وقال محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في السلسة الصحيحة:
كثرة الأتباع وقلتهم ليست معياراً لمعرفة الحق
ثم أورد حديث:
397- « مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ».  
ثم قال:
ويشهد للحديث ما روى ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : «عُرِضَتْ عليَّ الأُمَمُ، فرأيت النبيَّ ومعه الرهطُ، والنبيَّ ومعه الرجل والرجلان، والنبيَّ ليس معه أحد ... الحديث » أخرجه الشيخان وغيرهما .
وفي الحديث دليل واضح على أن كثرة الأتباع وقلتهم ليست معيارً لمعرفة كون الداعية على حق أو باطل، فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مع كون دعوتهم واحدة، ودينهم واحداً، فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة وكثرة، حتى كان فيهم من لم يصدقه إلا رجل واحد، بل ومن ليس معه أحد.
ففي ذلك عبرة بالغة للداعية والمدعوين في هذا العصر، فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة، ويمضي قدماً في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، ولا يبالي بقلة المستجيبين له، لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين، وله أسوة حسنة بالأنبياء السابقين الذين لم يكن مع أحدهم إلا الرجل والرجلان.
والمدعوا عليه أن لا يستوحش من قلة المستجيبين للداعية، ويتخذ ذلك سبباً للشك في الدعوة الحق وترك الإيمان بها، فضلاً عن أن يتخذ ذلك دليلاً على بطلان دعوته بحجة أنه لم يتبعه أحد، أو إنما اتبعه الأقلون، ولو كانت دعوته صادقة، لاتبعه جماهير الناس، والله عز وجل يقول : ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾[يوسف 103] . أهـ.
فائدة :
وردت الكثرة في القرآن بلفظ (أكثر) في 68 آية كلها في موضع الذم، وهذا تفصيلها:
وردت بلفظ ﴿أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ في 20 آية ؛ مثل:
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ ﴿... لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿... لا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
ووردت بلفظ ﴿أَكْثَرُهُمْ﴾ في 44 آية ؛ مثل:
﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿... لا يَشْكُرُونَ﴾ ﴿... لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿... لا يَعْقِلُونَ ﴿... لا يَسْمَعُونَ ﴿... يَجْهَلُونَ﴾ ﴿... كَاذِبُونَ﴾ ﴿... لَفَاسِقِينَ﴾ ﴿... مُشْرِكِينَ ﴿... الْكَافِرُونَ ﴿... لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ ...
هذه 64 آية،
65- ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ
66- ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ
67- ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
68- ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾.
ووردت بلفظ﴿كَثِيرًا﴾ في 45 موضع ؛ مثل :
﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.

نقله لكم

سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ( 1 / 684 )

-۞ أقرأ أيضاً ::
-

حساب تويتر

حاسب فيس بوك

للاشتراك في "مجموعة مدونة أبو راشد البريدية"
والتي هي عبارة عن: مشاركة أسبوعية مختارة من أحسن ما قيل في مهمات الدين من كتب السلف.
أرسل رسالة فارغة إلى:


--
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩ فوائــــد: ۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
قال البربهاري:( وإذا رأيت الرجل يجلس مع أهل الأهواء فحذره وعرفه، فإن جلس معه بعد ما علم فاتقه؛ فإنه صاحب هوى) (شرح السنة للبربهاري ص:121).
قال ابن تيمية:(ومن كان محسناً للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم ويُظهر لهم الإنكار وإلا: ألحِق بهم وجُعِل منهم). (مجموع الفتاوى (2/133)).
وقال مُفضَّل بن مهلهل:( لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بُدوِّ مجلسه، ثم يدخل عليك بدعته، فلعلها تلزم قلبك فمتى تخرج من قلبك!!!) (الإبانة (2/444)).