انتشر في الآونة الأخيرة بين المسلمين دعاة إلى إطلاق الطاقة الكامنة في الإنسان وبرمجة العقل بل وحفظ القرآن في أقل من أسبوع وغيرها من الشعارات التي تخفي ضلالا كبيرا ويقوم هؤلاء بتنظيم دورات في " البرمجة العصبية " في دول عدّة ولا زال السلفيون في غفلة عن هذه الطائفة التي ساقت العديد من الشباب إلى دوراتها بحُجة اغتنام الوقت وتنمية الذات ، وهذا موضوع أعجبني فنقلته لكم :
كنت أتأمل أوراق التعريف والدعاية لكثير من الدورات التدريبية التي تجد إقبالا متزايداً في واقع عامة الناس - لكونها تنتشر تحت مظلات نفسية، تربوية أو إدارية -، فوجدت أن القاسم المشترك بينها هو: الوعد بإيقاد شعلة الثقة بالنفس بما أسموه برمجة عصبية، أو تنويماً إيحائياً، أو طاقة بشرية أو كونية.. والهدف من ورائها هو تحرير النفس من العجز والكسل والسلبية لتنطلق إلى مضمار الحياة بفاعلية وإيجابية، وتصل إلى النجاح والتميّز والقدرات الإبداعية..
قطع علي تأملاتي صوت ابنتي تقرأ بفاتحة الكتاب: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، عندها سألت نفسي هل ما أحتاجه للفاعلية والإيجابية والهمة الوقادة العلية هو أن أثق بنفسي، وأستعين بذاتي وقدراتي وإمكاناتي، تأملت.. وتأملت ثم كتبت أسطري هذه بعنوان " ثق بربك لا بنفسك " :
الثقة بالنفس… كلمات جميلة براّقة.. كلمات يرسم لها الخيال في الذهن صورة جميلة، ظلالها بهيجة..
تعال معي أيها القارئ الكريم نتأمّل جمالها:
إنها صورة ذلك الإنسان الذي يمشي بخطوات ثابتة وجنان مطمئن..
إنها صورة ذلك الصامد في وجه أعاصير الفتن..
إنها صورة ذلك المبتسم المتفائل برغم الصعاب..
إنها صورة ذلك الذي يجيد النهوض بعد أي كبوة ..
إنها صورة ذلك الذي يمشي نحو هدفه لا يلتفت ولا يتردد..
ما أجملها من صورة!
لذلك تجد الدعوة إلى الثقة بالنفس منطلق لتروييج كثير من التطبيقات والتدريبات.. فكل أحد يطمع في أن يمتلكها، وكل أحد يودّ لو يغيّر واقع حياته عليها..
ولكن.. قف معي لحظة، وتأمل هذه النصوص:
{ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } [الإنسان:1].
{ يأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [فاطر:15].
{ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } [النساء:28].
{ وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَدًا . إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ } [الكهف: 23].
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة:5].
وتفكّر معي في معاني هذه الدعوات المشروعة:
" اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك ... "
" … أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي… "
" اللهم إني استخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، فإنك تعلم ولا أعلم… "
" اللهم لا حول ولا قوة لي إلا بِك… "
" اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوّتك… "
" اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي… "
" اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك فأهلك… "
" اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك… "
ألا ترى معي - أيها القارئ الكريم- أن النفس فيها تتربى على أن تعترف بعجزها وفقرها، وتقرّ بضعفها وذلّها، ولكنها لاتقف عند حدود هذا الاعتراف فتعجز وتُحبط وتكسل، وإنما تطلب قوّتها من ربها، وتسعى وتعمل وتتذلل لمن بـ كن يُقدرها على مايريد، ويُلين لها الحديد، ويعطيها فوق المزيد…
هذه - يا أحبّة - هي طريقة الإسلام في التعامل مع النفس، والترقّي بها، وتتلخّص في:
أولا: تعريفها بحقيقتها، فقد خلقها الله من عدم، وجبلها على ضعف، وفطرها على النقص والاحتياج والفقر.
ثانيًا: دلالتها على المنهج الذي يرفعها من هذا الضعف والفقر الذي جُبلت عليه، لتكون برغم صفاتها هذه أكرم خلق الله أجمعين!! تكريمٌ تجاوز به مكانة من خلقهم ربهم من نور، وجبلهم على الطاعة ونقّاهم من كل خطيئة الملائكة الأبرار!!!
ثالثًا: تذكيرها بأن هناك من يريد إضلالها عن هذا الطريق بتزيين غيره مما يشتبه به لها، وحذّرها من اتّباعه، وأكد لها عداوته، وأبان لها طرق مراغمته..
إنه المنهج الذي تعترف فيه النفس بفقرها وذلّها، وتتبرأ من حولها وقوّتها، وتطلب من مولاها عونه وقوّته وتوفيقه وتسديده..فيعطيها جلَّ جلاله، ويكرمها ويُعليها..
منهج تعترف فيه بضعفها واحتياجها، وتستعين فيه بخالقها ليغنيها ويعطيها، ويقيها شر ما خلقه فيها..فيقبلها ويهديها، ويسددها ويُرضيها..
منهج تتخذ فيه النفس أهبة الاستعداد لعدوّها المتربص بها ليغويها، فتستعيذ بربها منه، وتدفعه بما شرع لها فإذا كيده ضعيف، وإذا قدراته مدحورة عن عباد الله المخلصين.. فقد أعاذهم ربهم وكفاهم وحماهم هو مولاهم، فنِعم المولى ونِعم النصير..
إنه منهج يضاد منهج قارون : { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي }.
إنه منهج ينابذ منهج الأبرص والأقرع : إنما ملكته كابراً عن كابر.
إنه منهج يتبرّأ صاحبه أن يكون خصيماً مبيناً لربه الذي خلقه وربّاه بنعمه، أو ينازعه عظمته وكبريائه.
إنه منهج لايتوافق مع مذهب القوة الذي يقول زعيمه نيتشه: سنخرج الرجل السوبرمان الذي لا يحتاج لفكرة الإله؟!
إنه منهج يصادم منهج الثيوصوفي وليام جيمس ومذهبه البراجماتي، وأتباعه باندلر وجرندر، ومن سار على نهجهم من بعدهم: أنا أستطيع.. أنا قادر.. أنا غني.. أنا أجذب قدري…
تأمّل هذا - أيها القارئ الكريم - ولا يشتبه عليك قول الله عز وجل: { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ }، فقد قال بعدها { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }؛ فمنه يُستمد العلوّ، وبدوام الإلحاح والطلب منه تتحقق الرفعة..
احذر - أخي - ولا يشتبه عليك قول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىٰ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ » فالمؤمن القوي ليس قوياً من عند نفسه، ولا بمقومات شخصيّته، تدريباته وبرمجته للاواعي! وإنما هو قوي لاستعانته بربّه، وثقته في موعوداته الحقة..
تأمّل كلمات القوة من موسى -عليه السلام - أمام البحر والعدو ورائه: { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }…ثقته ليست في نفسه، وقد أُعطي - عليه الصلاة والسلام - من المعجزات وخوارق العادات ما أعطي!!! وإنما ثقته بتوكّله على الذي يستطيع أن يجعله فوق القدرات البشرية، بل يجعل لعصاه الخشبية قدرات لايستطيعها أساطين الطقوس السحرية..
تأمّل - أخي الكريم - هذه الكلمات النبوية « اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ »..
إنها كلمات الحبيب صلى الله عليه وسلم، يربّي أمّته على منهج الإيجابية والفاعلية، ليس على طريقة أهل البرمجة اللغوية العصبية..
لم يقل: تخيل قدرات نفسك..
لم يقل: أيقظ العملاق الذي في داخلك وأطلقه..
لم يقل: خاطب اللاواعي لديك برسائل ايجابية، وبرمجه برمجةً وهمية..
وإنما دعاك - عليه الصلاة والسلام - إلى الطريقة الربانية « اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ »..
فاستعن به وتوكل عليه، ولا تعجزن بنظرك إلى قدراتك وإمكاناتك، فأنت بنفسك ضعيف ظلوم جهول، وأنت بالله عزيز..
أنت بالله قوي.. أنت بالله قادر.. أنت بالله غني..
ومن هذا الوجه، ومن منطلق فهم معاني العبودية، وفقه النصوص الشرعية، قال الشيخ الكريم والعلامة الجليل بكر أبو زيد - حفظه الله - في كتابه المناهي اللفظية : أن لفظة الثقة بالنفس لفظة غير شرعية وورائها مخالفة عقدية…
فإن رجوت - في زمان تخلّف عام يعصف بالأمة - رفعة وعزة ونهضة وإيجابية…
وإن أردت تواصلا -على الرغم من الصعاب - بفاعلية..
وإن رغبت في نفض الإحباط عنك، والتطلّع إلى الحياة بنظرة استشرافية تفاؤلية؛ فعليك بمنهج العبودية على الطريقة المحمدية، ودع عنك طريقة باندلر وجرندر الإلحادية؛ فوراءها ثقة وهمية ممزوجة بطقوس سحرية، وقدرات تواصل مادية، تشهد على فشلها فضائحهم الأخلاقية، ومرافعاتهم القضائية التي ملئت سيرتهم الذاتية.
فحذار من هذه التبعية إلى جحر الضب الذي حذّرك منه نبيك في الأحاديث النبوية، وحذار من استبدال الطريقة الربانية بتقنيات البرمجة العصبية، فإنها من حيل إبليس الشيطانية وتزيينه للفلسفات الإلحادية؛ لتتكل على نفسك الضعيفة وقدراتك البشرية فيكلك لها رب البرية، ويمدّك في غيك بحصول نتائج وقتية، وشعور سعادة وهمية..حتى تنسى الافتقار الذي هو لبّ العبودية، فتُحرم من السعادة الحقيقية التي تغنّى بها مَن وجدها وبيّن أسباب حيازتها، فقال:
هذا ملخص لكتاب ( NLP البرمجة اللغوية العصبية : حوار ونقد من منظور شرعي ) للشيخ أحمد بن صالح الزهراني - حفظه الله - :
علم البرمجة اللغوية العصبية هو نتاج علم النفس والفلسفة القادم إلينا من الغرب.
هناك محوران في تعريف هذا العلم:
أولا:البرمجة=(أن يتحكم في تصرفات من يقع في دائرة البرمجة وفق ما يريده المبرمج)
النقد: صحيح أن الانضباط في السلوك محبب لكن لا توجد علوم تتعامل مع النفس البشرية أفضل من علوم الأنبياء-عليهم السلام-لأنهم رسل من خالق النفس العالم بحالها.
ثانيا:القدرة والتمكن=(القدرة والإرادة والاقتناع التام لابد أن توصل الإنسان إلى هدفه فسبب عدم الوصول هو خطأ بشري أو خطأ في البرمجة)
النقد:هذا خلاف ما يعتقده أهل السنة والجماعة في باب الإيمان بالقدر ويوافق مذهب أهل البدع من "القدرية".
قال تعالى:(لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الكتاب هو القرآن ، والحكمة هي السنة ، والتزكية هي تربية شاملة هدفها تصحيح سلوك النفس المسلمة.
إذن منهج التزكية من القضايا التي حسمها الوحي فلا يحتاج إلى أي بحث وتنظير من خارج الكتاب والسنة لإصلاح النفس وتقويم السلوك لا بل ولا يجوز للمؤمن أن يطلب صلاح نفسه من خارج البيئة الإسلامية.
يقول المؤلف:( وقد نظرت في هذا العلم المسمى البرمجة اللغوية العصبية فما وجدت فيه شيئا نافعا من الوسائل والأهداف إلا وفي سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- ما لا يدانيه ولا يقاربه شيء من سخافات الهندسة النفسية).
يلجأ كثير من رواد هذا العلم إلى الاستشهاد بحوادث من السيرة أو النصوص على أن لهذا العلم أصلا، مثال:الاستشهاد بقوله تعالى:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)على أن الإنسان قادر على تغيير واقعه بناء على تغييره نفسه اعتقادها أو سلوكها أو أهدافها. والصحيح أن الله هو الذي يغير ما بالناس من نعمة إذا هم غيروا ما بأنفسهم من الإيمان والطاعة إلى ضد ذلك.
فإن زعم البعض أن لهذا العلم أصولا إسلامية فإن كل ما هو نافع من البرمجة فإن في الإسلام ما هو أفضل وأحسن بأحسن وسيلة وطريقة.
إن أكثر من يوجه إليه هذا الكلام هم المنتسبون إلى العلم والدعوة ، فلو أن أحدهم استفرغ وسعه في تعلم السنة لوجد أنالبرمجة إما سخافة وإما ضلال وإما تضييع وقت بلا نفع ،ومع هذا تراهم يعرضون عن تعلم السنة ويتعمقون في البرمجة ويستهويهم الشيطان فيحسبون أنهم يحسنون صنعا !! وفي الحقيقة هم يفسدون ولا يصلحون ويصرفون الناس عن العلم الشرعي.
شبهة:
قال بعضهم: نحن نعلم أن في هذا العلم مخالفات شرعية وكذلك فيه منافع فدور المسلم هو الاستفادة مما فيها من الخير وترك ما فيها من الشر.
الجواب:
أولا: ما هي المرجعية في تحديد الخير والشر؟
فإن كانت الكتاب والسنة وأقوال العلماء الكبار-لا دكاترة البرمجة- لكان يمكن ذلك.
لكن الواقع غير ذلك ، فرواد هذا العلم يدعون أنهم هم المرجعية ،وعندما أنكر العلماء بعض ما في هذا العلم -البرمجة- مثل التنويم المغناطيسي وعدوه ضربا من السحر جاء جوابهم : العلماء لم يعرفوا حقيقة هذا الشيء أو لم يتصوروا ذلك!
ثانيا: ما ذكرناه سابقا في أنه لا يجوز أن نطلب صلاح نفوسنا من غير البيئة الإسلامية.روى الإمام أحمد وغيره عن جابر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي-صلى الله عليه وسلم- فغضب فقال:( أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى- عليه السلام- كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني).قال ابن حجر –رحمه الله- في مسألة النظر إلى كتب أهل الكتاب:( من لم يتمكن ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ فيجوز له لا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف ). إنما أشار المؤلف إلى هذا هنا لأنه يتنزل عليه الخلاف في النظر في أي علم أو كتب يراد الازدياد منها علما إلى ما في شريعتنا الإسلامية من مناهج التربية والإيمان والسلوك، ومنها علم البرمجة .
تكمن خطورة البرمجة في كونها برنامجا متكاملا، فلو قام مجموعة من الفضلاء بتنقيتها من الشوائب وأخرجوا برنامجا صافيا، لا يمكن أن نبقيها باسم البرمجة.
كثير ممن يقبل على البرمجة يبحثون عن حلول لمشاكلهم النفسية ، وقد فصل المؤلف في أهمية فهم النصوص الشرعية ودورها في علاج المشاكل النفسية من هم وحزن... فمن أراد الوقوف على هذا فليراجع الكتاب.
يجب أن يعلم أن كل هدف مقصود للشرع وأن الحاجة إليه كانت موجودة في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فإنه لا يجوز التوسل لهذا المقصد إلا بما شرعه الله . إذن لا يكفي أن نعلم أن علم البرمجة حقق نتائج ملموسة ، فلابد أن تكون الوسائل مشروعة، فمثلا: السحر طريقة سريعة مجربة في فك السحر عن المسحور ومع هذا الشرع لا يجيزه. وهنا يكمن الابتلاء ، أن يصبر المؤمن على المصيبة مع علمه بأن هناك طرقا سريعة لكنها محرمة قد تخلصه منها - بإذن الله- لكنه يعرض عنها محتسبا الأجر من الله.
فتح باب الشرك:
أمثلة:
أولا: بعض المتخصصين في البرمجة يرى أن المريض إذا اعتقد بأن الدواء الذي معه سيكون فيه شفاؤه فإنه سيشفى مع العلم بأنه ليس دواء في الحقيقة ، أي أن شفاءه ليس بسبب الدواء بل بسبب اعتقاده وإيمانه بأن تلك الأقراص ستشفيه.
الاعتقاد عندهم يعني الاقتناع بصحة الشيء وإن لم يكن مبنيا على منطق أو معبرا عن واقع.
الجواب: ألم يحرم الإسلام اتخاذ التمائم والخيط والحلقة المعدنية .....للاستشفاء وعد ذلك من الشرك؟ علما بأنهم -أهل الشرك- كانوا أحيانا يجدون راحة وأثرا ملموسا عند استخدام تلك الوسائل -كما يزعم أهل البرمجة- !!
ثانيا: إذا اعتقد الشخص بأنه قادر على حمل ثقل كبير يفوق قدرته فإنه سيقدر على ذلك أو اعتقد وآمن أنه قادر على المشي على الجمر من غير أن تحرقه فسيفعل...وغير ذلك من الخوارق.
الجواب: الاعتقاد لا يغير الحقائق فالقادر يظل قادرا والعاجز يظل عاجزا، وكل ما هنالك أن الاعتقاد يصحح النظر في الأمور فيزيل الموانع الوهمية لكن الاعتقاد لا يعطي الشخص خوارق وصفات خارجة عن المألوف. وما يفعله رواد البرمجة من إثبات ذلك أمام العوام إنما هو من إعانة الشيطان لهم لتفتنهم وتفتن بهم. ولكي يثبتوا لعوام المسلمين أن هذا علم وليس من عمل الشياطين فإنهم يذكرون الله ويستعيذون بالله من الشيطان أثناء عرض تلك الخوارق ! صحيح أن ذكر الله يطرد الشياطين لكن الذكر يؤثر إذا كان التالي من أهل الإيمان والصراط الصحيح. وهذا قد ظهر قديما عند الدجاجلة ممن يدعي الولاية والمقامات عند الله فإنهم كانوا يظهرون الخوارق أمام الناس كأن يدخلوا في النار ويخرجوا منها دون أن تحرقهم . وهؤلاء الدجاجلة أصحاب قرآن يلبسون على الناس.
*إن الخوارق وإن كانت موجودة -ككرامات الأولياء- فإنها ليست علما يطلب. وهي إن لم تكن لنبي أو ولي فهي من عمل الشيطان سواء علم الفاعل بهذا -كالساحر والكاهن- أم لم يعلم – كأصحاب هذه البرمجة - . وتذكّر أن السحر علم يُتعلم . والتلبيس الذي لبسه أصحاب البرمجة على الجهال هو أن هدفهم من البرمجة هو تنمية قدرات النفس الذاتية وتفجير طاقاتها اللامحدودة .
من وسائل البرمجة:
أولا: برمجة العقل الباطن بطريقة التكرار:
الدليل الذي يستشهد به دعاة البرمجة هو أن استحباب تكرار الأذكار وكذا الإلحاح بالدعاء إنما هو من باب برمجة العقل الباطن بالتكرار فيحصل التأثير بسبب التكرار.
الجواب :
- هذا استخفاف بالشريعة الإسلامية وتفريغ لمضامينها العليا.
- الغرض من تكرار الأذكار هو زيادة الأجر والثوب والإيمان والاطمئنان واستشعار معية الله تعالى.
- التكرار ليس مطلقا بل هو محدد في مواضع.
- ألفاظ الذكر -وهي توقيفية- غاية في الحسن والبيان وهي محل رضا الرحمن.
إذن هذا الإقحام للأصول الشرعية فيه تلبيس على المغرورين بالبرمجة بأن لهذا العلم أصلا في الدين.
ثانيا: مسألة بناء التوافق:
التعريف: إيجاد جو من الألفة والتوافق بين المرسل والمستقبل أمر مهم للوصول إلى نتائج إيجابية من خلال وسائل مثل: التوافق في التنفس، الحرص على مشاكلة المتلقي في لباسه أو حركاته حتى لو كان من عادته أن ينظف أنفه بكثرة بأصبعه!
الجواب:
- إيجاد التوافق هكذا بإطلاق فيه تدريب على النفاق والمداهنة كأن يداهن مسؤولا من أجل وظيفة ، وإن كان في الدعوة وإصلاح ذات البين فخير ، إذن الهدف من إيجاد الألفة مهم.
- الوسائل التي يذكرونها لتحقيق التوافق غاية في التفاهة وبعضها مناقض للآداب الإسلامية ولا عجب فهي من نتاج بلاد الكفر .
- التبسم،الكلمة الطيبة، الإحسان للمسيء.....هذا مما يوجد التوافق من ديننا النقي وهو خير -بلا ريب- مما يزعمون .
- أن لا يكون هدف إيجاد جو الألفة على حساب السكوت عن المنكرات وإقرار مرتكب المحرم بغرض استمالة قلبه .
وما يذكره أهل البرمجة يفتقر إلى القيد الشرعي الذي ذكرناه.
ثالثا: التنويم المغناطيسي:
التعريف: الوصول بالمريض إلى حالة وسطى بين الصحو الكامل والاستغراق في النوم ، وفي هذه الحالة يمكن للمعالج أن يستخرج خفايا لا شعورية من المريض تعين على شفائه. وفي هذه الحالة أيضا يكون العقل الواعي معطلا والعقل الباطن مستيقظا يقبل الإيحاءات الموجهة إليه. وهو أقرب إلى الاسترخاء ودون النوم فيبقى يسمع ويشم و... .يستخدم في علاج المشاكل النفسية والأمراض العضوية المستعصية.
النقد:
- يدخل التنويم المغناطيسي في أكثر تطبيقات البرمجة.
- التنويم المغناطيسي يؤثر ويحد من إرادة الإنسان -وإن زعموا عكس ذلك-فيجعله عرضة للسرقة والسخرية و...
- أهل العلم يعدونه نوعا من السحر.من مميزات السحر هو القدرة على التأثير على الآخرين بدون آلة ظاهرة أو وسيلة ظاهرة.
فتوى اللجنة الدائمة في التنويم:"التنويم المغناطيسي ضرب من الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوم-بكسر الواو المشددة- على المنوم-بفتح الواو المشددة-فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بسيطرته عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعا له مقابل ما يتقرب به المنوم إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة المنوم يقوم بما يطلبه منه من الأعمال بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم. وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقا أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو أي عمل آخر بوساطة المنوم غير جائز بل هو شرك لما تقدم ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها الله سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم"
ثم أخذ الشيخ الزهراني يستعرض قواعد وأساليب في البرمجة وعلوما أخرى ذات صلة وينقدها نقدا شرعيا أو عقليا . وملخص ذلك لا يخرج عما ذكرناه سابقا:
1- البرمجة نتاج علم النفس والفلسفة الذي أتانا من أهل الكفر.
2- محاولة رواد البرمجة –في بلاد المسلمين- صبغ هذا العلم بالصبغة الشرعية من خلال استخدام النصوص الشرعية والاستشهاد بها في غير موضعها وتفريغها من مضامينها.
3- بدعة القدرية.
4- بعض ما فيه يعد من السحر والكهانة.
كنت أتأمل أوراق التعريف والدعاية لكثير من الدورات التدريبية التي تجد إقبالا متزايداً في واقع عامة الناس - لكونها تنتشر تحت مظلات نفسية، تربوية أو إدارية -، فوجدت أن القاسم المشترك بينها هو: الوعد بإيقاد شعلة الثقة بالنفس بما أسموه برمجة عصبية، أو تنويماً إيحائياً، أو طاقة بشرية أو كونية.. والهدف من ورائها هو تحرير النفس من العجز والكسل والسلبية لتنطلق إلى مضمار الحياة بفاعلية وإيجابية، وتصل إلى النجاح والتميّز والقدرات الإبداعية..
قطع علي تأملاتي صوت ابنتي تقرأ بفاتحة الكتاب: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، عندها سألت نفسي هل ما أحتاجه للفاعلية والإيجابية والهمة الوقادة العلية هو أن أثق بنفسي، وأستعين بذاتي وقدراتي وإمكاناتي، تأملت.. وتأملت ثم كتبت أسطري هذه بعنوان " ثق بربك لا بنفسك " :
الثقة بالنفس… كلمات جميلة براّقة.. كلمات يرسم لها الخيال في الذهن صورة جميلة، ظلالها بهيجة..
تعال معي أيها القارئ الكريم نتأمّل جمالها:
إنها صورة ذلك الإنسان الذي يمشي بخطوات ثابتة وجنان مطمئن..
إنها صورة ذلك الصامد في وجه أعاصير الفتن..
إنها صورة ذلك المبتسم المتفائل برغم الصعاب..
إنها صورة ذلك الذي يجيد النهوض بعد أي كبوة ..
إنها صورة ذلك الذي يمشي نحو هدفه لا يلتفت ولا يتردد..
ما أجملها من صورة!
لذلك تجد الدعوة إلى الثقة بالنفس منطلق لتروييج كثير من التطبيقات والتدريبات.. فكل أحد يطمع في أن يمتلكها، وكل أحد يودّ لو يغيّر واقع حياته عليها..
ولكن.. قف معي لحظة، وتأمل هذه النصوص:
{ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } [الإنسان:1].
{ يأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [فاطر:15].
{ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } [النساء:28].
{ وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَدًا . إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ } [الكهف: 23].
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة:5].
وتفكّر معي في معاني هذه الدعوات المشروعة:
" اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك ... "
" … أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي… "
" اللهم إني استخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، فإنك تعلم ولا أعلم… "
" اللهم لا حول ولا قوة لي إلا بِك… "
" اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوّتك… "
" اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي… "
" اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك فأهلك… "
" اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك… "
ألا ترى معي - أيها القارئ الكريم- أن النفس فيها تتربى على أن تعترف بعجزها وفقرها، وتقرّ بضعفها وذلّها، ولكنها لاتقف عند حدود هذا الاعتراف فتعجز وتُحبط وتكسل، وإنما تطلب قوّتها من ربها، وتسعى وتعمل وتتذلل لمن بـ كن يُقدرها على مايريد، ويُلين لها الحديد، ويعطيها فوق المزيد…
هذه - يا أحبّة - هي طريقة الإسلام في التعامل مع النفس، والترقّي بها، وتتلخّص في:
أولا: تعريفها بحقيقتها، فقد خلقها الله من عدم، وجبلها على ضعف، وفطرها على النقص والاحتياج والفقر.
ثانيًا: دلالتها على المنهج الذي يرفعها من هذا الضعف والفقر الذي جُبلت عليه، لتكون برغم صفاتها هذه أكرم خلق الله أجمعين!! تكريمٌ تجاوز به مكانة من خلقهم ربهم من نور، وجبلهم على الطاعة ونقّاهم من كل خطيئة الملائكة الأبرار!!!
ثالثًا: تذكيرها بأن هناك من يريد إضلالها عن هذا الطريق بتزيين غيره مما يشتبه به لها، وحذّرها من اتّباعه، وأكد لها عداوته، وأبان لها طرق مراغمته..
إنه المنهج الذي تعترف فيه النفس بفقرها وذلّها، وتتبرأ من حولها وقوّتها، وتطلب من مولاها عونه وقوّته وتوفيقه وتسديده..فيعطيها جلَّ جلاله، ويكرمها ويُعليها..
منهج تعترف فيه بضعفها واحتياجها، وتستعين فيه بخالقها ليغنيها ويعطيها، ويقيها شر ما خلقه فيها..فيقبلها ويهديها، ويسددها ويُرضيها..
منهج تتخذ فيه النفس أهبة الاستعداد لعدوّها المتربص بها ليغويها، فتستعيذ بربها منه، وتدفعه بما شرع لها فإذا كيده ضعيف، وإذا قدراته مدحورة عن عباد الله المخلصين.. فقد أعاذهم ربهم وكفاهم وحماهم هو مولاهم، فنِعم المولى ونِعم النصير..
إنه منهج يضاد منهج قارون : { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي }.
إنه منهج ينابذ منهج الأبرص والأقرع : إنما ملكته كابراً عن كابر.
إنه منهج يتبرّأ صاحبه أن يكون خصيماً مبيناً لربه الذي خلقه وربّاه بنعمه، أو ينازعه عظمته وكبريائه.
إنه منهج لايتوافق مع مذهب القوة الذي يقول زعيمه نيتشه: سنخرج الرجل السوبرمان الذي لا يحتاج لفكرة الإله؟!
إنه منهج يصادم منهج الثيوصوفي وليام جيمس ومذهبه البراجماتي، وأتباعه باندلر وجرندر، ومن سار على نهجهم من بعدهم: أنا أستطيع.. أنا قادر.. أنا غني.. أنا أجذب قدري…
تأمّل هذا - أيها القارئ الكريم - ولا يشتبه عليك قول الله عز وجل: { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ }، فقد قال بعدها { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ }؛ فمنه يُستمد العلوّ، وبدوام الإلحاح والطلب منه تتحقق الرفعة..
احذر - أخي - ولا يشتبه عليك قول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىٰ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ » فالمؤمن القوي ليس قوياً من عند نفسه، ولا بمقومات شخصيّته، تدريباته وبرمجته للاواعي! وإنما هو قوي لاستعانته بربّه، وثقته في موعوداته الحقة..
تأمّل كلمات القوة من موسى -عليه السلام - أمام البحر والعدو ورائه: { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }…ثقته ليست في نفسه، وقد أُعطي - عليه الصلاة والسلام - من المعجزات وخوارق العادات ما أعطي!!! وإنما ثقته بتوكّله على الذي يستطيع أن يجعله فوق القدرات البشرية، بل يجعل لعصاه الخشبية قدرات لايستطيعها أساطين الطقوس السحرية..
تأمّل - أخي الكريم - هذه الكلمات النبوية « اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ »..
إنها كلمات الحبيب صلى الله عليه وسلم، يربّي أمّته على منهج الإيجابية والفاعلية، ليس على طريقة أهل البرمجة اللغوية العصبية..
لم يقل: تخيل قدرات نفسك..
لم يقل: أيقظ العملاق الذي في داخلك وأطلقه..
لم يقل: خاطب اللاواعي لديك برسائل ايجابية، وبرمجه برمجةً وهمية..
وإنما دعاك - عليه الصلاة والسلام - إلى الطريقة الربانية « اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ »..
فاستعن به وتوكل عليه، ولا تعجزن بنظرك إلى قدراتك وإمكاناتك، فأنت بنفسك ضعيف ظلوم جهول، وأنت بالله عزيز..
أنت بالله قوي.. أنت بالله قادر.. أنت بالله غني..
ومن هذا الوجه، ومن منطلق فهم معاني العبودية، وفقه النصوص الشرعية، قال الشيخ الكريم والعلامة الجليل بكر أبو زيد - حفظه الله - في كتابه المناهي اللفظية : أن لفظة الثقة بالنفس لفظة غير شرعية وورائها مخالفة عقدية…
فإن رجوت - في زمان تخلّف عام يعصف بالأمة - رفعة وعزة ونهضة وإيجابية…
وإن أردت تواصلا -على الرغم من الصعاب - بفاعلية..
وإن رغبت في نفض الإحباط عنك، والتطلّع إلى الحياة بنظرة استشرافية تفاؤلية؛ فعليك بمنهج العبودية على الطريقة المحمدية، ودع عنك طريقة باندلر وجرندر الإلحادية؛ فوراءها ثقة وهمية ممزوجة بطقوس سحرية، وقدرات تواصل مادية، تشهد على فشلها فضائحهم الأخلاقية، ومرافعاتهم القضائية التي ملئت سيرتهم الذاتية.
فحذار من هذه التبعية إلى جحر الضب الذي حذّرك منه نبيك في الأحاديث النبوية، وحذار من استبدال الطريقة الربانية بتقنيات البرمجة العصبية، فإنها من حيل إبليس الشيطانية وتزيينه للفلسفات الإلحادية؛ لتتكل على نفسك الضعيفة وقدراتك البشرية فيكلك لها رب البرية، ويمدّك في غيك بحصول نتائج وقتية، وشعور سعادة وهمية..حتى تنسى الافتقار الذي هو لبّ العبودية، فتُحرم من السعادة الحقيقية التي تغنّى بها مَن وجدها وبيّن أسباب حيازتها، فقال:
ومما زادني شرفـاً وتيــهًا***وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك ياعبادي***وأن صيّرت أحمد لي نبيـاً
دخولي تحت قولك ياعبادي***وأن صيّرت أحمد لي نبيـاً
أدعو إخواني إلى إضافة كل فتوى أو كلام لأهل العلم يبيّنون فيه حقيقة " البرمجة اللغوية العصبية "
وأبدأ بكلام الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -
وجّه للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – سؤالان عن حكم تعلم البرمجة العصبية فأجاب جزاه الله كل خير أجوبة قصيرة لكنها جدُّ مفيدة :
السؤال الأول :
أحسن الله إليكم يسأل : ما حكم تعلم علم البرمجة اللغوية العصبية علما بأنه علم غربي المنشأ ولكن فيه جوانبإيجابية مثل الدعوة للتفائل وغيرها من الجوانب الإيجابية في الحياة ؟ وهل يعاملمعاملة العلوم الأخرى بأن يؤخذ منه ما يوافق الشرع ويترك ما يخالف الشرع ؟
الجواب :
أنا في الحقيقة لا أعرف حقيقة هذه البرمجة ولكن حسب ما قرأت أنها لا خير فيها وأن فيها ما يخل بالعقيدة ومادام الأمر كذلك فلايجوز .. فلا يجوز التعامل بها ، حتى ولو كان بها مصلحة جزئية فإنه يُنظر إلى المضار ولا ينظر إلى ما فيها من مصلحة جزئية بل يُنظر إلى المضار التي فيها وتقارن بالمصالح ، فإذا كانت المضرة أكثر .. مضرة راجحة فإنه لا عبرة بالمصلحة المرجوحة نعم .
المصدر :
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/Fata...px?PageID=6348
السؤال الثاني :
فضيلة الشيخ وفقكم الله، هل ما انتشر في الوقت المعاصر من دورات في التفكير والبرمجة العصبية ومعرفة قوىالنفس ، هل هذا من علم الفلسفة المنهي عنه ؟
الجواب :
نعم ، [ كلمة غير مفهومة ] ومنين جاء هذا ، هذا قد يكون منحدر من هذه الأمور ، من الفلسفة ومن الخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، منها مثلا تحضير الأرواح ، الذي يسمونه تحضير الأرواح وهو كفر بالله عز وجل ، يزعم أنه يحضر أرواح الأموات وأنه يخاطبها و تخاطبه ، هذا كله من هذا النوع ! . نعم
المصدر :
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds/00552-10.ra
--------------------------------------------------
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله) في كتابه معجم المناهي اللفظية عن قولهم " تجب الثقة بالنفس " :
" تجب الثقة بالنفس " : في تقرير للشيخ محمد بن ابراهيم – رحمه الله – لما سئل عن قول من قال : تجب الثقة بالنفس ، أجاب : لا تجب ، ولا تجوز الثقة بالنفس . في الحديث : ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) . قال الشيخ ابن قاسم معلقا عليه : ( وجاء في حديث رواه أحمد : ( وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة ، وإني لا أثق إلا برحمتك ) .
وأبدأ بكلام الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -
وجّه للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – سؤالان عن حكم تعلم البرمجة العصبية فأجاب جزاه الله كل خير أجوبة قصيرة لكنها جدُّ مفيدة :
السؤال الأول :
أحسن الله إليكم يسأل : ما حكم تعلم علم البرمجة اللغوية العصبية علما بأنه علم غربي المنشأ ولكن فيه جوانبإيجابية مثل الدعوة للتفائل وغيرها من الجوانب الإيجابية في الحياة ؟ وهل يعاملمعاملة العلوم الأخرى بأن يؤخذ منه ما يوافق الشرع ويترك ما يخالف الشرع ؟
الجواب :
أنا في الحقيقة لا أعرف حقيقة هذه البرمجة ولكن حسب ما قرأت أنها لا خير فيها وأن فيها ما يخل بالعقيدة ومادام الأمر كذلك فلايجوز .. فلا يجوز التعامل بها ، حتى ولو كان بها مصلحة جزئية فإنه يُنظر إلى المضار ولا ينظر إلى ما فيها من مصلحة جزئية بل يُنظر إلى المضار التي فيها وتقارن بالمصالح ، فإذا كانت المضرة أكثر .. مضرة راجحة فإنه لا عبرة بالمصلحة المرجوحة نعم .
المصدر :
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/Fata...px?PageID=6348
السؤال الثاني :
فضيلة الشيخ وفقكم الله، هل ما انتشر في الوقت المعاصر من دورات في التفكير والبرمجة العصبية ومعرفة قوىالنفس ، هل هذا من علم الفلسفة المنهي عنه ؟
الجواب :
نعم ، [ كلمة غير مفهومة ] ومنين جاء هذا ، هذا قد يكون منحدر من هذه الأمور ، من الفلسفة ومن الخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، منها مثلا تحضير الأرواح ، الذي يسمونه تحضير الأرواح وهو كفر بالله عز وجل ، يزعم أنه يحضر أرواح الأموات وأنه يخاطبها و تخاطبه ، هذا كله من هذا النوع ! . نعم
المصدر :
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds/00552-10.ra
--------------------------------------------------
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله) في كتابه معجم المناهي اللفظية عن قولهم " تجب الثقة بالنفس " :
" تجب الثقة بالنفس " : في تقرير للشيخ محمد بن ابراهيم – رحمه الله – لما سئل عن قول من قال : تجب الثقة بالنفس ، أجاب : لا تجب ، ولا تجوز الثقة بالنفس . في الحديث : ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) . قال الشيخ ابن قاسم معلقا عليه : ( وجاء في حديث رواه أحمد : ( وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة ، وإني لا أثق إلا برحمتك ) .
*********
الديانة البوذية تخترق بلاد الإسلام
يقول الشيخ أبو عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري عندما أخذ يعدّد " أسباب انتشار السحر " في محاضرة له بعنوان "السحر خطره ، أسبابه، وكيفية مكافحته " :
( من أسباب انتشاره [أي السحر] امتزاجه بالطب عند كثير من القدماء كالهنود ، فكثير من كتب الطب القديمة (طب الأعشاب أو الطب التقليدي) تحتوى على مادة سحرية ، وكذلك أطباء اليونان وفلاسفته كانوا يؤمنون بالسحر ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ينتقد فلاسفة اليونان ويحط من شأنهم:" وهل وجد في العالم أمة أجهل وأضل وأبعد عن العقل والعلم من أمة يكون رؤوسها فلاسفة، أو لم تكن أئمتكم اليونان كأرسطو وأمثاله مشركين يعبدون الأوثان ويشركون بالرحمن ويقربون أنواع القرابين لذرية الشيطان ؟ أو ليس من أعظم علومهم السحر الذي غايته أن يعبد الإنسان شيطانا من الشياطين ويصوم ويصلي ويقرب له القرابين حتى ينال بذلك عرضا من الدنيا فساده أعظم من صلاحه وإثمه أكبر من نفعه ؟ ".
فمن اعتمد على هذه الكتب الطبية ربما وجد فيها وصفات سحرية وطلاسم ، ومروج كتاب السحر لا يكتب في الغالب على غلافه أن موضوعه السحر ، إلا إذا كان في بلد يستباح فيه السحر ويدس ويدرس علنا كالسنغال، بل يكتب عليه عناوين مضللة توحى بأن موضوعه الطب والرقية ومن أشهر كتب السحر كتاب " الرحمة في الطب والحكمة " ، وكتاب " شمس المعارف الكبرى " ) أهـ .
ثم يقول " في سياق الحديث عن الطب القديم نتحدث عن سبب آخر جديد يسمى البرمجة العصبية ، إن الديانة البوذية تخترق هذه الأيام بلاد المسلمين وبقوة عبر وسائل الإعلام المختلفة لكن باسم البرمجة العصبية، التي مزج فيها أهلها شيئا من علم النفس وشيئا من السحر والشعوذة وربما زينوا بعض أفكارهم بأحاديث نبوية أو آيات قرآنية .
من أنواع السحر: السحر بهمة الساحر (مثل تأثير العين) بحيث تكون له قدرة على التحكم في نفوس الآخرين والسيطرة عليهم، قال ابن عابدين في تعريف السحر: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة لأسباب خفية. ومن ذلك ما يسمى بالتنويم المغناطيسي الذي يسميه أهل البرمجة العصبية الإيحاء .
يصل الساحر إلى هذه القوة أو الملكة برياضات شاقة للنفس من صوم وخلوة وغيرها من أعمال وطقوس اليوغا، وهذا ما يسميه أهل البرمجة باستعمال العقل الباطن ، وكثير من مسائله الأولية مستمدة من علم النفس لأجل ذلك اشتبه على الناس.
ويدل على حقيقة أهل البرمجة العصبية أن من أعظم المصادر التي يعتمدون عليها كتب البوذية ، وقد اغتر بهم أناس كثيرون ، ولذلك صدرت فتاوى وبحوث كثيرة تكشف خطر هذه الدعوى " أهـ.
( من أسباب انتشاره [أي السحر] امتزاجه بالطب عند كثير من القدماء كالهنود ، فكثير من كتب الطب القديمة (طب الأعشاب أو الطب التقليدي) تحتوى على مادة سحرية ، وكذلك أطباء اليونان وفلاسفته كانوا يؤمنون بالسحر ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ينتقد فلاسفة اليونان ويحط من شأنهم:" وهل وجد في العالم أمة أجهل وأضل وأبعد عن العقل والعلم من أمة يكون رؤوسها فلاسفة، أو لم تكن أئمتكم اليونان كأرسطو وأمثاله مشركين يعبدون الأوثان ويشركون بالرحمن ويقربون أنواع القرابين لذرية الشيطان ؟ أو ليس من أعظم علومهم السحر الذي غايته أن يعبد الإنسان شيطانا من الشياطين ويصوم ويصلي ويقرب له القرابين حتى ينال بذلك عرضا من الدنيا فساده أعظم من صلاحه وإثمه أكبر من نفعه ؟ ".
فمن اعتمد على هذه الكتب الطبية ربما وجد فيها وصفات سحرية وطلاسم ، ومروج كتاب السحر لا يكتب في الغالب على غلافه أن موضوعه السحر ، إلا إذا كان في بلد يستباح فيه السحر ويدس ويدرس علنا كالسنغال، بل يكتب عليه عناوين مضللة توحى بأن موضوعه الطب والرقية ومن أشهر كتب السحر كتاب " الرحمة في الطب والحكمة " ، وكتاب " شمس المعارف الكبرى " ) أهـ .
ثم يقول " في سياق الحديث عن الطب القديم نتحدث عن سبب آخر جديد يسمى البرمجة العصبية ، إن الديانة البوذية تخترق هذه الأيام بلاد المسلمين وبقوة عبر وسائل الإعلام المختلفة لكن باسم البرمجة العصبية، التي مزج فيها أهلها شيئا من علم النفس وشيئا من السحر والشعوذة وربما زينوا بعض أفكارهم بأحاديث نبوية أو آيات قرآنية .
من أنواع السحر: السحر بهمة الساحر (مثل تأثير العين) بحيث تكون له قدرة على التحكم في نفوس الآخرين والسيطرة عليهم، قال ابن عابدين في تعريف السحر: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة لأسباب خفية. ومن ذلك ما يسمى بالتنويم المغناطيسي الذي يسميه أهل البرمجة العصبية الإيحاء .
يصل الساحر إلى هذه القوة أو الملكة برياضات شاقة للنفس من صوم وخلوة وغيرها من أعمال وطقوس اليوغا، وهذا ما يسميه أهل البرمجة باستعمال العقل الباطن ، وكثير من مسائله الأولية مستمدة من علم النفس لأجل ذلك اشتبه على الناس.
ويدل على حقيقة أهل البرمجة العصبية أن من أعظم المصادر التي يعتمدون عليها كتب البوذية ، وقد اغتر بهم أناس كثيرون ، ولذلك صدرت فتاوى وبحوث كثيرة تكشف خطر هذه الدعوى " أهـ.
*********
وهذه فتوى للشيخ فلاح بن إسماعيل مندكار - حفظه الله - حول " قانون الجذب " :
السؤال : انتشرت بين الشباب في هذه الفترة أفكار غريبة تنبني على أسس عقدية وآخرها فكر ( قانون الجذب ) وهو أنالإنسان يستطيع أن يجذب قدره بنفسه يجذب السعادة والمال والصحة وحتى من يقترن بها كزوجة. ومؤخرا صدر فيلم في الغرب مؤلفته نصرانية من أستراليا وأشركت معها في الفيلم أناس يدّعون أنهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه بسبب هذا القانون وكان أحد الدعاة المسلمين المشهورين يفاوض لتملك هذا الفيلم ولكنهم رفضوا فأخرج إصدارا باسمه يتكلم عن قانون الجذب . فما الأمور التي تخدش عقيدة المسلم حول هذا الفكر (قانون الجذب ) ؟ . وجزاكم الله خيرا
الجواب : بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد ، أنا لا أعرف من هذا الكلام إلا ما ذكره السائل من أن الإنسان يتحكم في قدره بنفسه ،لا ، أعوذ بالله، المقدّر هو الله تبارك وتعالى، ولا شك أن الإنسان يسعى ويبذل الأسباب لجلب السعادة والمنافع وإصلاح ما بينه وبين زوجه، أما النتائج فتوكل إلى الله تبارك وتعالى، وهذه حقيقة التوكل على الله عز وجل، أن يبذل الأسباب الشرعية ويعتمد على الله عز وجل في حصول نتائجها،أما أن تملك حصول النتائج بقانون أو غيره فلاشك أن هذا أمر ممتنع حصوله ووقوعه شرعا وعقلا ، والأصل في العبد المسلم المؤمن أن يتوكل على الله ويبذل الأسباب الشرعية ويعتمد في حصول النتائج على الله تعالى، هكذا علمنا رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهذه حقيقة التوكل على الله تبارك وتعالى. وما دام ذكرت أن هذا القانون أصله من عند الكفار والنصارى ، وأن هذا الرجل حاول أن يقتبس منه، فالحمد لله ،الأمر واضح جدا ، بل وأعتقد أن الناس يدركون كذب هذا القانون بما يعرفون من واقع حالهم وأن أقوالهم هذه لا تنطلي حتى على أنصاف العقلاء ، فكيف بالعقلاء عامة ، والفضلاء أهل الاعتقاد الإيمان بالله – تعالى – وقضائه وقدره ؟ كما أرى أن هذه تخرصات وتهريفات بل وتخريفات لا تصدر إلا عن سفهاء ومجانين ممن يكذبون ويهرفون حتى بما لا يعرفون ثم بعد ذلك يصدقون تلك المزاعم ويؤمنون بها ولعلها من خيالات المجانين والغاوين كقول شاعرهم : " إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " ، فكم تغنوا بها مع أنهم يعلمون أن الشعوب أرادت وأرادت وحاولت ولكن كم جاءت الأقدار خلاف مراداتهم ، فالعاقل من تدبر النصوص ووقف عندها واعتبر بواقع حاله وأدرك عجز نفسه وغيره ،والله تعالى أعلم .
الجواب : بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد ، أنا لا أعرف من هذا الكلام إلا ما ذكره السائل من أن الإنسان يتحكم في قدره بنفسه ،لا ، أعوذ بالله، المقدّر هو الله تبارك وتعالى، ولا شك أن الإنسان يسعى ويبذل الأسباب لجلب السعادة والمنافع وإصلاح ما بينه وبين زوجه، أما النتائج فتوكل إلى الله تبارك وتعالى، وهذه حقيقة التوكل على الله عز وجل، أن يبذل الأسباب الشرعية ويعتمد على الله عز وجل في حصول نتائجها،أما أن تملك حصول النتائج بقانون أو غيره فلاشك أن هذا أمر ممتنع حصوله ووقوعه شرعا وعقلا ، والأصل في العبد المسلم المؤمن أن يتوكل على الله ويبذل الأسباب الشرعية ويعتمد في حصول النتائج على الله تعالى، هكذا علمنا رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهذه حقيقة التوكل على الله تبارك وتعالى. وما دام ذكرت أن هذا القانون أصله من عند الكفار والنصارى ، وأن هذا الرجل حاول أن يقتبس منه، فالحمد لله ،الأمر واضح جدا ، بل وأعتقد أن الناس يدركون كذب هذا القانون بما يعرفون من واقع حالهم وأن أقوالهم هذه لا تنطلي حتى على أنصاف العقلاء ، فكيف بالعقلاء عامة ، والفضلاء أهل الاعتقاد الإيمان بالله – تعالى – وقضائه وقدره ؟ كما أرى أن هذه تخرصات وتهريفات بل وتخريفات لا تصدر إلا عن سفهاء ومجانين ممن يكذبون ويهرفون حتى بما لا يعرفون ثم بعد ذلك يصدقون تلك المزاعم ويؤمنون بها ولعلها من خيالات المجانين والغاوين كقول شاعرهم : " إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر " ، فكم تغنوا بها مع أنهم يعلمون أن الشعوب أرادت وأرادت وحاولت ولكن كم جاءت الأقدار خلاف مراداتهم ، فالعاقل من تدبر النصوص ووقف عندها واعتبر بواقع حاله وأدرك عجز نفسه وغيره ،والله تعالى أعلم .
***********
قال الأمام ابن القيم رحمه الله
" والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد منها أحدهما أعظم الباطل ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه، وما يناظر عليه "
مدارج السالكين ص 521
ذكر أبو عمر بن عبد البر في "الاستيعاب" عن حذيفة رضي الله عنه: أنه سئل: أي الفتن أشد ؟ قال: "أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب".
******
هذا ملخص لكتاب ( NLP البرمجة اللغوية العصبية : حوار ونقد من منظور شرعي ) للشيخ أحمد بن صالح الزهراني - حفظه الله - :
علم البرمجة اللغوية العصبية هو نتاج علم النفس والفلسفة القادم إلينا من الغرب.
هناك محوران في تعريف هذا العلم:
أولا:البرمجة=(أن يتحكم في تصرفات من يقع في دائرة البرمجة وفق ما يريده المبرمج)
النقد: صحيح أن الانضباط في السلوك محبب لكن لا توجد علوم تتعامل مع النفس البشرية أفضل من علوم الأنبياء-عليهم السلام-لأنهم رسل من خالق النفس العالم بحالها.
ثانيا:القدرة والتمكن=(القدرة والإرادة والاقتناع التام لابد أن توصل الإنسان إلى هدفه فسبب عدم الوصول هو خطأ بشري أو خطأ في البرمجة)
النقد:هذا خلاف ما يعتقده أهل السنة والجماعة في باب الإيمان بالقدر ويوافق مذهب أهل البدع من "القدرية".
قال تعالى:(لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الكتاب هو القرآن ، والحكمة هي السنة ، والتزكية هي تربية شاملة هدفها تصحيح سلوك النفس المسلمة.
إذن منهج التزكية من القضايا التي حسمها الوحي فلا يحتاج إلى أي بحث وتنظير من خارج الكتاب والسنة لإصلاح النفس وتقويم السلوك لا بل ولا يجوز للمؤمن أن يطلب صلاح نفسه من خارج البيئة الإسلامية.
يقول المؤلف:( وقد نظرت في هذا العلم المسمى البرمجة اللغوية العصبية فما وجدت فيه شيئا نافعا من الوسائل والأهداف إلا وفي سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- ما لا يدانيه ولا يقاربه شيء من سخافات الهندسة النفسية).
......................................
يلجأ كثير من رواد هذا العلم إلى الاستشهاد بحوادث من السيرة أو النصوص على أن لهذا العلم أصلا، مثال:الاستشهاد بقوله تعالى:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)على أن الإنسان قادر على تغيير واقعه بناء على تغييره نفسه اعتقادها أو سلوكها أو أهدافها. والصحيح أن الله هو الذي يغير ما بالناس من نعمة إذا هم غيروا ما بأنفسهم من الإيمان والطاعة إلى ضد ذلك.
فإن زعم البعض أن لهذا العلم أصولا إسلامية فإن كل ما هو نافع من البرمجة فإن في الإسلام ما هو أفضل وأحسن بأحسن وسيلة وطريقة.
إن أكثر من يوجه إليه هذا الكلام هم المنتسبون إلى العلم والدعوة ، فلو أن أحدهم استفرغ وسعه في تعلم السنة لوجد أنالبرمجة إما سخافة وإما ضلال وإما تضييع وقت بلا نفع ،ومع هذا تراهم يعرضون عن تعلم السنة ويتعمقون في البرمجة ويستهويهم الشيطان فيحسبون أنهم يحسنون صنعا !! وفي الحقيقة هم يفسدون ولا يصلحون ويصرفون الناس عن العلم الشرعي.
شبهة:
قال بعضهم: نحن نعلم أن في هذا العلم مخالفات شرعية وكذلك فيه منافع فدور المسلم هو الاستفادة مما فيها من الخير وترك ما فيها من الشر.
الجواب:
أولا: ما هي المرجعية في تحديد الخير والشر؟
فإن كانت الكتاب والسنة وأقوال العلماء الكبار-لا دكاترة البرمجة- لكان يمكن ذلك.
لكن الواقع غير ذلك ، فرواد هذا العلم يدعون أنهم هم المرجعية ،وعندما أنكر العلماء بعض ما في هذا العلم -البرمجة- مثل التنويم المغناطيسي وعدوه ضربا من السحر جاء جوابهم : العلماء لم يعرفوا حقيقة هذا الشيء أو لم يتصوروا ذلك!
ثانيا: ما ذكرناه سابقا في أنه لا يجوز أن نطلب صلاح نفوسنا من غير البيئة الإسلامية.روى الإمام أحمد وغيره عن جابر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي-صلى الله عليه وسلم- فغضب فقال:( أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى- عليه السلام- كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني).قال ابن حجر –رحمه الله- في مسألة النظر إلى كتب أهل الكتاب:( من لم يتمكن ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ فيجوز له لا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف ). إنما أشار المؤلف إلى هذا هنا لأنه يتنزل عليه الخلاف في النظر في أي علم أو كتب يراد الازدياد منها علما إلى ما في شريعتنا الإسلامية من مناهج التربية والإيمان والسلوك، ومنها علم البرمجة .
----------------------------------------
تكمن خطورة البرمجة في كونها برنامجا متكاملا، فلو قام مجموعة من الفضلاء بتنقيتها من الشوائب وأخرجوا برنامجا صافيا، لا يمكن أن نبقيها باسم البرمجة.
كثير ممن يقبل على البرمجة يبحثون عن حلول لمشاكلهم النفسية ، وقد فصل المؤلف في أهمية فهم النصوص الشرعية ودورها في علاج المشاكل النفسية من هم وحزن... فمن أراد الوقوف على هذا فليراجع الكتاب.
يجب أن يعلم أن كل هدف مقصود للشرع وأن الحاجة إليه كانت موجودة في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فإنه لا يجوز التوسل لهذا المقصد إلا بما شرعه الله . إذن لا يكفي أن نعلم أن علم البرمجة حقق نتائج ملموسة ، فلابد أن تكون الوسائل مشروعة، فمثلا: السحر طريقة سريعة مجربة في فك السحر عن المسحور ومع هذا الشرع لا يجيزه. وهنا يكمن الابتلاء ، أن يصبر المؤمن على المصيبة مع علمه بأن هناك طرقا سريعة لكنها محرمة قد تخلصه منها - بإذن الله- لكنه يعرض عنها محتسبا الأجر من الله.
فتح باب الشرك:
أمثلة:
أولا: بعض المتخصصين في البرمجة يرى أن المريض إذا اعتقد بأن الدواء الذي معه سيكون فيه شفاؤه فإنه سيشفى مع العلم بأنه ليس دواء في الحقيقة ، أي أن شفاءه ليس بسبب الدواء بل بسبب اعتقاده وإيمانه بأن تلك الأقراص ستشفيه.
الاعتقاد عندهم يعني الاقتناع بصحة الشيء وإن لم يكن مبنيا على منطق أو معبرا عن واقع.
الجواب: ألم يحرم الإسلام اتخاذ التمائم والخيط والحلقة المعدنية .....للاستشفاء وعد ذلك من الشرك؟ علما بأنهم -أهل الشرك- كانوا أحيانا يجدون راحة وأثرا ملموسا عند استخدام تلك الوسائل -كما يزعم أهل البرمجة- !!
ثانيا: إذا اعتقد الشخص بأنه قادر على حمل ثقل كبير يفوق قدرته فإنه سيقدر على ذلك أو اعتقد وآمن أنه قادر على المشي على الجمر من غير أن تحرقه فسيفعل...وغير ذلك من الخوارق.
الجواب: الاعتقاد لا يغير الحقائق فالقادر يظل قادرا والعاجز يظل عاجزا، وكل ما هنالك أن الاعتقاد يصحح النظر في الأمور فيزيل الموانع الوهمية لكن الاعتقاد لا يعطي الشخص خوارق وصفات خارجة عن المألوف. وما يفعله رواد البرمجة من إثبات ذلك أمام العوام إنما هو من إعانة الشيطان لهم لتفتنهم وتفتن بهم. ولكي يثبتوا لعوام المسلمين أن هذا علم وليس من عمل الشياطين فإنهم يذكرون الله ويستعيذون بالله من الشيطان أثناء عرض تلك الخوارق ! صحيح أن ذكر الله يطرد الشياطين لكن الذكر يؤثر إذا كان التالي من أهل الإيمان والصراط الصحيح. وهذا قد ظهر قديما عند الدجاجلة ممن يدعي الولاية والمقامات عند الله فإنهم كانوا يظهرون الخوارق أمام الناس كأن يدخلوا في النار ويخرجوا منها دون أن تحرقهم . وهؤلاء الدجاجلة أصحاب قرآن يلبسون على الناس.
*إن الخوارق وإن كانت موجودة -ككرامات الأولياء- فإنها ليست علما يطلب. وهي إن لم تكن لنبي أو ولي فهي من عمل الشيطان سواء علم الفاعل بهذا -كالساحر والكاهن- أم لم يعلم – كأصحاب هذه البرمجة - . وتذكّر أن السحر علم يُتعلم . والتلبيس الذي لبسه أصحاب البرمجة على الجهال هو أن هدفهم من البرمجة هو تنمية قدرات النفس الذاتية وتفجير طاقاتها اللامحدودة .
------------------------------------------------
من وسائل البرمجة:
أولا: برمجة العقل الباطن بطريقة التكرار:
الدليل الذي يستشهد به دعاة البرمجة هو أن استحباب تكرار الأذكار وكذا الإلحاح بالدعاء إنما هو من باب برمجة العقل الباطن بالتكرار فيحصل التأثير بسبب التكرار.
الجواب :
- هذا استخفاف بالشريعة الإسلامية وتفريغ لمضامينها العليا.
- الغرض من تكرار الأذكار هو زيادة الأجر والثوب والإيمان والاطمئنان واستشعار معية الله تعالى.
- التكرار ليس مطلقا بل هو محدد في مواضع.
- ألفاظ الذكر -وهي توقيفية- غاية في الحسن والبيان وهي محل رضا الرحمن.
إذن هذا الإقحام للأصول الشرعية فيه تلبيس على المغرورين بالبرمجة بأن لهذا العلم أصلا في الدين.
ثانيا: مسألة بناء التوافق:
التعريف: إيجاد جو من الألفة والتوافق بين المرسل والمستقبل أمر مهم للوصول إلى نتائج إيجابية من خلال وسائل مثل: التوافق في التنفس، الحرص على مشاكلة المتلقي في لباسه أو حركاته حتى لو كان من عادته أن ينظف أنفه بكثرة بأصبعه!
الجواب:
- إيجاد التوافق هكذا بإطلاق فيه تدريب على النفاق والمداهنة كأن يداهن مسؤولا من أجل وظيفة ، وإن كان في الدعوة وإصلاح ذات البين فخير ، إذن الهدف من إيجاد الألفة مهم.
- الوسائل التي يذكرونها لتحقيق التوافق غاية في التفاهة وبعضها مناقض للآداب الإسلامية ولا عجب فهي من نتاج بلاد الكفر .
- التبسم،الكلمة الطيبة، الإحسان للمسيء.....هذا مما يوجد التوافق من ديننا النقي وهو خير -بلا ريب- مما يزعمون .
- أن لا يكون هدف إيجاد جو الألفة على حساب السكوت عن المنكرات وإقرار مرتكب المحرم بغرض استمالة قلبه .
وما يذكره أهل البرمجة يفتقر إلى القيد الشرعي الذي ذكرناه.
ثالثا: التنويم المغناطيسي:
التعريف: الوصول بالمريض إلى حالة وسطى بين الصحو الكامل والاستغراق في النوم ، وفي هذه الحالة يمكن للمعالج أن يستخرج خفايا لا شعورية من المريض تعين على شفائه. وفي هذه الحالة أيضا يكون العقل الواعي معطلا والعقل الباطن مستيقظا يقبل الإيحاءات الموجهة إليه. وهو أقرب إلى الاسترخاء ودون النوم فيبقى يسمع ويشم و... .يستخدم في علاج المشاكل النفسية والأمراض العضوية المستعصية.
النقد:
- يدخل التنويم المغناطيسي في أكثر تطبيقات البرمجة.
- التنويم المغناطيسي يؤثر ويحد من إرادة الإنسان -وإن زعموا عكس ذلك-فيجعله عرضة للسرقة والسخرية و...
- أهل العلم يعدونه نوعا من السحر.من مميزات السحر هو القدرة على التأثير على الآخرين بدون آلة ظاهرة أو وسيلة ظاهرة.
فتوى اللجنة الدائمة في التنويم:"التنويم المغناطيسي ضرب من الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوم-بكسر الواو المشددة- على المنوم-بفتح الواو المشددة-فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بسيطرته عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعا له مقابل ما يتقرب به المنوم إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة المنوم يقوم بما يطلبه منه من الأعمال بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم. وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقا أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو أي عمل آخر بوساطة المنوم غير جائز بل هو شرك لما تقدم ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها الله سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم"
ثم أخذ الشيخ الزهراني يستعرض قواعد وأساليب في البرمجة وعلوما أخرى ذات صلة وينقدها نقدا شرعيا أو عقليا . وملخص ذلك لا يخرج عما ذكرناه سابقا:
1- البرمجة نتاج علم النفس والفلسفة الذي أتانا من أهل الكفر.
2- محاولة رواد البرمجة –في بلاد المسلمين- صبغ هذا العلم بالصبغة الشرعية من خلال استخدام النصوص الشرعية والاستشهاد بها في غير موضعها وتفريغها من مضامينها.
3- بدعة القدرية.
4- بعض ما فيه يعد من السحر والكهانة.
******************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.