الاثنين، 30 مايو 2011






شروط لاإله إلاالله on Tuesday, May 31, 2011 at 6:36am

بسم الله ، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..،

 كثيراً ما نردد :
(( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله)) هذه هي الشهادتين التي يدخل بها الناس الإسلامية فهي أساس التوحيد، فهل عرفنا معناها وشروطها وأركانها ومقتاضها ونواقضها؟ وفهمناها جيدا؟
فإليكم هذه السلسلة الطيبة التي ستوافيكم بأيسر الكلام وأبسطها للصغار والكبار حول الشهادتين، فأقرؤها وانشروها مأجورين غير مأمورين.

أولًا: معنى الشَّهادتين:

معنى شهادة أن لا إله إلا الله: الاعتقاد والإقرار، أنه لا يستحقُّ العبادةَ إلا الله، والتزام ذلك والعمل به، (فلا إله) نفي لاستحقاق من سوى الله للعبادة كائنًا من كان (إلا الله) إثباتٌ لاستحقاق الله وحده للعبادة،
ومعنى هذه الكلمة إجمالًا: لا معبودَ بحقٍّ إلا الله. وخبر (لا) يجب تقديره: (بحقٍّ) ولا يجوزُ تقديره بموجود؛ لأنّ هذا خلافُ الواقع، فالمعبوداتُ غيرُ الله موجودة بكثرة؛ فيلزم منه أن عبادة هذه الأشياء عبادة لله، وهذا من أبطل الباطل وهو مذهب أهل وحدة الوجود الذين هم أكفر أهل الأرض. وقد فُسّرتْ هذه الكلمةُ بتفسيرات باطلة منها:

( أ ) أن معناه: لا معبودَ إلا الله. وهذا باطلٌ؛ لأن معناه: أن كل معبود بحقّ أو باطل هو الله، كما سبق بيانه قريبًا.

( ب ) أن معناها: لا خالقَ إلا الله. وهذا جزء من معنى هذه الكلمة؛ ولكن ليس هو المقصود؛ لأنه لا يثبت إلا توحيد الربوبية، وهو لا يكفي وهو توحيد المشركين.

(جـ) أن معناها: لا حاكميّةَ إلا لله، وهذا أيضًا جزء من معناها، وليس هو المقصود؛ لأنه لا يكفي، لأنه لو أفرد الله بالحاكمية فقط ودعا غير الله أو صرف له شيئًا من العبادة لم يكن موحدًا، وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصة؛ وإنما نبهنا عليها لأنها توجد في بعض الكتب المتداولة.

والتفسيرُ الصحيح لهذه الكلمة عند السلف والمحققين:
أن يُقالَ: (لا معبود بحق إلا الله) كما سبق.


2 ـ ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله: هو الاعتراف باطنًا وظاهرًا أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة، والعمل بمقتضى ذلك من طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يُعبدَ الله إلا بما شرع.


ثانيًا: أركان الشهادتين:

ـ لا إله إلا الله: لها ركنان هما: النفي والإثبات:

فالركن الأول: النفي: لا إله: يُبطل الشرك بجميع أنواعه، ويُوجب الكُفرَ بكل ما يعبد من دون الله.

والركن الثاني: الإثباتُ: إلا الله: يثبت أنه لا يستحق العبادة إلا الله، ويُوجب العمل بذلك. وقد جاء معنى هذين الركنين في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ} [البقرة/256].

فقوله: (من يكفر بالطاغوت) هو معنى الركن الأول (لا إله) وقوله: (ويؤمن بالله) هو معنى الركن الثاني (إلا الله).

وكذلك قولُهُ عن إبراهيمَ عليه السلام: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} [الزخرف/26، 27].
فقوله: (إنني براء) هو معنى النفي في الركن الأول، وقوله: (إلا الذي فطرني) هو معنى الإثبات في الركن الثاني.


ـ أركان شهادة أن محمدًا رسول الله: لها ركنان هما قولنا: عبدُه ورسوله، وهما ينفيان الإفراطَ والتفريط في حقه صلى الله عليه وسلم فهو عبده ورسوله، وهو أكمل الخلق في هاتين الصفتين الشريفتين،


ومعنى العبد هنا: المملوك العابد، أي: أنه بشرٌ مخلوق مما خلق منه البشر؛ يجري عليه ما يجري عليهم، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} [الكهف/110]، وقد وَفَّى صلى الله عليه وسلم العبوديّة حقَّها، ومدحه الله بذلك، قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر/36]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف/1]، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء/1].

ومعنى الرسول: المبعوث إلى الناس كافة بالدعوة إلى الله بشيرًا ونذيرًا.

وفي الشهادة له بهاتين الصفتين: نفي للإفراط والتفريط في حقه صلى الله عليه وسلم، فإن كثيرًا ممن يدعي أنه من أمته أفرط في حقه، وغلا فيه؛ حتى رفعه فوق مرتبة العبودية إلى مرتبة العبادة له من دون الله؛ فاستغاث به من دون الله، وطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله؛ من قضاء الحاجات وتفريج الكربات. والبعض الآخر جحد رسالته أو فرط في متابعته، واعتمد على الآراء والأقوال المخالفة لما جاء به؛ وتعسَّفَ في تأويل أخباره وأحكامه.

ثالثًا: شروط الشهادتين:

ـ شروط لا إله إلا الله:

لابد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها؛ وهي على سبيل الإجمال:
الأول: العلم المنافي للجهل.
الثاني: اليقين المنافي للشك.
الثالث: القبول المنافي للرد.
الرابع: الانقيادُ المنافي للترك.
الخامس: الإخلاص المنافي للشرك.
السادس: الصدق المنافي للكذب.
السابع: المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء.
وأما تفصيلها فكما يلي:

الشرط الأول: العلم:

أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته، المنافي للجهل بذلك، قال تعالى: {إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف/86].
أي: (شهد) بلا إله إلا الله، (وهُم يعلمون) بقلوبهم ما شهدت به ألسنتهم، فلو نطَقَ بها وهو لا يعلم معناها، لم تنفعهُ؛ لأنه لم يعتقدْ ما تدل عليه.


الشرط الثاني: اليقين:

بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه؛ فإن كان شاكًّا بما تدل عليه لم تنفعه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات/15].
فإن كان مرتابًا كان منافقًا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لقيتَ وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا قلبه فبشره بالجنة) [الحديث في الصحيح] فمن لم يستيقن بها قلبه، لم يستحق دخولَ الجنَّة.


الشرط الثالث: القبول:

لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به؛ كان من الذين قال الله فيهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} [الصافات/35، 36].
وهذا كحال عباد القبور اليوم؛ فإنهم يقولون: (لا إله إلا الله)، ولا يتركون عبادة القبور؛ فلا يكونون قابلين لمعنى لا إله إلا الله.


الشرط الرابع: الانقياد:

لما دلت عليه، قال تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}[لقمان/22].
والعروة الوثقى: لا إله إلا الله؛ ومعنى يسلم وجهه: أي ينقاد لله بالإخلاص له.


الشرط الخامس: الصدق:

: وهو أن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه، فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه؛ كان منافقًا كاذبًا، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} إلى قوله: {وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة/8-10].


الشرط السادس: الإخلاصُ:

وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك؛ بأن لا يقصد بقولها طمعًا من مطامع الدنيا، ولا رياء ولا سمعة؛ لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال: (فإنَّ الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله) [الحديث أخرجه الشيخان].


الشرط السابع: المحبة:

لهذه الكلمة، ولما تدل عليه، ولأهلها العاملين بمقتضاها، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا للهِ} [البقرة/165].
فأهل (لا إله إلا الله) يحبون الله حبًّا خالصًا، وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره، وهذا ينافي مقتضى لا إله إلا الله.


ـ وشروطُ شهادة أنَّ محمدًا رسولُ الله هي:

1- الاعتراف برسالته، واعتقادها باطنًا في القلب.
2- النطق بذلك، والاعتراف به ظاهرً باللسان..
3- المتابعة له؛ بأن يعمل بما جاء به من الحق، ويترك ما نهى عنه من الباطل.
4- تصديقه فيما أخبر به من الغيوب الماضية والمستقبلة..
5- محبته أشد من محبة النفس والمال والولد والوالد والناس أجمعين.
6- تقديم قوله على قول كل أحد، والعمل بسنته.

مقتضى الشهادتين ونواقضها هو موضوع السلسلة القادمة والأخيرة..

المصدر:
كتاب عقيدة التوحيد
للشيخ صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله تعالى-


--

۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩ فوائــــد: ۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩۞۩
**ما سعى العبد في إصلاح شيء أعظم من سعيه في إصلاح قلبه ولن يصلح القلب شيء مثل القرآن **
- قال ابن الحاج في المدخل: من كان في نفسه شيء - فهو عند الله لاشيء-
<<قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنه للعبد لا يطلع عليها الناس".>>
(إن من هو في البحر على لوح ليس بأحوج إلى الله وإلى لطفه ممن هو في بيته بين أهله وماله،
فاعتمد على الله اعتماد الغريق الذي لا يعلم سببا لنجاته غير الله.)
قال الحسن البصري رحمه الله:( إنّ جورَ الملوك نقمة من نقم الله تعالى،
و نقم الله لا تلاقى بالسيوف، و إنما تُتقى و تستدفع بالدعاء و التوبة و الإنابة و الإقلاع عن الذنوب،
إنّ نقمَ الله متى لقيت بالسيوف كانت هي أقطع )
--

 بارك الله فيكم وجزاكم خيرًا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.