جندب بن عبد الله  البجلي في وصيته لأهل البصرة: "عليكم بالقرآن فإنّه هدى النهار، ونور الليل المظلم، فاعملوا به على ما كان من جهد وفاقة، فإن عرض بلاء؛ فقدِّموا أموالكم دون دينكم، فإن تجاوزها البلاء؛ فقدِّموا دماءكم دون دينكم، فإنّ المحروم من حُرم دينه، وإنّ المسلوب  من سلب دينه، وإنّه لا فقر بعد الجنّة، ولا غنى بعد النّار"[4].
 ويقول حذيفة بن  اليمان لعامر بن مطر: "كيف أنت إذا أخذ النّاس طريقًا واحدًا وأخذ القرآن طريقًا مع أيّهما تكون؟ قال: أكون مع القرآن، وأموت معه، وأحيا معه".
 عباد الله، تمسكوا بهذا الوحي تمسُّكًا صادقًا، تُرى آثاره في أعمالكم وأقوالكم ومعاملاتكم وفي كلّ شأنٍ من شؤونكم، تعيشوا سعداء، وتموتوا لدينكم أوفياء، وليعرض كلّ واحدٍ منكم نفسه على الكتاب والسنة، ولينظر أهو من أهل الطاعة أم من أهل التفريط والإضاعة؟!!، أمن أهل الاتباع أم من أهل الابتداع؟!!، وليأخذ الحذر، وليصلح المسار، يقول الحسن البصريّ -رحمه الله تعالى-: "رحم الله عبدًا عرض نفسه وعمله على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله؛ حَمِد الله، وسأله الزيادة، وإن خالف كتاب الله؛ أعتب نفسه، ورجع من  قريب".
 
 
 للشيخ: صلاح بن محمد البدير -حفظه الله-
 
-- 
حين يكون [ العلم ] غيـــــــــمة تسبح في الفضاء ، 
 
وعندما يحين وقت الهطول ، نتسارع - فرحًا - لجمعها ، 
 
لأننا أمة عطشى ، نحتاج .. ونحتاج كثيرًا لقطرات تحيينا ، 
 
فالعلم صيدٌ والكتــــآبة قيد ، وإذا ضاع القيد ذهب الصيد ! 
 
حللتنّ تحت غيمتنا الماطرة فأهلا بكنّ ، 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.